
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
كَرامَــةُ النّفــسِ كَفَّتنــي عَـنِ البخـلِ
وَجُـرأَةُ القلـبِ حـادَت بـي عـن الفشـَلِ
وَقُــوَّةُ العَقــلِ تَهــديني إِلــى رشـَدٍ
وَجــودَةُ الــرّأي تَنهـاني عَـنِ الخلَـلِ
وَعِــزّةُ النّفــسِ تَــأبى لِــي مَـذَلَّتها
وَرِفعَــةُ القَـدرِ تَسـمو بـي عَلـى زحَـلِ
وَحلَّـــةُ العِـــزِّ يَعلـــوني تَجمّلهــا
وَزينَــةُ المَجــدِ حلَّتنــي مِـنَ العَطـلِ
وَحليـــةُ العلــمِ زانَتنــي بِجَــوهَرهِ
فَمــا الــتزيّنُ فــي حَلـيٍ وفـي حلـلِ
جـــاهي بِلا مَنصـــِبٍ جــاهي يُصــاحِبهُ
وَالشـّمسُ لا بـرجُ عيـن الشّمسِ في الحَملِ
بَلــى حيـنَ عَزلـيَ قَـد يقـوى ولا عَجـبٌ
ما الشّمسُ رَأدُ الضّحى كَالشّمسِ في الطَّفلِ
فيـــمَ الإِقامَــةُ بِالإِفتــاءِ يَحبِســني
بِغَيـــرِ نَفـــعٍ وَلا عِلـــمٍ وَلا عمَـــلِ
لا ســــِفرَ أَنظُــــرهُ لا دَرسَ أَقـــرؤُهُ
لا شــَيخَ أَســمَعُهُ لا بَحــثَ يــذكرُ لـي
أَجـــلْ تبـــاحِثُني الجهّــالُ طالِبَــةً
مـا عَنـهُ قَـد نَفَـرت نَفسـي ولـم تَمِـلِ
لَـــم يَســـأَلونِيَ إِلّا عَــن وَقــائِعِهم
كَــالبيعِ وَالرّهـنِ وَالتّطليـقِ والحِيَـلِ
أَصــبَحتُ فـي ذاكَ صـِفرَ الكـفِّ خالِيَهـا
أُقلّــب الكــفَّ كَـالثّكلى لَـدى الثكـلِ
فيــهِ اِبتُليــتُ بِكــرهٍ مَــع كراهِيـةٍ
وَمَــن يَكُـن مُكرَهـاً لـم يُـدْعَ بالبطـلِ
فَلا نَصـــيرَ إِلَيـــهِ أَشـــتَكي نَصــَبي
وَلا مُعيـــنَ علــى التّخفيــفِ لِلثقــلِ
ســَئِمتُ حتّــى حَيــاتي فيـه مـن ضـجَرٍ
وَكِــدتُ أَخــرجُ عَـن روحـي مِـنَ المَلـلِ
لَـو كُنـتُ أَضـرِبُ فـي قَفـرٍ لَمـا سـَئِمَت
روحـي وَلَـو هِمـتُ فـي سـَهلٍ وفـي جبـلِ
وَالسـَّعْدُ فـي الشـّمس لِلتسـيارِ حَلَّ بها
وَالنَّحــسُ حَـلَّ لِبطـءِ السـّيرِ فـي زُحَـلِ
طــالَ اِحتِمـالِيَ مـا أَلقـاهُ مِـن مِحَـنٍ
وَطــالَ أَســري بِــهِ يـا ضـَيعَةَ الأَجـلِ
أَمّلـــتُ مِنــهُ خَلاصــي ظَــنُّ ذي وَهَــمٍ
نَفـح التمنّـي فَضـاعَ العمـرُ فـي الأملِ
مـا رُمـتُ فيـهِ سـِوى نَشـرِ الفَضائِلِ في
أَخـــذٍ ودرسٍ عَلـــى مكـــثٍ ومرتَحَــلِ
مــا رُمــتُ بَســطَةَ كَـفٍّ أَسـتَعينُ بِهـا
عَلــى قَضــاءِ حُقــوقٍ لِلعلــى قِبَلــي
