
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
رِســـالَةٌ مِـــن كَلِـــفٍ عَميـــدِ
حَيـــاتُهُ فــي قَبضــَةِ الصــُدودِ
بَلّغَــهُ الشــَوقُ مَــدى المَجهـودِ
مـا فَـوقَ مـا يَلقـاهُ مِـن مَزيـدِ
جـــارَ عَلَيــهِ حــاكِمُ الغَــرامِ
فَــــدَقَّ أَن يُـــدرَكَ بِالأَوهـــامِ
فَلَـــو أَتــاهُ طــارِقُ الحِمــامِ
لَــم يَــرَهُ مِــن شــِدَّةِ السـَقامِ
لَــهُ اِهتِــزازٌ وَاِرتِيــاحٌ وَطَـرَبْ
لِــوَجهِ مَـن أَورَثَـهُ طـولَ الكُـرَبْ
فَهَـل سـَمِعتُم فـي أَحـاديثِ العَجَبْ
بِمَـن مُنـاهُ قُـربُ مَـن مِنهُ العَطَبْ
مـا غـابَ عَنـهُ الحَـزمُ في الأُمورِ
لكِــنَّ مِقــدارَ الهَــوى ضــَروري
صـــاحِبُهُ يَخبِـــطُ فــي دَيجــورِ
مُنفَســـِدَ التَقــديرِ بِالمَقــدورِ
إِذا اِلتَقـى فـي مِسـمَعَيهِ العَـذلُ
وَقيــلَ مِـن دونِ المُـرادِ القَتـلُ
قــالَ لَهُــم لَــومُ المُحِـبِّ جَهـلُ
إِنَّ الهَــوى يُغلَــبُ فيـهِ العَقـلُ
مـا العُـذرُ فـي السَلوَةِ عَن غَزالِ
مُنقَطِـــعِ الأَقـــرانِ وَالأَشـــكالِ
تَســتَخلِفُ الشــَمسُ لَـدى الـزَوالِ
ضــَياءَ خَــدَّيهِ عَلــى اللَيــالي
بِخِفَّــةِ الــروحِ اِحتَــوى صــَلاحي
فَصـــِرتُ لا أَرغَـــبُ فـــي الفَلاحِ
وَالشــَكلُ وَالخِفَّــةُ فــي الأَرواحِ
أَملَــحُ مــا يُعشــَقُ فــي المِلاحِ
مَـن عَشـِقَ الفَـدمَ وَإِن راقَ البَصَرْ
فَليَقصـِدِ البَيعَـةَ وَليَهـوَ الصـُوَرْ
مَـن كـانَ يَهـوى مَنظَـراً بِلا خَبَـرْ
فَمـا لَـهُ أَوفَـقُ مِـن عِشـقِ القَمَرْ
ظَــبيٌ ســُلُوّي عَنــهُ مِثـلُ جـودِهِ
خَيـــالُهُ أَكــذَبُ مِــن مَوعــودِهِ
أَجفـــانُهُ أَســقَمُ مِــن عُهــودِهِ
أُردافُـــهُ أَثقَــلُ مِــن صــُدودِهِ
يــا وَصـلَهُ صـِل مِثـلَ وَصـلِ صـَدِّهِ
يـا حُكمَـهُ كُـن فـي اِعتِـدالِ قَدِّهِ
يــا قَلبَــهُ كُــن رِقَّــةً كَخَــدِّهِ
يـا خَصـرَهُ كُـن مِثـلَ ضـَعفِ عَهـدِهِ
أَمـــا وَخَصـــرٍ ضــعفُهُ كَصــَبري
لَـــهُ وَوَجـــهٍ حُســـنُهُ كَشــِعري
لَــهُ عِــذارٌ قــامَ لــي بِعُـذري
لا تُبْــتُ مِـن شـَوقي إِلَيـهِ دَهـري
أَضــحى لِإِبليــسَ بِــهِ اِســتِقدارُ
عَلـــى بَنـــي آدَمَ وَاِستِبشـــارُ
