
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
تغنـوا علـى العـود الطيـور وهينمـوا
فلــذ مقــام فيــه تغنــوا وزمزمـوا
وصــلى إلــى الــروض القضـيب مسـلما
فيــا حبــذا منــه المصــلّي المسـلم
وترجـم علـى سـر الربـا صـامت الشـذى
فيـا طيـب مـا أبـدى الصـموت المترجم
ونمنــــم صـــدغ الأس خـــد شـــقيقه
فيـا حسـن مـا أهـدى الطـراز المنمنم
وقبـــل خـــد الــورد ثغــر أقــاحه
فبــا نــور ذا خـد ويـا طيـب ذا فـم
ونـــم بأخبـــار الريـــاض عـــبيره
لـــذلك قـــد جــاء الصــبا يتبســم
وهيــج شــجوي بلبــل الـدوح إذ شـجا
فيـــا لفصــيح هــاج شــجواه أعجــم
ولاح وميـــض الــبرق فانهــل مــدمعي
ولـولا الهـوى مـا كنـت أبكـي ويبتسـم
وســال لجيــن المــاء فــوق زبرجــد
مــن النبــت بــالنور البـديع يرقـم
وزفــت عــروس الـروض فـي ثـوب سـندس
يوشـــي بأنـــداء الســـماء ويوشــم
وللــبرق قــد صــيغت أســاوير عسـجد
فلاح لكـــف الـــروض بــالنهر معصــم
وللغصـــن ســـاق بالخليـــج مخلخــل
وللنـــور جيـــد بـــالرذاذ منظـــم
وللـــدوح بـــالزهر الأنيــق تبهــرج
وللشـــمس بـــالغيم الرقيــق تكتــم
وللــورق تغريــد علــى قضــب بأنهـا
فللبـــان أعـــراس وللطيـــر مــأتم
وللشـــمس وجـــه بـــالظلال مـــبرقع
وللزهـــر ثغـــر بالكمـــام ملثـــم
وللطـــل ختــم فــي الأزهــار محكــم
فللـــورد دينـــار وللزهـــر درهــم
ســقى الــدمع أكنـاف الغضـى وأهيلـه
علــى أنهــم شـبوا الفـؤاد وأضـرموا
وحـــي الحيـــا مربــاع ليلا وجــاده
هتــون مــن الوســمي بالــدمع بسـجم
فكـــم فـــي حماهــا عاشــق متفجــع
وكــــم ف ذراهـــا صـــادع مـــترنم
مغــاني غــوان إن دجــى ليـل حجبهـا
تلجـــت بعلباهـــا بـــدور وأنجـــم
أجلــت بهــا دمعــي وأوقفــت نـاظري
فجـــدد وجـــدي عهـــدها المتقـــدم
ويممـــت مغناهـــا لألثـــم تربهـــا
ومــن لــم يجــد إلا الــثرى بــتيمم
وقمــت وطيــر القلـب قـد حـام دهشـة
وحــادي السـرى بـالبين يحـدو ويـرزم
ففــي كــل ســمع مــن نــداه تــوجس
وفــي كــل قلــب مــن ســراه تــألم
فيــا راكــب الوجنـاء أرسـل زمامهـا
فقــد ســاقها وجـد بـه الصـبر يهـزم
وســل يـا رعـاك اللـه عـن معهـد بـه
ظبــاء رعــوا حــب الحشــا وتصـرموا
وجزعــن شــعاب الجـزع واحـذر أسـوده
وســل عــن ظــبي ســلع وســل عليهـم
وعـــرج إلــى جرعــاء نجــد فــأهله
عريــب لهــم غــور الحشاشــة معلــم
هــم أهــل وادي الأجرعيــن فيـا تـرى
تــرى الأجرعيــن فيهــم الـدهر تسـجم
عريــب نقــي بيــداهم الفكـر مثلمـا
مراحهــم الصــدر الــذي فيــه يرسـم
فمــن فيــض أجفـاني لهـم مـورد ومـن
حشاشــــة قلــــبي مرتـــع ومخيـــم
فكيــف بكــى جفنــي وهـم نـور عينـه
وكيــف التظــى قلـبي وهـم فيـه خيـم
وقــالوا بمــن قــد جـن قيـس فـؤاده
فقلـــت بليلــى جــن قيــس المــتيم
وبــأنه روض هزهــا الشــوق لا الصـبا
وقــد أصــبح القمــري عنهــا يـترجم
معممـــــه بالطيلســـــان تغرنــــا
وكـــم غــر بالنــاموس شــخص معمــم
فبـت لهـا أشـكو الهـوى مثلمـا اشتكت
وســــيان منهـــا مفصـــح ومغمغـــم
فلا أنــــا أدري قولهـــا فأريحهـــا
ولا هـــي تــدري مــا أقــول فــترحم
عــدا أننــي بالشــوق أعــرف حالهـا
كمــا أنهــا بالشــوق حــالي تعلــم
شــكوت لهــا حــالي فأبــدت غضاضــة
وهــل تنفـع الشـكوى بمـن ليـس يرحـم
تغنـــى بهـــا ورق كرهبـــان ببعــة
تصــــوت بالإنجيــــل ثـــم تهينـــم
وإلا كأحبـــــار بســـــفح كنيســــة
تعــــبر عــــن توراتهـــا وتفهـــم
وإلا كوعـــــاظ ترقــــوا منــــابرا
وبــاحوا بأســرار المعــاني وفهّمـوا
وإلا كســــمار علـــى ســـور قلعـــة
ترجــــع ألحانــــا بهـــا تـــترنم
فكـــاهنهم ذكـــرى حـــبيب ومنـــزل
وراحهـــم دمــع بــه الوجــد يضــرم
أبــا عــاذلا فيمــن أحــب دع العنـا
فهيهـــات أن يســلوا الأحيّــة مغــرم
رضــع لبــان الحــب مـن قبـل نشـأتي
ومــن يرضــع ثـدي الهـوى كيـف يفطـم
وأطعــم طرفـي السـهد والمهجـة الأسـى
جميعـا فمـا اسـتوخمت مـا أنـا أطعـم
ونعمــت بــالبلوى فــؤادي ولـم أكـن
لأعلــــم أنــــي بالعـــذاب أنعـــم
وأخلصــت فـي ديـن الغـرام ولـم أمـل
لمــن لام حــتى لــذ عنــدي التــألم
ومــا ســئمت نفســي هواهــا وإنمــا
يعـــاد فــتى يســمو هــواه فيســام
أبـــى الحــب إلا أن تكــون مــدامعي
علــى الخــد تجــري والجـوارح تحسـم
ومــن لــي بــأن يرضـى بـذاك وإننـي
لـــراض بمـــا يقضــي علــي ويحكــم
هــــواي يمــــاني وحــــبي معـــرق
ووجــــدي نجــــدي وشـــوقي متهـــم
وديــن الهـوى فرضـي وولـي فيـه سـنة
يقصــــر عنهــــا عــــروة ومتمـــم
ولــي فــي الهــوى وصـف رقيـق لأننـي
رقيــق لمــن أهــواه بــالحب مغــرم
ومــا الحــب إلا عــبرة تحـرق الحشـا
وســهد بــه الجســم المنعــم يســقم
ومـاذا عسـى أن يبلـغ الصـب في الهوى
ســوى أن ينــادي مــات ذاك المــتيم
وليلـــة وافـــى طيــف لبلاي طارقــا
وللبـــدر فـــرع بالدجنـــة أســـهم
وعــاد حــبيب الوصــل بعــد ذهــابه
وغــــابت بمســـراه وشـــاة ولـــوم
ألــم بنــا وهنــا علــى حيـن غفلـة
فتــــم عليـــه نشـــرها والتبســـم
أيـا مـانعي شـكواي فـي موقـف النـوى
أمــا آن أن أشــكو إليكــم فـترحموا
ســـلبتم فـــؤادي واطرحتــم بقيــتي
وأســـهرتهم طرفــي القريــح ونمتــم
وألبســـتم جســـمي ثيـــاب ســـقامه
مشـــهرة بالـــدمع لمـــا ســلبتموا
وأوقفتمــــوني خائفــــا مترقبــــا
أســــام بتعــــذيب كـــاني مجـــرم
وقلتـم أنمـت العيـن مـن بعـد بعـدنا
وكيـــف تنـــام الليــل عــي تهــوم
وملتــم وقلتــم ملــت عنــا لغيرنـا
نعــم ملــت لكــن عـن سـواكم إليكـم
وبنتــم وقلتـم أنـت فـي الحـب غـادر
صـــدقتم أهــذا كــان منــي صــدقتم
وحلتـم ولـم ترعـوا ذمـامي ولـم أحـل
وأبرمــــت حـــبي فيكـــم فنقضـــتم
حكمتــم بســلب أوجــب السـهد والأسـى
