
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
يــا ظَبيَــةً أَشـبَه شـَيءٍ بِالمَهـا
تَرعـى الخُزامـى بَينَ أَشجارِ النَقا
إِمّــا تَــرَي رَأســِيَ حـاكي لَـونُهُ
طُــرَّةَ صــُبحٍ تَحـتَ أَذيـالِ الـدُجى
وَاِشــتَعَلَ المُــبيَضُّ فــي مُســوَدِّهِ
مِثـلَ اِشتِعالِ النارِ في جَزلِ الغَضى
فَكــانَ كَاللَيـلِ البَهيـمِ حَـلَّ فـي
أَرجــائِهِ ضــَوءُ صــَباحٍ فَــاِنجَلى
وَغــاضَ مــاءَ شــِرَّتي دَهــرٌ رَمـى
خَــواطِرَ القَلــبِ بِتَبريـحِ الجَـوى
وَآضَ رَوضُ اللَهــوِ يَبســاً ذاوِيــاً
مِـن بَعـدِ مـا قَد كانَ مَجّاجَ الثَرى
وَضـــَرَّمَ النَــأيُ المُشــِتُّ جَــذوَةً
مـا تَـأتَلي تَسـفَعُ أَثنـاءَ الحَشـا
وَاِتَّخَــذَ التَســهيدُ عَينـي مَألَفـاً
لَمّـا جفـا أَجفانَهـا طَيـفُ الكَـرى
فَكُـــلُّ مـــا لاقَيتُـــهُ مُغتَفَـــرٌ
فـي جَنـبِ مـا أَسـأَرَهُ شـَحطُ النَوى
لَـو لابَـسَ الصـَخرَ الأَصـَمَّ بَعـضُ مـا
يَلقــاهُ قَلـبي فَـضَّ أَصـلادَ الصـَفا
إِذا ذَوى الغُصـنُ الرَطيـبُ فَـاِعلَمَن
أَنَّ قُصــــاراهُ نَفــــاذٌ وَتَـــوى
شـــَجيتُ لا بَــل أَجرَضــَتني غُصــَّةٌ
عَنودُهــا أَقتَــلُ لـي مِـنَ الشـَجى
إِن يَحـم عَـن عَينـي البُكـا تَجَلُّدي
فَـالقَلبُ مَوقـوفٌ عَلـى سـُبلِ البُكا
لَــو كــانَتِ الأَحلامُ نـاجَتني بِمـا
أَلقــاهُ يقظــانَ لأَصـماني الـرَدى
مَنزلــةٌ مَــا خِلتهـا يَرضـى بِهـا
لِنَفســــــِهِ ذو أرَبٍ وَلا حِجـــــى
شـــيمُ ســـَحابٍ خُلَّـــبٍ بـــارِقُهُ
وَمَوقِـــفٌ بَيــنَ اِرتِجــاءٍ وَمُنــى
فــي كُــلِّ يَــومٍ مَنــزِلٌ مُسـتَوبلٌ
يَشــتَفُّ مــاءَ مُهجَــتي أَو مُجتَـوى
مـا خِلـتُ أَنَّ الـدَهرَ يُثنينـي عَلى
ضــَرّاءَ لا يَرضـى بِهـا ضـَبُّ الكُـدى
أُرَمِّــقُ العَيــشَ عَلــى بَـرصٍ فَـإِن
رُمـتُ اِرتِشـافاً رُمـتُ صَعبَ المُنتَهى
أَراجِــعٌ لـي الـدَهرُ حَـولاً كـامِلاً
إِلــى الَّــذي عَــوَّدَ أَم لا يُرتَجـى
يـا دَهـرُ إِن لَـم تَـكُ عُتبى فَاِتَّئِد
فَـــإِنَّ إِروادَكَ وَالعُتـــبى ســَوا
رَفِّـــه عَلَــيَّ طالَمــا أَنصــَبتَني
وَاِســتَبقِ بَعـضَ مـاءِ غُصـنٍ مُلتَحـى
لا تَحســبَن يــا دَهـرُ أَنّـي جـازِعٌ
لِنَكبَــةٍ تُعرِقُنــي عــرقَ المُــدى
مارَســتُ مَـن لَـو هَـوَتِ الأَفلاكُ مِـن
جَــوانِبِ الجَــوِّ عَلَيــهِ مـا شـَكا
وَعَـدَّ لَـو كـانَت لَـهُ الـدُنيا بِما
فيهــا فَزالَـت عَنـهُ دُنيـاهُ سـوا
لَكِنَّهــــا نَفثَـــةَ مَصـــدورٍ إِذا
جــاشَ لُغــامٌ مِـن نَواحيهـا عمـى
رَضــيتُ قَسـراً وَعَلـى القسـرِ رِضـى
مَـن كـانَ ذا سـُخطٍ عَلى صرفِ القضا
إِنَّ الجَديــدَينِ إِذا مـا اِسـتَولَيا
عَلـــى جَديــدٍ أَدنيــاهُ لِلبِلــى
مــا كُنــتُ أَدري وَالزَمـانُ مولَـعٌ
بِشـــَتِّ مَلمـــومٍ وَتَنكيــثِ قُــوى
أَنَّ القَضــاءَ قــاذِفي فــي هُــوَّةٍ
لا تَســتَبِلُّ نَفــس مَـن فيهـا هـوى
فَــإِن عَــثرتُ بَعــدَها إِن وَأَلَــت
نَفســِيَ مِــن هاتـا فَقـولا لا لعـا
وَإِن تَكُــــن مُـــدَّتُها مَوصـــولَةً
بِـالحَتفِ سـَلَّطتُ الأُسـا عَلـى الأَسـى
إِنَّ اِمـرأَ القَيـسِ جَـرى إِلـى مَـدى
فَاِعتـــاقَهُ حِمــامُهُ دونَ المَــدى
وَخـامَرَت نَفـسُ أَبـي الجَـبرِ الجَوى
حَتّـى حَـواهُ الحَتـفُ فيمَـن قَد حَوى
وَاِبــنُ الأَشـَجِّ القَيـلُ سـاقَ نَفسـَهُ
إِلـى الـرَدى حِـذارَ إِشـماتِ العِدى
وَاِختَــرَمَ الوَضـّاحَ مِـن دونِ الَّـتي
أَمَّلَهــا ســَيفُ الحِمـامِ المُنتَضـى
