
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
تـرى على العهدِ أهلُ الودِّ أم خانوا
وحــال حُبُّهمـو أم هـم كمـا كـانوا
أمَّـا أنـا فنجـومُ الليـل تَشـهدُ لي
أنِّـي علـى رعْـى ذاك العهـد سـَهرانُ
لــم يُنسـِني هجرَكـم طيـفٌ يواصـلني
وكيـــف يَنعـــمُ بــالأحلامِ يَقظــانُ
نراكــمُ بــالمنَى لـو أنهـا صـَدقتْ
وفـي الأمـاني علـى البأسـاء مِعوانُ
ومـا الحيـاة سـوى الآمـالِ ما بقيت
فــإِن تــولت تـولى العمـرَ فقـدانُ
وإنهــا الباقيــات الصـالحاتُ إذا
قضــت علـى العمـر أحـزانٌ وأشـجانُ
يُـدنيكمُ الـوهمُ لـي حـتى أُنـاجِيَكمْ
فيفضــح الســرَّ مــن نَجْــواي إعلانُ
والسـّر كـالعِرضِ يُبقيـهِ الصيانُ وما
قَــدرُ الحيــاةِ بعـرضٍ ليـس يَنصـانُ
مضــى زمـانٌ بـه مـا كـان يقنعنـي
فــي كـلِ يـومٍ مـن الأحبـابِ لِقيـانُ
واهــاً لــذلك مـن عصـرٍ نعمْـتُ بـه
إذْ كـان لـي مـن شـبابي فيهِ رَيْعانُ
أيـــامَ لا شــامتٌ يُبــدي شــماتَتَهُ
فيـمَ الشـماتةُ إن لـم تطـغِ حِـدْثانُ
نلهـو ونختـالُ فـي ثـوبيْ هوىً وتُقىً
كأننــا فــي جِنـانِ الخلـدِ ولِـدانُ
كزهرتيــنِ علــى غصــنِ زَهَـا بهمـا
وكــم زَهــتْ بتُـؤامِ الزهـرِ أغصـانُ
وكـان يَخشـى علـيَّ الحـزنَ إن نزلـتْ
بــه الرّزايـا فيشـكو وهـو فرحـانُ
ويَطــردُ النــومَ عنـه إذ يُسـامِرني
فطرفُـــهُ يقِـــظٌ والجســمُ نَعســانُ
نعســانٌ يُســهرُ عينيــهِ لِيرُضــيَني
فــي ذمــة الحــبّ نَعسـانٌ وسـهرانُ
مــازلتُ أطمــعُ والأيــامُ تقنعنــي
حــتى غــدوتُ ولـي بالـذكرِ قُنعـانُ
وأطمئنُ إلـــى الــذكرى وفورتِهــا
كمــا اطمــأنَّ بـذكرِ اللـهِ لهفـانُ
الحــبُ أوْلــى بقلــبٍ حــلَّ سـاحتهُ
مـــن أن يُخرّبَـــهُ يــأسٌ وســُلوانُ
والصــبُّ يَضــعفُ عـن تكـتيم عبْرتِـهِ
فكيــف منــه لــدفع الحـب إمكـانُ
وقــد تملكــهُ فــي رَيْــعِ عزمتــهُ
فكيـــف يــدفعهُ والعــزمُ وَهنــانُ
قـد ييـأسُ الصـَبُّ مـن وصـلٍ فتشـغلهُ
ذكـــرى يمازحهــا حــزنٌ وتَحنــانُ
والمـرءُ إن لـم يفُـزْ بالجِـدِّ جاوزَهُ
إلــى الــذي فيـه تمـويهٌ وبُهتـانُ
ظللــتُ أخــدعُ نفسـي والهـوى خُـدَعٍ
كــالحربِ دَبَّرهــا للنصــرِ فُرســانُ
لا نصــــرَ إلا بوصـــلِ يطمئِنُّ لـــهُ
قلــبي وإلا فهــذا النصــرُ خــذلانُ
ومـن ريـاءِ المُنـى اللاتي مُنيتُ بها
