
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
وَأَرَى الثَّـرى والمَاءَ حَوْلَكَ حُمَّلا
مَـا لا يَقُـومُ لَـهُ الثَّرَى والمَاءُ
لَـمْ يَبْـقَ مِنْ طُرَفِ الْعِراقِ وَغَيْرِهِ
شــَيْءٌ يَـرُوقُ الْعَيْـنَ مِنْـهُ رُوَاءُ
حَتَّـى كـأَنَّ الشـَّرْقَ أَعْمَـلَ فكْـرَهُ
فـي أَنْ حَـوَتْهُ يَمِينُـكَ الْبَيْضـاءُ
وَأَتَتْـكَ مِـنْ كَسـْبِ المُلوكِ زَرافَةٌ
شــَتَّى الصـِّفاتِ لِكَوْنِهـا أَنْبـاءُ
جَمَعَـتْ مَحاسـِنَ مـا حَكَتْ فَتَنافَسَتْ
فِــي خَلْقِهــا وتَنَـافَتِ الأَعْضـاءُ
تَحْتَثهــا بَيْـنَ الْحَـوَاني مِشـْيَةٌ
بـادٍ عَلَيْهـا الْكِبْـرُ وَالْغُلَـوَاءُ
وَتَمُـدُّ جِيـداً في الْهَواءِ يَزِينُها
فَكَــأَنَّهُ تَحْــتَ اللِّــوَاءِ لِـوَاءُ
حُطَّــتْ مَآخِرُهــا وَأشـْرَفَ صـَدْرُها
حَتَّــى كَــأَنَّ وُقُوفَهــا إِقْعــاءُ
وَكَـأَنَّ فِهْـرَ الطَّيـبِ ما رَجَمَتْ بِهِ
وَجْـهَ الثَّـرَى لَـوْ لُمَّـتِ اْلأَجْـزاءُ
وَتَخَيَّـــرَتْ دُونَ المَلابِــسِ حُلَّــةً
عُنِيَــتْ بِصــَنْعَةِ مِثْلِهـا صـَنْعاءُ
لَوْنــاً كَلَــونِ الـدَّبْلِ إِلاَّ أَنَّـهُ
حَلْـــيٌ وَجَـــزَّعَ بَعْضـــَهُ الَحْلاَّءُ
أَوْ كَالســَّحابِ الْمُكْفَهِـرَّةِ خُيَّطَـتْ
فِيهــا الْبُـرُوقُ وَشـَقُّها إيَمـاءُ
أَوْ مِثْـلَ مـا صـَدِئَتْ صـَفائِحُ جَوْشَ
وَجَـــرَى علـــى حافــاتِهِنَّ جِلاءُ
نِعْـمَ التَّجـافِيفُ الَّتي ادَّرَعَتْ بِهِ
مِـنْ جِلْـدِهَا لَـوْ كـانَ فِيهِ وِقاءُ
وَســَوَابِقٌ مِثْـلُ البُـرُوقِ لَواحِـقٌ
بَــلْ عِنْـدَها أَنَّ الْبُـرُوقَ بِطـاءُ
جُـرْدٌ يَقَعْـنَ عَلـى الصَّفا فَيُثِرْنَهُ
وَكــأَنَّهُنَّ عَلــى الثَّـرَى أَنْـداءُ
مَكْســُوَّةُ الصــَّهَوَاتِ كُــلَّ مْكَلَّـلٍ
لا يَنْتَهيـــهِ بِقيمَـــةٍ إِحْصــاء
يَلْمَعْــنَ مِــنْ أَكْتـافِهِنَّ كَـأَنْجُمٍ
زُهْــرٍ تَــوَلَّتْ صــَقْلَها الأْنْـواء
والمُـذْهَباتُ مِـنَ الَخْوافِقِ بَعْضُها
لَيْـــثٌ أَزَلُّ وَلَقْـــوَةٌ فَتْخَـــاء
عَــذَبٌ كأَلْسـِنَةِ الْبُـرُوقِ تَلَمَّظَـتْ
لَيْلاً بِهِــنَّ الدِّيمَــةُ الْوَطْفــاء
كـادَتْ يُنالُ بِها السَّماء تَطاوُلاً
قَصـَبُ النُّضـارِ وَلَـنْ يُنـالَ سَماء
وَالبُخْـتُ مُـوقَرَةُ الظَّهْورِ لِبَعْضِها