وَقَــد ســَما قَبلـي يَزيـدٌ طالِبـاً
شــَأوَ العُلـى فَمـا وَهـى وَلا وَنـى
فَاِعتَرَضــَت دونَ الَّــذي رامَ وَقَــد
جَــدَّ بِــهِ الجِـدُّ اللُهَيـمُ الأُرَبـى
هَـل أَنـا بِـدعٌ مِـن عَرانيـن عُلـىً
جــارَ عَلَيهِـم صـَرفُ دَهـرٍ وَاِعتَـدى
فَــإِن أَنـالَتني المَقـاديرُ الَّـذي
أَكيــدُهُ لَــم آلُ فـي رَأبِ الثَـأى
وَقَــد ســَما عَمـرٌو إِلـى أَوتـارِهِ
فَـاِحتَطَّ مِنهـا كُـلَّ عـالي المُستَمى
فَاِسـتَنزَلَ الزَبّـاءَ قَسـراً وَهـيَ مِن
عُقــابِ لَـوحِ الجَـوِّ أَعلـى مُنتَمـى
وَســـَيفٌ اِســـتَعلَت بِـــهِ هِمَّتُــهُ
حَتّــى رَمـى أَبعَـدَ شـَأوِ المُرتَمـى
فَجَـــرَّعَ الأُحبــوشَ ســُمّاً ناقِعــاً
وَاِحتَـلَّ مِـن غمـدانَ مِحـرابَ الدُمى
ثُــمَّ اِبــنُ هِنـدٍ باشـَرَت نيرانُـهُ
يَـــومَ أُوارات تَميمــاً بِالصــلى
مـا اِعتَـنَّ لـي يَـأسٌ يُنـاجي هِمَّتي
إِلّا تَحَــــدّاهُ رَجـــاءٌ فَـــاِكتَمى
أَلِيَّــــةً بِــــاليَعمُلاتِ يَرتَمـــي
بِهـا النجـاءُ بَيـنَ أَجـوازِ الفَلا
خــوصٌ كَأَشــباحِ الحَنايــا ضــُمَّر
يَرعَفـنَ بِالأَمشـاجِ مِـن جَـذبِ البُرى
يَرسـُبنَ فـي بَحـرِ الـدُجى وَبِالضحى
يَطفــونَ فــي الآلِ إِذا الآلُ طَفــا
أَخفــافُهُنَّ مِــن حَفــاً وَمِـن وَجـى
مَرثومَــةٌ تَخضــبُ مُــبيَضَّ الحَصــى
يَحمِلـــنَ كُـــلَّ شــاحِبٍ مُحقَوقــفٍ
مِــن طـولِ تـدآبِ الغُـدُوِّ وَالسـُرى
بَــرٍّ بَــرى طـولُ الطَـوى جُثمـانَهُ
فَهـوَ كَقَـدحِ النَبـعِ مَحنِـيُّ القَـرا
يَنــوي الَّــتي فَضـَّلَها ربُّ العُلـى
لَمّــا دَحـا تُربَتَهـا عَلـى البُنـى
حَتّــى إِذا قابَلَهــا اِســتَعبَرَ لا
يَملِـكُ دَمـعَ العَيـنِ مِـن حَيـثُ جَرى
فَـــأوجَبَ الحَـــجَّ وثَنّــى عمــرةً
مِــن بَعــدِ مـا عَـجَّ وَلَبّـى وَدَعـا
ثُمَّـــتَ طــافَ وَاِنثَنــى مُســتَلِماً
ثُمَّـــتَ جــاءَ المَروَتَيــنِ فَســَعى
ثُمَّــتَ راحَ فــي المُلَبّيــنَ إِلــى
حَيــثُ تَحَجّــى المَأزمــانِ وَمِنــى
ثُـمَّ أَتـى التَعريـفَ يَقـرو مُخبِتـاً
مَواقِفـــاً بَيـــنَ أُلالٍ فَالنَقـــا
ثُــمَّ أَتــى المَشــعَرَ يَـدعو رَبَّـهُ
تَضـــَرُّعاً وَخُفيَـــةً حَتّـــى هَمــى
وَاِســتَأنَفَ السـَبعَ وَسـَبعاً بَعـدَها
وَالسـبعَ مـا بَيـنَ العِقابِ وَالصُوى
وَراحَ لِلتَوديــعِ فيمَــن راحَ قَــد
أَحــرَزَ أَجـراً وَقَلـى هُجـرَ اللغـا
بَـذاكَ أَم بِالخَيـلِ تَعـدو المَرطـى
ناشــِزَةً أَكتادهــا قُــبَّ الكُلــى
شــُعثاً تَعــادى كَسـَراحينِ الغَضـا
مَيــلَ الحَمـاليقِ يُبـارينَ الشـَبا
يَحمِلـــنَ كُـــلّ شـــمَّرِيٍّ باســـِلٍ
شـَهمِ الجَنـانِ خـائِضٍ غَمـرَ الـوَغى
يَغشــى صــَلى المَـوتِ بِحَـدَّيهِ إِذا
كـانَ لَظـى المَـوت كَريـهَ المُصطَلى
لَـو مُثِّـلَ الحَتـفُ لَـهُ قِرنـاً لَمـا
صــَدَّتهُ عَنــهُ هَيبَــةٌ وَلا اِنثَنــى
وَلَــو حَمـى المقـدارُ عَنـهُ مُهجَـةً
لَرامَهــا أَو يَســتَبيحَ مــا حَمـى
تَغــدو المَنايــا طائِعـاتٍ أَمـرَهُ
تَرضـى الَّـذي يَرضـى وَتَأبى ما أَبى
بَـل قَسـَماً بِالشـُمِّ مِـن يَعـرُبَ هَـل
لِمُقســمٍ مِــن بَعــدِ هَـذا مُنتَهـى
هُـمُ الأُلـى إِن فـاخَروا قال العُلى
بِفـي اِمـرِئٍ فـاخَرَكُم عَفـرُ البَـرى
هُـمُ الأُلـى أَجـرَوا يَنـابيعَ النَدى
هامِيــةً لِمَــن عَــرى أَو اِعتَفــى
هُــمُ الَّــذينَ دَوَّخـوا مَـنِ اِنتَخـى
وَقَوَّمــوا مــن صــَعَر وَمَــن صـَغا
هُـمُ الَّـذينَ جَرَّعـوا مَـن مـا حلوا
أَفــاوِقَ الضــَيمِ مُمــرّاتِ الحُسـا
