
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
يـا صـاحِ أيـنَ مضـى قلـبي فـأطْلُبه
قـد غـاب مُـذْ غـاب عن عيني وأندُبه
قـد كنـتُ أَنـدُب قلـبي بعـد سـاكنه
فصـــرت أنــدب أحبــابي وأنُــدبه
قــد كنـتُ حَـذَّرتُه مـن فِعْـلِ غـادرةٍ
فــذاقَ مــا كنــتُ أخشـاه وأَحسـَبه
عجبــتُ كيــف ضــلوعي منـه خاليـةٌ
لكنَّهـــا مـــا خَلا منهــا تَلهُّبُــه
هــو الــذي غايـةُ الأهـوالِ أَهْـوَنُه
صـــعوبةً وأَمَـــرُّ الصــَّابِ أَعْــذَبُه
بـالرغمِ مـا كابدَتْ بعد النَّوَى كَبِدى
وبالضـــرورة مــن قلــبي تَقُّلبــه
قـد مَلَّنـي الليـلُ ممـا بِـتُّ أَسـْهَرُه
ورَقَّ لــي النجــمُ ممـا بـتّ أرقُبـه
قـد شـِبْتُ في طولِ هذا الليلِ من أَسفٍ
أَمَـــا يَلــوح لــه صــبحٌ يُشــيِّبه
كأنمـا الليـلُ يُغْشـى الصـبحَ مَغْرِبه
فكلَّمـــا هَـــمَّ أَنْ ينشــقّ يَشــْعبُه
أو النجــومُ عِطــاشٌ وهْــوَ مَـوْرِدُهم
فكلَّمــا فــاض نــورٌ منــه تَشـْربه
تُــرَى يــزولُ بِعــادٌ صــار يُبعِـده
عنــي ويَرجِــع لــي قُــرْبٌ يُقرِّبــه
للـــهِ دَرُّ لَيــالٍ كُــنَّ مــن قِصــَرٍ
يــأتي أَوائُلهــا بالصــُّبْحِ يَجْنُبـه
ومــا تَغنَّــت حَمامـاتُ العَشـىِّ لنـا
إلا وجاوَبهــا فــي الصــُّبْحِ مُطْرِبـهُ
وللصـــَّبا خَلَــلَ الأغصــانِ وَسْوَســةٌ
كالصـــَّبِّ للحِــبِّ يشــكوه ويُعْتِبــه
والــروضُ يَبْعَـثُ مِسـْكا مـن نَـوافِجِه
والطَّــلُّ يَفْتُقــه والريــح تَجْلبِــه
وقــد تَبســَّم نَــوْرٌ مــن كَمــائِمه
فَلاحَ فِضــــيُّه الزاهـــي ومُـــذْهَبه
وقـد تَبـدَّتْ دنـانيرُ البَهار على ال
كثبــانِ تُطْــرِف رائيهــا وتُعْجِبــه
صـــفرٌ كنـــاظِرَتَيْ ليـــثٍ تَكنَّفَــه
ليــلٌ وقــد حـان مـن صـيدٍ تَـوثُّبه
وللشــَّقيقِ احمــرارٌ حيــن أَخْجَلــه
ضــَحْكُ الأَقــاحيِّ حــتى كـاد يُغْضـِبه
كَوَجْنــةِ التَّــرِف المعشــوقِ نَقَّطهـا
بــالنَّقْشِ فارتـاع أنْ يـدرِي مُـؤَدِّبه
والغصــن يرقُــص والــدُّولاب زامِـرهُ
وللضــــفادعِ إيقــــاعٌ تُرتِّبــــه
والمـاءُ قـد عَبِثـتْ كـفُّ النسـيمِ به
كســـيفِ مرتعِـــشٍ أَضـــْحَى يجرِّبــه
والليــلُ زَنجيــةٌ وَلَّـتْ وقـد نَشـَرتْ
مـن شـعرها وافـرَ الفَرْعيـن تَسـْحَبه
والبـدرُ فـي الأفُـق الغربـيِّ متسـقا
والغيــمُ يكســوه جلبابـا ويسـلبه
كخـــدِّ محبوبــةٍ تبــدو لعاشــِقها
فـــإنْ بَـــدا لَهمــا واشٍ تُنَقِّبُــه
وأقبـل الصـبحُ كالسـلطان فـي بَهَـج
يُـدْلِي علـى الجـوِّ أنـوارا تُجَلْبِبـه
كــأنه غُــرَّة المُختــارِ حيـن بَـدا
يَحُفُّــه فــي جيــوش النصـرِ مَـوْكِبُه
عينـي الـتي ظَلمـتْ قلـبي بما جَلَبت
لــه وأظلــمُ مــن عينــي مُــؤنِّبه