خيلولــتي أنهــا للنفــسِ أعــوانُ
بــالقلبِ يــأسٌ وآمــالٌ تحيـطُ بـه
كأنمــا هــو قــبرٌ وهــي بُســتانُ
حَـرُّ الرّجـاءَ وبَـردُ اليـأسِ قد جُمعا
فــي طيِّــهِ فهــو مَقــرورٌ وحَــرّانُ
وربمــا ائتلــفَ الضـّدَّانِ فـي جسـدٍ
فـي ملتقـى السـحبِ أَمـواهٌ ونيـرانُ
وإن عينـــي الــتي قَــرّتْ بحبكــمُ
جــرى بهــا مــدمعٌ ســخنانُ هَتّـانُ
لـو أنـهُ دمـعُ عينـي لاغتـدى شـَبِماً
لكنــه دمــعُ قلــبي فهــو سـخنانُ
يـا مـن غـدوتُ ولـي منهـم مقابلـةٌ
بــالقربِ بُعــدٌ وبالتّـذكارِ نسـيانُ
لــي مـن تـذكر ماضـي عهـدِنا مَلَـك
يُــوحِي إلــيَّ بــأنَ الــدهرَ خَـوَّانُ
مــا كنـتَ أحسـبُ أن اللـه يجمعنـا
حُبًّـــا ويَفرقنــا بــالنمُّ شــيطانُ
لـولا السـعايةُ لـم يَشـقَ المحبُّ ولا
عَنَّـــاهُ مــن حِبِّــه صــدٌّ وهِجــرانُ
حســيبُنا اللــهُ مــن قـومٍ كـأنهمُ
علـــى المحــبينَ حســَّادٌ وأعيــانُ
أسـمعتَ يـا عـاذلي لكـن أثـرتَ هوىً
يَــزدادُ بالعــذلِ تمكينـاً ويَـزدانُ
فكُــفَّ ويحَـكَ عـن لـومي وعـن فَنَـدي
فــإنَّ قلــبي وهــذا الحـبَّ صـِنْوانُ
يـا عـاذلي نـارُ إبراهيـمُ في كبِدي
فلــي بهــا جَنــةٌ والحــبِ رِضـوانُ
مـا فـي الملامـةُ سلوى عن هواهُ ولا
فـي الإزديـادِ مـن الهِجـرانٍ نُقصـانُ
ولـي مـن اللـومِ عـذرٌ أسـتريحُ لـه
إذا تلـــــــوَّمَ أعــــــداءٌ وخلانُ
اللـهَ يـا ريْـبَ هـذا الدهرُ في نفرٍ
حظـــوظُهمْ والمُنَــى ســودٌ وغــرّانُ
محســدَّينِ علـى مـا ليـس فـي يَـدهم
ذُلاًّ لهـم معشـراً دِينـوا ومـا دانوا
أأســلمُ القلـبَ خوَّانـاً فـوا أسـفاً
إنــي كــأني لهــذا القلـبُ خـوّانُ
فهــل لــدمعي خَلاقً إذ يفيــضَ علـى
مَـن لـو رآنـيَ لـم يَـدمَعْ لـهُ شـَانُ
ومــا حنينـي إلـى دارٍ يقيـمُ بهـا
مـــن العــواذلِ والحســّادِ ســُكانُ
اللــهُ جــارُ فــؤادٍ لا مُجيــرَ لـه
قــد مــالأتْهُ علـى الأحـزانُ جيـرانُ
ومهجــة لــم تُمتَّــع مـن نضـارتها
مــرَّ الشــبابُ عليهــا وهــو عَجلانُ
مــا بــائسٌ نِضــْوُ بأسـاءٍ ومَتْربَـةٍ
عـــدت عليـــه زَمانــاتٌ وأزمــانُ
مُــدلّهٌ فلــقُ الأحشــاءِ مــن ســَغبِ
يَطــوي طـوالَ الليـالي وهـو طَيَّـانُ
يلــوحُ فــي حالــةٍ ســَوْآءَ تحسـبهُ
جِـــذْعاً ذَوَتْ منــهُ أوراقٌ وأغصــانُ