أَزالُ حَشــــوَ نَـــثرَةٍ مَوضـــونَةٍ
حَتّــى أُوارى بَيـنَ أَثنـاءِ الجُـثى
وَصـــاحِبايَ صـــَرِمٌ فـــي مَتنِــهِ
مِثـل مَـدَبِّ النَمـلِ يَعلو في الرُبى
أَبيَـــضُ كَالمِلــحِ إِذا اِنتَضــَيتَهُ
لَــم يَلــقَ شــَيئاً حَـدُّهُ إِلّا فَـرى
كَـــأَنَّ بَيـــنَ عَيـــرِهِ وَغَربِـــهِ
مُفتَــأَداً تَــأَكَّلَت فيــهِ الجُــذى
يُــري المَنـونَ حيـنَ تَقفـو إِثـرَهُ
فــي ظُلَــمِ الأَكبـادِ سـُبلاً لا تُـرى
إِذا هَـــوى فــي جُثَّــةٍ غادَرَهــا
مِـن بَعـدِ مـا كـانَت خَساً وَهيَ زكا
وَمُشـــرِفُ الأَقطــارِ خــاظٍ نَحضــُهُ
حـابي القُصـَيرى جرشـَعٌ عَردُ النَسا
قَريـبُ مـا بَيـنَ القَطـاةِ وَالمطـا
بَعيـدُ مـا بَيـنَ القَـذالِ وَالصـَلا
ســامي التَليـلِ فـي دَسـيعٍ مُفعَـمٍ
رَحـبُ الـذراعِ فـي أَمينـاتِ العُجى
رُكِّبـــنَ فـــي حَواشـــِب مُكتَنَّــةٍ
إِلــى نُسـورٍ مِثـلَ مَلفـوظِ النَـوى
يَرضـَخُ بِالبيـدِ الحَصـى فَـإِن رَقـى
إِلـى الرُبـى أَورى بِها نارَ الحبى
يُــديرُ إِعليطَيــنِ فــي مَلمومَــةٍ
إِلـــى لَمـــوحَينِ بِأَلحــاظِ اللأى
مُـــداخلُ الخَلــقِ رَحيــبٌ شــَجرُهُ
مُخلَولِـــقُ الصــَهوَةِ مَمســودٌ وَأى
لا صــــَكَكٌ يشــــينُهُ وَلا فَجــــا
وَلا دَخيــــسٌ واهِــــنٌ وَلا شـــَظى
يَجـري فَتَكبـو الريـحُ فـي غاياتِهِ
حَســرى تَلــوذُ بِجَراثيــمِ السـَحا
لَــوِ اِعتَســَفتَ الأَرضَ فَــوقَ مَتنِـهِ
يَجوبُهـا مـا خِفـت أَن يَشكو الوَجى
تَظُنُّـــهُ وَهـــوَ يُـــرى مُحتَجِبــاً
عَـــنِ العُيـــونِ إِن ذَأى وَإِن رَدى
إِذا اِجتَهَــدتَ نَظَــراً فــي إِثـرِهِ
قُلــتَ ســَناً أَومَـضَ أَو بَـرقٌ خَفـا
كَأَنَّمــا الجَــوزاءُ فــي أَرسـاغِهِ
وَالنَجــم فــي جَبهَتِــهِ إِذا بَـدا
هُمـا عتـادي الكافِيـانِ فَقـدَ مَـن
أَعــدَدتُهُ فَليَنــأَ عَنّـي مَـن نَـأى
فَـــإِن ســـَمِعت بِرَحــىً مَنصــوبَة
لِلحَـربِ فَـاِعلَم أَنَّنـي قُطـبُ الرَحى
وَإِن رَأَيــتَ نــارَ حَــربٍ تَلتَظــي
فَــاِعلَم بِـأَنّي مُسـعِرٌ ذاكَ اللَظـى
خَيــرُ النُفــوسِ الســائِلاتُ جَهـرَةً
عَلــى ظُبــاتِ المُرهَفـاتِ وَالقَنـا
إِنَّ العِــراقَ لَــم أُفــارِق أَهلَـهُ
عَـــن شـــَنَآنٍ صـــَدَّني وَلا قِلــى
وَلا اِطَّــبى عَينــيَّ مُــذ فـارَقتُهُم
شـَيءٌ يَـروقُ الطَـرفَ مِن هَذا الوَرى
هُـم الشـَناخيبُ المُنيفـاتُ الـذُرى
وَالنــاسُ أَدحــالٌ ســِواهُم وَهـوى
هُـــمُ البُحـــورُ زاخِــرٌ آذِيُّهــا
وَالنــاسُ ضَحضــاحٌ ثِغــابٌ وَأَضــى
إِن كُنـتُ أَبصـَرتُ لَهُـم مِـن بَعـدِهِم
مِثلاً فَأَغضــَيتُ عَلــى وَخـزِ السـَفا
حاشــا الأَميرَيـنِ الَّلـذينِ أَوفَـدا
عَلَــيَّ ظِلّاً مِــن نَعيــمٍ قَــد ضـَفا
هُمــا اللَــذانِ أَثبَتـا لـي أَملاً
قَــد وَقَـفَ اليَـأسُ بِـهِ عَلـى شـَفا
تَلافَيـــا العَيــشَ الَّــذي رَنَّقَــهُ
صــَرفُ الزَمــانِ فَاِستَســاغَ وَصـفا
وَأَجرَيــا مـاءَ الحَيـا لـي رَغَـداً
فَــاِهتَزَّ غُصــني بَعـدَما كـانَ ذوى
هُمــا اللَــذانِ ســَمَوا بِنــاظِري
مِـن بَعـدِ إِغضـائي عَلى لَذعِ القَذى
هُمــا اللَـذانِ عَمَّـرا لـي جانِبـاً
مِـنَ الرَجـاءِ كـانَ قِـدماً قَـد عَفا
وَقَلَّـــداني مِنَّـــةً لَـــو قُرِنَــت
بِشــُكرِ أَهـلِ الأَرضِ عَنِّـي مـا وَفـى
بِالعُشـرِ مِـن مِعشـارِها وَكـانَ كَال
حَســوَةِ فــي آذِيِّ بَحــرٍ قَـد طَمـا
إِنَّ اِبـنَ ميكـالَ الأَميـر اِنتاشـَني
مِـن بَعـدِما قَد كُنتُ كَالشَيءِ اللقى
