
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
مَـرَت عَينَـهُ للشـوقِ فالـدَمعُ مُنسَكِب
طُلـولُ ديـارِ الحَـيِّ والحـيُّ مُغتَـرِب
كَسـا الـدَهرُ بُردَيها البِلى وَلَرُبَّما
لبِســنا جَديــديها وأَعلامُنـا قُشـُب
فَغَّيَــرَ مَغناهــا وَمحَّــت رســومَها
ســَماءٌ وأَرواحٌ وَدَهــرٌ لَهــا عَقَـب
تَربّــعَ فــي أَطلالِهـا بَعـدَ أَهلِهـا
زَمـانٌ يُشـِتُّ الشـَملَ فـي صـَرفهِ عجب
تَبــدَّلَتِ الظُلمــان بَعــدَ أَنيسـِها
وسـوداً مِـنَ الغِربـانِ تَبكي وَتَنتَحِب
وَعَهـدي بِهـا غَنَّـاء مُخضـَرَّةُ الرُبـى
يَطيـبُ الهَـوى فيها ويُستَحسنُ اللَعِب
وَفــي عَرصــاتِ الحـيِّ أَظـبٍ كأَنَّهـا
مَــوائِدُ أَغصــانٍ تــأَوّدُ فـي كُثُـب
عَواتِـقُ قَـد صـانَ النَعيـمُ وجوهَهـا
وَخَفَّرَهــا خَفــرُ الحَواضـِنِ والحُجُـب
عَفــائِفُ لَـم يَكشـِفنَ سـِتراً لِغَـدرَةٍ
وَلَـم تَنتِـحِ الأَطـرافُ مِنهُـنَّ بالرِيَب
فـأَدرَجهم طـيُّ الجَديـدَينِ فـانطَوَوا
كَـذاكَ انصـِداع الشَعبِ ينأى وَيَقتَرِب
وَكـأَسٍ كَسـا السـاقي لَنا بَعدَ هَجعَةٍ
حَواشـيَها مـا مَـجَّ مِـن رِيقِهِ العِنَب
كُميـت أَجـادَت جمـرَةُ الصـَيف طَبخَها
فـــآبَت بِلا نــار تُحَــشُّ وَلا حَطَــب
لَطيمــة مِســك فُـتَّ عَنهـا خِتامُهـا
مُعتَّقَــة صــَهباءُ حيريَّــة النَســَب
رَبيبــةُ أَحقـابٍ جَلا الـدَهرُ وَجهَهـا
فَليـــسَ بِهــا إِلا تلأَلؤَهــا نَــدَب
إِذا فُرُجــاتُ الكـأَسِ مِنهـا تُخيِّلَـت
تـأَمّلتَ فـي حافاتِهـا شـُعَل اللَهـب
كـأَنَّ اطِّـرادَ المـاءِ فـي جَنباتِهـا
تتَّبـعُ مـاءُ الـدُرّ فـي سـُبُكِ الذَهَب
سـَقاني بِهـا واللَيـلُ قَد شابَ رأَسه
غَــزالٌ بِحنــاء الزُجاجــةِ مُختَضـَب
يَكـادُ إِذا مـا ارتَـجَّ ما في إزاره
ومـالَت أَعـاليهِ مِـنَ اللِيـن يَنقَضِب
لَطيفُ الحَشى عبلُ الشَوى مُدمَجُ القَرى
مَريـضُ جُفـونِ العَيـنِ فـي طيِّـهِ قبَب
أَميـلُ إِذا مـا قـائدُ الجَهلِ قادني
إِليـهِ وَتَلقـاني الغَـواني فتَصـطَحِب
فَــوَزَّعَني بَعــدَ الجَهالـةِ والصـِبا
عَـنِ الجَهـلِ عَهـدٌ بالشَبيبَةِ قَد ذَهَب
وأَحـداثُ شـَيبِ يَفتَرعـنَ عَـنِ البلـى
وَدَهــرٌ تهِــرُّ النَـاسُ أَيـامُهُ كلِـب
فأَصـبَحتُ قَـد نكَّبـتُ عَـن طُرُقِ الصِبا
وَجـانَبت أَحـداثَ الزُجاجـةِ والطَـرَب
يَحِطــانِ كأَســاً للنَـديمِ إِذا جَـرت