عليــه مــن بــدد الأسـمال أرْديَـةٌ
كأنمــا هــو ميْــتٌ وهــي أكفــانُ
تنبــو النـواظرُ عنـهُ وهـي راحمـةً
ويــذهبُ الفكــرُ عنـه وهـو حيـرانُ
تــراهُ يعـثرُ فـي رِجليْـهِ مـن خَـوَرِ
كـــأنهُ لشـــديدِ الجــوعِ ســَكرانُ
حـتى ليضـعفَ عـن شـكوى يفـوهُ بهـا
يـا للرجـالِ أمـا فـي الناسِ رحمانُ
يومــاً بــأتعسَ مــن صــبٍّ تحيّفــهُ
حـــبيبُهُ وتـــولى وهـــو غضــبانُ
فمــا تــرى مـن محـبٍ بـائسٍ جَلبـتْ
لـــه التعاســةَ أحبــابُ وحِــدْثانُ
صــبٍّ رزايــاهُ مثْنــى فــي أحبتـهُ
ودهــرِهِ ورزايــا النــاس أُحــدانُ
الشــوقُ يُنهضــهُ والســقمُ يُقعــدهُ
كمــا تشــكى خمــولَ الجَـدِّ نبهـانُ
تنكرتْــهُ الليــالي بعــد معرفــةٍ
وقــد يكــونَ مـع العرفـانُ نكـرانُ
وكيــف تنكــر منــا مــا يخلـدها
تـــرى تناســـت وإلا ذاك نســـيانُ
ألســتُ ذاك الــذي أحيـا أطاولَهـا
فـي حـبِّ مـن بـاتَ عنـي وهـو وسنانُ
ظـبي إذا اعترضـتهُ الشـمسُ أخجلهـا
بـدرٌ غـدا البـدرُ منـه وهـو غيْرانُ
أحـذاني السـقمَ ثوبـاً ضـافياً وغدا
وطرفــهُ منــه كــاسٍ وهــو عريـانُ
والحبُ في القلبِ كالداءِ الغميضُ إذا
يَرفُـضُّ فـي الجـوفِ لا يـدرَىَ لـهُ شانُ
لا تنكـروا مـا أقاسـي فـي محبتكـمْ
إن الجحـــودِ لآيِ الحـــبِّ كفـــرانُ
أو تحقــروا دمـعَ عيـن بـتُّ أرخصـهُ
فربمــا قــلَّ قــدراً عنــه عِقيـانُ
لآلىـء الـدمعِ أغلـى في الحقيقة من
أن يشــتريها بغيــر الحـبِّ إنسـانُ
والحـبُ أحسـنَ مـا ديـنَ العبـادُ به
بعــض لبعــض ونَكــثُ العهـدِ لِيّـانُ
إن لا يكــنْ بيننــا قُربــى فآصـرةٌ
إن المحـــبين للأحبـــابِ أخـــدانُ
وأنـتِ كالشـمس مـذْ غُيْبـتِ عـن نظري
تجمْــعَ الــدمعُ فيــه فهـو غَيْمـانُ
بـل أنـتِ يـا بهجةَ الدنيا وزهرتَها
إنســانُ قلـبي كمـا للعيـن إنسـانُ
أنكــرت بعــدكم روحـي علـى جسـدي
وهــل يعيــش بغيـر الـروحِ جثمـانُ
لـم يـودع الله هذا الحسن فيك سُدىً
لكـــن لتســـعد ألبــابٌ وأَعيــانُ
أنــىَّ يكــونُ لضـوءِ الشـمسِ منفعـةً
لــو أَنَّ سـكانَ هـذا الكـونِ عميـانُ
إنــي وإيــاكَ كالحـاني علـى وَثـنٍ
وقلبـــهُ مــن هُــدَىَ الإيمــانِ ملآنُ
يكــادُ يعبــدهُ مــن حســنِ صـنعتهِ
وليــس منــهُ إليـهِ الـدهرَ إحسـانُ
لا فـــرقَ بينكمـــا إلا إســـاءتكمْ
لنــا ولــم تفعـل الأسـواءَ أوثـانُ
