
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
أَعَرَفْـتَ مِـنْ سـَلْمَى رُسـُومَ دِيـارِ
بِالشــَّطِّ بَيْــنَ مُخَفِّــقٍ وَصــُحارِ
وَكَأَنَّمــا أَثَـرُ النِّعـاجِ بِجَوِّهـا
بِمَــدافِعِ الرُّكْنَيْـنِ وَدْعُ جَـوارِي
وَسـَأَلْتُها عَـنْ أَهْلِهـا فَوَجَـدْتُها
عَمْيــاءَ جافِيَــةً عَــنِ الْأَخْبـارِ
وَكَـأَنَّ عَيْنـي غَـرْبُ أَدْهَـمَ داجِنٍ
مُتَعَـــوِّدِ الْإِقْبـــالِ وَالْإِدْبــارِ
تَئِقٌ يُقَســــِّمُ زارِعٌ أَنْهـــارَهُ
بِــالْمَرِّ يَقْســِمُهُنَّ بَيْــنَ دِبـارِ
حَتَّـى إِذا مـالَ النَّهارُ وَأَنْزَفَتْ
عَيْنِـي الـدُّمُوعُ وَقُلْتُ: أَيُّ مَـزارِ
قَرَّبْــتُ حـادِرَةَ الْمَنـاكِبِ حُـرَّةً
خُلِقَــتْ مَطِيَّــةَ رِحْلَــةٍ وَســِفارِ
أُجُــداً مُداخَلَـةً كَـأَنَّ فُرُوجَهـا
بُلْــقُ الْمـوارِدَ مِـنْ خِلالِ عِفـارِ
وَيَلِـي بَيـاضَ الْأَرْضِ مِـنْ أَخْفافِها
ســُمْرُ الطِّبـاقِ غَلِيظَـةُ الْأَصـْبارِ
وَكَأَنَّمــا رَفَعَــتْ يَـدَيْ نَوَّاحَـةً
شــَمْطاءَ قـامَتْ غَيْـرَ ذاتِ خِمـارِ
وَكَأَنَّهــا لَمَّــا غَــدَتْ ســَرَوِيَّةٌ
مَســـْعُودَةٌ بِــاللَّحْمِ أُمُّ جَــوارِ
وَكَأَنَّمــا عَلِقَــتْ وَلِيَّـةَ كُورِهـا
وَقُتُودُهــــا بِمُصـــَدَّرٍ عَيَّـــارِ
غَـرِدٍ تَرَبَّـعَ فِـي رَبِيـعٍ ذِي نَـدىً
بَيْــنَ الصــُّلَيْبِ فَصـُوَّةِ الْأَحْفـارِ
فَرَعــى بِصــُوَّتِهِ ثَلاثَــةَ أَشــْهُرٍ
وَهَـراقَ مـاءَ الْبَقْـلِ فِـي الْأَسْآرِ
حَتَّـى إِذا أَخَـذَ الْمَـراغُ نَسـِيلَهُ
مِــنْ مُدْمَــجٍ مِـنْ خَلْقِـهِ وَشـَوارِ
وَرَمَـى أَنـابِيشَ الشـَّفا أَرْسـاغُهُ
مِــنْ كُــلِّ ظــاهِرَةٍ وَكُـلِّ قَـرارِ
وَتَجَنَّـبَ الْقُرْبـانَ وَاخْتارَ الصُّوَى
يَعْــدُو بِهِــنَّ كَفـارِسِ الْمِضـْمارِ
ذَكَـرَ الْعُيُـونَ وَعارَضـَتْهُ سـَمْحَجٌ
حَمَلَــتْ لَـهُ شـَهْرَيْنِ بَعْـدَ نِـزارِ
يَرْضـَى بِصـُحْبَتِها إِذا بَـرَزَتْ لَهُ
وَأَشــَذَّ عَنْهـا إِلْـفَ كُـلِّ حِمـارِ
فَأَقالَهـا بِقَـرارَةٍ فِيهـا السَّفا
ظَمْـــأَى وَطَــلَّ كَــأَنَّهُ بِإِســارِ
وَتَفَقَّـدا مـاءَ الْقِلاتِ فَلَـمْ يَجِـدْ
إِلَّا بَقِيَّــــةَ آجِــــنٍ أَصـــْفارِ
فَأَدارَهــا أُصــُلاً وَكَلَّــفَ نَفْسـَهُ
تَقْرِيــبَ صـادِقَةِ النَّجـاءِ نَـوارِ
يَغْشـَى كَرِيهَتَها عَلَى ما قَدْ يَرَى
فِــي نَفْسـِها مِـنْ بُغْضـَةٍ وَفِـرارِ
تَرْمِــي ذِراعَيْــهِ وَبَلْـدةَ نَحْـرِهِ
بِحَصــىً يَطِيــرُ فَضاضــُهُ وَغُبـارِ
وَتَفُــوتُهُ نَشــْزاً فَيَلْحَـقُ مُعْجِلاً
رَبَــذَ الْيَـدَيْنِ كَفـائِضِ الْأَيْسـارِ
يَعْلُـو فُـرُوعَ قَطاتِهـا مِـنْ أُنْسِهِ
بِمُلاحِـــكٍ كَرِحالَـــةِ النَّجَّـــارِ
فَتَــذَكَّرا عَيْنـاً يَطِيـرُ بَعُوضـُها