إِذِ العُلــى مِـن حُقـوقي لا حُقـوقَ لهـا
عَلـــــيَّ ذات حُلــــولٍ لا وَلا أَجَــــلِ
لَكِنَّمــا فيــهِ آمــالي قَــدِ اِنعَكَسـَت
وَالــدَّهرُ يَعكِـسُ آمـالَ الفَـتى الرّجـلِ
مِــن خَـوفِيَ العكـسَ لا أَرجـوهُ يُقنِعُنـي
مِــنَ الغَنيمَــةِ بَعــدَ الكـدِّ بِالقَفـلِ
وَذي ذَكـــاءٍ صــَحيحِ الــذّهنِ رائقِــهِ
مُســدَّدِ الــرّأيِ فــي سـلمٍ وَفـي جـدَلِ
صـَعبِ الجِـدالِ وَسـَهلِ السـّلم قَـد خَلَطت
بِصــحَّةِ القَــولِ مِنــهُ قلَّــةُ الخطَــلِ
مَنَعــت ســكرَ الهَــوى يَلهـو بِمُقلَتِـهِ
وَاللّيـلُ أَجـرى سـُلافَ النّـومِ في المقَلِ
وَالســُّهدُ كحــلٌ وَاِسـفِنط الكـرى كَحَـل
والكُحــلُ يَغلِـبُ أَحيانـاً علـى الكَحَـلِ
وَالصــّحب فـي الـرّأيِ إِذ دارَت سـُلافتُهُ
رَأيتهُـــم بَيــنَ ذي صــَحوٍ وَذي ثمَــلِ
فَقُلــتُ دَبِّــر خَلاصــي يـا خـدينَ حِجـى
فَـأَنتَ تَنصـُر فـي الجُلّـى وَفـي الجَلـلِ
فَــراحَ عَنّــي وَقــد أَبــدى مُقـاطَعَتي
وَلَــــم يُبـــالِ بِخـــذلانٍ وَمخـــتزلِ
وَنــامَ عَنّــي وَطــرفُ النّجـمِ سـاهَرَني
وَزالَ عَنّــي وزَنــجُ اللّيــلِ لَـم يـزُلِ
فَمَــن يُعيــنُ عَلــى أَمــرٍ قَصـدت لَـهُ
حَتّــى أُشــاوِرَه خَوفــاً مِــنَ الزّلــلِ
لا عَــونَ أَبغيــهِ فــي غيّـي بِفـاتِنَتِي
وَلَســت بِــالغيّ منهيّــاً عَــنِ الفشـلِ
بَــل قَــد أَرومُ طـروقَ الحَـيِّ زائِرهـا
أَزورهـــا أَيَّمــا وَقــتٍ عَلــى مهَــلِ
لا أَختَشـي القتـلَ مِـن بيـضٍ وَمِـن أسـَلٍ
وَمِــن ســِهامِ رُمــاةٍ مِــن بنـي ثُعَـلِ
فَالقَتــلُ حَتــمٌ عَلـى العشـّاقِ مكتتَـبٌ
وَقَــد يَكــونُ بِغَيــرِ الســّيفِ وَالأَسـلِ
فَســـِرْ بِنـــا وَظَلامُ اللّيــلِ مُعتَكِــر
وعُـجْ بنـا الليـلَ عـن سـهلٍ إِلـى جَبلِ
فَنفحــةُ الطيــبِ مِــن مِســكٍ وحسـنهمُ
كَنَفخــةِ النـاي تَهـدينا إِلـى الحلـلِ
وَالحــي عَنــهُ العِـدا وَالأُسـدُ هارِبَـةٌ
حَيــثُ البُيــوتُ مِـنَ العَسـّالَةِ الـذبلِ
وَاِقصـِد بِنـا فِتيـةً فـي الحيّ قَد سُقِيَت
مــاءَ المَحاســِنِ مِـن غنـجٍ وَمِـن كحَـلِ
وَمِــن جَمـالٍ يَفـوقُ الشـَّمسَ لَـو طَلَعَـت
وَمِـن بَهـاءٍ يُسـامي البـدرَ وهـو علـي
وَمِــن عُيــونٍ خَطَفـنَ العقـلَ فـي دعَـجٍ
وَاللّــبَّ فــي حَـورٍ وَالطَـرفَ فـي ثَجـلِ