حسـبي بـأن تعلمـوا أنـي كلفتُ بكم
وأن قلــبي بكــم مـا عشـتُ وَلهـانُ
لنلــتُ رضــوانَ ربــي إن تَغمّــدني
مـــن الأحبـــةِ غفـــرانٌ ورضــوانُ
نعــم وأطمـعُ فـي أَنـي أُثـابُ علـى
حبّيكُـــمُ إنَّ حــبَّ الحســنِ إحســانُ
حـــبي لحســـنكُمُ شـــكرٌ لمبــدعهِ
فــإِنَ إبــداعَهُ فـي الخلـقِ إتقـانُ
فلا يلمنــي امــرؤ ســاءتْ طــوّيتهُ
فـــالحبُ للـــه تقــديسٌ وشــكرانُ
ودولــةَ الحســنِ مـا زالـت مملّكـةً
لا يَعـتري شمسـَها فـي الكـونِ إدجانُ
جلالهـــا مــن جلالِ اللــه مقتبَــسٌ
لــذاك يُكبرهــا مــن فيـهِ إيمـانُ
قـد اسـتقامت على الطغيانِ مُذ وُجدتْ
إذا الممالـــكُ أفنـــاهُنَّ طُغيــانُ
وكيــف تَضــعفُ عمـرَ الـدهرِ مملكـةٌ
لهــا قســاةُ قلـوبِ الغيـدِ أركـانُ
غــدوتُ كــالطيفِ حـتى مـا تقَنَّصـني
إلا أغَـــنُّ غضــيضُ الطــرفِ نَعســانُ
لــولا نــواعِسُ أجفــانِ الملاحِ لمـا
ســمعتَ يومــاً بـأنَّ النـومَ سـلطانُ
لا يـدّعِ الحـزمَ مـن كـانت عـواطفهم
يَبيســةً مــا بهــا للحــبِ غِشـيانُ
مـا أقـدر الحسـنَ أَن يَسـبي برقّتِـهِ
مــن ليــس يأَســرهم بـأسٌ وسـلطانُ
فكــم رجــالٍ أولــي عِــزًّ ومكرمـةٍ
هـانوا ولولا اعتزازُ الحبِّ ما هانوا
وفــي علاجِ الهــوى بــالعزِّ مَتْعبـةٌ
وإن صـــــَبًّا تَحـــــرّاهُ لــــذُلاّنُ
يَهنيــكَ أَنــي عــدوُّ النـاسِ كلهـمُ
وأنُهـــم لـــك عشـــّاقُ وخلصـــانُ
رأَوا رضـــايَ فظنـــوني ملأتُ يَــدي
فكلهــم مــن مكــاني منـكَ غَيـرانُ
وللجميـــل أُلـــوفٌ يفتنــون بــهِ
وليـــس يفْتنـــهُ بـــالحبِّ فتــانُ
مثـل المِـراةِ لها يرنو الكثيرُ وما
يَــبينَ فيهـا إذا مـا غـابَ إنسـانُ
الحسـنُ فـي النـاسِ والأزهـارِ مشتَبهٌ
وإن تعــــدّدَ أَشــــكالٌ وألـــوانُ
فـالزهرُ يكمـلُ حسـناً بالأريـجِ كمـا
يُستحسـنُ الحسـنَ حيـث الطبـعَ حَسـّانُ
والــورد يُسـتافُ فـي إِبّـانَ نَضـْرتهِ
ومـــالهُ بعـــدها للشـــم إِبّــانُ
فعـزّزِ الحسـنَ بـالطبعِ الجميـل يكنْ
منــه لحســنكَ مهمــا جـرت رُجحـانُ
مــا زاغ قلـبيَ عـن حـبِ شـرفتُ بـه
علـى المحـبينِ طُـرا حيثمـا كـانوا
وليــس لــي أَننــي أشـكو خلائقكـم
وإنْ تخللهــــا ظلــــمُ وعُـــدوانُ
غـــزا فـــؤادي وغَــذَّاه غَرامُكــمُ
إن الكريـــمَ لمِطعـــامٌ ومِطعـــانُ