وَمَــدَّ ضــَبعي أَبــو العَبّـاسِ مِـن
بَعـدِ اِنقِباضِ الذَرعِ وَالباعِ الوَزى
ذاكَ الَّـذي مـا زالَ يَسـمو لِلعُلـى
بِفِعلِــهِ حَتّــى عَلا فَــوقَ العُلــى
لَــو كــانَ يَرقــى أَحَــدٌ بِجـودِهِ
وَمَجــدِهِ إِلــى الســَماءِ لاِرتَقــى
مــا إِن أَتــى بَحـرَ نَـداهُ مُعتَـفٍ
عَلـــى أُوارى علـــمٍ إِلّا اِرتَــوى
نَفســـي الفِــداءُ لِأَميــرَيَّ وَمَــن
تَحــتَ الســَماءِ لِأَميــرَيَّ الفِــدى
لا زالَ شـــُكري لَهُمـــا مُواصــِلاً
لَفظــي أَو يَعتـاقَني صـَرفُ المنـى
إِنَّ الأُلــى فـارَقتُ مِـن غَيـرِ قِلـىً
مــا زاغَ قَلــبي عَنهُــمُ ولا هَفـا
لَكِــنَّ لــي عَزمــاً إِذا اِمتَطَيتُـهُ
لِمُبهَــمِ الخَطــبِ فَــآه فَاِنفَــأى
وَلَــو أَشــاءُ ضـَمَّ قُطرَيـهِ الصـِبا
عَلَــيَّ فــي ظِلّــي نَعيــمٍ وَغِنــى
وَلاعَبَتنــــي غــــادَةٌ وَهنانَـــةٌ
تُضـني وَفـي ترشـافِها بُـرءُ الضَنى
تَفــري بِســَيفِ لَحظِهــا إِن نَظَـرَت
نَظـرَةَ غَضـبى مِنـك أَثنـاءَ الحَشـا
فـي خَـدِّها رَوضٌ مِنَ الوَردِ عَلى الن
نســرينِ بِالأَلحــاظِ مِنهـا يُجتَنـى
لَــو نــاجَتِ الأَعصــَمَ لاِنحَـطَّ لَهـا
طَـوعَ القِيـادِ مِـن شـَماريخِ الذُرى
أَو صــابَتِ القــانِتَ فـي مُخلَولِـقٍ
مُستَصــعَبِ المَسـلَكِ وَعـرِ المُرتَقـى
أَلهـــاهُ عَــن تَســبيحِهِ وَدينِــهِ
تَأنيســُها حَتّــى تَـراهُ قَـد صـَبا
كَأَنَّمــا الصــَهباءُ مَقطــوبٌ بِهـا
مــاءُ جَنـى وَردٍ إِذا اللَيـلُ عَسـا
يَمتـــاحُهُ راشــِفُ بَــردِ ريقِهــا
بَيـنَ بَيـاضِ الظَلـمِ مِنهـا وَاللمى
ســَقى العَقيـقَ فَـالحَزيزَ فَـالمَلا
إِلــى النُحَيـتِ فَالقُرَيّـاتِ الـدُنى
فَالمِربـد الأَعلـى الَّـذي تَلقـى بِهِ
مَصــارِعَ الأُســدِ بِأَلحــاظِ المَهـا
مَحَـــلَّ كُـــلِّ مُقــرِمٍ ســَمَت بِــهِ
مَــآثِرُ الآبــاءِ فـي فَـرعِ العُلـى
مِــنَ الأُلـى جَـوهَرُهُم إِذا اِعتَـزَوا
مِـن جَـوهَرٍ مِنـهُ النَبِـيُّ المُصـطَفى
صـَلّى عَلَيـهِ اللَـهُ مـا جَـنَّ الدُجى
وَمـا جَـرَت فـي فَلَـكٍ شـَمسُ الضـُحى
جَــونٌ أَعــارَتهُ الجَنــوبُ جانِبـاً
مِنهــا وَواصـَت صـَوبَهُ يَـدُ الصـَبا
نَــأى يَمانِيّــاً فَلَمّــا اِنتَشــَرَت
أَحضــانُهُ وَاِمتَــدّ كِســراهُ غَطــا
فَجَلَّـــلَ الأُفـــقَ فَكُـــلُّ جـــانِبٍ
مِنهـا كَـأَن مِـن قطـرِهِ المُزنُ حَيا
إِذا خَبَـــت بُروقُــهُ عَنَّــت لَهــا
ريـحُ الصـَبا تشـبُّ مِنهـا مـا خَبا
وَإِن وَنَـــت رُعــودُهُ حَــدا بِهــا
حــادي الجَنـوبِ فَحَـدَت كَمـا حَـدا
كَـــأَنَّ فـــي أَحضـــانِهِ وَبَركِــهِ
بَركــاً تَــداعى بَيـنَ سـَجرٍ وَوَحـى
لَــم تــرَ كَــالمُزنِ سـَواماً بُهَّلاً
تَحســـَبُها مَرعِيَّـــةً وَهــيَ ســُدى
فَطَبَّــــقَ الأَرضَ فَكُــــلُّ بُقعَــــةٍ
مِنهـا تَقـولُ الغَيـثُ في هاتا ثَوى
يَقــولُ لِلأَجــرازِ لَمّــا اِستَوسـَقَت
بِســـَوقِهِ ثِقـــي بِـــرِيٍّ وَحَيـــا
فَأَوســَعَ الأَحــدابَ ســَيباً مُحسـِباً
وَطَبَّــقَ البُطنـانَ بِالمـاءِ الـرِوى
كَأَنَّمـــا البَيــداءُ غِــبَّ صــَوبِهِ
بَحــرٌ طَمــى تَيّــارُهُ ثُــمَّ ســَجا
ذاكَ الجــدا لا زالَ مَخصوصــاً بِـهِ
قَـــومٌ هُـــمُ لِلأَرضِ غَيــثٌ وَجَــدا
لَســتُ إِذا مــا بَهَظَتنــي غَمــرَةٌ
مِمَّــن يَقـولُ بَلَـغَ السـَيلُ الزُبـى
وَإِن ثَــوَت بيــنَ ضــُلوعي زَفــرَةٌ
تَملأُ مـا بَيـنَ الرَجـا إِلـى الرَجا
نَهنَهتُهــا مَكظومَــةً حَتّــى يُــرى
