
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
قـــــــدر اللـــــــه واردٌ
حيـــــــن يقضـــــــى وروده
فـــــأرد مــــا يكــــون إن
لــــم يكـــن مـــا تريـــده
عبد الرحمن بن أحمد بن صبغون الشهير بابن مثنى: أبو المطرف: وزير الملك المنصور أبي الحسن عبد العزيز بن عبد الرحمن بن أبي عامر صاحب بلنسية، خشي على نفسه من حساده فطلب من المنصور أن يعفيه من الوزارة ويأذن له بمغادرة بلنسية فوافق، قال ابن الأبار في "إعتاب الكتاب" (وكان ارتحاله من بلنسية إلى طليطلة، فاستوزره المأمون يحيى بن ذي النون، وألقى إليه بأموره كلها، فشهر اكتفاؤه وشكر غناؤه؛ ولابن حيان في الثناء عليه إسهاب وإطناب، وأعتبه المنصور في بنيه، فلحقوا به على ما أحب، وتزايدت حظوته عند ابن ذي النون، وظهرت كفايته، فلما توفي المنصور عبد العزيز ببلنسية، وقدم ابنه عبد الله، أنفذه ابن ذي النون مع قائد من خاصته في جيش كثيف أمرهم بالمقام معه، وشد ركنه، فسكنت الدهماء عليه) انظر رسالته إلى المنصور في صفحة قصيدته الأولى.وترجم له ابن بسام في الذخيرة ولم يذكر وزارته للملك المنصور، وافتتح ترجمته بقوله:فصل في ذكر الوزير الكاتب أبي المطرف بن مثنىوهو عبد الرحمن بن أحمد بن صبغون، استوزره المأمون يحيى ابن ذي النون عدة سنين، ورمى إليه بيده، في تدبير بلده، فاستقل بأعباء ما تقلد، وغار ذكره وأنجد.قال أبو مروان بن حيان: وكان أبوه أحمد من أبناء أكابر الفقهاء بحضرة قرطبة بعهد الجماعة؛ وكان أبو المطرف عفيفا دمثا طاهرا الأثواب، حلو الشمائل مطلق البشر، متحققا بصناعة الكتابة، بذ أهل وقته في البيان والبلاغة، وكان مع ذلك يحمل قطعة وافرة من علم الحديث وأنواع الفنون، وتوفي رحمه الله سنة ثمان وخمسين وأربعمائة.ثم أورد رسالة أبي الفضل محمد بن عبد الواحد البغدادي (1) إليه، يطلب منه التوسط لدى المأمون ابن ذي النون في اللجوء إليه، وهي رسالة في غاية الأهمية يصف فيها فساد زمانه. وثم أورد ابن بسام جواب ابن مثنى، يبشره فيها بموافقة المأمون على ضيافته بل تشوقه لذلك وهو جواب يحبس الأنفاس بما فيه من الأدب الجزل والمعلومات النادرة في وصف زمانه، وهو كما يقول ابن بسام جواب طويل اكتفى ابن بسام بإيراد زهاء خمس صفحات منه. ثم قال:(ولأبي المطرف، غير ما فصل مستطرف، وقلما يتعطل من حلي البديع، وانحفزت في تحرير هذه النسخة من هذا المجموع، وفاتت دركي، ولم يعلق منه إلا ما كتبت بشركي.)ويرجح أن الوزير ابن مثنى هذا هو نفسه عبد الرحمن بن أحمد بن مثنى الذي ترجم له الحميدي (ت488) في "جذوة المقتبس" ونقل عن ابن حزم صاحب "طوق الحمامة" قوله:أنشدني ابن مثنى:يلاحظنـــي بلحـــظ بـــابليٍّ ويفعــل بــي فعـال السـامريويفرط في الصدود وفي التجنى كــإفراط الروافـض فـي علـيونقل المرحوم شكيب أرسلان ترجمته في "الحلل السندسية" في الفصل الذي ترجم فيه لأعلام بلنسية (2) نقلا عن التكملة لابن الأبار وفيها:وأبو المطّرف عبد الرحمن بن أحمد بن مثنى الكاتب من أهل قرطبة، سكن بلنسية ويعرف بابن صبغون كان