فــإن تكــن حُرمــت عينـي جمـالَكُم
فـــإن قلــبي بنــورِ الحســن ملآنُ
وإنْ عــدمت جميــلَ الصــبرِ بَعـدكُمُ
فلــي مـن الوجـد والأشـجان قُنيـانُ
وإن أمــتْ فعلــى ديــنٍ يَـدينُ بـهِ
قــومٌ لهــم نحــلٌ شــتىَّ وأدْيــانُ
مـن مـات فـي الحبِ لم يعدمْ مَثوبتَهُ
وهــل يُضــيَّعُ عنــد اللــه قُربـانُ
والحــبُ كــالرزقِ هِجــرانٌ وآونــةً
وصــْلٌ وفـي الـرزقِ إعطـاءٌ وحرمـانُ
وطمـأَنَ النفـسَ فـي هجـر وفـي صـِلةٍ
علمــي بــأنَ كلا الحــالين دَيْـدانُ
عدالــة الحـبِّ شـاءتْ أن يكـون بـهِ
للوصــل والهجــرِ أحيــانٌ وأحيـانُ
أمـا الليـالي الـتي اسودَّتْ بهجركمُ
فإِنهـــا فــي وجــوهِ الحــبِ خيلانُ
وإنَّ عُمــراً مضــى مــن قبـلِ حبكـمُ
فــــإِنهُ حُلـــمٌ عَفَّـــاهُ نســـيانُ
أيقنــت أن الهـوى يومـاً سـيقتلني
فهــل تُــرى لكــمُ فـي ذاكَ إيقـانُ
نعــم رضــيتُ وهــذا كــل مقـدرتي
أنــيّ أعيـشُ وقلـبي العمـرَ هَيْمـانُ
أغرقـتُ إنسـانَ عينـي فـي مـدامِعها
وكيــف يَنجـو وهـذا الـدمعُ طوفـانُ
فارحــلْ بحسـنكَ عـن قلـبِ كـأن بـهِ
مـن أجّـة الشـوقِ نـاراً فهـو حَـرّانُ
وارحمتـــاهُ لجســمٍ كــادَ يُهلكــه
مثــلَ الذبالــةِ أمــواهٌ ونيــرانُ
حســبي بــأن تسـمعوا أنـي أُحبكـمُ
فهــل وَعــتْ منكـمُ ذَا القـولَ آذانُ
وقفــتُ شــعري عليكـم لا أريـدُ بـهِ
منكــم جــزَاءً فــإنَّ اللــهَ دَيّـانُ
والحـبُّ دعـوى كـثيراً مـا يكون لها
مــن محكـم القـولِ مِصـداقٌ وبُرهـانُ
وإنَّــهُ الشــعرُ لا مـا يهرِفـونَ بـهِ
مــا كــل نَبْـتٍ نَمتْـهُ الأرضُ سـَعْدانُ
يــوحي إلــيَّ بـهِ مـن حسـنكم مَلـكٌ
لـو بـات يـوحِي بـهِ للنـاسِ شـيطانُ
يــودُ كــل جميــلٍ لــو نَسـَبْتُ بـهِ
فيَزْدَهـــي بِحُلــى نظمــي ويَــزدانُ
ومــا درى أن حســنَ الشـعرِ مقتبـسٌ
مــن حســنكم وعليــهِ منـهُ عُلـوانُ
إن المعـــــانيَ أرواح تُشخصــــُها
للســامعينَ لهــا الألفــاظُ أَبـدانُ
والحسـن وزن لمعنـى الشـعرِ نَقـدِرهُ
بـــه كمــا كــان للألفــاظِ أوزانُ
فأَحســنوا عِشــْرتي أُحسـنْ نَسـيبَكمو
فيغْتــدِ الكــلُّ منكـم وهـو غَيـرانُ
وأَلســـِنوني أُؤيــدْ مُلــكَ حســنِكمُ
فـــإِنَ وصـــَلكمُ للصـــبِّ إلْســـانُ
تعنُـو إلـيَّ القـوافي حيـن أَذكركـمْ
كمــا تَخــرُّ لــذكرِ اللــهِ أَذْقـانُ