وبالســـلب والإيجـــاب عــدلا حكتمــم
ولــم تســمحوا لمــا قـدرتم بعفـوكم
فيــا ليتكــم لمــا قــدرتم عفــوتم
وعــــذبتموني بــــانتزاع تصــــبري
وحاشــــا وكلا أن أقــــول ظلمتــــم
وأهلكتـــم جســـمي وقلــبي ونــاظري
بصــــد فهلا يـــا قســـامة رحمتـــم
وقطعتـــم حبـــل اتصـــالي بينكـــم
فهلا عليكـــم غـــذ قطعتـــم وصــلتم
وأتلفتــــم لـــبي بغيـــر غرامـــة
وفـــي شـــرعكم أن المفـــرط يغــرم
وأليتــم أن تحفظــا العهــد دائمــا
فمـا بـالكم لمـا انقضـى الحـول حلتم
وأعرضــتم عــن مــدنف شــفة الضــنى
فمــا ضــركم أن لــو مننتــم وزرتـم
وأضــرمتم بالــدمع فـي القلـب حرقـة
ولــم أدر أن النــار بالمــاء تضـرم
وأشـــمتم النمـــام إذ نــم بالــذي
أكنتـــه أحشـــائي فقـــال وقلتـــم
وكنتــم عهــدتم أننــا نكتـم الهـوى
فغركـــم دمعـــي النمـــوم فبحتـــم
وهــل نـافعي كتـم الـدموع لمـا جـري
وقلـــبي بمـــا ســن الأســى بتكلــم
وســقمي بمــا أخفيــت بيــن جـوانحي
يصـــــرح بالشـــــكوى ولا يتكلــــم
فمــن ذا الـذي أرجـوه والصـبر ذاهـب
ومــن ذا الـذي أشـكوه والخصـم يحكـم
أســلم فــي الــدعوى لـه غيـر كـاره
وأطـــرح الشـــكوى لمـــن لا يســـلم
فــإن شــئتم صــدوا وإن شـئتم صـلوا
فليــــس لحـــال يرتضـــوها مـــذمم
فــأنتم أحبـائي علـى السـخط والرضـا
مقــــامكم عنــــدي شـــريف معظـــم
أهيـــم بأحــداق الحــدائق والظبــا
لإخبارهـــا بالســحر والطيــب عنكــم
وأهـوى عيـون العيـن مـن أجـل قـولكم
لعيـــن تجــازي ألــف عيــن وتكــرم
وأكتـــم حـــبي والـــدموع نـــذيعه
ومـــن لـــي بــدمع للمحبــة يكتــم
وأصـــبو إلــى وادي العقيــق وإنــه
لـــدمع بــه جمــر الصــبابة يضــرم
وألهـــو يســـعدى والربــاب وزينــب
وأنتــم مــرادي فــي الحقيقـة أنتـم
وبيــن فتــاة الحــي هيفــاء قامــة
لهــا الــورد خــد والإفاحــة مبســم
فتــاة ســرى مســكا فتيتــا نسـيمها
فأنجــد فيهــا العاشــقون وأتهمــوا
وحيرهـــم معنـــى بــه قــد تفــردت
علــى أن معنــى الحســن فيهـا مقسـم
فوجنتهـــا والثغـــر نـــار وجنـــة
وقامتهـــا واللحـــظ رمـــح ومخــدم
تــــوزع عطفيهـــا كـــثيب وبانـــة
وحــــل بجفنيهـــا غـــزال وضـــيغم
لمرفــوع صــدغيها علــى الخـد نصـبة
يجــر بهــا قلــب لــه اللحـظ يجـزم
و فــي خـدها عيـن الحيـاة أمـا تـرى
بهـــا غصــن الأصــداغ أضــحى بنعــم
عجبــت ليتــم الـدر فـي كنـز ثغرهـا
وليــــس عليــــه ذل مــــن يـــتيم
وأعجــــب أن الــــورد زاه بخـــدّها
ولــــم أر وردا أنيتتــــه جهنــــم
ولا غـــرو إن لــم تقتطفــه نــواظري
ففيـــه لســر الحســن كنــز مطلســم
بنـت جفنهـا الماضي على الفتح إذ بنت
علــى الكسـر أحشـاء بلا النفـي يجـزم
وهــدت قــوى صــبري بتشــديد صـبوتي
وصــارت كمــا قـد قبـل تبنـي وتهـدم
إذا عمــرت بالســحر ألحاظهــا تــرى
ربــوع اصــطباري حيــن تعمــر تهـدم
منعـــة لـــو لامـــس الــورد خــدها
لخبشـــها وهـــو الرطيـــب المنعــم
تيتـــم قلــبي فــي هواهــا بنظــرة
ومــــن ذا يــــرى ليلا ولا يــــتيتم
تغــازل عــن لحــظ بـه السـحر كـامن
وتبســم عــن ثغــر بــه الـدر ينظـم
وتســـفر عـــن وجــه يصــان يســالف
ولـــم أدر أن الــرض يحميــه أرقــم
وترشــق عــن قــوس الحــواجب أسـهما
نــواش بأهــداب لهــا القلــب مغنـم
بديعــة معنــى الحســن ثــم جمالهـا
ولا بــــدر إن خففــــت إلا المـــتيم
فيــا ليــل مـا أبـداه فـاحم شـعرها
وللصــبح مــا أهــدى ســناه التبسـم
وللغصـــن مـــا زرت عليــه ثيابهــا
وللزهــر مــا أخفــاه عنــا التلثـم
أعــانق منهــا الغصـن والغصـن قامـة
وألثــم منهــا البـدر والبـدر مبسـم
أعــد نظــرا فــي خصــرها وجفونهــا
تجــد مسـقما يشـكو لـه الضـعف مسـقم
وســل ثغرهــا المعسـول عـن لعـس بـه
وإلا عـــن الصــهباء بالمســك تختــم
تظلـــم شـــاكي لحظهـــا إذ شــكوته
وواعجبــــا مــــن ظـــالم بتظلـــم
وأزرى علـــي الخصــر إذ قلــت زهــا
فــــويلاه حــــتى خصـــرها بتهضـــم
وأبـدع معنـى الرسـم فـي الخـد خالها
ألــم تـره بالمسـك فـي الـورد يرسـم
ولا تنكــر وافتــك العيــون بمهجــتي
فقـــد حكمـــت أن لا يصـــان لهــادم
وإن شـــئتم أ تعلمــوا شــرح قصــتي
ومـا قـد جـرى لمـا جـرى الماء والدم
فمنشـــا ســـهادي نـــاظر متنـــاعس
وأصـــــل بلائي معطـــــف متنعـــــم
فـــؤادي جمـــادي والغــرام ربيعــه
ودمعــــي شــــوال ونـــومي محـــرم
رفعــت لهــا حــالي لــترحم فـانبرت
توقــع للأبقــى علــى الحــال أحكــم
وقـــدمت رســم الــدمع كمــا تكفــه
فقــالت بــإجراه علــى الخــد أرسـم
فيــا روضــة قـد قـايس الـورد خـدها
بلا خجــــل للــــورد خـــدك أنعـــم
ويــا بــأنه رام القضــيب انشــاءها
بلا حســــد للغصــــن قـــدك أقـــوم
ويــا نسـمة قـد قـارن الـدهر عرفهـا
بلا نســـبة للزهـــر عرفـــك أنســـم
ويــا ظبيـة قـد سـاوم الظـبي جيـدها
بلا حضـــرو للظـــبي جيـــدك أوســـم
لئن حكمـت عينـاك بالفتـك فـي الحشـا
فـــإني لهــا ســمعا وطوعــا اســلم
وإن رمــت تعـذيبي ببـؤس النـوى فلـي
بمـــدح رســـول يـــا نعـــم أنعــم
خليــــل حــــبيب هاشــــمي مرفـــع
رســــول نــــبيّ زمزمــــيّ مكــــرم
ســــراج منــــبر أريحــــي مكـــرم
بشــــير نــــذير أبطحـــي مزمـــزم
فصــيح مليــح صــادق القــول طــاهر
نقـــــي تقــــي أكملــــي معظــــم
إمــام همــام ظــاهر البشــر جــامع
لأوصــاف معنــى الحســن بــدر متمــم
هــو البــدر لا واللـه بـل هـو أكمـل
مــن البـدر فـي حـال التمـام وأوسـم
هــو الشــمس لا واللـه بـل هـو أنـور
مـن الشـمس فـي أفـق المعـالي وأعظـم
هــو الغيــث لا واللـه بـل هـو أجـود
مــن الغيـث فـي بـذل النـوال وأكـرم
هــو الليــث لا واللـه بـل هـو أشـجع
مــن الليــث فــي وقـت الجلاد وأقـدم
هــو الغصــن لا واللـه بـل هـو أميـس
