
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
تضــمن عســكرنا أبــرة
نقيضـــين فــي قبــة واحــدة
فقـد بـر يعقـوب بـه بحرة
إذا شــــط قســــورة لابـــدة
فهذا له صفو ما في المراد
وذاك لـــه ألـــف المـــائدة
وعنجـوس مسـتوطن لا يريم
كمــا أرسـت الجعصـة الخالـدة
يحـن الـى طيبـات الطعام
حنيــن الرضـيع الـى الوالـدة
ويأكـل فـي سـبعة من ومن
ولا يشـــتكي وحـــدة فاســـدة
وأركــان لقمتــه ســتة
كــــأن لـــه إصـــبعاً زائدة
محمد بن أبي عيسى من بني يحيى بن يحيى الليثى؛ قاضي الجماعة بقرطبة وباني مدينة سالم ، ( لم يكن في قضاة الأندلس، أكثر شعراً منه) كما قال الحسن بن مفرّج في كتابه "الانتخاب" وقال أبو عبد الرؤوف في "طبقات شعراء الأندلس" وهو كتاب ضائع: (كان فقيهاً عالماً نسيباً من بيت فقه وعلم، وسنة ورواية. وكان يتصرف في علم الأدب، تصرف اتفاق. وله رسوخ في أفانينه، من عربية ولغة وخبر، ومثل. وله لسان ذرب، وبيان. وكان محبباً في العامة، مقرّباً لدى الخاصة ومن الخليفة، مؤتمناً على أسراره، ...إلخ)وذكره الحميدي في الجذوة والثعالبي في يتيمة الدهر والفتح بن خاقان في مطمح الانفس وياقوت في معجم البلدان وآخرون كثيرون.. انظر كلام الثعالبي في صفحة القصيدة الثالثةوفي كل كتب المالكية وتواريخ الأندلس ترجمة لجده يحيى بن يحيى وهو ممن لقي الإمام مالك بن أنس وروى عنه الموطأ. وتعتبر روايته أصح الروايات وكان أحمد بن خالد يقول: لم يعط أحد من أهل العلم بالأندلس، منذ دخلها الإسلام، من الحظوة وعظم القدر وجلالة الذكر ما أعطيه يحيى بن يحيى.قال ابن فرحون في"الديباج المذهب":(يحيى بن يحيى بن كثير بن وسلاس يكنى أبا محمد وأبوه يحيى يكنى بأبي عيسى وهو من مصمودة طنجة ويتولى بني ليث. وأسلم وسلاس جدهم على يد يزيد بن أبي عامر الليثي ليث كنانة فهذا - والله أعلم - سبب انتمائهم إلى ليث وكانوا يعرفون ببني أبي عيسى.)وترجم ابن خلكان ليحيى بن يحيى وقال في اسم وسلاس: (وقيل وسلاسن بن شمال بن منغايا) (1) قال: (وجده كثير يكنى أبا عيسى، وهو الداخل إلى الأندلس، وسكن قرطبة، وسمع بها من زياد بن عبد الرحمن بن زياد اللخمي المعروف بشبطون القرطبي " موطأ " مالك بن أنس رضي الله عنه، وسمع من يحيى بن مضر القيسي الأندلسي. ثم رحل إلى المشرق وهو ابن ثمان وعشرين سنة، فسمع من مالك بن أنس " الموطأ " غير أبواب في كتاب الاعتكاف، شك في سماعه فيها فأثبت فيها عن زياد،.. وكان مالك يسميه عاقل الأندلس... ثم إن يحيى عاد إلى الأندلس وانتهت إليه الرياسة بها، وبه انتشر مذهب مالك في تلك البلاد، ... وأشهر روايات " الموطأ " وأحسنها رواية يحيى المذكور، ... قال واتهم ببعض الأمر في الهيج، فخرج إلى طليطلة، ثم استأمن، فكتب الأمير الحكم أماناً، وانصرف إلى قرطبة.. وتوفي يحيى بن