
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
مَضــى لِسـَبيلِهِ مَعـنٌ وَأَبقـى
مَكـارِمَ لَـن تَبيدَ وَلَن تُنالا
كَـأَنَّ الشـَمسَ يَـومَ أُصيبَ مَعنٌ
مِـــنَ الإِظلامَ مُلبَســـَةٌ جِلالا
هُـوَ الجَبَـلُ الَّذي كانَت نِزارٌ
تَهـدُّ مِـنَ العَدُوِّ بِهِ الجِبالا
وَعُطِّلَـتِ الثُغـورُ لِفَقـدِ مَعـنٍ
وَقَد يُروي بِها الأَسَلَ النِهالا
وَأَظلَمَـتِ العِـراقُ وَأَورَثَتهـا
مُصــيبَتُهُ المُجَلِّلَــةُ اِختِلالا
وَظَـلَّ الشـامُ يَرجِـفُ جانِبـاهُ
لِرُكـنِ العِـزِّ حينَ وَهيَ فَمالا
وَكـادَت مِـن تِهامَـةَ كُـلُّ أَرضٍ
وَمِـن نَجـدٍ تَـزولُ غَداةَ زالا
فَـإِن يَعـلُ البِلادَ لَـهُ خُشـوعٌ
فَقَـد كانَت تَطولُ بِهِ اِختِيالا
أَصـابَ المَوتُ يَومَ أَصابَ مَعناً
مِـنَ الأَحيـاءِ أَكرَمَهُـم فَعالا
وَكــانَ النـاسُ كُلُّهُـمُ لِمَعـنٍ
إِلـى أَن زارَ حُفرَتَـهُ عِيـالا
وَلَـم يَـكُ طـالِبٌ لِلعُرفِ يَنوي
إِلى غَيرِ اِبنِ زائِدَةً اِرتِحالا
مَضـى مَـن كـانَ يَحمِلُ كُلَّ ثِقلٍ
وَيَسـبِقُ فَضـلُ نائِلِهِ السُؤالا
وَمـا عَمـدَ الوُفودُ لِمَثلِ مَعنٍ
وَلا حَطّـوا بِسـاحَتِهِ الرِحـالا
وَلا بَلَغَـت أَكُـفُّ ذَوي العَطايا
يَمينـاً مِـن يَـديهِ وَلا شِمالا
وَمـا كـانَت تَجِـفُّ لَـهُ حِيـاضٌ
مِـنَ المَعـروفِ مُترَعَـةٌ سِجالا
لِأَبيَــضَ لا يَعُـدُّ المـالَ حَتّـى
يَعُـمَّ بِـهِ بُغـاةَ الخَيرِ مالا
فَلَيـتَ الشـامِتينَ بِـهِ فَـدَوهُ
وَلَيـتَ العُمـرَ مُـدَّ لَهُ فَطالا
وَلَـم يَـكُ كَنـزُهُ ذَهَبـاً وَلكِن
سُيوفَ الهِندِ وَالحَلَقَ المُذالا
وَذابِلَــةً مِـنَ الخَطِّـيِّ سـُمراً
تَـرى فيهِـنَّ لينـاً وَاِعتِدالا
وَذُخـراً مِـن مَحامِـدَ باقِيـاتٍ
وَفَضـلَ تُقى بِهِ التَفضيلَ نالا
لَئِن أَمسـَت رُوَيـداً قَد أُذيلَت
جِيـاداً كـانَ يَكرَهُ أَن تُذالا
لَقَـد كـانَت تُصـابُ بِهِ وَيَسمو
بِهـا عَقبـاً وَيُرجِعَهـا حَبالا
وَقَـد حَـوَتِ النِهـابَ فَأَحرَزَتهُ
وَقَـد غَشِيَت مِنَ المَوتِ الطِلالا
مَضـى لِسـَبيلِهِ مَـن كُنتَ تَرجو
بِـهِ عَثَـراتُ دَهـرِكَ أَن تُقالا
فَلَســتَ بِمالِـكٍ عَبَـرات عَيـنٍ
أَبَـت بِـدُموعِها إِلّا اِنهِمـالا
وَفـي الأَحشـاءِ مِنكَ غَليلُ حُزنٍ
كَحَـرِّ النـارِ يَشتَعِلُ اِشتِعالا
كَـأَنَّ اللَيـلَ واصـَلَ بَعدَ مَعنٍ
لَيـالِيَ قَـد قُـرِنَّ بِـه فَطالا
لَقَــد أَورَثتَنـي وَبَنـيَّ هَمّـاً
وَأَحزانـاً نُطيلُ بِها اِشتِغالا
وَقائِلَــةٍ رَأَت جِسـمي وَلَـوني
مَعـاً عَـن عَهدِها قُلِبا فَحالا
رَأَت رَجُلاً بَـراهُ الحُـزنُ حَتّـى
أَضــَرَّ بِــهِ وَأَورَثَـهُ خَبـالا
أَرى مَـروانَ عـادَ كَـذي نُحولٍ
مِـنَ الهِندِيِّ قَد فَقَدَ الصِقالا
فَقُلـتُ لَهـا الَّذي أَنكَرتِ مِنّي
لِفَجـعِ مُصـيبَةٍ أَنكـى وَعـالا
وَأَيّـامُ المَنـونِ لَهـا صـُروفٌ
تَقَلَّـبُ بِـالفَتى حـالاً فَحـالا
يَرانـا النـاسُ بَعدَكَ فل دَهرٍ
أَبـي لِجُـدودِنا إِلّا اِغتِيـالا
فَنَحـنُ كَأَسـهُمٍ لَـم يُبقِ ريشاً
لَهـا رَيـبُ الزَمانِ وَلا نصالا
وَقَـد كُنّـا بِحَوضـِكَ ذاكَ نَروي