مــن الغصــن عنــد الانثنــاء وأقـوم
هــو الزهــر لا واللـه بـل هـو أطيـب
مــن الزهــر حــال الانتشــاق وأنسـم
هـو المـورد العـذب المـروي من الظما
هــو الغــوث إذ نــادى بـه المتظلـم
هــو القصــد يغنـي السـائلين نـواله
هــو الحصــن يـأوي الهـاربين وبعصـم
هــو الباسـط الكـف الـتي لا تكـف بـل
هــو الشــامخ الأنــف الــذي لا يرغـم
هـو الفـوز كـل الفـوز يـا مـن يـؤمه
هــو الأمــن كـل الأمـن يـا مـن يحـوم
هــو المخجـل السـحب العـواذي بجـوده
ولـــم لا ومنـــه يســـتفاد التكــرم
هــو الغايـة القصـوى لمـن هـو طـالب
هـــو الآيــة الكــبرى لمــن يتفهــم
هـو الرحمـة العظمـى الـتي عـم نفعها
هـو العـروة الـوثقى الـتي ليـس تفصم
هـو النقطـة الأولـى الـتي امتـد حظها
إلــى أن نشــبت عنــه بــدور وأنجـم
هــو الأصــل والأكــوان عنــه تفرعــت
فيــا حبــذا اصــل بـه الفـرع يكـرم
همــام لســرح الــدين حــام وحامــل
غمـــام لجــدب الأرض بالخصــب مســجم
حلــي لجيــد الــدهر إذ هــو عاطــل
صــباح لأفــق الكــون إذ هــو مظلــم
ترفــع قــدرا فــي العلا عــن مشـابه
وهـل يشـبه اليـاقوت فـي القـدر صلدم
جميـل المحيـا أزهـر اللـون أدعـج ال
عيـــون أســـبل الخــد يــدر متمــم
ضـــليع فـــم أقنـــى أشـــم مفلــج
شــنيب عــن اليــاقوت والــدر يبسـم
نــدي يــد عبــل الـذراعين واضـح ال
جـــــبين أزج الحــــاجبين منعــــم
بهــــي زكــــي بــــادن متماســــك
قـــويم ســـوي الصــدر فخــم مفخــم
جليـــل مشــاش ربعــة القــد أبلــج
كريــم الســجايا كامـل الحسـن أشـيم
صـــباح الهــدى فــي وجهــه متهلــل
وقطـــر النـــدى فــي كفــه يتــديم
أتـــم الـــورى حســنا وأعلاهــم علا
وأوســـعهم جاهـــا وإن كــان منهــم
حـــبيب أراد اللـــه إظهــار نــوره
فـــأبرزه للكـــون والكـــون معــدم
حــبيب يــراه اللــه مــن قبــل آدم
وأرســـله مــن بعــد بــالحق يعلــم
حــبيب هــو اليـاقوت والجـوهر الـذي
هـــو الفـــرد لا يحكـــى ولا يتقســم
حــبيب هــو النــور المشمشـع والـذي
بــه الخطــب يصــحو جــوه المتغيــم
حـــبيب بـــه قـــد لاذ آدم فــارتقى
مقامــــا علبـــا للجلالـــة مبســـم
حـــبيب بـــه شــيت توســل فاكتســى
رداء لـــه بـــالفخر طـــرز معلـــم
حـــبيب بـــه إدريـــس رفــع قــدره
فأمســت بــه العليــا تعــز وتكــرم
حــبيب بــه نــوح دعــا اللــه ربـه
فانقــذ مــن يـمّ بـه القـوم أعـدموا
حــبيب بــه هــود كفــيَ كبــد عـاده
وقـد أظهـروا بغيـا وسـاؤوا وأجرمـوا
حــــبيب بعليــــاه توســـل صـــالح
فــوفّي مــن نحـر بـه القـوم دمـدموا
حــبيب بــه لــوط كفــي شــر قــومه
وقــد ألفــوا العــدوان وهــو محـرم
حـــبيب بــه ابراهيــم أصــح آمنــا
وقـــد قـــذفوه فـــي لظــى يتضــرم
حــبيب بــه إسـماعيل مـن ذبحـه نجـا
يذبـــح عظيـــم ليــس فيــه تغلصــم
حــبيب بـه إسـحاق الغيـور غـدا أبـا
لرســل كــرام قــد أجلــوا وعظمــوا
حـــبيب بـــه يعقــوب بــوي منصــبا
بــه عــزز الأســباط قــدما وكرمــوا
حــبيب بــه فــي ظلمــة الجـب يوسـف
تســـربل ثوبـــا بالنجـــاة يســـهم
حـــبيب بـــه زكــى شــعيبا إلهنــا
وكـــذب أقوامـــا عصـــوه فـــذمموا
حــبيب بــه موســى العليـم علا العلا
وصــار علــى الطــور الكريــم يكلـم
حــبيب بــه هــارون قــد نـال رتبـة
يمتـــع فيهـــا كيــف شــاء ويحكــم
حــــبيب بـــه ردت ليوشـــع شمســـه
نهـــار ســدوم بعــدما كــاد تكتــم
حـــبيب بـــه للخضــر لاحــت مناهــج
بأســـرارها أمســـى لموســاه يعلــم
حـــبيب لـــداود بــه ســخر الصــفا
وأوب أجبـــــال وأوقـــــف حـــــوم
حــبيب بــه نــادى ســليمان فـاعتلى
ودان لــــه إنــــس وجـــن وصـــلدم
حــبيب بــه مــن يمــه يــونس نجــا
وأرســـل بالــدعوى لقــوم فأســلموا
حـــبيب بـــه أيـــوب عافــاه ربــه
ونجـــاه مـــن ضـــر بـــه يتـــألم
حــبيب بــه ذو الكفــل أضـحى مكرمـا
يكفــل لــه بــالعز والفضــل يســهم
حـبيب بـه إليـاس الفتى طار في العلا
مطـــارا مـــع الأفلاك دانـــت وســلم
حـــبيب بــه لقمــان كــرم فاعتــدى
حكيمـــا لـــه قـــول صــدوق محكــم
حــبيب يضــافي عــزة البســع ارتـدى
فأصـــبح يكســـي بالبهـــا ويعمـــم
حــبيب لجمــع الخلــق أرســل رحمــة
بــه لزكريــا لــم يـر النشـر يـؤلم
حـــبيب بـــه يحيـــى تاثــل حكمــه
وقــد قـام فـي الكفـار بـالحق يحكـم
حـــبيب بــه يعســى تبتــل فــارتقى
وعــزت بــه فــي جنــة الخلـد مريـم
حــبيب بــه ائتــم النــبيون كلهــم
وليــــس بيــــدع فالإمـــام ميمـــم
حـبيب هـب قـد أقسـم اللـه فـي العلا
وبـــاهي بــه الأملاك فخــرا فســلموا
ولــم يـدعه بالإسـم بـل بـالكنى ولـم
يـــزل يعلـــه فـــوق العلا ويكـــرم
وأنشــأه مــن نــور فلا ظــل إن مشـى
وليــــس عليــــه للـــذباب تحـــوم
قضــى اللــه أن الرســل أكـرم خلقـه
وأن النــبي طــه مــن الرســل أكـرم
وكـــل رســـول آيـــة انقرضــت بــه
وآيــــات طــــه باقيــــات تعظـــم
فمــن ذا يضــاهي قــدره وهــو جـوهر
ومــن ذا ينــاوي أمــره وهــو ضـيغم
بشـــــرعته جلا الشــــرائع كلهــــا
فلا شـــرع إلا وهـــي أقـــوى وأقــدم
إمــام جميــع الرســل بــدء وعــودة
ألا بـــه يبـــدأ الوجـــود ويختـــم
وكلهـــم فــي الحشــر تحــت لــوائه
ومـــا منهـــم إلا الرســـول مقـــدم
وفــي أفــق عليــاه تــراءوا كـأنجم
أحــاط بهــا البـدر المنيـر المتمـم
وإلا كرشــــح وهــــو بحـــر معجـــج
وإلا كظــــل وهــــو غيــــث مـــدوم
وعـــن مجـــده يــروون كــل فضــيلة
ومــن نــوره بهــدون أبــان يممــوا
فــــإن كـــان يســـمو آدم بـــأيوة
فطـــه لـــه فـــوق الــبراق تســنم
وإن كــان إبراهيـم قـد أخمـد اللظـى
فكـم مـن يـد المختـار قـد سـال مفعم
وإن كــان موسـى قسـم البحـر بالعصـا
فكـم مـن يـد المختـار قـد سـال مقصم