وَالقَــومُ أُسـدُ الـوغي أدنـاهُمُ كَرمـاً
مَــن كـانَ يَسـمَحُ بِالـدّنيا وَلَـم يَسـَلِ
وَزاد طيــب أَحــاديث الكِــرامِ بِهــا
مــا بِــالكَرائِمِ مِـن جبْـنٍ وَمِـن بَخَـلِ
تَــدومُ نــارُ الجَـوى مِنهُـنَّ فـي خَلَـدٍ
ثَـوراً كَنـارِ القِـرى مِنهُـم عَلى القللِ
يَصــرَعنَ آســادَ غــابٍ لا حيــاةَ لهـم
كَصـــَرعِهِم لِكِـــرامِ الخَيــلِ وَالإبــلِ
يَحيــا قَتيـلُ المَواضـي فـي مَنـازِلِهم
بِمَصــّةٍ مِــن كُــؤوسِ الخمــرِ وَالعَسـلِ
عَســايَ أَحظــى بِتِلـكَ الخَمـرِ مُرتَشـِفاً
تَعـودُ روحـي بِهـا وَالـبرء فـي عِللـي
فَــإِنّ روحــي بِـذاكَ الحـيِّ قَـد سـَكَنَت
وَطــارَ قَلــبي لَــهُ مِـن جَنـبِ مُنتَحِـلِ
وَلَــم تَــكُ الطّعنَــةُ النّجلاءُ تَمنَعُنـي
عَنــهُ وَلا رَشــق نبــلِ الأَعيُـنِ النّجُـلِ
لا أَكــرَهُ المَــوتَ حتّــى ذاكَ يَمنَعُنـي
وَكَيـفَ أَرهَـبُ لَمـحَ الـبيض فـي الكلـلِ
وَهَـــل تركـــت لِغُـــزلانٍ تُحـــادِثُني
وَقَــد عَلَتنــي لُيـوثُ الغِيـلِ بِالغيـلِ
كَســبُ المَعــالي بِحـبِّ المَـوتِ مُرتَبِـطٌ
مــا بِالســّلامَةِ مَجــدٌ نِيــلَ وَالكسـلِ
فَـاِخرُج مَـتى تَرتَضـي حـبَّ السـّلامة مِـن
تَحـتَ السـّماءِ إِلـى مـا شـِئتَ وَاِرتَحـلِ
وَإِن رَضــيتَ قَليــلَ العَيــشِ مُقتَنِعــاً
قُــمْ وَاِتّخـذْ نَفَقـاً فـي الأَرضِ وَاِعتَـزِلِ
رِضــا الجَبــانِ بِحــبِّ الجبـنِ أَرذلَـهُ
وَالمَجــدُ بَيــنَ ظُهـورِ الخَيـلِ وَالأسـلِ
وَفــي القَواضــبِ وَالتّســهيدِ مـن أدبٍ
وَمِــن علــومٍ تصـونُ المـرءَ عَـن زَلَـلِ
وَكَــثرَةُ العَيــشِ فـي كَـدحٍ وفـي نصـَبٍ
مكثــاً وَفَــوقَ مُتــونِ الأيْنُـق الـذُّللِ
فَاِضـرِب بِهـا فـي صـدورِ البيـدِ عادِيَةً
وَاِفخَـر عَلـى الخَيـلِ في مُنقادَةِ الجَدلِ
وَالمَجــدُ أَخبَرَنــي أَهلــوهُ عَـن ثِقـةٍ
بِـــأَنّهم إِنّمـــا نـــالوهُ بالنُّقَــلِ
لَـو كـانَ فـي رِفعَـةِ المَأوى حُصولُ عُلىً
للشـّمس كبـد السـّما دامَـت ولـم تَـزُلِ
وَالســّيفُ يَــأكُلُهُ فــي غِمــدِهِ صــَدأٌ
والسـَّحبُ يَجلـو وَلَـو لِلضـّربِ في الفللِ
وَالمــاءُ يَحســنُ فــي مَجـراهُ مُنتَقِلاً
وَلَيـــسَ يَأســـَنُ إِلّا غيـــرُ منتقـــلِ
وَاللَّــه قَلّـب أَهـلَ الكَهـفِ إِذ رَقَـدوا