زَرْقــاءَ خالِيَــةً مِــنَ الْحُضـَّارِ
طَرَقـا مِـنَ الْمَغْدَى طَرِيقاً صافِياً
فِيــهِ الضـَّفادِعُ شـائِعُ الْأَنْهـارِ
وَالْأَزْرَقُ الْعِجْلِــيُّ فِــي نامُوسـِهِ
بـارِي الْقِـداحِ وَصـانِعُ الْأَوْتـارِ
مِـنْ عَيْشِهِ الْقُتُراتُ أَحْسَنَ صُنْعَها
بِحَصــا يَـدِ الْقَصـْباءِ وَالْجَيَّـارِ
فَـدَنَتْ لَـهُ حَتَّـى إِذا مـا أَمْكَنَتْ
أَرْســاغُهُ مِــنْ مُعْظَــمِ التَّيَّـارِ
وَأَحَــسَّ حِســَّهُما فَيَســَّرَ قَبْضــَةً
صـــَفْراءَ راشَ نَضــِيَّها بِظُهــارِ
فَرَمَــى فَأَخْطَأَهــا وَلَهَّــفَ أُمَّـهُ
وَلِكُـلِّ مـا وُقِـيَ الْمَنِيَّـةَ صـارِي
فَتَوَلَّيـــا يَتَنازَعــانِ بِســاطِعٍ
مُتَقَطِّـــــعٍ كَمُلاءَةِ الْأَنْبـــــارِ
يَتَعـاوَرانِ الشـَّوْطَ حَتَّـى أَصـْبَحا
بِــالْجَزعِ بَيْــنَ مُثَقِّــبٍ وَمَطـارِ
فَبِتِلْـكَ أَقْضـِي الْهَمَّ إِذْ وَهَمَتْ بِهِ
نَفْســِي وَلَســْتُ بِنَأْنَــأٍ عُــوَّارِ
وَقَبِيلَـــةٍ جُنُــبٍ إِذا لاقَيْتُهُــمْ
نَظَــرُوا إِلَــيَّ بِــأَوْجُهٍ أَنْكـارِ
حَيَّيْــتُ بَعْضــَهُمُ لِأُرْجِــعَ وُدَّهُــمْ
بِخَلائِقٍ مَعْرُوفَـــــةٍ وَجِـــــوارِ
وَالْجــارُ أُومِــنُ سـَرْحَهُ وَمَحَلَّـهُ
حَتَّــى يَبِيــنَ لِنِيَّــةِ الْمُخْتـارِ
فَلَئِنْ رَأَيْـتُ الشـَّيْبَ خَـوَّصَ لِمَّتِـي
مِــنْ طُــولِ لَيْـلٍ كـائِبٍ وَنَهـارِ
إِنِّي لَتَرْزَؤُنِي النَّوائِبُ فِي الْغِنَى
وَأَعِــفُّ عِنْــدَ مَشــَحَّةِ الْإِقْتــارِ
فَجَـزَى الْإِلَـهُ سـَراةَ قَـوْمِي نُصْرَةً
وَســـَقاهُمُ بِمَشـــارِبِ الْأَبْــرارِ
قَـوْمٌ إِذا خـافُوا عِثـارَ أَخِيهِـمُ
لا يُســـْلِمُونَ أَخـــاهُمُ لِعِثــارِ
أَمْثـالُ عَلْقَمَـةَ بْنِ هَوْذَةَ إِذْ سَعَى
يَخْشــَى عَلَــيَّ مَتــالِفَ الْأَمْصـارِ
أَثْنَـوْا عَلَـيَّ فَأَحْسَنُوا فَتَرافَدُوا
لِـي بِالْمَخـاضِ الْبُـزْلِ وَالْأَبْكـارِ
وَالشـَّوْلُ يَتْبَعُهـا بَنـاتُ لَبُونِها
شــُرُقاً حَناجِرُهـا مِـنَ الْجَرْجـارِ
حَتَّـى تَـأَوَّى حَـوْلَ بَيْتِـي هَجْمَـةٌ
أَبْكارُهـــا كَنَــواعِمِ الْجَبَّــارِ
وَكَــأَنَّ خِلْفَتَهــا عَطِيفَـةُ شـَوْحَطٍ
عُطُـلٌ بَراهـا مِـنْ خُزاعَـةَ بـارِي
وَبَغـى بِها ماءَ النِّطافِ فَلَمْ يَجِدْ
مـــاءً بِتَنْهِيَـــةٍ وَلا بِغِمـــارِ
المُخبَّلُ السَّعْدِيُّ، هُوَ الرَّبِيعُ بنُ رَبيعةَ وفيل رَبيعةُ بنُ مالكٍ، مِن بَنِي سَعْدِ بنِ زَيدِ مَناةَ بنِ تَميمٍ، وهُوَ مِنَ الشُّعراءِ المُخَضْرَمِينَ المُعمَّرِينَ، فَقدْ عُمِّرَ فِي الجَاهِلِيَّةِ وَالإِسْلَامِ عُمراً طَويلاً وهاجر وابنه إلى البصرة، وولده كثير بالأحساء وهم شعراء، وهو مِن شُعراءِ المُفضّليّاتِ، وعَدّهُ ابنُ سلّامٍ مِن شُعراءِ الطَّبَقَةِ الخامِسَةِ، ومَاتَ فِي خِلَافَةِ عُمَرَ أَو عُثْمَانَ.