من جلَّة الكتاب والأدباء مشاركاً في علم الحديث، وكان أبوه أحمد من أكابر أبناء الفقهاء بقرطبة سار إلى المأمون يحيى بن إسماعيل بن ذي النون صاحب طليطلة عند انفصاله عن المنصور أبي الحسن عبد العزيز بن عبد الرحمن ابن محمد بن أبي عامر بلنسية وظاهره وتوفي ببلنسية لليلتين خلتا من صفر سنة 458 ودفن يوم الثلاثاء بعده ذكره ابن حيّان وأثنى عليه فأطال وأطاب. قاله ابن الأبار في التكملة(1) المقصود أبو الفضل التميمي سفير دار الخلافة إلى الأندلس وحامل يتيمة الدهر إليها (انظر ديوانه في الموسوعة) ووفاته يوم 15/ شوال / 455هـ الموافق 11/ 10 / 1063(2) قال: وكانت إحدى العواصم الست التي ترجع إليها أسبانية العربية وهي قرطبة في الوسط وطليطلة في الوسط إلى الشمال وسرقسطة في الشمال إلى الشرق وأشبيلية في الغرب وغرناطة في الجنوب وبلنسية هذه في الشرق وما زالت منذ خيم الإسلام بعقرتها إلى أن تقلص ظله عنها دار علم وتفكير وفضل غزير ونعيم وملك كبير عدا ما تحلَّت به من مرجها النضير ومحرثها الذي ليس له نظير، وكانت دائماً معقل عروبة ومركز عربية وموطن بحث وتحقيق ومحط تصنيف وتنميق وفيها من كل نزعة عربية صحيحة وكل عرق في العرب عريق. وممن مزاياها أنها متصلة بالبحر والجبل فلا يزال عيشها هنيئا ولا يبرح سمكها طريئا وجبنها طريئا وان لم يكن فيها سوى بساتينها التي لا يشبهها في الدنيا شيء سوى غوطة دمشق وما يقال عن شِعب بوان وصُغد سمرقند وربما كانت رقعة بلنسية أرحب وكان مداها أطول لأن المسافر يلبث في القطار الحديدي عدة ساعات لا يقع نظره إلا على دوح ملتف وجنان لا تكاد تنفذ خلالها الشمس إلى أن يصل المدينة وهي اليوم البلدة الثالثة في أسبانية من جهة عدد السكان وأهلها يزيدون على 233 ألف نسمة لا يفوقها سوى مجريط وبرشلونة وهي مركز ولاية بلنسية وفيها مدرسة ودار أسقفية وبينها وبين البحر مسافة لا تزيد على أربعة كيلو مترا وبجانبها نهر يقال له وادي الابيار وقيل وادي الأبيض وإنما حرفه الأسبانيون عن لفظه الأصلي ....(قال) مروان بن عبد الله بن عبد العزيز أمير بلنسية يصف بلدته:كــــأن بلنســــية كــــاعبٌ وملبســـها ســـندس أخضـــرُإذا جئتهـــا ســترت نفســها بأكمامهـــا فهـــي لا تظهــروهو شعر مطابق للواقع لأن المسافر لا يرى بلنسية حتى يصير في وسطها وذلك من كثرة جنانها التي تغطيها ومع هذا فالنظر يسرح منها إلى مسافة عشرين كيلو متراً في الجبال التي إلى غربيها ويرى قلعة مربيطر في شماليها وجبل القنت في الجنوب الشرقي منها ولقبابها المرصعة بالزيج الأزرق والأبيض والمذهب منظر شائق تحت أشعة الشمس الحادة. وكان الأقدمون يقولون أن بلنسية قطعة سقطت من السماء. ونقل بديكر أن العرب كانوا يسمونها مدينة أبي الطرب وأنهم عندما فارقوها أكثروا من النواح عليها ورثوها بالقصائد وأنشد شعراً بالأسبانيولي قال أنه ترجمة نشيد عربي قاله العرب في بلنسية عند ما فارقوها،ومعناه أنه كلما ظهرت محاسنها ازدادت الحسرة عليها.وسنأتي في هذا الكتاب على بعض ما قيل في بلنسية من المراثي.