يـا عـاذِلي أيـن سَمْعي منك وهْو إذا
تَــبيَّن الرُّشــْدَ مــن لــومٍ يُكـذِّبه
يَعـــي بقيــةَ ســِرٍّ كــان أَوْدَعــه
عنــدَ الغـرامِ نَقـىُّ الثَّغْـرِ اَشـْنَبُه
فعـــافَ كـــلَّ كلامٍ بعـــد مَنْطِقِــه
وزاد عــن لفــظِ مـن يَلْحَـى تَجنُّبـه
لــو لاح بــابُ خَلاصــِى كنـتُ أدخلُـه
أو ذلَّ ظهــرُ جــوادِي كنــت أركبـه
فالــدهرُ يُسـْرِع فـي عـالي أوامـرِه
والســعدُ يَتْبَعُــه والعــزُّ يَحْجُبــه
مَلْــكٌ تُطيـع العَـوالي أمَـره أبـدا
فالســيفُ والــدهرُ يَخْشـاه ويَرْهَبـه
فالرمــحُ يهـتزُّ تِيهـا حيـنَ يَرْكُـزه
ويزدَهـي الطِّـرْفُ عُجبـا حيـنَ يَرْكبـه
فــذا علــى قمــم الأبطـالِ يَرْكُضـه
وذاك مــن مُهَــج الأٌقــرانِ يَخْضــِبه
نَجابَـةٌ مـن نَجيـب الدولـة اجتمعَـتْ
فليـــس يَعْـــدم تَصــْديقا مُلَقِّبــه
ذو راحـةٍ عُرِفـت بـالعُرْف لـو لَمَسـَتْ
صــخرا لأَثْمَــر عنـد اللمـسِ أَصـْلَبه
عَجِبـتُ منهـا ومـا الإمسـاك عادتهـا
فكيــف تَحْــوى عِنانـا حيـن تَجْـذبه
فالنيـلُ والبحـر مـن جَدْواه في خَجَل
والســُّحْب تَحْقِـر مـا تَهْمِـي وتَسـْكُبه
ولـو رأى حـاتمُ الطـائيُّ أَيْسـَرَ مـا
يُعْطِـــي لأيقــنَ أنَّ الشــُّحَّ مَــذْهبُه
ول وُصـــفتَ لقُـــسٍّ كنـــتَ تُفْحِمــه
ولــو ذُكــرتَ لعَمــرٍ وكنـتَ تُرْعِبـه
أَضــَحَتْ بعَــدْلِك أرضُ الشـرق مُشـْرِقةً
ثـم انْجلـى عـن ظلامِ الليـل غَيْهَبُـه
فكــلُّ طــالبِ بَغْــىٍ منـك فـي حَـرَجٍ
أجَــلُّ عفــوِك عنــه حيــن تَصــْلُبه
فللمُؤِالــــفِ إنعــــامٌ يقـــابلُه
وللمُخـــــالفِ ســــَيَّافٌ يُعَصــــبِّه
وســار خوفُــك فـي بَـدْوٍ وفـي حَضـَرٍ
فلــم تَــدَعْ منهمــا مـن لا تُهـذِّبه
حـتى انتهـى عن ضعيفِ الوحش أَغْلَبُها
ونــام فــي أُجُــمِ الآســادِ رَبْرَبـه
بمـن نُشـبِّه فـي الـدنيا فَضائَلك ال
عُليــا فنُــدْنِيه منهـا أو فنَنْسـُبه
ومــا تركــتُ بلادي مــعْ رَغيبتهــا
إلا وجــــودُك بالإحســـانِ يـــوجِبُه
هــذا علــى أنّ شـعري غيـرُ مبتَـذَلٍ
فيمــن ســواك ولــو أَضـْحى يُرغِّبـه
لي همّةٌ تهجر المرعى الدَّنىَّ على خِصْبٍ
وتـــأتي العُلَــى لــو لاح أَجْــدَبه
وقــد قَصـدتُك والـدنيا ومَـن جَمَعـتْ
كـــلٌّ يُســدِّد رأيــي بــل يُصــوِّبه
فــاخطُب وصــَلِّ وعَيِّـدْ راقيـا رُتَبـا
يُضـــْنِي حَســودَك مَرآهــا ويُكْرِبــه
لا زلــتَ تبقَـى جمـالاً للـوَرَى أبـدا
مــا أصـبح الـدهرُ يُـدْنِيه ويُقْربِـه
ظافر بن القاسم بن منصور الجذامي أبو نصر الحداد.شاعر، من أهل الإسكندرية، كان حداداً.له (ديوان شعر - ط)، ومنه في الفاتيكان (1771 عربي) نسخة جميلة متقنة وفي خزانة الرباط (980د) مخطوطة ثانية مرتبة على الحروف.توفي بمصر.