
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
ذادَ وِردَ الغَـيِّ عَـن صَدَرِهْ
وَارعَـوى وَاللَهوُ مِن وَطَرِهْ
وَأَبَــت إِلّا الوَقــارَ لَـهُ
ضـَحِكاتُ الشـّيبِ فـي شَعَرِهْ
نَــدمى أَنَّ الشـَبابَ مَضـى
لَــم أُبَلِّغـهُ مَـدى أَشـَرِه
وَاِنقَضــَت أَيّــامُهُ سـَلَماً
لَـم أَهِـج حَرباً عَلى غِيَرِه
حَســـَرَت عَنّــي بَشاشــَتُهُ
وَذَوى اليـانِعُ مِـن ثَمَـرِه
وَصــَغَت أُذنــي لِزاجِرهـا
وَلَمــا تَشــجى لِمُزدَجِـرِه
إِذ يَــدي تَعصـي بِقُوَّتِهـا
لا تَـــرى ثَــاراً لِمُثَّئِرِه
وَالصـِبا سـَرحٌ أُطيـفُ بِـهِ
فَأُصـيبُ الأُنـسَ مِـن نُفُـرِه
تَرعَــوى بِاِسـمى مَسـارِحُهُ
وَيلـى لَيلـى بَنـو سـَمَرِه
وَغَيــــورٍ دونَ حَـــوزَتِهِ
حُـزتُ خَلـفَ الأَمنِ مِن حَذَرِهِ
وَدَمٍ أَهــدَرتُ مِــن رَشــا
لَـم يُـرِد عَقلاً عَلـى هَدَرِه
بـاتَ يُـدني لـي مَقـاتِلَهُ
وَيُفَــدّيني عَلــى نَفَــرِه
فَــأَتَت دونَ الصـِبا هَنَـةٌ
قَلَبَـت فـوقي عَلـى وَتَـرِه
جارَتـا لَيـسَ الشَبابُ لِمَن
راحَ مَحنِيّــاً عَلـى كِبَـرِه
ذَهَبَـت أَشـياءُ كُنـتُ لَهـا
صـارَها حِلمـى إِلـى صَوَرِه
طَرَقَـت تَلحـى فَقُلـتُ لَهـا
اِذهَـبي مـا أَنتِ مِن سُوَرِه
قـدكَ مِـن مـوفِ عَلـى أَمَلٍ
تَحسـِرُ الأَبصـارَ عَـن نَظَرِه
إِنَّ مِـن دونِ الغِنـى جَبَلاً
سـَتَكوس العيـس فـي وَعَرِه
يَتَناضــَلنَ السـُرى قُـذُفاً
قَد كَساها المَيس مِن قَتَرِه
كَـم دُجـى لَيـلٍ عَسـَفنَ بِهِ
يَبتَعِثـنَ الصـُبحَ مِن كِسَرِه
يَتَفَــرّى عَــن مَناســِمِها
كَتَفَـرّي النـارِ عَـن شَرَرِه
دَع جَـدا قَحطـانَ أَو مُضـَرٍ
فـي يَمـانيهِ وَفـي مُضـَرِه
وَاِمتَــدِح مِـن وائِلٍ رَجُلاً
عَصــَرُ الآفـاقِ مِـن عَصـَرِه
المَنايــا فــي مَقـانِبِهِ
وَالعَطايـا فـي ذَرا حُجَرِه
هَضــَمَ الــدُنيا بِنـائِلِهِ
وَأَقـالَ الـدينَ مِـن عَثَرِه
مَلِـــكٌ تَنــدى أَنــامِلُهُ
كَـاِنبِلاجِ النَـوءِ عَن مَطَرِه
مُســـتَهِلٌّ عَــن مَــواهِبِهِ
كَاِبتِسـامِ الرَوضِ عَن زَهَرِه
عَقَــدَ الجِـدُّ الأُمـورَ بِـهِ
حيـنَ لَـم يَنهَـض بِمَتَّعَـرِه
فَكَفاهــا وَاِســتَقَلَّ بِهـا
لَـم تَضـِف وَهناً قُوى مِرَرِه
جَبَـــلٌ عَـــزَّت مَنــاكِبُهُ
أمِنَـت عَـدنانُ فـي ثُغـرِه
إِنَّمـا الـدُنيا أَبـو دُلَفٍ
بَيــنَ مَغــزاهُ وَمُحتَضـَرِه
فَــإِذا وَلّــى أَبـو دُلَـفٍ
وَلَّـتِ الـدُنيا عَلـى أَثَرِه
لَسـتُ أَدرى مـا أَقـولُ لَهُ
غَيـرَ أَن الأَرضَ فـي خَفَـرِه
يـا دَواءَ الأَرضِ إِن فَسـَدَت
وَمُـديلَ اليُسـرِ مِـن عُسُرِه
كُـلُّ مَـن في الأَرضِ مِن عَرَبٍ