تَحْــتَ القِبــابِ تَخَمُّــطٌ وَرُغَـاء
مِــنْ كُــلِّ واحِـدَةٍ تَـرِفُّ بِهَـوْدَجٍ
كــادَتْ تُقَبِّـلُ رَأْسـَها الَجْـوْزَاءُ
كُســِيَتْ جَلالِيـبَ النَّسـيجِ كَأَنَّمـا
نُشــِرَتْ عَلَيْهــا رَوْضــَةٌ زَهْـراء
فِيهِــنَّ أَمْثـالُ الظِّبـاءِ أَوَانِـسٌ
وَمِــنَ الأَنِيــسِ جَــآذِرٌ وَظِبــاء
بِيــضٌ يُباشـِرْنَ الَحْرِيـرَ بِمِثْلِـهِ
وَلَــهُ عَلــى أَبْشــارِهِنَّ جُســَاء
فِيهـا القِيـانُ الْمُلْهِياتُ كَأَنَّما
أَلحْــانُهُنَّ عَلــى الْمُعِـزِّ ثَنَـاء
يُصـْحِيكَ مِـنْ سُكْرِ الْمُدَامِ سَماعُها
وَبِــهِ تُصــَرِّعُ لُبَّهــا النـدَماء
لَـوْ غَنَّـتِ الصـَّمَّانَ وَهْـوَ كَلَفْظْـهِ
جَبَــلٌ أَصــَمُّ يبَـدَا لَـهُ إِصـْغاء
ورَوَاقــصٌ هِيْـفُ الُخْصـُورِ كأنَّمـا
حَرَكــاتُهُنَّ علـى الْغِنـاء غِنـاء
لَــوْ أَنَّ مَــوْطِئَهُنَّ مُقْلَـةُ أَرْمَـدٍ
لَــمْ يَشــْكُ أَنَّ نِعــالَهُنَّ حفـاء
وَمُـدَبَّبات لَـوْ لُبِسـْنَ لَدَى الْوَغَى
مـا كـانَ فِيهَـا للْحَدِيـدِ مَضـاء
يَتَلَهَّـبُ الإِبْرِيـزُ فيهـا حَيْـثُ لا
يُخْشــَى لِمــاءِ فِرِنْـدِهَا إطْفـاء
وَمِـنَ الْقَواضـِبِ كُـلُّ أَبْيَـضَ صَارِمٍ
لا يُســـْتَهَالُ بِمِثْلِــهِ الأَعْــداء
سَبَقَ الدِّماءَ إلى النفُوسِ فَفاتَها
وَمَضــَى وَلَيْــسَ بِشـَفِرَتَيْهِ دِمـاء
مِمَّـــا تَخَيَّــرَهُ لِلُبْســِكَ تُبَّــعٌ
وَأَحَــقُّ مَــنْ وَرِثَ الأَبَ الأْبنــاء
مُتَقَلِّــداً منْهُــنَّ كُــلَّ مُجَــوْهَرٍ
نَصــْلاً وَغِمْــداً حِلْيَتَــاهُ ســَوَء
وَكَأَنَّمــا ضـَحِكَتْ ثُغـورٌ أَوْ بَكَـتْ
فيهـــا عُيُـــونٌ دَمْعُهُـــنَّ رِوء
الحسن بن رشيق القيرواني أبو علي.أديب، نقاد، باحث، كان أبوه من موالي الأزد، ولد في المسيلة (بالمغرب) وتعلم الصياغة، ثم مال إلى الأدب وقال الشعر.رحل إلى القيروان سنة 406هـ "مدح ملكها" واشتهر فيها.وحدثت فتنة فانتقل إلى جزيرة صقلية، وأقام بمازر إحدى مدنها، إلى أن توفي، وجمع الدكتور عبد الرحمن ياغي ما ظفر به من شعره في (ديوان - ط) بيروت.كتبه (العمدة في صناعة الشعر ونقده - ط)، (وقراضة الذهب - ط) في النقد، و(الشذوذ في العلة)، و(أنموذج الزمان في شعراء القيروان).(وديوان شعره - ط)، (شرح موطأ مالك)، وغيرها الكثير.