لَـولاهُ كـانوا فَنـوْا بِـالتّربِ وَالبلـلِ
لا أَطلــبُ الحــظَّ إنَّ الحــظَّ ذو صــَممٍ
أَعمــىً عَـنِ الفضـلِ بِـالأَرذالِ ذو شـغلِ
وَالحَـــظُّ لِلجهـــلِ خِــدْنٌ لا يُفــارِقُهُ
وَالفَضـلُ للحـظِّ ضـدٌّ فـي العُقـولِ جلـي
أُطبِّـــبُ النّفـــسَ بِالآمــالِ تَأملهــا
مـا أَزهَـقَ النَّفـسَ لَـولا الطـبّ بِالأَمـلِ
مـا فـي الشـَّبابِ رَضـيتُ العَيشَ ذا سعةٍ
فَكَيــفَ بِالضـّنْكِ حـالَ الشـّيب وَالعلـلِ
تَصــونُني النّفـسُ مِـن عـالي فَخامَتِهـا
عَــن قَصــدِ مُرتَفِــعٍ قَــدراً ومبتــذلِ
وَعــادَةُ الأُســْدِ لا تَرضــى وَلَـو هَلَكَـت
فَريســَةَ الغَيــرِ مِــن عــالٍ وَمرتـذلِ
مــا كُنــتُ أَعلَــمُ أَنّ المجـدَ دَولَتُـهُ
تَنفَــكّ عَــن ماجِـدٍ أَعلـى ذُرى الـدّوَلِ
حَتّــى بَــدَت دَولــةُ الأَشــرافِ زائلـةً
وَقَــد بَــدَت دَولَــةُ الأَوبـاشِ وَالسـّفلِ
هـا قَـد سـُبِقت بِقَـومٍ كُنـت لَـو رَملوا
لَــم يَلحَقــوني وَإِن أَزحَـف عَلـى مهَـلِ
هَــذا مَــآلُ اِمـرِئٍ أَمثـالُه اِنقَرضـوا
فَـرامَ طـولَ البقـا فـي العـزِّ والخوَلِ
وَالـدونُ إِن يَعلُنـي لَـم يَعلُنـي شـَرَفا
وَالشــّمسُ وَالبــدرُ مُنحَطّـان عـن زُحَـلِ
فَاِصـبِرْ عَلـى الـدَّهرِ وَاِسـتَقبِلْ حَوادِثه
فَإِنّمــا الصـّبرُ شـَأنُ الفـارِسِ البطـلِ
أَســنى صــَديقك شــَخصٌ لَســتَ تَعرفُــهُ
وَمَـــن عَرَفــت فَصــاحِبْه عَلــى دخــلِ
وَكُــن ذَكيّــاً بِســوءِ الظــنِّ مُحترسـاً
إِن كُنـتَ ذا العَقـلِ لا تَـأمَن إِلـى رَجُلِ
ذَمّــوا الوَفـاءَ وَصـارَ الغـدرُ مَحمَـدَةً
وَالكـذبُ فَخـراً وَصـارَ الصـّدقُ كَالزّلـلِ
لا عـــارَ يَمنَعُهُــم لا ســَيفَ يُرجِعُهــم
فَلَيــسَ يَنفــع ســَبقُ الســّيف للعـذَلِ
لَـو واعَـدوا أَخلَفـوا لَو حَدَّثوا كَذبوا
إِذ أَوجَبـوا الخلـفَ بَينَ القَولِ وَالعَمَلِ
يــا ذائقـاً ضـنْكَ عيـشٍ كـان ذا سـعةٍ
تَجـــدُّ فـــي عَـــودِهِ كَــالأَزمنِ الأُوَلِ
مــاذا تُؤَمّــلُ شـربَ البحـرِ مِـن طَمـعٍ
وَأَنــتَ يُغنيــكَ عنــهَ مصــّةُ الوَشــلِ
كَنــزُ القَناعَــةِ كَنــزٌ لا نَفــادَ لـهُ
وَراحَــةُ المَــرء تَقفــو زُهـدَه وتَلـي
تَرجــو الخُلـودَ بِـدارٍ كَالخيـالِ وَهَـل
دامَ الخَيــالُ إِذا مــا طـافَ بِالمُقـلِ
