
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
حـيِّ يـا سـعدُ قبابـاً بـالحِمى
تَحتَهـا ربـعُ المنـى لـم يدرسِ
جـادهُ الغيـثُ إِذا الغيـث همى
لا زمـــانَ الوصــل بالأنــدلسِ
إِن يكُـن مـا بـلّ شـوقي قربـهُ
فلِســـاني دائمـــاً يـــذكرهُ
وَبِقلــــبي مُســــتقرٌّ حبّـــه
بِهـــواهُ لـــم أزل أعمـــرهُ
أَعظــمُ النعمــةِ أنّــي صــبّهُ
دائِمــــاً أحمـــده أشـــكرهُ
ســعدُ إِن جئتَ إليــهِ فاِنعَمـا
واِستضــئ مِــن نـورهِ واِقتبـسِ
وَإِذا بحـــرُ أَيـــاديهِ طَمــا
فَــاِنتبِه مِــن فيضـِه واِحـترسِ
وَأَفـض يـا سـعدُ مِن دمعِ الهنا
مـا يُـروّي الأرضَ إِن شحّ الغمام
كنـتَ حـالَ البعـدِ تبكـي حَزَنا
إِن رأيتَ البرقَ أو غنّى الحمام
وَبِهـذا اليـومِ قَـد نلتَ المُنى
فاِبــكِ واِسـتبكِ فمـا ثـمّ ملام
آهِ مَـن لـي بـالحِمى أَن ألثما
تربــهُ لــو نهــزة المختلـسِ
لَـم يَحن بعدُ اللقا فاِبكي دما
وَاِهجسـي يـا نفـسُ أو لا تهجسي
ليـتَ شـِعري هَل أُرى يوماً أجول
فـي رُبـا طيبةَ أو تلكَ الجبال
وَأَرى مِـن أَثلِهـا فـوقي ذيـول
ســـابِغاتٍ مِـــن ظَليلاتِ الظلال
حبّـــذا ثــمَّ حُــزونٌ وســهول
حلَّهــا الأنـسُ وحلّاهـا الجمـال
فـاقتِ الحصـباءُ فيهـا الأنجما
وَثَراهـــا يَـــزدري بــالأطلسِ
أَنـا لَـو خُيّـرت فـي أَعلى سما
أَو بِهـا لاِخـترتُ فيهـا مجلسـي
يــا بِرُوحـي كلّمـا هبّـت صـبا
نفحــةٌ أَنشــقُها مِــن عطرهـا
وَإِذا مــا جـاءَني مِنهـا نبـا
أَملأُ الــدُنيا بريّــا شــكرها
مُنيَـتي بِـالجزعِ والسـفح ربـا
عطّـرت كـلَّ الـوَرى مـن نشـرها
أيُّ شــَوقٍ فـي فُـؤادي اِضـطَرما
جَفّــفَ الــدمعَ فلَــم ينبجــسِ
وَلَكَــم فاضــَت عُيــوني ديَمـا
بِشــواظِ الوجــدِ لــم تنحبـسِ
كيـفَ يـا سـعدُ ثنيّـات اللِـوى
أَتُراهـــا بِنَـــداها تبســـمُ
زادَ فـي قَلـبي لِلُقياها الجَوى
فَمَـــتى أرشـــفُها أو ألثــمُ
طـابَ لـي فـي حبِّها شرحُ الهوى
فبـــهِ إِن عــزَّ وصــلٌ أنعــمُ
وَإِذا ليـــلُ غَرامــي أظلَمــا
ولِنَفســي لَـم أجِـد مـن مـؤنسِ
أَجـدُ الراحـةَ فـي شـِعري فمـا
نَفّـــس الكربـــةَ إلّا نَفَســـي
أَنـا ذا أشـدو بسـلعٍ والنقـا
وَرَوابـــي حــاجرٍ والمُنحنــى
لا أَرى الورقــاءَ منّـي أخلقـا
إنّنــي أعظــمُ منهــا حَزَنــا
خيـرَ أرضِ اللَّـه غربـاً مشـرقاً
أَنـا أَهـوى وهـيَ تَهوى الدمنا
فَــاِرحمي طيبــةُ صـبّاً مُغرمـا
بـكِ إن يـرجُ اللِقـا أو ييـأسِ
هــو لا ينفــكّ عَبــداً قيّمــا
شــدّدي فــي هجــرهِ أو نفّسـي
لسـتُ واللَّـه بـذا الخلقِ خليق
إنّمـــا ذلــك تَمــويهُ الكلام
إِن أَكُـن حَقّـاً بمـا قلـتُ حقيق
فَعَلـى مـا ولِمـا هـذا المُقام
وَلِمـاذا إِن يجِـئ ذكـرُ العقيق
لَســتُ أُجريـهِ بـدمعٍ كالغمـام
لَــو تَـرى طيبـة عِنـدي هِممـا
أَكتَســي مِنهــا بِـأبهى ملبـسِ
أَدخَلتنــي مِــن رِضـاها حَرَمـا