مَخضَوضـِعاً مِنهـا الَّـذي كـانَ طَغـا
وَلا أَقـــولُ إِن عَرَتنـــي نَكبَـــةٌ
قَولَ القَنوطِ اِنقَدَّ في الجوفِ السَلى
قَـد مارَسـَت مِنّـي الخُطـوبُ مارِسـاً
يُســاوِرُ الهَــولَ إِذا الهَـولُ عَلا
لِــيَ اِلتِــواءُ إِن مُعـادِيَّ اِلتَـوى
وَلــي اِسـتِواءٌ إِن مُـوالِيَّ اِسـتَوى
طَعمـــي الشــَريُّ لِلعَــدُوِّ تــارَةً
وَالــراحُ وَالأَريُ لِمَـن وُدّي اِبتَغـى
لــدنٌ إِذا لــويِنتُ ســَهلٌ معطفـي
أَلـوى إِذا خوشـِنتُ مَرهـوب الشـَذا
يَعتَصــِمُ الحِلــمُ بِجَنبَــي حَبـوَتي
إِذا رِيـاحُ الطَيـشِ طـارَت بِـالحُبى
لا يَطَّـــــبيني طَمَــــعٌ مُــــدَنّسٌ
إِذا اِســـتَمالَ طَمَـــعٌ أَوِ اِطَّــبى
وَقَــد عَلَــت بــي رُتَبـاً تَجـارِبي
أَشـفَينَ بـي مِنهـا عَلى سُبلِ النُهى
إِذا اِمـــرُؤٌ خيــفَ لِإِفــراطِ الأَذى
لَـــم يُخــشَ مِنّــي نَــزَقٌ وَلا أَذى
مِـن غَيـرِ مـا وَهـنٍ وَلَكِنّـي اِمـرُؤٌ
أَصــونُ عِرضـاً لَـم يُدَنِّسـهُ الطَخـا
وَصـَونُ عِـرضِ المَـرءِ أَن يَبـذُلَ مـا
ضــَنَّ بِــهِ مِمّــا حَــواهُ وَاِنتَصـى
وَالحَمــدُ خَيــرُ مـا اِتَّخَـذتَ عـدَّةً
وَأَنفَـسُ الأَذخـارِ مِـن بَعـدِ التُقـى
وَكُـــلُّ قَــرنٍ نــاجِمٍ فــي زَمَــنٍ
فَهــوَ شــَبيهُ زَمَــنٍ فيــهِ بَــدا
وَالنــاسُ كَــالنَبتِ فَمِنهُــم رائِقٌ
غَــضٌّ نَضــيرٌ عــودهُ مُــرُّ الجَنـى
وَمِنــهُ مــا تَقتَحِـمُ العَيـنُ فَـإِن
ذُقـتَ جَنـاهُ اِنساغَ عَذباً في اللها
يُقَـــوَّمُ الشــارِخُ مِــن زَيغــانِهِ
فَيَسـتَوي مـا اِنعـاجَ مِنـهُ وَاِنحَنى
وَالشــَيخُ إِن قَــوَّمتَهُ مِــن زَيغِـهِ
لَـم يُقِـمِ التَثقيـفُ مِنهُ ما اِلتَوى
كَـــذَلِكَ الغُصـــنُ يَســيرٌ عطفُــهُ
لَــدناً شــَديدٌ غَمــزُهُ إِذا عَســا
مَــن ظَلَـمَ النـاسَ تَحـامَوا ظُلمَـهُ
وَعَــزَّ عَنهُــم جانِبــاهُ وَاِحتَمــى
وَهُـــم لِمَـــن لانَ لَهُــم جــانِبُهُ
أَظلَــمُ مِـن حَيّـاتِ أَنبـاثِ السـَفا
وَالنـــاسُ كُلّاً إِن فَحَصـــتَ عَنهُــم
جَميـــعَ أَقطــارِ البِلادِ وَالقُــرى
عَبيـدُ ذي المـالِ وَإِن لَـم يَطمَعوا
مِـن غَمـرِهِ فـي جَرعَـةٍ تَشفي الصَدى
وَهُــم لِمَــن أَملَــقَ أَعــداءٌ وَإِن
شـــارَكَهُم فيهــا أَفــادَ وَحَــوى
عــاجَمتُ أَيّـامي وَمـا الغِـرُّ كَمَـن
تَــأَزّرَ الــدَهرُ عَلَيــهِ وَاِرتَــدى
لا يَنفَـــعُ اللُـــبُّ بِلا جَـــدٍّ وَلا
يَحُطُّـــكَ الجَهــلُ إِذا الجَــدُّ عَلا
مَــن لَــم تُفِــدهُ عِبَــراً أَيّـامُهُ
كـانَ العَمـى أَولـى بِـهِ مِن الهُدى
مَـن لَـم يَعِظهُ الدَهرُ لَم يَنفَعهُ ما
راح بِــهِ الـواعِظُ يَومـاً أَو غَـدا
مَـن قـاسَ مـا لَـم يَـرَهُ بِمـا يرى
أَراهُ مــا يَـدنو إِلَيـهِ مـا نَـأى
مَـن مَلَّـكَ الحِـرصَ القِيـادَ لَم يَزَل
يَكــرَعُ فـي مـاءٍ مِـنَ الـذُلِّ صـَرى
مَـن عـارَضَ الأَطمـاعَ بِاليَـأسِ دَنَـت
إِلَيـهِ عَيـنُ العِـزِّ مِـن حَيـثُ رَنـا
مَــن عَطَـفَ النَفـسَ عَلـى مَكروهِهـا
كـانَ الغِنـى قَرينَـهُ حَيـثُ اِنتَـوى
مَـن لَـم يَقِـف عِنـدَ اِنتِهـاءِ قَدرِهِ
تَقاصــَرَت عَنــهُ فَســيحاتُ الخُطـا
مَــن ضــَيَّعَ الحَــزمَ جَنـى لِنَفسـِهِ
نَدامَــةً أَلــذَعَ مِـن سـَفع الـذكا
مَــن نــاطَ بِـالعُجبِ عُـرى أَخلاقِـهِ
نيطَـت عُـرى المَقتِ إِلى تِلكِ العُرى
مَــن طــالَ فَــوقَ مُنتَهـى بَسـطَتِهِ
أَعجَـزَهُ نَيـلُ الـدُنى بَلـه القُصـا
مَــن رامَ مــا يَعجـزُ عَنـهُ طَـوقُهُ
م العِبـءِ يَومـاً آضَ مَجـزولَ المَطا
