
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
غنّـى المغنّـون مـن حولى فما سمعت
روحــي وإن راعـت الألحـانُ آذانـي
إنـــي بحبــك مشــغول تســاورني
أطيـاف حسـنك فـي أعمـاق وجـداني
أصــاحب النــاس ترضـيني خلائقُهـم
لعلنــي أتناســى نــار أشــجاني
فمـا أشـاهد فـي كـل الوجـود سوى
جمالـك الفخـم يهـوى أسرَهُ العاني
لــولا جمالــك تصــبيني فــواتنُه
ما فقت في الشعر والتغريد أقراني
حنـا الجمـال علـى روحـي يسـامره
بشــائق مــن أغــنّ الصـوت فتـان
فقمــت أرســل لحنـى فـي ذوائبـهِ
هـــوى يصــول بــأدواج وأفنــان
إن راقـك الشـعر تسـبيني عرائسـُه
كــالحور ترقــص فـي أحلام رضـوان
فمـن جمالـك وهـو الـدرُّ فـي نسـق
كالشــعر ينظــم أنغامـاً بـأوزان
أصــوغُ وحــيَ فــؤادٍ أنـت ملهمُـه
حــتى غـدا مـن جـواهُ خيـر فنّـان
يـا وجـد قلـبي ويا حسنا أدين له
بالفـاتن الجـزل من شدوى وألحاني
جمــال وجهــك فــي تقسـيمه عجـبٌ
كـــأنه حليـــةٌ صــيغت بميــزان
لـو كان وجهك في ماضي العصور بدا
لصــار معبــود أحبــار ورهبــان
أسـتغفر اللَـه وهـو المسـتجار به
مــن أن تصــيرني عبــاد أوثــان
يهفــو إليــك ضـميرٌ أنـت غـايته
مـن جنـة أنا فيها الغارس الجاني
غرسـت حسـنك فـاذكر بالجميـل يدى
يــا زهــرةً نشـأت فـي روض جنّـان
لـولا قصـيدي ولـولا مـا هتفـت بـه
مـا صـرت كالبـدر فـي حسن وتحنان
عيونـك السـود والسحر المقيم بها
ممــا خلقــت بألحــاني وأشـجاني
مـن أنـت لا لـن أسـمى غـافلا جهلت
أجفـانه مـا جـرى مـن ماء أجفاني
سينقضـي الـدهر لا تـدرون ما شغفي
إنـــي أؤجِّـــجُ آلامــي بكتمــاني
لـو بحـت يوما بأسرار الغرام بكم
بـوح الجريـح غفا عن جرحه الحاني
لطــار طيــفٌ رقيـقٌ يفتـدى ألمـي
بـــأحور جاهــل بــالحب حيــران
مــن أنــت هـذا كلامٌ أنـت لا أحـد
إنــى أردّد مــا يــوحيه شـيطاني
مـا سـاور الحـبّ قلـبي تلك مشكلةٌ
أثارهــا لاغتيــابي بعـض جيرانـي
مـن أنـت إني أرى من أنت يا وثنا
أهــدى لـه كـل يـومٍ ألـف قربـان
أنغــامُ صــوتك تشـجيني سـواجعها
فهــل تكــون علـى الأيـام قرآنـي
مــا رنّ صــوتُك إلا قلـت مـن طـرب
هـذا الـذي نفثـت اسـجاع وجـداني
صـوتٌ كشـعري رنيـنُ الـروح مصـدره
سـبحان صـوتك يـا وحيـى وسـبحاني
مـن أنـت يا ساحراً لحن الغرام به
لحـن الخلـود بذاك العالم الثاني
يبقيــك شـعرى بقـاء لا فنـاء لـه
مـا كان شعرى لهذا العالم الفاني
قـد شـاب رأسـي بنـار الحب موقدةً
والحـــبّ أقبـــاسُ آلامٍ ونيـــران
قـد شاب رأسي وما شاب الغرام بكم
إنـى فـتىً قد بناه الفاطر الباني
إن الكهولـة لـم تصـدع فـؤاد فتىً
يخـافه الخلـق مـن إنـس ومـن جان
قضــيت دهــري قتــالا شـبّه قلمـى
غربــا وشــرقا ببــاريس وبغـدان
أيــن النظيـر نظيـري إننـي رجـلٌ
تخشـى الأعاصـير مـن طغيان طغياني
مـن أنـت سوف ترى من أنت إن سمحت
روحـي بقتـل هـوى بالشـعر أحياني
تمضـى الليـالي طـوالاً لا أذوق بها
غيــر المــرارة مـن آلام حرمـاني
مـن أنـت سوف ترى من أنت يوم ترى
أنـى سأضـني الـذي بالصـد أضناني
لـو صـح عنـدك أنـى مـن أهيـم به
لطــرت تنشــد صـفحي ثـم غفرانـي
يـا أوحـد الخلـق في تنسيق صورته