ويــا شــهيداً أمـور الـدهر منتبهـاً
كــن حلـسَ بيتـك جـمّ الصـمت واعـتزِل
وَالعِلــمُ يَرعــاكَ إِن راعَيتــه فطنـاً
وَمَــن رَعــاهُ فَلا يُرعــى مــع الهمَـلِ
وَمِــلْ وَإِن تَعتَـزِلْ لِلنّـاسِ وَاِنـحُ إِلـى
خِــدنِ المُـروءَةِ مَرفـوعِ المَقـامِ عَلـي
عَيــنِ الكِــرامِ وَمجـدِ الأَكرميـن أبـاً
عِــزِّ الأَكــابِرِ زيــنِ الـدّينِ وَالـدّولِ
شـَمسُ المَعـالي بِـأوجِ السـّعد مَطلعُهـا
فــي دارَةِ الشـّرفِ الأَعلـى مِـنَ الحمـلِ
لَيـثُ الـوَغى الأسـَدُ الرّئبـالُ مُنتضـياً
قَواضــِبَ الـبيضِ قَـد فُلَّـت مِـن القلـلِ
تُثنــي الرّمــاحُ عليــهِ وَهـيَ قائِلـةٌ
هَــذا الَّــذي لِمِثــالي خيــر مُعتقـلِ
يُضـــيفُني بِقُلـــوبِ الأســـدِ ضــارِيَةً
وَمِــن دِماهــا ســَقاني أَطيـبَ النَّهَـلِ
بَحــرُ النّـدى جُـود مَعْـنٍ عنـدَ راحتِـهِ
مــا كــانَ إِلّا كَمِثـلِ الرّشـحِ وَالبلـلِ
عَـــفُّ الإِزارِ نَظيــفُ الثّغــرِ باســِمهُ
حُلــوُ الحَـديثِ حَميـدُ القَـولِ وَالعَمـلِ
جَميـــلُ ذاتٍ فَمـــا أَســنى شــَمائِلَهُ
بــالِغْ وَحَــدِّثْ بِمــا يَبــدو ولا تسـَلِ
فَتِلـكَ فـي الغايَـةِ القُصـوى وَذروَتِهـا
مِــنَ المَحاسـِنِ فـي التّفصـيلِ وَالجُمـلِ
حميـــدُ صـــيتٍ وأوصــافٍ قَــدِ اِمتَلأت
بِحَمــدِها الأرضُ مِــن ســَهلٍ وَمِـن جَبَـلِ
مِــن شــاهِدٍ شــامَها فيــهِ وَمُســتَمعٍ
عَــن ناقِــلٍ ثِقَــةٍ بِالصــّدقِ مُشــتَمِلِ
عَزيــزُ جــارٍ ذَليــلُ الضــدِّ مضــعَفه
مُشــتّت البــالِ مِــن خَـوفٍ وَمِـن وَجَـلِ
بَــدرُ الكَمــالِ كَمـالُ البـدرِ لا عَجَـبٌ
أَن يَكمُـلَ البـدر فـي أَضرابِ ذا الرّجلِ
يــا فَخــرَ عكّــارَ فَلتَنشـُر مَفاخِرَهـا
وَتُكـثر الفخـرَ فـي ذا الـدَّهرِ ولْتُطِـلِ
تِلـكَ الثريّـا وَهَـذا البـدرُ حَـلَّ بِهـا
حُلـــولَ عِـــزٍّ بِســعدٍ غيــر مُنفَصــِلِ
تيهــي عَلــى مِصــرَ وَالـدّنيا مُحمّلـةٌ
بِحُلّــةِ الــتيهِ تَبــدو أَفخَـر الحُلَـلِ
فَــإِن مــا نلــتِ مِـن عِـزٍّ وَمِـن شـَرفٍ
فَمــا رَوَينــاهُ فــي مِثْــلٍ ولا مثَــلِ
طــوبى لَهــا جنّــة أَدنــى مِحاسـِنها
أُنــسُ المَعاهِــدِ بِــالأَفراحِ والجــذلِ
يــا أَيّهــا السـّيِّدُ السـّامي بِسـُؤددهِ