وَلا نَـرِدُ المُصـَرَّدَةَ السـِحالا
فَلَهفُ أَبي عَلَيكَ إِذا العَطايا
جُعِلـنَ مُنـى كَـواذِبَ وَاِغتِلالا
وَلَهـفُ أَبي عَلَيكَ إِذا الأَسارى
شـَكَوا حَلَقـاً بِأَسوُقِهِم ثِقالا
وَلَهفُ أَبي عَلَيكَ إِذا اليَتامى
غَـدَوا شـُعثاً كَـأَنَّ بِهِم سُلالا
وَلَهفُ أَبي عَلَيكَ إِذا المَواشي
قَـرَت جَـدباً تُمـاتُ بِهِ هُزالا
وَلَهـفُ أَبـي عَلَيـكَ لِكُلِّ هَيجا
لَهـا تُلقى حَوامِلُها السِخالا
وَلَهفُ أَبي عَلَيكَ إِذا القَوافي
لِمُمتَــدَحٍ بِهـا ذَهَبَـت ضـَلالا
وَلَهـفُ أَبـي عَلَيـكَ لِكُـلِّ أَمرٍ
يَقـولُ لَهُ النَجِيُّ أَلا اِحتِيالا
أَقَمنـا بِاليَمامَـةِ إِذ يَئِسنا
مُقامـاً لا نُريـدُ لَـهُ زِيـالا
وَقُلنـا أَيـنَ نَرحَـلُ بَعدَ مَعنٍ
وَقَـد ذَهَـبَ النَوالُ فَلا نَوالا
فَـإِن تَـذهَب فَـرُبَّ رِعـالِ خَيلٍ
عَـوابِسَ قَـد كَفَفتَ بِها رِعالا
وَقَـومٍ قَـد جُعِلـتَ لَهُم رَبيعاً
وَقَـومٍ قَـد جُعِلـتَ لَهُم نَكالا
فَمـا شَهِدَ الوَقائِعَ مِنكَ أَمضى
وَأَكـرَمُ محتَـداً وَأَشـَدُّ بـالا
سـَيذكُرُكَ الخَليفَـةُ غَيـرَ قال
إِذا هُـوَ بالأُمورِ بَلا الرِجالا
وَلا يَنسـى وَقائِعِـكَ اللَـواتي
عَلـى أَعـدائِهِ جُعِلَـت وَبـالا
وَمُعتَرَكـاً شـَهِدتَ بِـهِ حِفاظـاً
وَقَـد كَرِهَـت فَوارِسُهُ النِزالا
حَبـاكَ أَخـو أُمَيَّـةَ بِالمَراثي
مَعَ المِدَحِ اللَواتي كانَ قالا
أَقـامَ وَكـانَ نَحـوَكَ كُـلَّ عامٍ
يُطيـلُ بواسِطِ الرَحلِ اِعتِقالا
وَأَلقــى رَحلَـهُ أَسـَفاً وَآلـى
يَمينــاً لا يَشـُدُّ لَـهُ حِبـالا
مروان بن سليمان بن يحيى ابن أبي حفصة أبو الهيذام ويقال أبوالسمط شاعر من اهل اليمامة من كبار شعراء العرب، قدمه ابن خلكان على كل شعراء عصره، وفي كتاب المذاكرة للإربلي: ( كان أبو عمرو الشيباني يقول: ختم الشعر بمروان. ودون شعر القدماء، فلما انتهى إلى شعر بشار لم يكتبه، واستخار عليه شعر مروان) وفي تاريخ بغداد: أن الكسائي كان يقول: (إنما الشعر سقاء تمخض فدفعت الزبدة إلى مروان بن أبي حفصة)..وزوجته آمنة بنت الوليد شاعرة أيضا. (انظر ديوانها في الموسوعة)ولا يزال ديوانه في عداد الدواوين المفقودة، وقد جمع منها الأستاذ حسين عطوان (573) بيتا، وأوصلها الأستاذ قحطان رشيد التميمي إلى (584). وانظر ترجمته في (وفيات الأعيان) لابن خلكان، وفيها: (كان جده أبو حفصة مولى مروان بن الحكم بن أبي العاصي الموي، فأعتقه يوم الدار، لأنه أبلى يومئذ، فجعل عتقه جزاءه، وقيل إن أبا حفصة كان يهودياً طبيباً أسلم على يد مروان بن الحكم ويزعم أهل المدينة أنه كان من موالي اسموأل بن عادياء اليهودي المشهور بالوفاء) وأشهر شعره قصيدته اللامية في مدح معن بن زائدة، وهي زهاء (60) بيتا، كما يقول ابن خلكان. والمنشور منها في الموسوعة (11) بيتا، وأشهر بيت فيها قوله: (بنو مطر يوم اللقاء كأنهم .. أسود لها في غيل خفان أشبل).. قال الشريف المرتضى في أماليه (ج1 ص518): ذاكرني قوم من أهل الأدب بأشعار المحدثين وطبقاتهم وانتهوا إلى مروان بن يحيى بن أبي حفصة، فأفرط بعضهم في وصفه وتقريظه، وآخرون في ذمه وتهجينه والإزراء على شعره وطريقته، واستخبروا عما