يحيى في رجب سنة أربع وثلاثين ومائتين، وقبره بمقبرة ابن عياش يستسقى به، وهذه المقبرة بظاهر قرطبة، إلخ) (2)وأهم ترجمة وصلتنا لقاضي الجماعة ما حكاه القاضي عياض في "ترتيب المدارك" وقد اختصر المقري كلام القاضي عياض وأهمل ذكر المصدر فنسي من اين نقل الكلام قال في آخر ترجمته لقاضي الجماعة في نفح الطيب:ورأيت بخطي في بعض مسوّداتي ما صورته: محمد بن عبد الله بن يحيى ابن يحيى الليثي قاضي الجماعة بقرطبة، سمع عمّ أبيه عبيد الله بن يحيى ومحمد ابن عمر بن لبابة وأحمد بن خالد، ورحل من قرطبة سنة 312، ودخل مصر وحجّ وسمع بمكّة من ابن المنذر والعقيلي وابن الأعرابي وغيرهم؛ وكان حافظاً معتنياً بالآثار جامعاً للسّنن، متصرّفاً في علم الإعراب ومعاني الشعر، شاعراً مطبوعاً؛ وشاوره القاضي أحمد بن بقي، واستقضاه الناصر عبد الرحمن ابن محمد على إلبيرة وبجّانة، ثم ولاّه قضاء الجماعة بقرطبة بعد أبي طالب سنة 326، وجمعت له مع القضاة الصلاة، وكان كثيراً ما يخرج إلى الثغور ويتصرّف في إصلاح ما وهى منها، فاعتلّ في آخر خرجاته ومات في بعض الحصون المجاورة لطليطلة سنة 337، ومولده سنة 284؛ انتهى وأظن أنّي نقلته من كتاب ابن الأبار الحافظ، والله أعلم. (والصواب أنه نقل ذلك من ترتيب المدارك) انظر ما حكاه القاضي عياض كاملا في صفحة القصيدة الرابعة وختم كلامه بقوله:وتوفي ابن أبي عيسى رحمه الله في آخر خرجة. أخرجه الناصر الى الثغر سنة تسع وثلاثين وثلاثماية بمغيره من طليطلة. وبها دفنمنسلخ صفر، وسنّه أربع وخمسون سنة. مولده نصف ذي الحجة: سنة أربع وثمانين ومايتينوافتتج المقري ترجمته بما حكاه الفتح بن خاقان في "مطمح النفس" قال: قال الفتح:من بني يحيى بن يحيى الليثي، وهذه ثنية علمٍ وعقل، وصحة ضبط ونقل، كان علم الأندلس، وعالمها النّدس، ولي القضاء بقرطبة بعد رحلة رحلها إلى المشرق، وجمع فيها من الروايات والسماع كل مفترق، وجال في آفاق ذلك الأفق، لا يستقرّ في بلد، ولا يستوطن في جلد، ثم كرّ إلى الأندلس فسمت رتبته، وتحلّت بالأماني لبّته، وتصرف في ولايات أحمدَ فيها منابُه، واتصلت بسببها بالخليفة أسبابه، وولاه القضاء بقرطبة فتولاهربسياسة محمودة، ورياسة في الدين مبرمة القوى مجهودة، والتزم فيها الصّرامة في تنفيذ الحقوق، والحزامة في إقامة الحدود، والكشف عن البيّنات في السر، والصّدع بالحق في الجهر، لم يستمله مخادع، ولم يكده مخاتل، ولم يهب ذا حرمة، ولا داهن ذا مرتبة، ولا أغضى لأحد من أسباب السلطان وأهله، حتى تحاموا جانبه، فلم يجسر أحد منهم عليه، وكان له نصيب وافر من الأدب، وحظ من البلاغة إذا نظم وإذا كتب. (ثم أورد منتخبا من ملحه)وترجم له الحميدي في جذوة المقتبس قال بعدما ذكر رحلته: وكان فقيها جليلاً عالماً موصوفاً بالعقل والدين، من أهل الأدب والشعر والمروءة والظرف؛ أورد له أحمد بن فرج شعراً، ومنه قوله في الغربة: ثم أورد سينيته: (3)ويـل ام ذكراى من ورق مغردة علـى قضـيب بـذات الجزع مياسثم نقل عن ابن حزم الظاهري قوله:أخبرني القاضي أبو الوليد يونس بن عبد الله عن أبيه، أنه شاهد قاضي الجماعة محمد بن أبي عيسى في دار رجل من بنى حدير مع أخيهأبي عيسى في ناحية مقابر قريش وقد خرجوا لحضور جنازة، وجارية للحديري تغنيهم هذه الأبيات:طـابت بطيـب لثاتـك الأقـداح وزهــت بحمــرة خــدك التفـاحوإذا الربيـع تنسـمت أرواحـه طــابت بطيــب نسـيمك الأرواحوإذا الحنـادس ألبست ظلماءها فضـياء وجهك في الدجى المصباحقال: وكتبها قاضي الجماعة في يده، ثم خرجوا، قال: فلقد رأيته يكبر للصلاة على الجنازة، والأبيات مكتوبة على باطن كفه.وروى الفتح بن خاقان هذه القصة وزاد نادرة أخرى قال:وكان، رحمه الله تعالى، في غاية اللطف، حكى بعض أصحابه قال: ركبنا معه في موكب حافل من وجوه الناس، إذ عرض لنا فتىً متأدّب قد خرج من بعض الأزقّة سكران يتمايل، فلمّا رأى القاضي هابه وأراد الانصراف فخانته رجلاه، فاستند إلى الحائط وأطرق، فلمّا قرب القاضي رفع رأسه وأنشأ يقول:ألا أيّها القاضي الذي عمّ عدله فأضـحى بـه بيـن الأنـام فريداقـرأت كتـاب اللـه تسعين مرّةً فلـم أر فيـه للشـراب حـدودافـإن شئت جلداً لي فدونك منكباً صـبوراً علـى ريب الزّمان جليداوإن شـئت أن تعفو تكن لك منّةٌ تـروح بهـا في العالمين حميداوإن أنـت تختـار الحديد فإنّ لي لسـاناً علـى هجو الزّمان حديدافلمّا سمع شعره وميّز أدبه أعرض عنه وترك الإنكار عليه، ومضى لشأنه؛(1) قال: وأما وسلاس: فهو بكسر الواو وسينين مهملتين الأولى منهما ساكنة وبينهما لام ألف، ويزاد فيه نون فيقال وسلاسن، ومعناه بالبربرية: يسمعهم. وشمّال: بفتح الشين المعجمة وتشديد الميم وبعد الألف لام. ومنغايا: بفتح الميم وسكون النون وفتح الغين المعجمة وبعد الألف ياء معجمة باثنتين من تحتها وبعدها ألف مقصورة ومعناه عندهم: قاتل هذا، والله أعلم.(2) ونقل عن ابن حزم قوله: مذهبان انتشرا في مبدأ أمرهما بالرياسة والسلطان: مذهب أبي حنيفة، فإنه لما ولي قضاء القضاة أبو يوسف يعقوب صاحب أبي حنيفة كان لا يولي قضاء البلدان من أقصى المشرق إلى أقصى إفريقية إلا أصحابه والمنتمين إليه وإلى مذهبه،ومذهب مالك بن أنس عندنا في بلاد الأندلس، فإن يحيى بن يحيى كان مكيناً عند السلطان مقبول القول في القضاة، فكان لا يلي قاض في أقطار بلاد الأندلس إلا بمشورته واختياره، ولا يشير إلا بأصحابه ومن كان على مذهبه، والناس سراع إلى الدنيا فأقبلوا على ما يرجون بلوغ أغراضهم به، على أن يحيى بن يحيى لم يل قضاء قط ولا أجاب إليه، وكان ذلك زائداً في جلالته عندهم وداعياً إلى قبول رأيه لديهم.(3) ونقل ياقوت كلام الحميدي إلى مادة قرطبة في معجم البلدانْ