وَالنـــاسُ أَلــفٌ مِنهُــمُ كَواحِــدٍ
وَواحِــدٌ كَــالأَلفِ إِن أَمــرٌ عَنــا
وَلِلفَــتى مِــن مــالِهِ مـا قَـدَّمَت
يَــداهُ قَبـلَ مَـوتِهِ لا مـا اِقتَنـى
وَإِنَّمـــا المَــرءُ حَــديثٌ بَعــدَهُ
فَكُــن حَــديثاً حَســَناً لِمَـن وَعـى
إِنّــي حَلَبـتُ الـدَهرَ شـَطرَيهِ فَقَـد
أَمَــرَّ لــي حينــا وَأَحيانـاً حَلا
وَفُــرَّ عَــن تَجرِبَــةٍ نــابي فَقُـل
فــي بـازِلٍ راضَ الخُطـوبَ وَاِمتَطـى
وَالنــاسُ لِلــدهرِ خَلــىً يلســُّهُم
وَقَلَّمــا يَبقـى عَلـى اللَـسِّ الخَلا
عَجِبــتُ مِــن مُســتَيقِنٍ أَنَّ الـرَدى
إِذا أَتـــاهُ لا يُــداوى بِــالرُقى
وَهــوَ مِــنَ الغَفلَــةِ فـي أَهويـةٍ
كَخــــابِطٍ بَيــــنَ ظَلامٍ وَعَشــــى
نَحـــنُ وَلا كُفـــران لِلَّــهِ كَمــا
قَـد قيـلَ لِلسـارِبِ أَخلـي فَـاِرتَعى
إِذا أَحَــــسَّ نَبـــأَةً ريـــعَ وَإِن
تَطـــامَنَت عَنــهُ تَمــادى وَلَهــا
كَثلَّـــةٍ ريعَــت لِلَيــثٍ فَــاِنزَوَت
حَتّــى إِذا غـابَ اِطمَـأَنَّت إِن مَضـى
نُهـــالُ لِلأَمــرِ الَّــذي يَروعُنــا
وَنَرتَعــي فــي غَفلَـةٍ إِذا اِنقَضـى
إِنَّ الشـــَقاءَ بِالشـــَقِيِّ مولَـــعٌ
لا يَملِــكُ الــرَدَّ لَــهُ إِذا أَتــى
وَاللَـــومُ لِلحُـــرِّ مُقيـــمٌ رادِعٌ
وَالعَبـــدُ لا تَردَعُــهُ إِلّا العَصــا
وَآفَــةُ العَقــلِ الهَـوى فَمَـن عَلا
عَلــى هَــواهُ عَقلُــهُ فَقَــد نَجـا
كَـــم مِــن أَخٍ مَســخوطَةٍ أَخلاقُــهُ
أَصــفَيتُهُ الــوُدَّ لِخُلــقٍ مُرتَضــى
إِذا بَلَــوتَ الســَيفَ مَحمـوداً فَلا
تَـذمُمهُ يَومـاً أَن تَـراهُ قَـد نَبـا
وَالطِــرفُ يَجتــازُ المَـدى وَرُبَّمـا
عَـــنَّ لِمَعـــداهُ عِثـــارٌ فَكَبــا
مَــن لَـكَ بِالمُهَـذَّبِ النَـدبِ الَّـذي
لا يَجِــدُ العَيــبُ إِلَيــهِ مُختَطــى
إِذا تَصــَفَّحتَ أُمــورَ النــاسِ لَـم
تُلـفِ اِمـرءاً حـازَ الكَمالَ فَاِكتَفى
عَــوِّل عَلـى الصـَبرِ الجَميـلِ إِنَّـهُ
أَمنَــعُ مـا لاذَ بِـهِ أولـو الحِجـا
وَعَطِّــفِ النَفــسَ عَلـى سـُبلِ الأَسـا
إِن اِسـتَفَزَّ القَلـبَ تَبريـحُ الجَـوى
والــدَهرُ يَكبــو بِـالفَتى وَتـارَةً
يُنهِضـــُهُ مِــن عَــثرَةٍ إِذا كَبــا
لا تَعجَبــن مِــن هالِـكٍ كيـفَ هَـوى
بَـل فَـاِعجبَن مِـن سـالِمٍ كَيـفَ نَجا
إِنَّ نُجـــومَ المَجــدِ أَمســَت أُفَّلاً
وَظِلُّــهُ القــالِصُ أَضــحى قَـد أَزى
إِلّا بَقايـــا مِـــن أُنــاسٍ بِهِــمُ
إِلــى ســَبيلِ المَكرُمــاتِ يُقتَـدى
إِذا الأَحــاديثُ اقتَضــَت أَنبـاءَهُم
كـانَت كَنَشـرِ الـرَوضِ غاداهُ السَدى
لا يَســمَعُ الســامِعُ فــي مَجلِسـِهِم
هجـــراً إِذا جالَســـَهُم وَلا خَنــا
مـا أَنعَـمَ العيشـَةَ لَـو أَنَّ الفَتى
يَقبَــلُ مِنـهُ مَـوتُهُ أَسـنى الرُشـا
أَو لَــو تَحَلّــى بِالشــَبابِ عُمـرَهُ
لَـم يَسـتَلِبهُ الشـَيبُ هاتيكَ الحُلى
هَيهــاتَ مَهمــا يُســتَعر مُسـتَرجعٌ
وَفــي خُطـوبِ الـدَهرِ لِلنـاسِ أَسـى
وَفِتيَــةٍ ســامَرَهُم طَيــفُ الكَــرى
فَسـامَروا النَـومَ وَهُـم غيدُ الطُلى
وَاللَيــلُ مُلــقٍ بِـالمَوامي بَركَـهُ
وَالعيــسُ يَنبُثـنَ أَفـاحيصَ القَطـا
بِحَيـــثُ لا تهــدي لِســَمعٍ نَبــأَةٌ
إِلّا نَئيـم البـومِ أَو صـَوت الصـَدى
شــايَعتُهُم عَلـى السـُرى حَتّـى إِذا
مـالَت أَداةُ الرَحـلِ بِالجِبسِ الدَوى
قُلــتُ لَهُــم إِنَّ الهُوَينــا غِبُّهـا
وَهـنٌ فَجـدّوا تحمَـدوا غِـبَّ السـُرى
وَمـــوحِش الأَقطــارِ طــامٍ مــاؤُهُ
مُــدَعثَرِ الأَعضــادِ مَهـزومِ الجَبـا