وإن أوقفــت طيــر لـداود فـي الفضـا
فطـــه عليــه الشــهب أمســت تســلم
وإن كــان أرسـى لسـليمان فـي الهـوى
فللمصـــطفى فـــوق المعــالي مخيــم
وإن كـان عيسـى قـد شـفى معضـل الضنى
فطــه لــه فــي الكــون ســر محكــم
نهايـــة آيُ الرســـل مبـــدؤه وكــم
لــه غايــة لا يحصــها الكتـب والفـم
بمولـــده الأصــنام والجــن أخــبروا
وقــــس وشــــق والســـطيح وأكثـــم
ولمــا أحســت أمــه الحمــل أصــبحت
تنـــور وتزهـــو الجمـــال وتوســـم
ومــذ حملــت لـم تلـق مـن حلمـه أذى
ولــم تشــك مــن شــيء يضــر ويـؤلم
وقيــل لهــا بشــراك لا تحزنــي فقـد
حملــت بمــن لــولاه مــا حــل محـرم
فســميه بعــد الوضــع منــك محمــدا
وعـــانيه بـــالإكرام فهــو المكــرم
ولا تختشــي مــن كيــد حاســد مجــدد
فمنـــك بــه البــاري أبــر وأكــرم
وحيــن أتاهــا الطلـق ألقتـه سـاجدا
علـــى الأرض يـــدعو ربـــه ويعظـــم
وألقتـــه مختونـــا دهينــا مســررا
كحيلا لــــه جســــم رطيـــب منعـــم
ولاحـــت لهـــا بصـــري وأعلام جلـــق
وأحنــت عليــه مــن علا الأفــق أنجـم
وهـــد لـــه إيـــوان كســرى مســرة
وأخمــد مــن نــار المجــوس التضـرم
وغـــاض لـــه مـــاء بســاوة نــافع
وقــد أصــبح التشــكيك بـالحق يهـدم
وقـــامت بإرضـــاع الكريــم حليمــة
فنــالت مـن الخيـرات مـا ليـس يكتـم
وبالعـدل فـي حـال الرضـاع قضـى لهـا
ولــم يرضــع ثــديا بــه الأخ يســهم
لنـــور محيـــاه البـــديع تشعشـــع
لــه أبصــر العميــان والأفــق مظلـم
حــبيب إذا مــا نــام طرفــا قلبــه
دؤوب علـــى الفعــل الجميــل مصــمم
حــبيب لــه قــد مــال ظــل يحيــرة
ووقـــاه حـــر الشــمس أفــق مغيــم
حـــبيب أحـــل اللـــه مكــة ســاعة
لـــه وحماهـــا عـــن ســواه محــرم
حــبيب لــه قــد صــارت الأرض مسـجدا
طهـورا إذا المـاء عـز يكفـي الـتيمم
حـــبيب علــى الأقــدام قــام ليلــه
إلـــى أن عراهــا للقيــام التــورم
حــبيب طـوى كشـحا لطيفـا مـن الطـوى
ولــو شــاء لاســتدعى للطعـام فيطعـم
حــبيب كفـى ألفـا بصـاع كمـا اكتفـى
حليـــــب منــــه جيــــش عرمــــرم
حــبيب أمــد الشــمس مـن نـوره لـذا
لــه الشــمس ردت بعــدما كـاد تكتـم
حـــبيب لــه أنطــق الطفــل مثلمــا
لـــه ظبيــة الــوادي غــدت تتكلــم
حــبيب لــه الراعـي أنـاب ولـم يكـن
ليعلــــم لـــولا ذئبـــه المتكلـــم
حــبيب أجــار الظـبي مـن كيـد صـائد
فــــولى يصــــلي فرحــــة ويســـلم
حــبيب بــه لاذ البعيــر مــن الـردى
فأنقـــذه مـــن شـــر مـــا يتــألم
حــبيب بـه الطـود احتمـى وهـو جاهـد
وخــــاطبه يعفـــوره وهـــو أبكـــم
حــبيب أعــاد الكـف مـن بعـد قطعهـا
يزيــن بهــا مــن بعـدها شـين معصـم
حــبيب أعــاد الجــدل ســيفا بكفّــه
وفيهــا جــرى سـيل مـن المـاء مفعـم
حــبيب حــوى قســم المعـالي فاغتـدى
لــه البـدر أعجـازا كمـا شـاء يقسـم
حــبيب لــه البــدن ازدلفـن ليبتـدي
بمــا يرتضــي مـن نحرهـا وهـو محـرم
حــبيب أعــاد العيــن بعــد ذهابهـا
وأعملهــــا صـــرفا لمـــن يتســـنم
حـــبيب أظلّتـــه الغمامـــة مثلمــا
لـــه بغزيــر المــاء جــاءت تيمــم
حــــبيب أتــــت لنصـــرته الصـــبا
فـــذل بهـــا بـــاغ وعـــزز مســلم
حـــبيب يــؤم الرعــب رايــة جيشــه
مســـيرة شـــهر حيـــث شــاء ييمــم
حــبيب لــه الشــمس المنيـرة أوقفـت
وقــد أبطئت نــوق الأعــادي فـأرجموا
حــبيب لــه الأصــنام خــرت وقـد رأت
لــواء الهـدى بالفتـح والنصـر برقـم
حــبيب لــه أنبـا الـذراع بمـا حـوى
مـــن الســـم لمـــا لاكـــه بتطعــم
حــبيب فــي العقـد لتـة والحـل لتـة
عليهــا عقــود الحـرب والسـلم تنظـم
رمــى عــن قســيّ الفكــر سـهم إرادة
تقرطــــس أفلاذ الصــــواب وتســــهم
فكــم قــد شـفى بالتفـل عاهـة مسـقم
وكــم قـد حلا مـن ريقـه العـذب علقـم
وكــم آيــة كالشـمس جـل بهـا العمـى
فلا نــــاظر فــــي صـــدقه بتـــوهم
ففـي الغـار نسـج العنكبـوت أبـان عن
أمــان بــه بــاض الحمــام المحــوم
وفــي طيــه نشــر لمعنــاه قـد غـدا
لإظهـــاره أنـــف المعانـــد يرغـــم
وفـي الحـال قـد قـامت على البب سرحة
تـــوقيه مـــن بــاغ أتــى بتحمحــم
وفــي ظنــه الصــديق قــد ســد كـوة
بكعــــف عليهـــا رقطهـــا بتقحـــم
وقـــال لــه لا تخــش فــالحق حاضــر
ولا تجزعـــن فـــالله أعلــى وأعظــم
مقــام العلا أغنــاه عــن كــل معقـل
فمـا الطـور مـا جـودبهم ومـا يلملـم
وقـــدرته صـــانته مــن كــل فاتــك
فمـا السـهم قللـي ما لظبا ما المقدم
وفــي الطــرف لمــا سـاخ آيـة مبصـر
وارشــــاد ضــــلال غــــدا يتهـــدم
وفـي الضـب والغضبا وفي النبت والظبا
إقامــــة برهــــان لمـــن يتـــوهم
وفــي النخـل لمـا أن دعاهـا وأقبلـت
وولـــت بـــأمر منـــه قــول مســلم
وفـــي عـــروة إذ جـــاءه وفضـــالة
لمـا أضـمروا اسـتظهار مـا كـان يكتم
وفـي حجـب علـى الغيـب عـن كـل مـارد
وإحراقــه استبصــار مــن كـان يفهـم
وفــي وفـد زيـد الخيـر وابنـة حـاتم
ووفــد أخيهــا مــا يــرى المتــوهم
وفــي قــرب ســلمان وبعـد أبـي لظـى
ســـرور لـــبيب لـــم يكــن يتجهــم
وفــي شــأن كســرى والنجاشـي شـواهد
فـــذاك بهـــا يخــزي وهــذا ينعــم
وفــي بيعـة الرضـوان كـم راض جامحـا
وتــوج بالرضــوان مــن جــاء يســلم
وفــي شــأن أملاك الســماء وقـد أتـت
لنصــــرته فتــــح مــــبين مختـــم
وفــي الصــوم والإحيـا أبـان عجائبـا
يؤيـــدها ســـر مـــن اللــه محكــم
وف يـاللوح والتـوراة والصـحف كم بدت
وفـــي الــذكر والإنجيــل آي تــترجم
حــبيب بــه أســرى الإلـه إلـى العلا
مــن الحــرم المكــي حيــث المخيــم
إلـى المسـجد الأقصـى إلـى سدرة المنى
إلــى منتهــى فيــه ابتـداه التكـرم
وســـــار وأملاك الســــماء تحفــــه
وجبريـــل يحـــدو بــالبراق ويعلــم
إلــى أن رقــى السـبع الطبـا اسـتوى
بـــه اســـمع الأقلام وهـــي تـــترجم