بَيـنَ بـاديهِ إِلـى حَضـَرِه
مُســتَعيرٌ مِنــكَ مَكرُمَــةً
يَكتَســيها يَـومَ مُفتَخَـره
صــاغَكَ اللَـهُ أَبـا دُلَـفٍ
صـِبغَةً في الخَلقِ مِن خِيَرِه
أَيّ يَومَيــكَ اِعتَزَيـتَ لَـهُ
اِستَضـاءَ المَجـدُ مِن قُتُرِه
لَـو رَمَيـتَ الدهرَ عَن عُرُض
ثَلَّمَــت كَفّـاكَ مِـن حَجَـرِه
رُبَّ ضـافي الأَمـنِ فـي وَزَرٍ
قَـد أَبَـتَّ الخَوفَ في وَزَرِه
وَاِبـنِ خَـوفٍ فـي حَشا خَمَرٍ
نُشـتَه بِـالأَمنِ مِـن خَمَـرِه
وَزَحـــوفٍ فــي صــَواهِلِهِ
كَصـِياحِ الحَشـرِ فـي أَمَرِه
قَــدتَهُ وَالمَــوتُ مَكتَمِـنٌ
فــي مــذاكيهِ ومُشـتَجِرِه
فَرَمَــت جيلـوهُ مِنـهُ يَـدٌ
طَـوَتِ المَنشـورَ مِـن بَطَرِه
زُرتَــهُ وَالخَيــلُ عابِسـَةٌ
تَحمِـلُ البُؤسـى إِلى عَقُرِه
خارِجــاتٌ تَحــتَ رايَتهـا
كَخُـروجِ الطَيـرِ مِـن وُكُرِه
فَــأَبَحتَ الخَيــلَ عَقـوَتَه
وَقَرَيـتَ الطَيـرَ مِـن جزَرِه
وَعَلـى النُعمـانِ عُجتَ بِها
فَـأَقَمتَ المَيـلَ مِـن صَعَرِه
غَمَــطَ النُعمـانُ صـَفوَتها
فَـرَدَدتَ الصـَفوَ فـي كَدَرِه
وَتَحَســـّى كَــأسَ مُغتَبِــقٍ
لا يُـدالُ الصـَحوَ مِن سُكُرِه
وَبِقُرقـــورٍ أَدَرت رَحـــا
وَقعَــةٍ فَلَّـت شـَبا أَشـَرِه
وَتَــأَنَّيتَ البَقــاءَ لَــهُ
فَـأَبى المَحتـومُ مِن قَدَرِه
وَطَفــى حَتّــى رَفَعـتَ لَـهُ
خُطَّــةً شـَنعاءَ مِـن ذَكَـرِه
علي بن جَبلة بن مسلم بن عبد الرحمن الأبناوي.شاعر عراقي مجيد، أعمى، أسود، أبرص، من أبناء الشيعة الخراسانية، ولد بحيّ الحربية في الجانب الغربي من بغداد ويلقب بالعَكَوَّك وبه اشتهر ومعناه القصير السمين.ويقال إن الأصمعي هو الذي لقبه به حين رأى هارون الرشيد متقبلاً له، معجباً به.ويختلف الرواة في فقده لبصره، فمنهم من قال أنه ولد مكفوفاً ومنهم من قال أنه كف بصره وهو صبي. وعني به والده فدفعه إلى مجالس العلم والأدب مما أذكى موهبته الشعرية وهذبها.وكان قد امتدح الخلفاء ومنهم الرشيد الذي أجزل له العطاء وفي عهد المأمون كتب قصيدة في مدحه إلا أنه لم ينشدها بين يديه وإنما أرسلها مع حميد الطوسي فسخط المأمون عليه لأنه نوه بحميد الطوسي وأبي دلف العجلي وتأخر عن مدحه والإشادة به، مما أوصد عليه أبواب الخلفاء بعد الرشيد.وتدور مواضيع شعره حول المديح والرثاء كما يراوح في بعضه بين السخرية والتهكم والفحش وهتك الأعراض والرمي بالزندقة والغزل والعتاب. وصفه الأصفهاني بقوله:(هو شاعر مطبوع عذب اللفظ جزل، لطيف المعاني، مدّاح حسن التصرف).اختلف في سبب وفاته فمنهم من يقول إن المأمون هو الذي قتله لأنه بالغ في مدح أبي دلف العجلي وحميد الطوسي ويخلع عليهما صفات الله. ومنهم من قال إنه توفي حتف أنفه.