كــلُّ مَــن يــدخلهُ لـم يبـأسِ
لكــنِ الظــنُّ بهـا ظـنٌّ جميـل
لَـم يَـزل يَـزدادُ فيهـا أملـي
عــالمٌ أنّـي أُرى فيهـا نزيـل
يــذهبُ العســرُ وتُشـفى عللـي
وَلِسـانُ الـدهرِ نـادى مسـتحيل
إِذ بَــدا فَقــري وقلّـت حيلـي
قــالَ مـا أمّلـتَ حتّـى تغنَمـا
ومَــتى تمّــت أمــاني مفلــسِ
قلــتُ أمّلــتُ النـبيّ الأكرمـا
أَحتَسـي مِـن جـودهِ مـا أحتسـي
سـيّدُ الخلـقِ لـهُ الكـلُّ عبيـد
وَهـوَ عبدُ الواحدِ الفرد الصمد
فــائقٌ فــي فضـلهِ فـذٌّ وحيـد
مُفــردٌ فـي قـربِ مـولاهُ الأحـد
أحمـدُ الرسـلِ لمـولاه الحميـد
أفضــلُ الكــلِّ وأعلاهُــم رشـَد
كـانَ هـذا الكـونُ ليلاً مُظلمـا
وَمـنَ الشـرك الـورى فـي غلـسِ
فبصــبحُ الحــقِّ منـه اِبتَسـما
مُشــرقاً مـن نـوره لـم يعبـسِ
كــلُّ آيِ الرســلِ مــن آيـاتهِ
قَـد رَأى ذلـكَ أربـابُ العقـول
قُــل لِمَــن يزعــمُ مثلاً هـاتهِ
ليـسَ بيـنَ الخلـقِ مثلٌ للرَسول
بـدءُ هَـذا الـدهرِ مـع غاياتهِ
فـوقَ أَهليـهِ لـهُ حكـمُ الشمول
وَبــهِ خيـرُ الـوَرى قـد حكَمـا
فهــوَ فــي خــدمتهِ كالحَرسـي
إِن يُــرِد يُقــدم وإلّا أحجمــا
لَــم يخــالِف فعـلَ عبـدٍ كيّـسِ
ليلـةُ المِعـراجِ لـم يحـظَ بها
غيـرهُ فـي سـالفِ الـدهرِ كريم
كَـم بِهـا نـالَ اِختِصاصـاً وبها
لَــم يُقــاربه خليــلٌ وكليـم
وَيـح غمـرٍ جاهـلٍ مـا اِنتبهـا
لاِقتـدارِ اللَّـه مولانـا العظيم
قَـد رَقـى العـرشَ بجسـمٍ بعدما
أمَّ بالرســلِ بــبيتِ المقــدسِ
تَــرَكَ الســدرةَ خلفــاً وسـما
وَبِهـــا خلّـــف روحَ القـــدسِ
وَإِلــى مكّــة للــبيتِ اِنثنـى
ذا اِبتِهـاجٍ قبل إشراق الصباح
بَعـدما نـالَ مـنَ اللَّـه المُنى
وَحبـــاهُ كــلّ فــوز ونجــاح
وَرَأى المَــولى فـأولاهُ الغِنـى
وَلــهُ دامَ الهنــا والإنشـراح
جــوهرٌ فَــردٌ تعــالى قيَمــا
بِجحـــودٍ قــدرهُ لــم يبخــسِ
بحــرُ فَضــلٍ فـاضَ حتّـى عمّمـا
لَـم يـدَع بيـنَ الـورى من يبسِ
إنّمــا الخلـقُ لمَـولاهم عيـال
وَهــوَ عنــهُ نـائبٌ فـي خلقـهِ
يـرزقُ الكـلَّ الكريـمُ المُتعال
وهــوَ قســّامٌ لجــاري رزقــهِ
هـــذهِ الشـــمسُ كبــدرٍ وهلال
وَنُجـــومٌ لمعــةٌ مــن برقــهِ
كـانَ عنـدَ اللَّـه نـوراً أعظما
وَالــوَرى بعــدُ بعُـدمٍ مكتسـي
خُلقــوا منـهُ فنـالوا مغنمـا
كـــلُّ فـــردٍ فـــائزٌ بقبــسِ
ثـمّ لمّـا ظَهـروا هـذا الظهور
آمــنَ البعــضُ وبعــضٌ جحـدوا
ليـسَ بِـدعاً جحـدُهم أعظـمَ نور
منـهُ قبـلَ اليـومِ قدماً وجدوا
هـذهِ العيـنُ بهـا عنهـا سُتور
وَتَــرى مَـن قرُبـوا أَو بعُـدوا
مـا تفيـدُ العينُ إن عمّ العمى
عيـــنَ قَلــبٍ مظلــمٍ منتكــسِ
وَلِســانٌ نــاطِقٌ مهمــا نمــا
ليــسَ يُجـدي مَـع فـؤادٍ أخـرسِ
كَـم جَمادٍ في الورى كما حيوان
كَضـــــبابٍ وذئابٍ وظبـــــاء
صـــدّقتهُ وأقـــرّت باللِســان
أنّـهُ المرسـلُ مِـن ربِّ السـماء