فقـــدم بـــالأملاك والرســل فــي علا
مقــام لــه مــن قبــل فيـه التقـدم
وســار بــه جبريـل حـتى انتهـى إلـى
مقــام بــه جبريـل فـي الكـون يعلـم
فنــاداه جــز هـذا مقـامي وليـس لـي
وحقــــك عنـــه فـــي العلا متقـــدم
فجــــاز جبريــــل الأميـــن مخلـــف
إلـــى محفــل فيــه الكريــم مقــدم
وجــاوز مــا لــم يحكــه وصـف واصـف
ولا يحصــى مــا قــد سـار فيـه منجـم
مــا زال حــتى جـاوز الججـب وارتقـى
علـــى رفـــرف للبســط فيــه مختــم
وســاد ينعليــه الســباط ولــم يقـل
لـه اخلـع لهـا إذ قـدر نعليـه أعظـم
وأنـــس بـــالتكبير إذ ريــع قلبــه
ونــودي ليســكن روعــك أنـت المكـرم
فكـــــبر إجلالا فنـــــاداه ربـــــه
صــدقت أنــا الأعلــى العلـي المعظـم
وقربـــه قــرب الكمــال ولــم يــزل
يرفــــع مــــن مقــــداره ويعظـــم
وولـــه مـــا لـــم ينلـــه مقـــرب
وأدنــاه منــه حيــث لا أيــن يفهــم
وأفنـــاه عنـــه بالبقـــا وأقــامه
بمعنـــاه فهـــو الفـــرد لا يتقســم
وشــــرفه وضــــعا ورفــــع قـــدره
علــى منصــب بــالخفض للعيــش يجـزم
هــو المرتضــى عــدلا ومعرفــة وهــل
لأحمـــد صـــرف وهــو بــالجمع قيــم
دنــا فتــدلى حيــث لا كيــف فـانبرت
تقربـــه مـــن قـــاب قوســي أســهم
وشــاهد وجــه الحــق والحــق نــاظر
لــــه وعلــــي بــــالقبول مســـلم
وأوحـــى بمــا أوحــى إليــه وخصــه
بـــراح اتصــال لــم يشــبها تضــرم
وأيــــد مســــراه بــــه وأمــــده
بمـــا ليــس يحصــيه لســان ولا فــم
وأظهـــر فيـــه ســـره فهــو مظهــر
بــه اللــه يعطــي مـن يشـاء ويحـرم
وأرجعـــه للخلـــق بـــالحق مرشــدا
فأســـلم أقـــوام وقـــوم تلومـــوا
ومــن فرشـه للعـرش فـي حينـه ارتقـى
لمشـــهد حســن فيــه للعيــن مغنــم
وعــاد قريـر العيـن بـالقرب والرضـا
ومـا افـتر للإصـباح فـي الشـرق مبسـم
وأصـــبح ينــبي عــن عظيــم مقــامه
ويـــا حبــذا ذاك المقــام المعظــم
جـــواد إذا ضـــن الغمـــام بقطــره
غفــور وإن ثــاني إلـى الـذنب محـرم
فــترغيبه فــي واضــح الــدين غــرة
وترهيبــه فــي جبهــة الكــبر ماسـم
فعـول إذا مـا قـال فـي السـلم قـائل
فعـول إذا مـا هـتز فـي النقـع لهـذم
كريــم المســاعي فهــو للأمــن معقـل
وللرشـــد منهـــاج وللحـــق معلـــم
أنيــق مجــاري الخصــب والأرض جدبــة
شــريف رحــاب البشــر والـوقت أقتـم
أقــام قنــاة الـدين بعـد اعجواجهـا
فصــار لهــا مــن بــأس كفيـه لهـذم
وأبــرى بــاللمس المصــبا كمــا بـه
كفــى الــداء مضــرورة وعـوفيّ مسـقم
وبــــاللمس عـــادت لعـــائد غـــرة
أضــاءت بهــا الآفــاق والجــو أفحـم
ودرت لـــه بـــالمس شــاة أم معبــد
ولــم تــك بــالأدرار مـن قبـل تعلـم
وحــن إليــه الجــذع شــوقا وطالمـا
عليـــه بـــأمر اللــه ســلم صــلدم
وذل لــه الفحــل الهصــور ولـم يكـن
يـــذل لشـــخص قبلـــه وهــو معلــم
وأبـــرأ عينــي حيــدر يــوم خيــبر
بتفلتـــــه إذ جـــــاءه يتـــــألم
وأنبــت شــعر الأقــرع الــراس لمسـه
ودرت لــه العجفــا ولــم تــك تعلـم
وأنبـــأ عمـــا كـــان وهــو كــائن
حذيفــة حــتى صــار بــالغيب يعلــم
واوســع أهــل الجهــل علمــا ونعمـة
ولان لأربـــــاب الجفـــــا يتحكــــم
حــبيب لــه فــي كــل ســمع ونــاظر
محـــل بــه يزكــو الزمــان ويوســم
ســـعادته روح لهـــا المجـــد جثــه
وهمّتـــه وجـــه لــه البشــر منســم
وجثمـــانه بـــالحق قـــامت صــفاته
وأســماؤهُ فــي الخلــق تسـمو وتعظـم
لآلـــي المعـــاني فـــي علاه تنظمــت
فصـــار بهـــا للكــون عقــد منظــم
لــه الأمـن يـوم الحشـر والخلـق هلـع
لـه السـبق يـوم النشـر والنـاس جثـم
لـه البشـر يـوم الخـزي والنـاس كلـح
لـه الحـوض يـوم العـرض والنـاس هـوم
هـو الشـافع المقبـول أن أثقـل الورى
تحمـــل أوزار بهـــا الظهــر يقصــم
تراهــم ســكارى هــائمين ومــا هــم
ســــكارى ولكـــن العـــذاب يهيّـــم
لـــدى موقــف خــزي المــذاهب ضــيق
يســـرّ بـــه بـــر ويحـــزن مجـــرم
وتسـقط ذات الحمـل فـي الحـال حملهـا
وتـــذهل عمــا أرضــعت فيــه مفطــم
وتغلــي رؤوس الخلــق مــن حـر شمسـه
وبـــالعرق الهـــامي يغشــو ويلجــم
ينـــادي منـــاديهم هلمــوا لنتخــذ
شــفيعا فقــد طــال الوقـوف المهـوم
فيـــأتون طـــرا نحـــو آدم ســـرعا
وأكبـــادهم ممـــا دهاهـــا تحســـم
ويــدعوه قــم يــا أبانـا وكـن لنـا
شــفيعا عســى أنـا بـك اليـوم نرحـم
يقــول لهــم يـا قـوم لسـت لهـا ولا
أقــول سـوى نفسـي عسـى اليـوم تسـلم
ولكنكــــم امضـــوا لنـــوح فـــإنه
نـــــبي كريــــم أولــــي مقــــدم
فحيـــن يلاقـــوه يقــول ألا اســمعوا
فقــولي كمــا قـد قـال آدم فـاعلموا
عليكــم بــابراهيم فهـو الفـى الـذي
لــه اللــه أطفـا النـار وهـي تضـرم
فلمـــا يوافــوا ينــاديهم ارجعــوا
وســيروا لموســى الـبر فهـو المكلـم
فعنـــد ملاقـــاة الكليـــم يردهـــم
لعيســى الــذي قــامت بمعنـاه مريـم
فيــدعوهم عيســى المسـيح ألا ابشـروا
فليـــس لهـــا إلا الحــبيب المعظــم
فلـــوذوا بــه واستشــفعوا بجنــابه
فمــا أحــد منــه علــى اللـه أكـرم
فيــــأتون طــــه لائذيـــن وكلهـــم
ينـــادي بــأعلى صــوته يــا مكــرم
قـم اشـفع لنـا يـا مجتـبى يـا مقـرب
فـأنت الشـفيع المجتـبى الـبر الأكـرم
فينهــض طــه وهــو يــدعو أنـا لهـا
كمــا هــي لــي واللـه أعلـى وأعلـم
ويــأتي لســاق العــرش يســجد تحتـه
ويبـــدأ بالتحميـــد شــكرا ويختــم
ويــدعوه يــا رحمــن أنــت وعــدتني
ووعـــدك حـــق ليـــس فيـــه تــوهم
فلا تخزنـــي يــا رب وقبــل شــفاعتي
فــأنت بمــا أجــوه يــا بــر تعلـم
فيـدعى اتئد وارفـع وسـل تعـط واشـفع
تشــفع وقــل يســمع فــأنت المقــدم
سأقســم هــذا اليــوم شـطرين بيننـا
ليــأمن فيــه المســلميون ويســلموا
فشـــأنك فيـــه أن تكـــون مشـــفعا
وشــأني بــه أعطــي وأعفــو وأحلــم