عَلــيَّ وإِن كــانَت حَلالاً لِمَــن شـَرِب
وَلَـو شـِئتُ عاطـاني الزُجاجـةَ أَحورٌ
طَويـلُ قَنـاةِ الصـُلب مُنخَـزِلُ العَصَب
لياليَنــا بــالطَفِّ إِذ نَحـنُ جيـرَةٌ
وإِذ لِلهَـوى فينـا وفـي وَصلِنا أَرَب
لَيــاليَ تَســعى بالمدامَـةِ بَينَنـا
بَنـاتُ النَصـارى فـي قلائِدِها الصُلُب
تُخالســُني الَّلــذات أَيـدي عَواطـلٍ
وَجـوفٍ مِـنَ العيـدانِ تَبكـي وَتَصطَخِب
إِلــى أَن رَمــى بـالأَربَعينَ مُشـِبُّها
وَوقَّرَنــي قَــرعُ الحـوادثِ والنَكَـب
وَكفكَــفَ مِــن غَربـي مَشـيبٌ وَكَـبرَةٌ
وأَحكَمَنــي طــولُ التَجــاربِ والأَدَب
وَبحــر يَحـارُ الطَـرفُ فيـهِ قَطعَتُـهُ
بِمَهنــوءة مِــن غَيـرِ عُـرٍّ وَلا جَـرب
مُلاحَكــةِ الأَضــلاعِ مَحبوكــة القَـرى
مُداخِلـةِ الرَايـاتِ بالقـارِ والخَشَب
موثَّقــة الأَلـواح لَـم يُـدم متنَهـا
ولا صــَفحتيها عَقــدُ رَحـلٍ وَلا قَتـب
عَريَضــةُ زَورَ الصـَدرِ دَهمـاء رَسـلة
سـِنادٌ خَليـعُ الـرأَس مَزمومة الذَنَب
جَمـوحُ الصـَلا مـوَّارةُ الصـَدرِ جَسـرَةٌ
تَكـادُ مِـن الإِغراق في السير تَلتَهب
مجفّــرة الجَنبَيــن جَوفــاء جَونـة
نَبيلـة مَجـرى العَرض في ظَهرِها حَدَب
معلَّمــة لا تَشــتَكي الأَيـنَ والـوَجى
وَلا تَشـتَكي عَـضَّ النُسـوع وَلا الـدَأب
وَلَـم يـدم مِـن جَذب الخشاشة أَنفها
وَلا خانَهـا رسـم المناسـِبِ والنَقَـب
مُرَقَّقَـــةِ الأَخفــافِ صــُمٌّ عِظامُهــا
شـَديدَة طـيِّ الصـُّلب مَعصـوبَةُ العَصَب
يَشــقُّ حُبــابَ المـاءِ حَـدُّ جِرانِهـا
إِذا مـا تَفـرَّى عَـن مناكِبها الحَبب
إِذا اعتَلجَـت والريـحُ فـي بَطنِ لُجّة
رأَيـتُ عَجـاج المـوتِ مِن حَولِها يَثِب
تَرامـي بِهـا الخلجـانُ مِن كُلِّ جانبٍ
إِلـى متـن مقتِّـر المسـافة مُنجَـذب
وَمَثقوبَــة الأَخفـاف تَـدمي أَنوفهـا
معرَّقــة الأَصــلابِ مطويّــة القُــرُب
صــَوادع للشـّعب الشـَديد التَيـامُه
شـَواعِب للصـّدع الَـذي لَيـسَ يَنشـعب
محمد بن علي بن عبد الله بن رزين بن سليمان بن تميم الخزاعي.شاعر مطبوع، سريع الخاطر رقيق الألفاظ.من أهل الكوفة غلبه على الشهرة معاصراه صريع الغواني وأبو النواس. وانقطع إلى أمير الرقة عقبة بن جعفر الخزاعي فأغناه عقبة عن سواه.ولقبه أبو الشيص ويقال للنخلة إذا لم يكن لها نوى وذلك رديء مذموم.وهو ابن عم دعبل الخزاعي، عمي في آخر عمره قتله خادم لعقبة في الرقة.