إنّمـا اللَّـهُ المُعينُ المُستعان
مَـن يَشـأ يُضلِل ويَهدي مَن يشاء
لَــم نَــزَل نَحمـدهُ أَن أنعَمـا
وَهَـــدانا بـــالنبيّ الأنفــسِ
نَحـنُ لَـو لَـم ينفِ عنّا الظُلما
لَـم نـزَل مِـن غيّنـا فـي حندسِ
وَهـوَ مِـن بعـدُ على اللَّه كريم
فمَــتى يَشــفَع يشــفّعهُ بنــا
أَوَ ليـسَ الصاحبَ الجاه العظيم
إِذ خليـلُ اللَّـه يَشـكو ما جَنى
آدَمٌ نــوحُ المســيحُ والكليـم
قــائلٌ كــلٌّ أَنـا نَفسـي أنـا
إِذ يَـرَونَ الهـولَ هـولاً أعظَمـا
يَسـتَوي المُحسـنُ فيـهِ والمُسـي
وَالـوَرى فـي ليـلِ كـربٍ أظلما
كــلُّ فَــردٍ منهــم فـي محبـسِ
وَمَــتى جـاؤوهُ جـاؤوا ماجـدا
يَملأُ الـــدلوَ لعقــد الكــربِ
إِذ يُــرى للَّــه عبـداً سـاجدا
فَيقـول اِرفَـع ومـا شـئت اِطلبِ
فَتَــرى منـهُ البرايـا واحـدا
شـافِعاً قَـد نـالَ أقصـى مطلـبِ
وَبِهــذا لَــم يُخصــّص مُســلما
كـلُّ خلـقِ اللَّـه بالفضـل كسـي
وَاِســـتَوت شــمسُ عُلاه عنــدَما
قـالَ مَـولاهُ علـى العـرش اِجلسِ
يـا أَبا الزهراءِ كُن لي مُسعدا
فَلَقــد أَوهــى زمــاني جَلَـدي
لَسـتُ أَبغـي مِـن سـواكَ المددا
أنـتَ مِـن بيـنِ الـوَرى معتمدي
وَعَلـى ضـَعفي إِذا صـال العـدا
جاهُــكَ الأعظــمُ أَقــوى عـددي
أَدركَ اِدركنـيَ مـا دامَ الـذما
لا تَـــدعني مضــغةَ المفــترسِ
أَنــا واللَّــه ضــعيفٌ وفقيـر
باِحتيـــــاجٍ زائدٍ للمــــددِ
أَنــا واللَّــه ذليــلٌ وحقيـر
إنّمــا عــزّي أَتـى مـن سـيّدي
لَيـسَ لـي غيركَ في الناسِ مُجير
أَنـتَ بعـدَ اللَّـه أقـوى سـندي
لا تَـــدَعني ســـيّدي مُهتضــما
ليـسَ عِنـدي مِـن سـهامٍ أو قسي
كــلُّ مَــن حــارَبني أو ظلمـا
مـا وَفـى حـقَّ الجنـابِ الأقـدسِ
يـا عِمـادي أنتَ أَدرى بالزمان
مــا لأهليــهِ وفــاءٌ وعهــود
كلّمـا اِخـترتُ فـتىً للصدق مان
قـابَلوا المعروفَ منّي بالجحود
ضــَعُفَ الإيمـانُ فيهـم والأمـان
ودُّهُــم مَــذقٌ وجَـدواهم وعـود
ليــسَ يُجــديني جَـداهُم إنّمـا
أَجتَــدي مِــن جـودك المنبجـسِ
فَـــأَجِبني وأجِرنـــي كَرمـــا
يــا ملاذَ البــائس المبــتئسِ
يوسف بن إسماعيل بن يوسف النبهاني.شاعر أديب، من رجال القضاء، نسبته إلى بني نبهان من عرب البادية بفلسطين.استوطنوا قرية (إجزم) التابعة لحيفا في شمالي فلسطين، وبها ولد ونشأ وتعلم في الأزهر بمصر سنة (1283 - 1289هـ)، وذهب إلى الأستانة فعمل في تحرير جريدة (الجوائب) وتصحيح ما يطبع في مطبعتها.ثم عاد إلى بلاد الشام (1296هـ) فتنقل في أعمال القضاء إلى أن أصبح رئيس محكمة الحقوق (1305هـ) وأقام زيادة على عشرين سنة، ثم سافر إلى المدينة مجاوراً ونشبت الحرب العامة الأولى فعاد إلى قريته وتوفي بها.له كتب كثيرة منها: (جامع كرامات الأولياء - ط)،(رياض الجنة في أذكار الكتاب والسنة - ط)، (المجموعة النبهانية في المدائح النبوية - ط)،(تهذيب النفوس - ط)، (الفتح الكبير - ط)، (الأنوار المحمدية - ط).