
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
وُرود ركايـا الدمع يكفي الركائبا
وشـَمُّ تـراب الربـع يَشْفي الترائبا
إذا شـِمتَ مـن بـرق العقيـق عقيقةً
فلا تنتجــع دون الجفــون سـحائبا
منــازل أُنــسٍ مــن رَبـائب مـازنٍ
ألــثَّ رَبـابُ المـزن فيهـنّ سـاكبا
ومـرّتْ عليهـا الـبيضً والسود برهةً
فَبّــدَّلْنَها بــالبيض أسـودَ ناعبـا
تفــرّد واجتــاب الســواد فخلتُـه
من الزُّهد فيما يجمع الشمل، راهبا
حملنــا مـن الأيـام مـا لا نُطيقـه
كمـا حمـل العظمُ الكسيرُ العصائبا
وليــلٍ رجونــا أن يَــدِبَّ عِــذارُه
فمـا اختـط حتى صار بالفجر شائبا
فلا تحمَــدِ الأيــام فيمــا تفيـده
فمـا كـان منهـا كاسياً كان سالبا
وعيـسٍ لهـا برهـان عيسـى بن مريمٍ
إذا قتـل الفَـجُّ العميـق المطالبا
يُرَقِّصــــهنَّ الآلُ إمّـــا طوافيـــاً
تراهُــنَّ فــي آذيَــهٍ أو رواســبا
ســوابح كالنينــان تحســب أننــي
مسـخت المطايـا إذ مسحت السباسبا
تَنَســَّمْن مـن كِرمـان عَرْفـاً عَرَفْنَـه
فهــنّ يلاعِبْــن المِــراح لواغبــا
إلـى ماجـدٍ لـم يقبل المجدَ وارثاً
ولكـن سـعى حتّـى حوى المجد كاسبا
كأنَــا بضـوء البِشـْر فـوق جـبينه
نَـرى دونـه مـن حاجب الشمس حاجبا
تُصـيخُ لـه الأسـماع مـا دام قـائلاً
وتعنـو لـه الأبصـار ما دام كاتبا
ولـم أر ليثـاً خـادراً قبـل مُكـرَم
ينـافس في العليا ويعطي الرغائبا
ولو لم يكن لَيْثاً مع الجود لم يكن
إذا صــال بــالأقلام صـارت مخالبـا
فكــم قَـطَّ رأسـاً ذا ذوائبـ، قَطُّـهُ
لهــنّ رؤوســاً مــا حملـن ذوائبـا
إذا زانَ قومــاً بالمنــاقب واصـفٌ
ذكرنـا لـه فضـلاً يزيـن المناقبـا
لـه الشـِّيَمُ الشـُمُّ الـتي لـو تجسمت
لكـانت لـوجه الـدهر عينـاً وحاجبا
ثنـى نحـو شـمطاء الـوزارة طرفـه
فصـارت بـأدنى لحظـةٍ منهـ، كاعبا
تنــاول أُولاهــا ومـا مـدَ سـاعداً
وأحــرز أُخراهـا ومـا قـام واثبـا
ومـا دافِـعُ القـوسِ الشديدةِ مَنْزعاً
برامٍـ، ولكـن مُخْـرِجُ السـهم صـائبا
غزيـر النـدى، لـولا ينـابيع سَيبِه
لأصـبح مـاء الفضل في الناس ناضبا
عَريــتُ مــن الآمــال عِــزاً وثـروةً
وكنــتُ إلـى ثـوب المطـامع ثائبـا
بكـفٍ تـرى فيْـض النـدى مـن بنانها
علـى كـلِّ مَـنْ تحت السماوات واجبا
عــوارف مــن إحسـان مـذ عرفتهـا
نــوائب عنـي يـوم أخشـى النـوائب
ومـن حسـنات الـواردِ البحـر أنـه
يـرى مُـذْنِباً مـن لا يَعـاف المَذَانبا
طلعـتَ طُلـوع الفجـر، والليلُ غُيْهَبٌ
فحلّيـتَ بـل جَلَّيْـتَ تلـك الغَياهبـا
وَرُقْــتَ كتابــاً يـوم رُعْـتَ كتيبـةً
فــواقَعْتَ، مِتلافـاً، وَوَقَّعْتَـ، واهبـا
تَــدقّ كعـوب الرمـح فـي كـلّ دارعٍ
وتقتــضّ أبكـار المعـالي كواعبـا
وكــم حَـذِرَتْ منـك المنيـةُ حتفَهـا
وقـام القنـا لمـا تنمـرت هائبـا
ويـوم العُمـانيّين، مـاجُوا وفوقهم
ســماء قِسـِيٍّ ترسـل النبـل حاصـبا
قلــوبُهم اسـودَّتْ، وصـارمُك اشـتكى
مَشـيباً، فلـم تُعْـدِمْهُ منهـن خاضبا
فأصـبح جسـمُ الجامـد القلـب منهم
بقلـب الحديد الجامد الجسم ذائبا
وَهُــمْ ذنــبٌ بَــتَّ المهلَّــبُ رأســه
فكنــت لمـا أَبْقـى المهلـب هالبـا
رأَوْك ولـم تحضـر، ومـن كـان فضله
محيطـاً فما يُسْمى، وإن غاب، غائبا
أشـرتَ مـن التدبير، والبحر بينكم
بنجـمٍ رآه الجيـشُ فـي البرّ ثاقبا