علــى طاعــة القيــوم قــام مبـادرا
فأرشـــد ضــلالا عــن الحــق أحجمــوا
وشــاد علــى الخمـس القواعـد جوسـقا
هـــو الــدين نضــحي تحتــه ونعتــم
وملــك رق القـوم فـي البـاس والنـدى
فتمـــــم فعلا والكريـــــم يتمــــم
وأنقــذ اســرى الأرض مــن كــل غاضـب
ظلــوم لــه وجــه مــن الليـل أظلـم
وتـــوج بالـــدين الحنيفـــي أمـــة
أنــابوا لـه طوعـا ودانـوا وأسـلموا
هــم القـوم قـد شـادوا لأتبـاعهم علا
يحـــاط بتاســـيس التقـــى ويـــدعم
كــرام بــأوج المـدح حلـوا وألبسـوا
حلــى الســعد لمـا بالفخـار تعممـوا
وبالشــمس قـد غشـّوا والصـبح منطقـوا
وبالــدر قــد حلـوا وبـالزهر ختمـوا
صــــدور دعــــا شـــم رؤوس أئمـــة
بـــدور هــدى زهــر منيــرون أنجــم
عيـــون حمـــى غـــر كـــرام أعــزة
بحـــور ســـما ســـحب ملبــون قــوم
زهـــور أولـــي صــيد عظــام أجلــة
كمـــاة تقـــى شـــوس مزكــون صــوم
فمـن مثـل فخـر الصحب شيخ التقى الذي
لـه السـبق لمـا قـال طـه ألا اسـلموا
ومـن مثـل فـاروق المعـالي الـذي أتى
بمــا حكــم الــذكر الحكيـم المحكـم
ومـــن مثــل ذي النــورين مــن لــه
بمــا صــير الأجــر العظيــم المتمـم
ومــن مثــل زوج الطهــر حيـدر الـذي
بــه نصــر الــدين القــويم المقـوم
ومــن مثــل ســعد أو ســعيد وطلحــة
إذا عــد أربــاب المعــالي وقســموا
ومــن مثـل مقـداد وابـن عـوف وعـامر
إذا كمــل العشــر الكــرام وتممــوا
ومــن مثــل عميــه وســبطيه فـي علا
بــه أشــرقوا كــالزهر حيــن تتمــم
ومـــن مثـــل أزواج شــرفن بــه علا
جميـــع النســـاء إذ قــدرهن معظــم
ومـن مثـل بـاقي الصـحب فالهج بمدحهم
معظــــم علا مقـــدارهم فهـــم هـــم
أليـــس بـــأن اللــه شــرف قــدرهم
وفــي محكــم التنزيــل أثنـى عليهـم
بصـــحبته امتــازوا وعــزوا بجــاهه
فهـــم شـــهب تهـــدي وســحب تــديم
وهـم أوجـه النـادي وهـم أبحـر الندى
وهــــم زهـــرة تنـــدى ودر ينظـــم
هــداهم لنهــج الحــق هـاد بـه أضـا
منـــاخ ضــلال أغــبر اللــون أقتــم
وبالصـــبر قــد أم القتــال مكــبرا
فصــــلى الأعـــادي جمـــرة تتضـــرم
وشــمر عــن ســاق الجلاد لكــي يــرى
وجـــوه الأعـــادي بـــالحتوف تلثــم
وألمــع فــي أفــق العلا بــرق أبيـض
بــه ينجلــي ليــل مـن البغـي معتـم
وثقّــــف للإرشـــاد رمحـــا مقوســـا
لمعـــوج غـــي لـــم يكـــن يتقــدم
وضـــــمر خيلا للكفـــــاح كأنهــــا
ســـفائن فــي بحــر المــدامع عــوم
فمـــن أدهــم صــك الصــباح جــبينه
فمــن غيظــه خــاض الضــبا يتحمحــم
ومــن أبلـق بالصـبح والغيهـب ارتـدى
فصـــار كـــدر بيـــن مســـك ينســم
ومــن أحمــر قــد سـود الليـل ذيلـه
وأطرافــــه لمـــا تغشـــاه عنـــدم
ومــن أشــقر قــد مـوه التـبر جسـمه
وأضـحى لـه بـالنور فـي الـوجه ميسـم
ومـــن أبيــض عنّــى لنهــار أهــابه
فخـــــوض أحشــــاء الظلام يدمــــدم
فـــألجم لمـــا إن تثـــاوب قســورا
واســــرج إذ رام المطــــار يحـــوم
فأمســــى كبــــدر مســـرج بهلالـــه
وأضـــحى كـــبرق بالثريـــا يلجـــم
جــوار علــى بحــر الهيــاج كأنهــا
بـــروق تبـــارى أو نســـور تحـــوم
تعــاف حيــاض المـاء إذ شـبّت الـوغى
فلا ورد إلا أن يـــراق لهـــا الـــدم
تســـنمها فتيـــان صـــدق إذ ســـطو
فمـا الصـيد فـي أعلـى المعاقـل تهجم
أســود بهــم فــي كــل قلــب ومنحـر
تغـــل المواضـــي والعــوالي تحطــم
بضـــرب مواضـــيهم وطعـــن رمــاحهم
صــــليل الأســـماع العـــدو مصـــمم
وفــي بــاطن النقـع المثـار لنبلهـم
جــراح لهـا مـن قـدح زنـد الصـبا دم
يـــؤمهم فـــرد هــو الجمــع نجــدة
وحســــبك فـــرد بـــالجميع مقـــوم
عليــم بطــب الحـرب إن أعضـل الـوغى
يصـــــرفها بالمردعــــات ويحســــم
إذا أرعــد الهنــدي فــي أفــق كفـه
أراك ســــحابا بالــــدماء يــــديم
وإن طعـــن الشـــهم الكمــي برمحــه
وجـــدت زهيــرا بيــن كفيــه أرقــم
رمــى أوجــه الأعــدا بــترب فـأدبرت
وشــاهت وقــد صــارت لحصــباه ترجـم
وقـــل عـــروش المشـــركين بشـــرعه
وقــادهم للمــوت مــن حيــث أحجمـوا
فســل عنــه أحزابــا وبـدرا وخيـبرا
وسـل عنـه أحـدا واحـد الوقـائع عنهم
أبـــان ببـــدر للعصـــاة مصـــارعا
فمــا لبثــوا أن جاوزوهــا ودمـدموا
وقــال وجــدت الوعـد حقـا فهـل كمـا
وجــدناه يــا أهـل القليـب وجـدتموا
فعــاديه فــي نــار الجحيــم معــذب
وعـــافيه فـــي دار النعيــم منعــم
أقـــام صــلاة الحــرب قــائم ســيفه
فصـــلوا صـــلاة الخــائفين وســلموا
وأمـــدهم ســـوق الحتــوف ليشــتروا
فبـــاعوا نفوســنا بالعــذاب تســوم
وأرخصــهم لمـا علـى الفـوز فاشـتروا
ســــعير هــــوان ســــعرته جهنـــم
وذوقهــــم ســـم الطعـــان بأســـمر
وأشــهره فــي الحــرب لا شــك أرقــم
رمـــى كـــل شــيطان بشــهب نبــاله
ولا بــدع فالشــيطان بالشــهب يرجــم
جلا الزيـــغ والأهــوا بــأبيض ســيفه
وللشــرك طـرف فـي وغـى البغـي أدهـم
وللرمــــح كـــف بـــالنجيع مخضـــب
وللســـيف ثغـــر بالـــدماء ملثـــم
وللحلــــق فـــرق بالأســـنة أشـــيب
وللنقـــع قـــرع بالعجاجـــة أســحم
بكــى بالــدما هنــديه وهــو ضــاحك
ومــن عجــب يبكـي الـدما وهـو يبسـم
وخــط بوقـع الـبيض فـي أوجـه العـدا
حــــروف حتــــوف بالأســـنة تعجـــم
ووارى عـــن الأعـــداء ســلم فــوزهم
فليـــس لهــم نحــو المفــاوز ســلم
وفــي ســاحة البلــوى أضـاف جمـوعهم
فعامـــل خفـــض فعلــه ليــس يجــزم
فليـــس لهـــم إلا الرزيـــة مشـــرب
وليـــس لهـــم إلا المنيـــة مطعـــم
وأثخنهـــم ضــربا وطعنــا فــأهلكوا
ومـن ذا الـذي ممـا قضـى اللـه يسـلم
أتتـــه مفاتيـــح الكنـــوز فردّهــا
وآب بخـــــزي وجههــــا المتجهــــم
ولــم يلــه عليــاه تزخــرف حســنها
وهــــل هــــي إلا جيفــــة تتجســـم
وزفّــت لــه الــدنيا عــروس جلالهــا
فقـــال لهـــا ميلــي فحبــك يحــرم