كَأَنَّمــا الريــشُ عَلــى أَرجــائِهِ
زُرقُ نِصـــالٍ أُرهِفَـــت لِتُمتَهـــى
وَرَدتُــهُ وَالــذِئبُ يَعــوي حَــولَهُ
مُسـتَكَّ سـمِّ السـَمعِ مِـن طَولِ الطوى
وَمُنتـــــجٍ أُمُّ أَبيــــهِ أُمُّــــهُ
لَــم يَتَخَــوَّن جِســمَهُ مَـسّ الضـوى
أَفرَشــتُهُ بِنــتَ أَخيــهِ فَــاِنثَنَت
عَــن وَلَــدٍ يــورى بِــهِ وَيُشـتَوى
وَمَرقَــــبٍ مُخلَولِــــقٍ أَرجـــاؤُهُ
مُستَصــعَبِ الأَقـذافِ وَعـرِ المُرتَقـى
وَالشــَخصُ فــي الآلِ يُــرى لِنـاظِرٍ
تَرمُقُــهُ حينــاً وَحينــاً لا يُــرى
أوفَيــتُ وَالشــَمسُ تَمُــجُّ ريقَهــا
وَالظِـلُّ مِـن تَحـتِ الحِـذاءِ مُحتَـذى
وَطـــارِقٍ يُؤنِســـُهُ الـــذِئبُ إِذا
تَضـــَوَّرَ الـــذِئبُ عشــاءً وَعَــوى
آوى إِلـــى نــارِيَ وَهــيَ مَــألَفٌ
يَـدعو العُفـاةَ ضـَوؤُها إِلى القِرى
لِلَـــهِ مـــا طَيــفُ خَيــالٍ زائِر
تَزُفُّـــهُ لِلقَلـــبِ أَحلامُ الـــرُؤى
يَجـــوبُ أَجـــوازَ الفَلا مُحتَقِــراً
هَـولَ دُجى اللَيلِ إِذا اللَيلُ اِنبَرى
ســائِلهُ إِن أَفصــَحَ عَــن أَنبـائِهِ
أَنّـى تَسـَدّى اللَيـلَ أَم أَنّى اِهتَدى
أَو كـانَ يَـدري قَبلَهـا مـا فـارِسٌ
وَمــا مَواميهـا القِفـارُ وَالقـرى
وَســـائِلي بِمُزعِجـــي عَــن وَطَــنٍ
مــا ضــاقَ بــي جَنـابُهُ وَلا نَبـا
قُلـتُ القَضـاءُ مالِـكٌ أَمـرَ الفَـتى
مِـن حَيـثُ لا يَـدري وَمِـن حَيـثُ دَرى
لا تَســأَلَنّي وَاِسـأَلِ المِقـدارَ هَـل
يَعصــــِمُ مِنــــهُ وَزَرٌ ومُــــدَّرى
لا بُــدَّ أَن يَلقـى اِمـرُؤٌ مـا خَطَّـهُ
ذو العَــرشِ مِمّــا هُــوَ لاقٍ وَوَحـى
لا غَـــروَ أَن لــجَّ زَمــانٌ جــائِرٌ
فَــاِعتَرَقَ العَظـمَ المُمِـخَّ وَاِنتَقـى
فَقَــد يُـرى القاحِـلُ مُخضـَرّاً وَقَـد
تَلقـى أَخـا الإِقتـارِ يَوماً قَد نَما
يــا هَؤُلَيّــا هَــل نَشــَدتُنَّ لَنـا
ثاقِبَــةَ البُرقُــعِ عَـن عَينَـي طَـا
مــا أَنصــَفَت أُمُّ الصـَبِيَّينِ الَّـتي
أَصـبَت أَخـا الحِلـم وَلَمّـا يُصـطَبى
اِســتَحيِ بيضــاً بَيـنَ أَفـوادِكَ أَن
يَقتـادَكَ الـبيضُ اِقتِيـادَ المُهتَدى
هَيهــاتَ مــا أَشــنَعَ هاتـا زَلَّـةً
أَطَرَبـــاً بَعــدَ المَشــيبِ وَالجَلا
يــا رُبَّ لَيــلٍ جَمَعَـت قُطرَيـهِ لـي
بِنــتُ ثَمــانينَ عَروســاً تُجتَلــى
لَـم يَملِـكِ المـاءُ عَلَيهـا أَمرَهـا
وَلَــم يُدَنِّسـها الضـِرامُ المُختَضـى
حينـاً هِـيَ الـداءُ وَأَحيانـاً بِهـا
مِــن دائِهــا إِذا يَهيــجُ يُشـتَفى
قَـد صـانَها الخَمّـارُ لَمّا اِختارَها
ضــَنّاً بِهـا عَلـى سـِواها وَاِختَـبى
فَهِـيَ تُـرى مِـن طـولِ عَهـدٍ إِن بَدَت
فــي كَأســِها لِأَعيُــنِ النـاسِ كلا
كَــأَنَّ قــرنَ الشـَمسِ فـي ذُرورِهـا
بِفِعلِهـا فـي الصَحنِ وَالكَأسِ اِقتَدى
نازَعتُهـــا أَروعَ لا تَســطو عَلــى
نَــــديمِهِ شـــِرَّتهُ إِذا اِنتَشـــى
كَــأَنَّ نَــورَ الــرَوضِ نَظـمُ لَفظِـهِ
مُــرتَجِلاً أَو مُنشــِداً أَو إِن شــَدا
مِـن كُـلِّ مـا نـالَ الفَتى قَد نِلتُهُ
وَالمَـرءُ يَبقـى بَعـدَهُ حُسـنُ الثَنا
فَــإِن أَمُــت فَقَــد تَنـاهَت لَـذَّتي
وَكُــلُّ شــَيءٍ بَلَــغَ الحَـدَّ اِنتَهـى
وَإِن أَعِــش صــاحَبتُ دَهـري عالِمـاً
بِمـا اِنطَـوى مِـن صَرفِهِ وَما اِنسرى
حاشــا لِمــا أَسـأَرَهُ فِـيَّ الحِجـا
وَالحِلــمُ أَن أَتبَــعَ رُوّادَ الخَنـا
أَو أَن أُرى لِنَكبَــــةٍ مُختَضــــِعاً
أَو لِاِبتِهـــاجٍ فَرِحـــاً وَمُزدَهـــى