أعتقده فيه فقلت لهم: كان مروان متساوي الكلام، متشابه الألفاظ، غير متصرف في المعاني ولا غواص عليها ولا مدقق لها، فلذلك قلت النظائر في شعره، ومدائحه مكررة الألفاظ والمعاني، وهو غزير الشعر قليل المعنى، إلا أنه مع ذلك شاعر له تجويد وحذْق، وهو أشعر من كثير من أهل زمانه وطبقته، وأشعر شعراء أهله، ويجب أن يكون دون مسلم بن الوليد في تنقيح الألفاظ وتدقيق المعاني ووقوع التشبيهات، ودون بشار بن برد في الأبيات النادرة السائرة، فكأنه طبقة بينهما، وليس بمقصر دونهما شديدا، ولا منحط عنهما بعيدا. وكان إسحاق بن إبراهيم الموصلي يقدمه على بشار ومسلم، وكذلك أبو عمرو الشيباني، وكان الأصمعي يقول: مروان مولّد، وليس له علم باللغة. واختلاف الناس في اختيار الشعر بحسب اختلافهم في التنبيه على معانيه، وبحسب ما يشترطونه من مذاهبه وطرائقه. فسئلت عند ذلك أن أذكر مختار ما وقع إلي من شعره، وأنبه على سرقاته ونظائر شعره، وأن أملي ذلك في خلال المجالس وأثنائها). انظر النجار (1/ 310) و(نشر الشعر/ 145). وقد ترجم ابن الجراح لولدي مروان فقال: أبو الجنوب وأبو السمط ابنا مروان بن سليمان بن يحيى بن أبي حفصة، شاعران رشيدان مجيدان ..إلخ. وهذا يدل على أن (أبا السمط) كنية ولده. ولكن ابن النديم جعل أبا السمط ابن أبي الجنوب فقال: (أبو السمط، مروان بن أبي الجنوب بن مروان شاعر، شعره مائة وخمسين ورقة) انظر أخبار أسرته في صفحة ديوان أخيه إدريسوقد نقل البيهقي صاحب quotالمحاسن والمساوئquot سيرة مروان وأخباره عن أخيه إدريسوهي من نوادر الأخبار تقع في زهاء عشر صفحات اولها: (فحدثنا إدريس بن سليمان بن يحيى بن يزيد بن أبي حفصة قال: كان سبب اتصال مروانبخلفاء بني العباس أن جارية يمانية أهديت إلى أبي جعفر المنصور فأنشدته شعراً لمروان)قال ابن خلكان: حكى ابن سيف عن أبي خليفة عن ابن سلام قال: لما أنشدمروان بن أبي حفصة المهدي قصيدته التي يقول فيها:ثم قال ابن خلكان بعدما أورد قطعة من القصيدة: (هذا لعمري عز الدولة السحر الحلال المنقح لفظاً ومعنى، وحقه أن يفضل على شعراء عصره وغيرهم، وله في مدائح معن المذكور ومرائيه كل معنى بديع، وسيأتي شيء من ذلك في أخبار معن إن شاء الله تعالى).وحكى ابن المعتز أيضاً عن شراحيل بن معن بن زائدة أنه قال: عرضت في طريق مكةليحيى بن خالد البرمكي، وهو في قبة، وعديله القاضي أبو يوسف الحنفي وهما يريدانالحج، قال شراحيل: فإني لأسير تحت القبة إذ عرض له رجل من بني أسد في شارةحسنة، فأنشده شعراً، فقال له يحيى بن خالد في بيت منها: ألم أنهك عن مثل هذا البيتأيها الرجل؟ ثم قال: يا أخا بني أسد، إذا قلت الشعر فقل كقول الذي يقول، وأنشده الأبيات اللامية المقدم ذكرها، فقال له القاضي أبو يوسف، وقد أعجبته الأبيات جداً: منقائل هذه البيات يا أبا الفضل؟ فقال يحيى: يقولها مروان بن أبي حفصة يمدح بها أبا هذاالفتى الذي تحت القبة، قال شراحيل: فرمقني أبو يوسف بعينيه وأنا راكب على فرس ليعتيق وقال لي: من أنت يا فتى حياك الله تعالي وقربك قلت: أنا شراحبيل بن معن بنزائدة الشيباني، قال شراحبيل: فوالله ما أتت علي ساعة قط كانت أقر لعيني من تلكالساعة ارتياحاً وسروراً.