ويــا طــالب الــدنيا بجمـع حطامهـا
ســـتترك مـــا جمعـــت يــوم تحطــم
ألــم تــر النــاس غفــل عـن الـردى
وأن المنايــــا بينهــــم تتوســــّم
ألـــم تـــر أن الواصـــلي حيالهــا
لهــم بيــن أطبــاق الــتراب تصــرم
ألــم تــر أن البســط يعقبـه العنـا
وأن الـــذي يبنــي المبــاني يهــدم
ألــم تــر أن الــدهر إن ســر برهـة
أســـاء دهـــورا بـــانقلاب يدمـــدم
ألـــم تــر أنــا راحلــون وزادنــا
قليــــل ومرعـــى ســـرحنا متـــوخم
كــان الفــتى لـم يحـظ فيهـا بطـائل
ولــم يــك فــي دنيــاه قــط ينعــم
كـــأني بــه والمــوت يســلب روحــه
ويلبســـه ثـــوب الفنـــاء ويعـــدم
وقــــام عليـــه أهلـــه ينـــدبونه
فمســــتعبر بــــاك وآخـــر يلطـــم
ويلحـــد فـــي قــبر كريــه حلــوله
ويطـــوى عليـــه بـــالتراب ويختــم
فعــرج عــن الــدنيا وجنــب سـبيلها
ويمــم إلــى الأخــرى ففيهـا الميمـم
وإن جــاءت الــدنيا عليـك فجـد بهـا
ولا تبـــق للـــوراث مـــا لا تقـــدم
ونـول لمـن اسـتعطاك واكنـف من التجا
وســـلم لمـــن آذاك فالــدهر يحكــم
وكـاف علـى المعـروف واسـمح لمـن اسا
وصــل مــن جفـا واكـرم جليسـك تكـرم
وإن لــم تخــف عقـبى مقـال فقـل بـه
وإن خفــت مــن عقبـاه فالصـمت أسـلم
ولا تفــــش ســـر الصـــديق فربمـــا
جفــا ففشــا السـر الـذي أنـت تكتـم
ولا تحزنــن يومــا علــى فــوت فـائت
وكيــف ينــال العبـد مـا ليـس يقسـم
ولا تـــرج إلا اللـــه واخضــع لعــزه
وهـل غيـر بـاري الكـون يعطـي وينعـم
وســلم لــه التــدبير واعلــم بـأنه
ســــميع بصــــير عــــالم متكلـــم
يضـــلّ ويهـــدي مــن يشــاء بــأمره
ويقضــي علينــا كيــف شــاء ويحكــم
وجـانب قريـن الغـي واصـحب أخا التقى
ولا تصـــحب الغوغــا فــتزرى وتهضــم
ولا تصــنع المعــروف مــع غيـر أهلـه
فــــإك بـــالمعروف أجـــدر منهـــم
ولا تضــع الأشــياء فــي غيــر موضــع
أعــدّت لــه إن كنــت بالقســم تحكـم
ويحـــي ويفنـــي ثــم يحــي عبــاده
لنيــــل مجــــازات تســـر وتـــؤلم
لـه الملـك والتـدبير والخلـق والجزا
فإمـــــا عــــذاب دائم أو تنعــــم
تنـــزّه عـــن زوج وعــن ولــد وعــن
وليـــد وعـــن نـــد ينيــر ويظلــم
وقـــدس عـــن قــول المعطــل كنهــه
وعـن مـن يـرى التشـبيه أو مـن يجسـم
ورفّــع عمـا يرسـم الفكـر فـي الحجـى
وهـــل هـــو إلا غيـــر مــا يتــوهم
فلا الكـــم يحصــيه ولا الأيــن يــدنه
ولا الــوقت يحــويه ولا الكيــف يعلـم
عليــم بمــا قــد كـان أو هـو كـائن
محــــي فلا يخفــــاه ســــر مكتـــم
قــــدير مريــــد لا مــــرد لأمـــره
قــديم بــديع الصــنع ينشــي ويعـدم
فلــو شــاء لـم تـأوي الطيـع جنـانه
ولــو شــاء لــم تحــو العصـي جهنـم
لــه المنــع والانعـام ينجـي ويبتلـي
لــه النقــض والإبــرام يعفـو وينقـم
قضـــى ينعيـــم أو بجحيـــم لخلقــه
فعــــذب أقوامــــا وقـــوم تنعـــم
وأنـــزل قرآنـــا مبينـــا محكمـــا
أبـــان لنـــا عمـــا يحــل ويحــرم
وأرســل أرســالا هــداة فمــا وَنــوا
بـأن أسـمعوا صـما عـن الحـق قد عموا
وأرشـــدنا بالمصـــطفى بعـــد ضــلّة
ولـــولاه مــا نــال الرشــاد ميمــم
يشــــاهده قلـــبي ويـــذكره فمـــي
فلـــم يخــل منــه لا فــؤاد ولا فــم
وعنـــدي لـــه شـــوق شــديد مــبرح
ولا صـــبر إن الصـــبر عنـــه محــرم
علمــت بـه معنـى المحبـة فـي الحشـا
فلا عضـــو إلا للحـــب فيـــه مرســـم
وأسـقيت فيـه الحـب صـرفا لـذا انبرى
يمـــازجه لحمـــي وعظمـــي والـــدم
وبحـــت بحـــبي فيــه لا عــن تكتــم
ومـن كـاني هـوى المصـطفى كيـف يكتـم
هــو القصــد إن غنــى بمكــة منشــد
وإلا فمــــا ركـــن وحجـــر وزمـــزم
وما البيت ما لامسعى وما مرو ما الصفا
ومــا عرفــات مــا منـى مـا المخيـم
بـــه شـــرفت تلــك الأمــاكن كلهــا
ولـــولاه مـــا كنـــا لهـــن نعظــم
ودينــوا بــه حبــا ولــوذوا بمـدحه
وصـــلوا عليــه كــل وقــت وســلموا
وهيهــات أن توفــوا ببعـض حقـوق مـن
يصــــلّي عليــــه ربنــــا ويســـلم
وأقســـم بـــالله العظيـــم جلالـــه
وحســــبي أنـــي بالجلالـــة أقســـم
لـــو أن الأراضــي والســموات كلهــا
طـــــروس وأوراق تمـــــد وترســــم
وكــل ميــاه الأرض حــبرا ومــا حـوت
مـــن النبـــت أقلام تخـــط وترقـــم
وجمــع البرايـا يكتبـون مـدى المـدى
جوامـــع مــا أوتيــه طــه المكــرم
لمــا أدركـوا معشـار عشـر الـذي بـه
تخصــــص يــــس النــــبئ المعظـــم
وأنّـى لهـم أن يحصـروا وصـف مـن أتـت
بمــــدحته نــــون وفتـــح ومريـــم
ولكننــــي يممــــت بـــاب هبـــاته
بمـــدح طفيلــي لــه الفقــر مئســم
وخيــرت فيــه المــدح علمــا بجـوده
ومــن يمــدح الأجــواد يحظــى ويكـرم
ومــا ذاك مــن حــولي ولا هــو قـوتي
ولكنـــه فضـــل بـــه اللــه منعــم
أراد فـــأجرى ذكـــر مـــدح حــبيبه
علــى ســمع أقـوام أنـابوا وأسـلموا
فــــردّ لســــاني آلــــة لمـــديحه
وأنطقنــــي فيــــه بــــدر ينظـــم
وذلــك فضــل اللــه يـؤتيه منـي شـا
ومــن ذا الــذي يعطــي سـواه وينعـم
ســـعدت بـــأن اللــه كــرم مقــولي
بوصــف معــاني مـن بـه الكـون يكـرم
وصـــرت أنـــادي يــا خــديم محمــد
وطـــوبى لمـــن أضــحى لــه يتخــدم
وواللـــه مـــا نـــولت ذاك بحيلــة
ومــا لا قضـى البـاري بـه كيـف يسـقم
فيــــا رب لا تســــلب جميلا صـــنعته
وتمـــم بإيجـــاب فـــأنت المتمـــم
ويــا رب جــد لــي بــالقبول تكرمـا
فـــأنت الجــواد المنعــم المتكــرم
ولــولاه مــا قلنــا السـموات ترتقـي
ولــولاه مــا خلنــا الأراضــين توسـم
ولـــولاه مـــا هبــت جنــوب وشــمال
ولـــولاه مـــا لاحــت شــموس وأنجــم
ولــولاه مــا كــان الحيــا مترســلا
ولـــولاه مــا كــان الصــبا يتنســم
ولـــولا مــا هــد الجنــاحين طــائر
ولــولاه مــا طــال الســماكين مـرزم
ولــولاه مــا أظمــا الجوانــح هـائم