ويـا مثـال السـنا من نور تبياني
مـن أنـت لا لـن أسمى لن يبوح فمي
باسـمٍ إذا قلتـه فـي السر أبكاني
يلــوح طيفــك أحيانــاً فتنقلنـي
إلــى ديــارك يـا سـحّار أشـجاني
وأذرع الأرض أطويهـــا وأنشـــرها
كــالبرق يجتــاز أكوانـاً لأكـوان
فهــل أراك كمــا كنـا كـان هـوى
لـو شـئت صـافحني يومـا وناجـاني
لا تنتهــى فيــك أشـواق أصـاولها
بجــاحم مـن سـعير الوجـد سـعران
ولا يجفـــف دمعـــي أن لــي أملا
فـي عطـف روحـك إن أعلنـت أحزاني
مـا غاية العيش من دنيا أعيش بها
بخــــافق حـــائر الأحلام ظمـــآن
آهـاً ولـو كـان فـي آه نجـاة دمي
مــن قــاتلين بأزهــار وريحــان
لقلــت آهـا وآهـا واسـتعنت دمـا
هــو المحجّـب مـن أسـرار وجـداني
مـا لـي أجمجـم خـوفي منك يزعجني
هـل كنـت يـا آسـري بالحسن ديّاني
أأنــت أنــت أجــب إنـي لأحسـبني
أروى حـــديثك عــن أحلام وســنان
لا أنــت أنـت ولا وجـدى سـوى كلـف
مــن شــاعر بنميـر الحسـن غصـّان
كـن كيف شئتَ وأنكر في الهوى شغفي
فســوق أدفــع بهتانــاً ببهتــان
مـن أنـت مـن شـاعرٌ أدميـت مهجتهُ
بــأعين لــك لــم تــوهب لإنسـان
مـن أنـت إنـي أرى من أنت يا رشأ
مـن غـدره سـوف يسـقى كأس كفراني
ستشـرب النـار مـن غـدرى مصلصـلةً
والــدهر يرجــم خوّانــاً بخــوان
عليـك أعتـب مـا عتـبى علـى قمـر
قــد نــام عنــى وخلّانـي لأحزانـي
أصـوغ شـعري حنينـاً كـي تـرقّ لـه
مــن بعــد صــدّ وهجـرانٍ وعصـيان
فلا يكــون جــوابٌ منـك مـن غزلـي
إلا جــواب كحيــل الطــرف نعسـان
تــراع حينــاً بأنظــاري أصـوّبها
إلـــى جمالــك مــن آن إلــى آن
فتســـتجيب بـــروح باســم مــرحٍ
كــأنه الزهــر فـي أيـام نيسـان
وتشـتهي أن تـرى أنـي بمـا سـحرت
عينــاك أنظــم أشـواقي بألحـاني
لا لـن أبـوح بحـبي لـن أبـوح بـه
إنـــي لأنبــت مــن أركــان ثهلان
أكـاتم القلـب وجـدا لـو نطقت به
لثـار يسـأل مـا خطـبى ومـا شاني
يـا قلـب دعنـي لكتمـاني أنـادمه
لـم يبـق لـي من نديم غير كتماني
مـن أنـت لا لـن أسـمّى من أهيم به
يكفـى الذي قد مضى من فضح أشجاني
عشــرون عامـا وقلـبي طـائرٌ غـرِدٌ
يســاور الحســن مـن غسـن لأغصـان
قـال الخليّـون فـي شـجوى مقالتهم
وجرّحــــوني بأظفـــار وأســـنان
فليرجعــوا وليكفّـوا عـن ضـلالتهم
فمـا لغيـر الهـوى للمـرء عينـان
أكـان إثمـا عظيمـا أن أكـون فتى
الحســن فـي شـعره أزهـار بسـتان
لا تســألوا أيـن شـوقى ذلـك علـمٌ
لـو قـام مـن قـبره يومـا لحيّاني
إنــى تحــدّيتُه حيّــا فــآمن بـي
أيــن الــذي بمعــانيه تحــداني
قـالوا ذوى الشعر في مصر فقلت له
إنــي ســأجعله مــن بعــض خلانـي
مـا ضـاع مـن أنـا راعيـه وكالِئهُ
بحــارسٍ أخضــر العينيــن يقظـان
للأعيــن الخضـرِ سـحرٌ قـاهرٌ خضـعت
لــه الفواتــك مــن صـلّ وثعبـان
الأعيـن الـزرق فـي بـاريس ترهبني
كـالأعين السـود فـي آطـام بغـدان
سـأوقد الشـعر فـي الوادي وأعلنه
إن كــان فــي حاجــة يومـاً لإعلان
الشـعر فـي مصـر فليسـكت أخو غرض
يقـــول إن حمـــاه أرض لبنـــان
مصــر الـتي رفعـت للشـعر رايتـه
وأيــــدته بأبطــــال وفرســـان
لــولا ســنا مصـر فـي لألاء طلعتـه
مـا كـان يومـا تبـدّى نجـم مطران
