
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
غَشِـــيتُ لِلَيْلَــى رَسْــمَ دَارٍ وَمَنْـزِلا
أَبَـــى بِـاللِّوَى فَـالتِّبْرِ أَنْ يَتَحَـوَّلا
تَكـــادُ مَغانِيهـا تَقُـولُ مِـنَ الْبِلَـى
لِســـائِلِها عَـــنْ أَهْلِهــا: لا تَغَيَّلا
وَقَفْـــتُ بِهــا لا قاضِــياً لِـيَ حاجَـةً
وَلا أَنْ تُــبِينَ الـدَّارُ شَـيْئَاً فَأَسْـأَلا
سِـوَى أَنَّنـي قَـدْ قُلْـتُ: يا لَيْتَ أَهْلَها
بِهــا، وَالْمُنــى كـانَتْ أَضَـلَّ وَأَجْهَلا
بَكَيْــتَ وَمـا يُبْكِيـكَ مِـنْ رَسْـمِ دِمْنَـةٍ
مُبِنّـــــاً حَمـــامٌ بَيْنَهـــا مُتَظَلِّلا
عَهِــدْتُ بِهـا الْحَـيَّ الْجَمِيـعَ فَأَصْبَحُوا
أَتَــــوْا داعِيــاً لِلَّــهِ عَــمَّ وَخَلَّلا
عَهِـــدْتُ بِهــا فِتْيــانَ حَـرْبٍ وَشَـتْوَةٍ
كِرامــــاً يَفُكُّــونَ الْأَسِــيرَ الْمُكَبَّلا
وَكَـــمْ دُونَ لَيْلَــى مِــنْ فَلاةٍ كَأَنَّمـا
تَجَلَّـــــلَ أَعْلاهــــا مُلَاءً مُعَضَّــــلا
مَهـــامِهَ تِيــهٍ مِــنْ عُنَيْـزَةَ أَصْـبَحَتْ
تَخــالُ بِهـا الْقَعْقـاعَ غـارِبَ أَجْـزَلا
مُخَفِّقَـــــةٌ لا يَهْتَــــدي لِفَلاتِهــــا
مِـــنَ الْقَــوْمِ إِلَّا مَـنْ مَضَـى وَتَـوَكَّلا
يُهَــالُ بِهـا رَكْـبُ الْفَلاةِ مِـنَ الـرَّدَى
وَمِــنْ خَـوْفِ هـادِيهِمْ وَمـا قَـدْ تَحَمَّلا
إِذا جــالَ فِيهـا الثَّـوْرُ شَـبَّهْتَ شَخْصَهُ
بَجَــــــوْزِ الْفَلاةِ بَرْبَرِيِّــــاً مُجَلَّلا
تَقَطَّـــعَ جُــونِيُّ الْقَطــا دُونَ مائِهـا
إِذا الْآلُ بِالْبِيـــدِ الْبَسـابِسِ هَـرْوَلا
إِذا حــانَ فِيهـا وَقْعَةُ الرَّكْبِ لَمْ تَجِدْ
بِهــــا الْعِيــسُ إِلَّا جِلْــدَها مُتَعَلَّلا
قَطَعْـــتُ إِلــى مَعْروفِهــا مُنْكَراتِهـا
إِذا الْبِيــدُ هَمَّـتْ بِالضُّـحَى أَنْ تَغَوَّلا
بِأَدْمــــاءَ حُرْجُـــوجٍ كَــأَنَّ بِــدَفِّها
تَهاوِيــــلَ هِــرٍّ أَوْ تَهاوِيــلَ أَخْيَلا
تَـــدافَعُ فِـي ثِنْـيِ الْجَـدِيلِ وَتَنْتَحِـي
إِذا مـا غَـدَتْ دَفْواءَ فِي الْمَشْيِ عَيْهَلا
تَــــدافُعَ غَسَّــانِيَّةٍ وَسْــــطَ لُجَّـــةٍ
إِذا هِـــيَ هَمَّــتْ يَـوْمَ رِيـحٍ لِتُرْسِـلا
كَـــأَنَّ بِهـــا شَـيْطانَةً مِـنْ نَجائِهـا
إِذا واكِــفُ الذِّفْرَى عَلى اللِّيتِ شُلْشِلا
وَتُصْـــبِحُ عَــنْ غِــبِّ السُّـرَى وَكَأَنَّهـا
فَنِيـــقٌ تَنَــاهَى عَـنْ رِحـالٍ فَـأَرْقَلا
وَتَنْجُــو إِذا زالَ النَّهَـارُ كَمَـا نَجَـا
هِجَـــفٌّ أَبـُـو رَأْلَيْــنِ رِيـعَ فَـأَجْفَلا
كَـــأَنِّي كَسَــوْتُ الرَّحْـلَ أَخْنَـسَ ناشِطاً