ولــولاه مــا أضــنى الجــوارح مغـرم
ولـــولاه مــا وطــى الموطــا مالــك
ولــولاه مـا أبـدى لنـا الخيـر مسـلم
ولـــولاه مـــا كــانت حيــاة وصــحة
ومــــوت وأســـقام وعيـــد وموســـم
ولــولاه مــا كــان الوجــود بإســره
ولا زخرفــــت عـــدن وشـــبت جهنـــم
تــردى لبــاس البــاس والجــود حلـة
مهفهفـــة فيهـــا الكمـــال يجســـم
وكـــوّن مــن نــور فلا ظــل إن مشــى
وليــــس عيــــه للــــذباب تجثـــم
أيــا أمــة الهـادي المشـفع أبشـروا
ولــوذوا بــه واستعصــموا وترحمــوا
فـــأنتم بطـــه خيــر امــة أخرجــت
إلــى الخلـق طـرا فاهنـأوا وتنعمـوا
علــوتم بــه قــدرا وطلتــم مكانــة
فطولــوا وصــولوا وافخـروا وتعظمـوا
فكــــل نــــبي أو رســــول مقـــرب
بســـيدنا يســـمو ويعلـــو ويعظـــم
هنيئا لكــم بشــرى لكـم مرحبـا بكـم
وأهلا وســهلا بكـم أنتـم النـاس أنتـم
فيــا عزكــم يــا فـوزكم يـا فلاحكـم
ســعدتم ظفرتــم بالغنــائم فـاعلموا
ويــا رب كــن للعبــد وارحـم خضـوعه
فإنّـــك يــا حرمــن بالعبــد أحــرم
ويــا رب وفــق واكشـف الضـر واسـتجب
فــأنت بمــا أرجــوه يــا بـر أعلـم
ويــا رب ســامح واعـف واحلـم تفضـلا
فإنـــك يـــا غفّــار تعفــو وتحلــم
دعوتـــك مضـــطرا وجئتـــك خائفـــا
وأنــــت مجيــــب مســـتغاث مســـلم
فــإن لــم تجـد لـي يـا عفـو برحمـة
فمــن ذا الــذي يعفــو سـواك ويرحـم
ويـا ليـت شـعري إن منعـت العطـا فمن
ســــواك علــــى ســــؤاله يتكـــرم
حبيـــبي أجرنـــي ليــس إلاك يرتجــى
أنلنـــي أقلنـــي ليـــس إلاك يحلــم
فلا تخزنـــي يــا رب واقبــل توســلي
بجــاه حــبيب جــاهه الجــاه الأعظـم
ومـــن بعـــود عـــن قريـــب لمكــة
ليجمعنـــي بـــالبيت عيـــد وموســم
وأســعى علــى وجهــي لبــاب ســلامها
ويــبرد نــار الشــوق بـالقرب زمـزم
وانظـــر ليلــى فــي الغلائل تنجلــي
وأشــهد خــال الخــد منهــا وألثــم
وأذهــب بــالخيف المخــوف وفـي منـي
أقضـــي لبانـــاتي وأهـــدي وأوســم
وفــي عرفــات الخيــر أرتـاح عارفـا
يعرفنــــي أيـــن الأحبـــة خيمـــوا
وأصـــرف أعنـــاق المطايــا معرجــا
إلــى أرســم يــا حبــذا هــي ارسـم
وأنظـــر بــدرا فــي حنيــن كمــاله
ويصــبح لــي مــا بيـن أهليـه معلـم
وأذهـــب بالصـــفراء صـــفر قطيعــة
تقطـــع منهــا القلــب فهــو مــتيم
وتعتــاد قلــبي فــي المفــرح فرحـة
بهــا جيــش أحزانــي يــذاد ويهــزم
وأنشــر فــي وادي العقيــق مــدامعا
كحمرتـــه فــي الســلك حيــن ينظــم
وأكحـــل أجفـــاني بـــأنوار روضــة
بهـا قـد ثـوى الجسـم الكريـم المنعم
وأدخـــل مـــن بــاب الســلام مســلا
عليـــه وأبـــدا بالســـلام وأختـــم
وألقـي عصـا التسـيار عـن غـاربي وفي
حمــاه أقضــي مـا بيـه العمـر يغنـم
واصـــبح جـــارا للحـــبيب وحبـــذا
جـــوار بـــه للصــب مغنــى ومغنــم
وأدعــوه يــا غـوث الطريـد ومـن بـه
علـى اللـه يـوم الحشـر والنشـر أقدم
قصــدتك محتاجــا فجــد لــي تكرمــا
فمــن عــادة العـرب الكـرام التكـرم
ولــي ذمــة بالاســم والحــب والثنـا
وأنــت بهــا واللــه أوفــى وأكــرم
فكــن لــي شـفيعا يـوم لا يغـن شـافع
عـــداك وكـــل مـــن مقامــك يحجــم
وقابـــل مــديحي بــالقبول وجــازني
بفضـــل يــد منهــا النــدى يتعلــم
فــبيني وبيــن الحــق وحشــة مجــرم
يعـــض يـــديه إذ عـــراه التنـــدم
فمثلــي مــن يجنــي ومثلـك مـن عفـا
ومثلــي مــن يرجـو ومثلـك مـن ينعـم
وحاشـاك أن أخـزى وقـد جـدت في الكرى
بحــرب بــه قــد زال عنــي التــوهم
وحاشـاك أن أظمـا وفـي النـوم جدت لي
بشــــربة مــــاء عرفهـــا يتنســـم
وحاشـاك أن أقصـى وللخلـد فـي الكـرى
مــع الصــحب قـد أدخلتنـي يـا مكـرم
وكـم مـن مـراء قـد رآها أولوا النهى
قضــت لــي بتخصــيص كمـا أنـت تعلـم
أيــا ســيد الســادات يـا مـن يحبـه
وأمـــداحه أنجـــو وأعطـــى وأكــرم
أيحســـب دهـــري أنّنــي خاضــع لــه
وأنــــت ملاذي ســـاء مـــا ســـتوهم
وقـــد ضــمني ســامي حمــاك وحبــذا
منــاخ علــى الإحســان والــبر يرسـم
فلا تقصـــني يــا رب وارحــم تــذللي
فإنــــك رحمـــان تـــوالي وترحـــم
ولا تخــز وجهــي يــا كريــم وجـازني
ففضـــلك أزكـــى والمـــواهب أكــرم
تحملــــت أوزارا ثقــــالا حمولهـــا
بأيســـرها الظهـــر الممتــن يقصــم
وســودت وجهــي بالــذنوب وكيــف لـي
بعــذر وقــد أصــبحت بالــذنب ألحـم
وإن أك قـــد جئت العظـــائم كلهـــا
فعفــوك عــن تلــك العظــائم أعظــم
فيــا رب يــا اللـه كـن لـي ولا تكـن
علـــيّ إذا ضـــاق القضــاء المقتــم
فحقــق رجــا ابــن الخلــوف فقلبــه
يســلم وحســن الظــن لـي فيـك أسـلم
ويســر لــي الــذكرى وســهل مـذاهبي
لخيـــر بــه عنــي المكــاره تحســم
ونــور بنــور العلــم قلــبي وغشـني
بنعمـــاك علـــي بـــالنعيم أنعـــم
وخلــص علــى خيــر وجــد لـي بتوبـة
تحـــط بهـــا الأوزار عنـــي وتحطــم
وســـلم ووف الـــدين عنـــي ونجنــي
مــن الكبــد والأهــوا فـأنت المسـلم
وديــم علــى الأشــياخ ديمــوم رحمـة
تخصــــص آبــــائي بهــــا وتعمـــم
وكـــرم أصـــحاب يونســـلي وإخــوتي
فــأنت الكريــم المســتماح المكــرم
وكـــن لجميـــع المســلمين وجــازهم
بعــــدن وجنبهــــم لظـــى يتضـــرم
وخــذ بيــدي أخــذا كريمــا وحلنــي
بخــــاتم إحســــان بــــه أتختـــم
وصـــل وســـلم ثــم بــارك مواصــلا
علــى المصـطفى مـا عظـم اللـه مسـلم
وصـــل علـــى الأملاك والرســل كلهــم
وآل التقــى مــا جــانب الحـل محـرم
أحمد بن محمد بن عبد الرحمن شهاب الدين.شاعر تونسي، أصله من فاس، ومولده بقسنطينة، وشهرته ووفاته بتونس اتصل بالسلطان عثمان الحفصي، وأكثر من مدحه.زار القاهرة أكثر من مرة.له (ديوان شعر - ط) (ومواهب البديع) و (جامع الأقوال في صيغ الأفعال) أرجوزة في الفرائض.(وتحرير الميزان) في العروض، (ونظم المغني) في النحو، و(نظم التلخيص) في المعاني والبيان.