وَقــالَ فــي ذا تُسـتَطابُ النـارُ
مــا لَهُـمُ عَـن مِثـلِ ذا اِصـطِبارُ
تَمَّــت لِـيَ الحيلَـةُ فـي العِبـادِ
أَدرَكــتُ مِــن صــالِحِهِم مُــرادي
بِمِثـــلِ ذا أَمكَنَنـــي إِفســادي
لِأَنفُــــسِ العِبّـــادِ وَالزُهّـــادِ
وَاِلهفَـــتي مِــن خَــدِّهِ الأَســيلِ
إِذا اِنجَلــى عَــن صـَفحَتَي صـَقيلِ
وَاحَرَبــي مِــن طَرفِــهِ الكَحيــلِ
مَــن مُنصــِفي مِنـهُ وَمَـن مُـديلي
مِــن مُقلَــةٍ كَالصــارِمِ البَتّـارِ
أَلحاظُهــا أَمضــى مِـنَ المِقـدارِ
تَحكُــمُ فـي لُبّـى وَفـي اِصـطِباري
نَظيـرَ حُكـمِ الـدَهرِ فـي الأَحـرارِ
حَــلَّ قُــوايَ العَقـدُ مِـن زُنّـارِهِ
أَلهَـــبَ قَلـــبي خَــدُّهُ بِنــارِهِ
عَـــذَّرَ صــَبري مُبتَــدا عِــذارِهِ
حَيَّرَنـــي بِـــالطَرفِ وَاِحــوِرارِهِ
جـــاءَ بِـــوَجهٍ حُســنُهُ مَحبــوبُ
تَطيــبُ فــي أَمثــالِهِ الــذُنوبُ
وَقامَــــةٍ ذَلَّ لَهـــا القَضـــيبُ
وَالقَلــبُ تَنقَــدُّ بِــهِ القُلــوبُ
هَفـا بِقَلـبي مِنـهُ إِفـراطُ الهَيَفْ
فَقُلــتُ لَمّــا أَن تَثَنّـى وَاِنعَطَـفْ
يا سَيِّدي مِن دونِ ذا المَيلِ التَلَفْ
وَشـَرطُ مَـن كـانَ ظَريفاً في القَطَفْ
مــا قِصـَرُ القامَـةِ مِثـلُ الطـولِ
وَلا البَــدينُ الجِســمِ كَـالمَهزولِ
عِشــقُ الرَشـيقِ الأَهيَـفِ المَجـدولِ
شـــَأنُ ذَوي الأَفهــامِ وَالعُقــولِ
لا يَعشـَقُ الضـَخمَ الغَليـظَ الجِسـمِ
غَيــرُ غَليــظِ الطَبـعِ جـافٍ فَـدمِ
مُكَـــدَّرِ الحِــسِّ رَكــودِ الفَهــمِ
يَقــولُ فــي الحُسـنِ بِغَيـرِ عِلـم
قَـد صـِحتُ لَمّـا خِفـتُ مِنهُ القَتلا
وَكِــدتُ مِـن فَـرطِ السـَقامِ أَبلـى
يــا حاكِمـاً جـانِبَ فِـيَّ العَـدلا
مِهلاً بِمَــــن يَهـــواكَ مَهلاً مَهلا
يــا ظالِمــاً يَقتُلُنــي مُجـاهَرَهْ
قَـد مَنَـعَ الوَجـدُ مِـنَ المُسـاتَرَهْ
هَلُــمَّ إِن شــِئتَ إِلـى المُنـاظَرَهْ
وَاِســتَعمِلِ الإِنصـافَ لا المُكـابَرَهْ
فــي أَيِّ ديــنٍ حَـلَّ قتـلُ الـروحِ
وَهَــل لِمــا تَفعَــلُ مِــن مُبيـحِ
إِن قُلــتَ ذا جــاءَ عَـنِ المَسـيحِ
فَلَيـــسَ مــا تَزعُــمُ بِالصــَحيحِ
مُرقُـسُ مـا أَخبَرَنـا بِـذا الخَبَـر
عَنـهُ وَلا لوقـا حُكـاهُ فـي الأَثَـر