ومِـن قبلـك الفـاروق جـاء بمثلها
وكـان علـى عـود المدينـة خاطبـا
دنتـ، يوم أَوْمى، من نهاوند، يثربٌ
فنـادى: ألا ميلوا عن الطود جانبا
بـدا بـك وجـه الـدين أبيضَ مشرقاً
ووجــه عـدوّ الـدين أسـودَ شـاحبا
شـفى وصـبَ الهيجـاء سـيفُكَ فلْيـدُمْ
لـك العزّ، ما كرّ الجديدان، واصبا
إبراهيم بن يحيى بن عثمان بن محمد الكلبي الأشهبي الغزي أبو إسحاق: أحد أركان الشعر العربي الأربعة في عصره حسب كلام العماد الأصفهاني، وهم (الطغرائي والأبيوردي والأرجاني والغزي) وهو صاحب البيت السائر:خلت الديار فلا كريم يرتجى منه النوال ولا مليح يعشقوقد ترجم له العماد في quotخريدة القصرquot قال: (الأديب الغزي أبو إسحق إبراهيم بن عثمان بن محمد الكلبي ثم الأشهبي المعروف بالغزي. مولده غزة الشام، وانتقل إلى العراق وإلى خراسان وأصفهان وكرمان وفارس وخوزستان، وطال عمره، وراج سعر شعره، وماج بحر فكره، وأتى بكل معنى مخترع، ونظم مبتدع، وحكمة محكمة النسج، وفقرة واضحة النهج، وكلام أحلى من منطق الحسناء، وأعلى من منطقةالجوزاء. فكم له من قصائد كالفرائد، وقلائد كعقود الخرائد، وغرر حسان، ودرروجمان.وله في خطبة ألف بيت جمعها من شعره يصف بها حاله نثراً، ويذكر فضيلة الشعر، (ثم أورد قطعة من الرسالة في شكوى الزمان) ثم قال:(هذا يقوله الغزي وفي الكرام بقية، والأعراض من اللؤم نقية، وقد ظفر بحاجته منالممدوحين: كعمي العزيز بأصفهان، والصاحب مكرم بكرمان، والقاضي عماد الدين طاهربشيراز، الذي أمن بجوده طارق الإعواز، وكانت جائزته للغزي وللقاضي الأرجانيوللسيد أبي الرضا وأمثالهم المعتبرين، لكل واحد ألف دينار أحمر على قصيدة واحدة) ثم قال: (والغزي حسن المغزى، وما يعز من المعاني الغر معنى إلا إليه يعزى، يعنى بالمعنى ويحكم منهالمبنى، ويودعه اللفظ إيداع الدر الصدف، والبدر السدف. فمن أفراد أبياته التي علتبها راياته، وبهرت آياته، ولم تملل منها غاياته، ...إلخ) ولما وردأصفهان نزل ضيفا في بيت صديقهأبيالمحاسن بن فضلويه. قال: (وسمعت أكثر أشعاره من جماعة من الفضلاء كابن كاهويه وابن فضلويه وسيدنا عبد الرحيم بن الأخوة وغيرهم.)وترجم له تاج الإسلام السمعاني في quotالمذيل على تاريخ بغدادquot قال: (شيخ كبير مسن قد ناطح التسعين وكان أحد فضلاء الدهر ومن يضرب به المثل في صنعة الشعر. وكان ضنيناً بشعره ما كان يملي منه إلا القليل. ورد عليها quotمروquot وكان نازلاً في المدرسة النظامية إلى أن اتفق له الخروج من مرو إلى بلخ فباع قريباً من عشرة أرطال من مسودات شعره بخطه من بعض القلانسيين ليفسدها، فحضر بعض أصدقائي وزاد على ما اشتراه شيئاً وحملها في الحال إلي، فطالعتها فرأيت شعراً دهشت من حسنه وجودة صنعته، فبيضت من شعره أكثر من خمسة آلاف بيت وبقي منه شيء كثير. وبقية شعره الذي كان معه اشتراه بعض اليمنيين واحترق ببلخ مع كتيبات له. وكان يقول: أرجو أن الله تعالى يعفو عني ويرحمني لأني شيخ مسن جاوزت التسعين ولأني من بلد الإمام المطلبي الشافعي، يعني محمد بن إدريس.قال السمعاني: سمعت أبا نصر عبد الرحمن بن محمد الخطيبي الخرجردي يقول مذاكرة: ولد إبراهيم الغزي في سنة إحدى وأربعين وأربعمائة. وسمعت أبا نصر الخرجردي يقول بمرو: إن الأديب الغزي مات في سنة أربع وعشرين وخمسمائة في الطريق وحمل إلى بلخ ودفن بها