فـي جَبهَـةِ المَجـدِ هـامَ البدرِ والحملِ
إِلَيــكَ بِكــراً أَبيــت اللّعـن غانيـةً
هَيفــاءَ تَهتَــزُّ مِثــل الأَسـمَرِ الخطِـلِ
جاءَتــكَ جارِيــةً تَمشــي عَلــى مَهَــلٍ
كَمُقْـــدِمٍ مُحجِـــمٍ أَو خـــائِفٍ وَجِـــلِ
تَــدفّقت مــاءَ لُطــفٍ مِــن جَوانِبهــا
فَكـانَ فـي الفَهـمِ فَـوقَ الشَّهدِ وَالعسَلِ
يَمـــوجُ جَـــوهرُ مَعناهـــا بِرَونَقِــهِ
كَجَــوهَرِ الســّيفِ لَــو يَبـدو بِمُنصـَقلِ
كــادَت تَســيلُ جَمــالاً مِــن بَلاغَتِهــا
لَـولا البَلاغَـةُ مِنهـا الحسـنُ لَـم يَسـِلِ
نَظمتُهــا مِــن لَآلــي الفِكـرِ مُنتَخِبـاً
مِنــه اليَـتيم مُحـالُ المِثـلِ وَالبَـدلِ
زَيَّنْتُهــا الـدّهرَ مِـن فـرقٍ إِلـى قـدمٍ
بِــدُرِّ مَــدحِكَ إِذ أَضــحى أَجــلَّ حُلــي
وَمَـــدحُ مِثلِـــكَ مـــا دُرٌّ يُعـــادِلُهُ
إِذ غَيــرُهُ لا يَزيــنُ البكـرَ مـن عطَـلِ
وَمَـــن شــَذى مِســكه أَضــحَت مُعَطَّــرةً
فَعِطرُهـــا عَطَّــرَ التّشــبيبَ كَــالغَزَلِ
تُريـــدُ قُبلَــةَ كَــفٍّ منــكَ تَمهرهــا
فَــإِنّ فَخـرَ الجَـواري المُهـر بالقُبَـلِ
أَقبِــلْ عَلَيهـا وَجُـدْ وَاِرفَـع مَنازِلَهـا
فَــإِنَّ ذا عنــدَها مِــن أَكـرَمِ النُّـزُلِ
وَاِغضـُضْ أَخـا العَفوِ طرفَ النّقضِ مُعتَرِضا
مَـن ذا الّـذي صـِينَ مِـن عَيـبٍ وَمِن خَلَلِ
لَكِـــنْ مَحاســـِنُها تَمحــو مَثالبَهــا
وَالعَيـبُ فيهـا أَخـا الإِدراكِ لـم يحـلِ
وَاِسـلَم وَدُمْ بِالهَنـا في الدَّهرِ مُنشَرِحاً
فــي رَغْــدِ عَيـشٍ بِصـَفوِ البـالِ مُتّصـلِ
بِراحَــةِ القَلــبِ وَالأَفكــارِ مِـن تَعَـبٍ
فــي عِــزِّ جـاهٍ بِنَيـلِ القَصـدِ مُكتَمِـلِ
مـا راحَ لَيـلٌ وَمـا جـاءَ النّهـارُ وَما
قَـد بـانَ نَجـمٌ لِنَجـمٍ فـي الشّروق يلي
مــا صـاحَ ديـكٌ وَمـا وُرْقٌ لَقَـد صـَدَحت
ومـا حَـدا الحـادِ حـادي النوقِ وَالإِبلِ
وَالحَمـــدُ للَّـــهِ مَولانــا وَخالِقنــا
ثُــمَّ الصــّلاة تُــوافي أَشــرَفَ الرّسـُلِ
وَقَــد جَعلــت خِتــامَ النّظــمِ حَمدَلـةً
لَعَــلَّ ربّــي بِحُسـنِ الختـمِ يَختِـمُ لـي
عبد اللطيف بن علي فتح الله.أديب من أهل بيروت، تولى القضاء والإفتاء.له نظم جيد في (ديوان -ط) و(مقامات -خ)، و(مجموعة شعرية -خ) بخطه، ألقاها في صباه سنة 1200هفي خزانة الرباط 1745 كتاني.