وَقَــد نَهـى عَـن ذا يُحَنّـا وَزَجَـر
وَلا اِرتَضــى مَتّــى بِــهِ وَلا أَمَـر
أَربَعَـــةٌ لَيـــسَ لَهُـــم عَــديلُ
وَلا لَهُـــم فــي أَمرِهِــم كَفيــلُ
مــا فيهِـمُ مَـن قـالَ مـا تَقـولُ
فَهَــل ســَوى إِنجيلِهِــم إِنجيــلُ
فَـــإِن زَعَمـــتَ أَن ذا مَوجـــودُ
فـــي زُبُـــرٍ جــاءَ بِهــا داودُ
فَمــا الزَبــورُ بَينَنــا مَفقـودُ
فَكَيــفَ لَــم تَعلَـم بِـهِ اليَهـودُ
وَلَـــم يُخَبِّـــرُ أَحَـــدٌ ســِواكا
مِــنَ النَصــارى كُلَّهُــم بِــذاكا
لا تَتَقَـــوَّلْ غَيــرَ مــا أَتاكــا
وَغَلَّـــبِ الحَـــقَّ عَلــى هَواكــا
ســَفكُ دَمــي يُحظَـرُ فـي الأَديـانِ
فَـــدَع حِجابـــاً ظــاهِرَ البُطلانِ
لا تَجمَــعِ الإِثــمَ مَــعَ البُهتـانِ
وَكُــن عَلــى خَـوفٍ مِـنَ العُـدوانِ
وَاِعلَـم بِأَنّي إِن تَمادى بي الهَوى
وَخِفـتُ أَن أَتلَـفَ مِـن فَـرطِ الضَنى
وَدُمــتُ فـي هَجـرِكَ لـي كَمـا أَرى
وَلَـم أَجِـد مِنـكَ لِمـا بـي مُشتَكى
شـَكَوتُ مـا تَلقـاهُ نَفسي البائِسَهْ
مِــن خَطَــراتٍ لِلهُمــومِ هاجِســَهْ
عَفَـت رُسـومُ الصـَبرِ فَهـيَ دارِسـَهْ
إِلــى جَميــعِ عُصــبَةِ الشَمامِسـَهْ
فَــإِن هُــمُ لَـم يَرحَمـوا أَنينـي
وَخَيَّبــوا فــي قَصــدِهِم ظُنــوني
وَلَـم أَجِـد فـي القَـومِ مِـن مُعينِ
يُنصـــِفُني مِنـــكَ وَلا يُعـــديني
شــَكَوتُ مــا يَلقـى مِـنَ الأَحـزانِ
قَلــبي إِلــى مَشــيخَةِ الرُهبـانِ
عَســاكَ تَســتَحي مِــنَ الشــِّيخانِ
وَإِن تَهــاوَنتَ بِهِــم فــي شـاني
فَلا أَراكَ مُغضـــــَبا عَبوســـــا
إِذا أَتَيـــتَ أَســـأَلُ القِسّيســا
مَعونَــةً أَرجــو لَهـا التَنفيسـا
عَــن مُهجَــةٍ قــارَبَت النَسيســا
وَاِعلَــم بِــأَنّي إِن رَدَدتَ شـافِعي
هــذا وَلَـم يَرجِـع بِـأَمرٍ نـافِعي
فَلَيـــسَ ذا بِحاســـِمٍ مَطـــامِعي
كَــم طــالَبٍ جَــدَّ بِجِـدِّ المـانِعِ
لَـو كُنـتَ مَبـذولاً لَنـا لَـم تُطلَبِ
وَإِنَّمــا نَرغَــبُ إِذ لَــم تَرغَــبِ
وَكَلَــفُ النَفــسِ بِتَــركِ الأَقــرَبِ
وَشــِدَّةُ الحِــرصِ عَلـى المُستَصـعَبِ
وَإِن تَمـــادَيتَ عَلـــى جَفائِكــا
وَدُمــتَ بِالقِلَّــةِ مِــن حِبائِكــا