مـن كـل قافيـةٍ طـاحَ الشـُّرودُ بهـا
تجيــءُ وَفــقَ مُــرادي وهـي مِـذْعانُ
انظـرْ إليهـنَّ فـي هـذي ألسـتَ تَـرى
إذلالهــا وهـي فـي ذا البحرنينـانُ
طــارت بـذكركَ فـي الآفـاقِ شـهرتُها
كأنهــا فــي سـماءِ الشـعرِ عِقبـانُ
لا أَرتضــي شــهرةً فــي غيـر حبكـمُ
لـو أَنَّ غيـري بهـا في الشعرِ شَهوانُ
فشـهرةَ الشـعرِ مثـل الريحِ ما رَفعتْ
سـوى الغُبـارِ وأعيـىَ الريـحَ صَفْوانُ
آمنــتُ بالــدهرِ فـي حـاليْ تَصـرفهُ
نعمَــى وبؤســَىَ وتَشــتيتٌ ولقيــانُ
كـم ليلـةٍ بتُّهـا مـن هجركـم وأنـا
مـــولَّه خَضـــلِ الخـــدين ســهرانُ
استرشـد النجـم فـي أمـري ليهديَني
والنجـمُ مثلـي لفـرطِ البُعـدِ حَيْرانُ
فهــل وســاطة نجــم لــي بُمسـْعدةٍ
تعوقُنـــا منــه أبعــادٌ وأزمــانُ
إنــي لأَلحــظُ فــي ترجيــع مقلتـهُ
أنْ ليـس منـه علـى ذا الأمـرِ قدرانُ
وقــد بكــى لـي بـدمعٍ مـن أَشـعّتِهِ
نعــمَ الرحيـمُ بنـورِ العيـنِ مَنّـانُ
فليـتَ لـي منهـمُ فـي البعِـد مَرحمةٌ
كــالنجمِ مِنِّــي بعيـدٌ وهـو رَحمـانُ
هــزَزتُ بــالعتبِ أيّــامي لتُنصـفَني
وتَطَّـــبيهم فمــا لانــتْ ولا لانــوا
مــن هـزَّ عاسـِيَةَ العيـدانِ مُرتجيـاً
ليانَهـــا فلـــه منهـــنَّ عِصــيانُ
أُلامُ فـــي ذمِّ أيّـــامي فواعجبـــاً
يلامُ فــي النّفْــثِ مصــدورٌ وولهـانُ
فمــن ألــومُ إذنْ والـدهرُ ذو نُـوَبٍ
كأنمــا هــو فــي وسواســهُ مَــانُ
يصـــيبُ إفضــالهُ حينــاً مواضــعَهُ
وقــد يصــيبُ مِــراراً وهـو غلطـانُ
وكــم لــبيبٍ عزيـزِ الفضـلِ ذي أدَبٍ
لــم يعــدُه منــه إيـذاءٌ وإثخـانُ
قـل للـذي بـاتَ فـي خَفـضٍ وفـي دَعَةٍ
لا تــأمننَ الليــالي فهــي ذؤبـانُ
ومــا الــبراءةَ للســرحانِ نافعـةً
إنْ قيـل لـم يَغتَـل الصـديّقَ سـِرحانُ
ولـو نجـا منـه بعـضُ الناسِ عن عَرضٍ
لـم يَنـجُ من غدرهِ المِعزَى ولا الضانُ
علي شوقي بن محمد بن مصطفى: شاعر مصري، كان من أصدقاء العقاد، والمازني، ولد في مدينة دمنهور (محافظة البحيرة)، وتوفي في القاهرة.ولم يحصل على غير الشهادة الابتدائية، كالعقاد وكانا معا زملين بديوان وزارة الأوقاف والشاعر محمود عماد. الذي تكلف جمع شعره بعد وفاته عام 1956 وصدر فيسلسلة الألف كتاب (رقم 166) - القاهرة 1958 بتقديم العقاد. واشتهرت له قصيدة عارض فيها قصيدة ابن الرومي المسماة (دار البطيخ)