الشـعر في الشرق نحن الحارسون له
علـى الريـاض يخاف الغارس الحاني
أسـلافنا قـد أعـادوا نسـج بردتـه
إلــى أصــالتها فـي عهـد عـدنان
مـا رام نـاظم شـعر غيـر غايتنـا
مـن أن يكـون هـدى يـوحى بميـزان
الجـد والهـزل فـي أشـعارنا تحـفٌ
الجـد والهـزل عنـد الشـعر سـيان
فــإن عــدلنا وأجحفنــا فلا عجـبٌ
العـدل والظلـم عنـد الشـعر مئلان
عنّـا خـذوا العقل في طغيان ثورته
هــدما بهــدم وبنيانــاً ببنيـان
لا تحســبونا صـفحنا عـن تطـاولكم
لا صـفح عـن كـافر مـن بعـد إيمان
مـن أنـت مـا هالـةٌ يسرى بها قمرٌ
مســرى الصـبابة فـي أحلام ولهـان
فتنـــتَ بالحســن آلافــاً مؤلفــة
يـا أجمـل الخلـق مـن حور وولدان
إنـى أغـار فليـت الناس ما خلقوا
أو ليتهـم خلقـوا مـن غيـر أجفان
إن لـم يـروك فصـوت منـك يسـحرهم
يـا ليتهـم خلقـوا مـن غيـر آذان
مــن أي روح عصــوف أبــدعتك يـدٌ
مـن بـدعها كـان بـالخلّاق إيمـاني
مـا البدر في نوره الباهي وطلعته
إذا تــألق فــي أعقــاب أدجــان
أدل منــك علــى أن الوجـود سـنا
قــد صــاغه مـن سـناه روح فتّـان
لـو يعبـد اللَـه يومـا في بدائعه
لكنـت يـا سـاحرا معبودنا الثاني
اللَــه فيــك أرى إنــي ليطربنـي
أن الوجـود جميعـاً روحـه الغـاني
أنـت الجمـال وروح الحسـن خالـدة
مـا فـي الحـدائق زهـرٌ ذاهـبٌ فان
إن الـورود وإن لـم يبـق رائعهـا
يــومين تضــرب أزمانــاً بأزمـان
إن العـبير إذا طـاح الـذبول بـه
يبقـى وليـس عـبير الحسن بالفاني
تلـك المـذاهب مـن غـيّ ومـن رشـدٍ
ومــن جنــونٍ وعقــل وحـيُ أكفـان
لـو مـات مـن مات حقاً لا نقضى أثرٌ
لـــذاهب لــم يعــش إلا بجثمــان
مـا نـوحُ مـا أمـرهُ والفلك تنجده
مــن الغــوائل طوفانــاً لطوفـان
هـل كـان نـوح سـوى رمـزٍ عرفت به
أن لا فنـــاء لـــروح أو لأبــدان
مـن أنـت سـوف أسـمى يـوم تلهمني
مـا لـم يكـن لـي فـي وهم وحسبان
ويــوم يصــبح شـعرى فيـك معجـزةً
تكـون فـي سـبحات الخلـد برهـاني
أقـول هـذا وإن لـم يجـترىء أحـد
علـى المجاراة في الميدان ميداني
أروم شــعراً كشـعرى فيـك يفتننـي
كفتنــتي بغرامــي يــوم تلقـاني
هـذه القصـيدة وحـيٌ منـك أطربنـي
قـل لـي مـتى يتجلـى وحيك الثاني
أنـت الرسـول رسـول الحسن في زمن
أنــا الأميـر بـه مـن بعـد حسـان
زكي بن عبد السلام بن مبارك.أديب، من كبار الكتاب المعاصرين، امتاز بأسلوب خاص في كثير مما كتب، وله شعر، في بعضه جودة وتجديد، ولد في قرية (سنتريس) بمنوفية مصر، وتعلم في الأزهر، وأحرز لقب (دكتور) في الآداب، من الجامعة المصرية، واطلع على الأدب الفرنسي في فرنسة، واشتغل بالتدريس بمصر، وانتدب للعمل مدرساً في بغداد، وعاد إلى مصر، فعين مفتشاً بوزارة المعارف، ونشر مؤلفاته في فترات مختلفة، وكان في أعوامه الأخيرة يوالي نشر فصول من مذكراته وذكرياته في فنون من الأدب والتاريخ الحديث تحت عنوان (الحديث ذو شجون)، وأصيب بصدمة من (عربة خيل) أدت الى ارتجاج في مخه فلم يعش غير ساعات، وكانت وفاته في القاهرة، ودفن في سنتريس.له نحو ثلاثين كتاباً، منها (النثر الفني في القرن الرابع- ط)، و(البدائع- ط) مقالات في الأدب والإصلاح، و(حب ابن أبي ربيعة وشعره- ط).وورد اسمه على بعض كتبه (محمد زكي مبارك).