فــي هَجرِنـا عَلـى قَبيـحِ رَأيِكـا
وَاِسـتَيأَسَ الرُهبـانُ مِـن إِصفائِكا
فَلا تَلُمنــي إِن قَصــَدتُ الأَســقُفا
مَـن بَـرَّحَ السـُقمُ بِـهِ رامَ الشِفا
فَلا تَقُــل أَبـدَيتَ مَكنـونَ الخَفـا
أَنـتَ الَّـذي أَحـوَجتَني أَن أَكشـِفا
سـَوفَ إِلـى المُطـرانِ أُنهـى قِصَّتي
إِن دامَ مــا تُـؤثِرُهُ مِـن هِجرتِـي
فَــإِن رَثَـي لـي طالِبـاً مَعونَـتي
وَلَـــم تُشــَفِّعْهُ بِكَشــفِ كُربَــتي
شـَكَوتُ مـا يَلقـاهُ مِن فَرطِ السَقَمْ
قَلـبي إِلى البَطرَكِ وَالحَبرِ العَلَمْ
عَســاكَ إِن خــالَفتَهُ فيمـا حَكَـمْ
يُــدخِلُكَ الحِـرْمَ فَوَيـلُ مَـن حَـرَمْ
هُنــاكَ تَــأتي مُســتَقيلاً ظُلمــي
تَســأَلُني عَطــفَ الرِضـا بِـالرَغمِ
تَرضــى بِمــا يُنفِـذُ فيـكَ حُكمـي
إِذا بِــكَ اِشــتَدَّ عَــذابُ الحِـرمِ
دَع ذا فَهـــذا كُلُّـــهُ تَهديـــدُ
أَرجــو بِــهِ قُربَــكَ يــا بَعيـدُ
هَيهـــاتَ ســـِرّي أَبَــداً جَحــودُ
فيــكَ وَقَــولي كُــلُّ مــا تُريـدُ
مَــولايَ قَــد ضــاقَت بـيَ الأُمـورُ
فَقُلــتُ مــا قُلــتُ وَقَــولي زورُ
قَلبِــيَ إِلّا فــي الهَــوى جَســورُ
فَلا تَلُـــم أَن يَنفُــثَ المَصــدورُ
مَــولايَ بِــالرَحمنِ أَحــيِ مُغرَمـا
يَخـــافُ أَن تَغضـــَبَ إِن تَظَلَّمــا
إِلَيــكَ أَشــكو فَعَسـى أَن تُنعِمـا
مَهلاً قَليلاً قَــد قَتَلــتَ المُسـلِما
يــا جَرجَـسُ اِرفُـق بِفُـؤادٍ هـائِمِ
يـا سـَيِّدي خَـف سوءَ عُقبى الظالِمِ
وَقَــد رَضـينا بِـكَ فـي التَحـاكُمِ
وَالجَــورُ لا يُشـبِهُ فِعـلَ الحـاكِمِ
أَقصــى رَجـائي مِنـكَ نَيـلُ الـوُدِّ
وَقُبلَــةٌ تَشــفي غَليــلَ الوَجــدِ
يــا جـائِراً أَفـرَطَ فـي التَعَـدّي
مِنـكَ إِلَيـكَ فـي الهَـوى أَسـتَعدي
الحسن بن علي بن أحمد بن محمد بن خلف الضبيالتنيسي.شاعر مجيد، أصله من بغداد، ومولده ووفاته في تنيس (بمصر)وكانت في لسانه عجمة.وعن بلد الشاعر يقول المسعودي (تنيس كانت أرضاً لم يكن بمصر مثلها استواء وطيباً وكانت جناناً ونخلاً وكرماً وشجراً ومزارع).ويدل شعر ابن وكيع على أنه كان على حظ كبير من الظرف وخفة الروح كما يدل انكبابه على الخمر على أنه كان على حظ من اليسار. له (ديوان شعر-ط)، وكتاب المنصف في سرقات المتنبي.