أَحَــمَّ الشَّـوى فَـرْداً بِأَجْمـادِ حَـوْمَلا
رَعَـــى مِـنْ دَخُولَيْهـا لُعَاعـاً فَراقَـهُ
لَـــدُنْ غُــدْوَةً حَتَّــى تَــرَوَّحَ مُوصِـلا
فَصَـــعَّدَ فِــي وَعْسـائِها ثُمَّـتَ انْتَمـى
إِلـــى أَحْبُــلٍ مِنْهــا وَجـاوَزَ أَحْبُلا
فَبـــاتَ إِلــى أَرْطــاةِ حِقْــفٍ تَلُفُّـهُ
شَـــآمِيَّةٌ تُـــذْرِي الْجُمــانَ الْمُفَصَّلا
يُـــوائِلُ مِـنْ وَطْفـاءَ لَـمْ يَـرَ لَيْلَـةً
أَشَـــدَّ أَذىً مِنْهــا عَلَيْــهِ وَأَطْــوَلا
وَبـــاتَ وَبــاتَ السَّــارِياتُ يُضِــفْنَهُ
إِلــى نَعِـجٍ مِـنْ ضـائِنِ الرَّمْـلِ أَهْيَلا
شَـــديدَ سَــوادِ الْحــاجِبَيْنِ كَأَنَّمــا
أُسِــــفَّ صَــلَى نــارٍ فَأَصْــبَحَ أَكْحَلا
فَصَــــبَّحَهُ عِنْــــدَ الشُّــرُوقِ غُدَيَّــةً
أَخُـــو قَنَــصٍ يُشْــلِي عِطافـاً وَأَجْبُلا
فَلَمَّــــا رَأَى أَنْ لا يُحــاوِلْنَ غَيْــرَهُ
أَرادَ لِيَلْقــــــاهُنَّ بِالشَّــــرِّ أَوَّلا
فَجــــالَ عَلَـــى وَحشِـــيَّهِ وَكَأَنَّهــا
يَعاسِـــــيبُ صـَيْفٍ إِثْـــرَهُ إِذْ تَمَهَّلا
فَكَـــرَّ كَمَــا كَــرَّ الْحَـوارِيُّ يَبْتَغـي
إِلـــى اللَّـهِ زُلْفـى أَنْ يَكُـرَّ فَيُقْتَلا
وَكَـــرَّ وَمــا أَدْرَكْنَــهُ غَيْــرَ أَنَّــهُ
كَرِيــــمٌ عَلَيْــهِ كِبْرِيــاءُ فَــأَقْبَلا
يَهُـــزُّ سِـلاحاً لَـمْ يَـرَ النَّـاسُ مِثْلَـهُ
سِــلاحَ أَخِـــي هَيْجـــا أَدَقَّ وَأَعْــدَلا
فَمارَسَـــها حَتَّــى إِذا احْمَــرَّ رَوْقُـهُ
وَقَـــد عُــلَّ مِــنْ أَجْــوافِهِنَّ وَأُنْهِلا
يُســــاقِطُ عَنْــهُ رَوْقُــهُ ضــارِياتِها
سِـــقاطَ حَديـدِ الْقَيْـنِ أَخْـوَلَ أَخْـوَلا
فَظَـــلَّ سَــراةَ الْيَــوْمِ يَطْعُــنُ ظِلَّـهُ
بِــــأَطْرَافِ مَـــدْرِيَّيْنِ حَتَّـــى تَفَلَّلا
وَراحَ كَسَـــــيْفِ الْحِمْيَـــرِيِّ بِكَفِّـــهِ
نَضـــا غِمْــدَهُ عَنْـهُ وَأَعْطـاهُ صَـيْقَلا
وَآبَ عَزيـــزَ النَّفْــسِ مــانِعَ لَحْمِــهِ
إِذا مـــا أَرادَ الْبُعْـدَ مِنْهـا تَمَهَّلا
هو ضابئ بن الْحَارِث بن أَرْطَاة بن شهَاب بن عبيد بن خاذل بْن قيس الْقَبِيلَة بن حَنْظَلَة بن مَالك من البراجم، شاعرٌ مُخَضرمٌ، أَدركَ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، كانَ قدْ سَرَق من بني جَرْوَل كلباً فظلَّ عندهُ فترةً طويلةً فطالبوه به فرفض أنْ يرجعه لهم، ثمَّ بعد ذلك عرَضوا له فأخذوهُ عَنوةً، فهجاهم هجاءً شنيعًا فأخذَهُ عثمان بن عفّان فسجنه ثمّ ماتَ في سجنه، أوردَ له الأصمعيُّ في الأصمعيات وكذلك في كتب الحماسة، وعدَّه ابن سلاّم من الطبقة التاسعة.