محمد بن الحسن بن دريد بن عتاهية بن حنتم بن حسن بن حمامي بن جرو بن واسع بن وهب بن سلمة ابن حاضر بن أسد بن عدي بن عمرو بن مالك بن فهم بن غانم بن دوس بن عُدثان بن عبد الله بن زهران بن كعب بن الحارث بن كعب بن عبد الله بن مالك بن نصر بن الأزد بن الغوث أبو بكر الأزدي. من أئمة اللغة والأدب، كانوا يقولون: ابن دريد أشعر العلماء وأعلم الشعراء، وهو صاحب المقصورة الدريدية، ولد في البصرة وانتقل إلى عمان فأقام اثني عشر عاما وعاد إلى البصرة ثم رحل إلى نواحي فارس فقلده آل ميكال ديوان فارس، ومدحهم بقصيدته المقصورة، ثم رجع إلى بغداد واتصل بالمقتدر العباسي فأجرى عليه في كل شهر خمسين دينارا فأقام إلى أن توفي. من كتبه (الاشتقاق -ط) في الأنساب، و(الجمهرة-ط) في اللغة، ثلاثة مجلدات، و(أدب الكاتب)، و(الأمالي)و(الخيل الكبير) و(الخيل الصغير) و(السلاح) و(غرائب القرآن) و(فعلت وأفعلت) و(وصف المطر والسحاب وما نعتته العرب الرواد من البقاع - ط) و(السرج واللجام) و(الأنواء) و(الملاحن) و(زوار العرب) و(الوشاح) صغير، و(المقتنى) و(المجتبى) صغير، قال الإمام الذهبي (سمعناه بعلو) و(المقصور والممدود -ط) وهو قصيدة في 58 بيتا يحتوي كل بيت على كلمتين متشابهتين إحداهما مقصورة والثانية ممدودة، أولها:لا تركنن إلى الهوى واحذر مفارقة الهواءوفيها قوله يصف الزهاد:باعوا التيقظ بالكرى فعقولهم بذرى كراءوكراء ثنية بالطائف على طريق مكةوكأنهم معز الأبا أو كالحطام من الأباءوالأبا: داء يأخذ المعز إذا شمت بول الأروى، والأباء: اطراف القصب واحدته أباءة.إلى أن قال:ولربما فضح الرجا ل ذوياللحى كشف اللحاءواللحاء التلاحي والمشاتمة.وسيستوي أهل الكبى وذوو التعطر والكباءوالكبى المزبلة والكباء البخورقال المسعودي في مروج الذهب : (وكان ابن دريد ببغداد ممن برع في زمانناهذا في الشعر، وانتهى في اللغة، وقام مقام الخليل بن أحمد فيها، وأورد أشياء في اللغة لمتوجد في كتب المتقدمين، وكان يذهب بالشعر كل مذهب، فطورا يجزل وطورا يرق،وشعره أكثر من أن نحصيه أو نأتي على أكثره أو يأتي عليه كتابنا هذا، فمن جيد شعرهقصيدته المشهورة بالمقصورة التي يمدح بها الشاه ابن ميكال وولده، وهما عبد الله بنمحمد بن ميكال وولده أبو العباس إسماعيل بن عبد الله، ويقال إنه أحاط فيها بأكثرالمقصور، وأولها:وتوفي يوم الأربعاء لاثنتي عشرة ليلة بقيت من شعبان سنة إحدى وعشرين وثلثمائةببغداد، رحمه الله تعالى، (وهي السنة التي خلعفيها القاهر بالله أبو منصور محمد بن المعتضد، وبويع الراضي باللهمحمد بن المقتدر).ودفن بالمقبرة المعروفة بالعباسية من الجانب الشرقي في ظهر سوقالسلاح بالقرب من الشارع الأعظم. وتوفي في ذلك اليوم أبو هاشم عبد السلام بن أبيعلي الجبائي المتكلم المعتزلي - المقدم ذكره - فقال الناس: اليوم مات علم اللغة والكلام. ويقال إنه عاش ثلاثا وتسعين سنة لاغير،وفي تاريخ بغداد عن أبيالعلاء أحمد بن عبد العزيز قال كنت في جنازة أبي بكر بن دريد وفيها جحظة فأنشدنافقدت بابن دريد كل فائدة لما غدا ثالث الأحجار والتربوكنت أبكي لفقد الجود منفردا فصرت أبكي لفقد الجود والأدبوفيه: (كتب إلي أبو ذر الهروي سمعت بن شاهين يقول: كنا ندخل علي بن دريد ونستحي ممانرى من العيدان المعلقة والشراب المصفى موضوع وقد كان جاوز التسعين سنة) وفيه: (كان أبوه من الرؤساء وذوي اليسار)وفيه من كلام ابن دريد يرفع نسبه إلى قحطان وقال بعده يذكر جده حَمَامي(وحمامي هذا أول من أسلم من آبائي وهو من السبعينركباً الذين خرجوا مع عمرو بن العاص من عمان إلى المدينة لما بلغهم وفاة رسول اللهصلى الله عليه وسلم حتى أدوه: في هذا يقول قائلهم: