
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
لَـكَ اللَـهُ إِنّـي مِن فُراقِ الحَبائِب
لَفــي لاعِــج بَيــنَ الأَضـالِع لاهِـب
أُكابِــد أَشــواقاً يَكـادُ لِفَرطِهـا
تَوَقَّــد فــي جَنـيَّ نـار الحَبـائِب
يُبَلبِـل بـالي قادِح البُعدُ وَالهَوى
فَصـِرتُ أَخـا قَلـب مِـن الوَجدِ ذائِب
أَبيـتُ عَلـى شـَوكِ القَتـاد صـَبابَة
أَكلـف جِفنـي الغَمـضَ وَهُـوَ مَحاربي
فَمـا حـال مَسـلوبِ القَـرارِ مسـهد
عَـديم اِصـطِبار نـازِح الحُـب عازِب
أَخــي وَلَـهُ مَضـنى الفُـؤاد مُتَيَّـم
مَشــوق مُعَنّــى ذي غَــرام مُجـاذِب
غَريـب وَلكِـن بَيـنَ أَهلـي وَجيرَتـي
وَمُسـتَوحِش مـا بَيـنَ خِلِـيَّ وَصـاحِبي
وَمـا ذاكَ مِن بَغض وَلكِن أَخو الهَوى
شـَجي فَلَـم يُؤنِسـُهُ غَيـرُ الحَبـائِب
أَروحُ وَأَغـدو عـادِم اللُـب لا أَعـي
مَقــالَ جَليســي أَو كَلام المُخـاطِب
تَظُــن بِـأَنّي فـي الفَهاهَـة باقِـل
أَو اِلَيهِـم لـي فيهـا عَظيمُ تَناسُب
كَـأَن لَـم أَرِث يَومـاً فَصـاحَةَ أَحمَدِ
وَلَيـسَ الـذَكا لي مِن لُؤي بِن غالِب
تَقـولُ بَنـو عَمّـي تَـرى بِـكَ حيـرَة
وَلَسـتَ بِحَمـدِ اللَـهِ عَلقـاً لِنـاهِب
وَلا المـالُ مَنـزورُ وَلا الجاه قاصِر
وَأَنـتَ عَلـى عَـرق مِـن المَجدِ ضارِب
فَقُلـتُ نِعـمَ إِنَّ الهَـوى لا يَحـل في
فُــؤادِ فَيَخلـو مِـن هُمـومِ تَـواعِب
هَـــوايَ زبــاري وَلَســتُ بِكــاتِم
هَـــوايَ وَلا مَضـــغ للاح وَعـــائِب
أَتــوقُ اِذا هَــب الجَنــوبُ لأَنَّنـي
أَشـُم الغَـوالي مِـن مَهَـبِّ الجَنائِب
نَـأَت دارٌ مَـن أَهـوى وَعَـز مَزارُها
وَمـن دونِهـا قَد حالَ قَرعُ الكَتائِب
وَسـَد طَريـقُ القُـربِ مِنهـا بِخَمسـَة
وَخَمسـينَ جَلـى مِـن عِظـامِ المَراكِب
مَلاءاً جُموعــاً لِلعُــدى كُـل جَحفَـل
يَـدُكُّ الرَواسـي مِـن زَئيرِ المَقانِب
فَلا خَيــرَ بِــالجَزم يُرَفَّــع عَنهُـم
وَحـالي فـي خَفـضِ مِـنَ الشَوقِ ناصِب
طَويل اِغتِراب وافِر الشَوق كامِل ال
غَــرامِ وَحُــبي لَيــسَ بِالمُتَقـارِب
لَقَــد أَنزَلـتَ آيـاتَ حُبّـي بِمُحكَـم
مِـنَ القَلبِ لَم تَنسَخ بِوَحي المَعاطِب
فَهَـل لـي تَـرى عوداً اِلى حج كَعبَة
الجَمــالُ لأَســعى بِالصـَفا لِمَـآرِب
وَأَقضـي لِبانـات الفُـؤادِ وَيَشـتَفي
غَــرامٌ بِقَلــبي صــارَ ضـَربَة لازِب
رَعى اللَهُ أَوتاتَ السُرورِ الَّتي مَضَت
لِلَيلاتِ صــَفوٍ عارِيــاتِ الشــَوائِب
لَيـالي لَـم أَخـشَ الوُشاةَ وَلَم أَكُن
أُحــاذِر فيهـا مِـن حَسـود مُراقِـب
بِهـا حَـزَت آمـالي وَما كُنتُ راجِياً
مِـنَ القُـربِ مِن حَسناء هَيفاءِ كاعِب
وَصــوف أَنــوف ناهِـد غـادَة رُمـت
بِســَهم مِـنَ الأَلحـاظِ لِلصـَبِّ صـائِب
مِـن الخَفـراتِ الغُـر غَنجـاء بِضـة
بَديعَــة حُسـن مِـن بَنـات الاِعـارِب
لِعِزَّتِهـــا لألاء مِــن تَحــتِ طــرة
كَبَـدر تُبـدى مِـن سـُجوفِ الغَيـاهِب
لَهــا مَبســم أَلمــى شـَهِيُّ مُعَسـَّل
بِحُسـنِ حَـديث سـاحِر القَلـبِ سـالِب
مُنعَمَــة خَرقــاء لَـم تَـدر مِهنَـة
نُـؤوم الضـُحى تَسـبي بزج الحَواجِب
فَمــا رَوضــَة غَنّـاء دبـج زَهرِهـا
وَطَرزِهــا كَـف الغَـوادي السـَواكِب
بِأَبهَـج مِنهـا مُنظـراً حينَ لي بَدَت
مِـن الخَدرِ في وَجهِ مِن الحُسنِ ثاقِب
شــُيوع وَدود لَــم تَخـن لـي ذِمَّـة
مُحجَبــة عَــن كُــلِّ عَيــن بِحـاجِب
كَتــوم لا ســَراري حَضـوراً وَغيبَـة
رَضـيت عَـن اِسـتِخبارِها بِالتَجـارُب
تَميـلُ مَعـي طِبـق المراد وَلَم تَحل
عَـن الـوُدِّ لـي مِن دونِ كُل الأَقارِب
يَقبَـح فِعلـي عِنـدَها بَعـضُ أَهلِهـا
فَتَـأبى وَلَـم تَسـمَع مَقالَـة عـائِب
فَــوَاللَهِ لا اَسـلو هَواهـا بِحالَـة
وَفـي غَيرِهـا وَاللَـهُ لَسـتُ بِراغِـب
عَلـى الرُغـمِ قَـد فارَقتَها لا مَلالَة
وَلا عَـن قَلـىً لكِـن لِسـوءِ المَذاهِب
فَفـارَقتَ طيـبَ العَيـشِ بَعدَ فُراقُها
وَلا سـاغَ لـي يَومـاً لَذيذُ المَشارِب
وَوَدَعــتَ نَفسـي عِنـدَ سـاعَةٍ وَدَعَـت
وَأَقبَلـتَ ذالِـبِّ مِـنَ الشـَوقِ ذاهِـب
فَعانَقتهــا وَالـدَمعُ بِلـل مرطهـا
وَمـن مِـدمَعي يَرفُـضُ مِثـلَ السَحائِب
وَأَورَت بِقَلـبي لاعِـج الشـَوق وَالأسى
وَأَبقَـت رَسيسـاً لِلهَوى وَالغَرامُ بي
لَحـى اللَـهُ دَهـراً ساءَني بِفُراقِها
وَدامَ بِنـارِ البُعـدِ عَنهـا مَعاقِبي
وَعَوضــني عَنهــا بِســَوداءِ فـاحِم
تُــرَوَّع فــي وَجــه عَبـوس مُغاضـِب
خَلائِقَهــا ســَودا قَبيحَــة مَنظَــر
مَشــوهة حــازَت جَميــعَ المَعـائِب
فَجَبهَتَهـا قَعـب عَـبيق اِذا اِنكَفـا
وَقَـد غـارَت العَينانِ تَحتَ الحَواجِب
وَأَنـف كَبَطـن القَـوسِ أَفطَس لَم تَطق
تَعــبر أَنفاســاً لِضـيقِ المَثـاقِب
أَرى شــَفَتَيها مِثــلَ طَـوقِ وَيُـذيل
وَشـِعراً كَليـف النَخلِ دونَ المَناكِب
عَجيـب بِبَحـر الزيـن وَدَعـى وَاِنَّها
لأَبعَــد مِـن زيـن كَبُعـد الكَـواكِب
وَلِوَحيِــكَ دَرع مِــن عَـبير وَدَرعَـت
بِـذاكَ فَلَيـسَ التتـن عَهـا بِـذاهِب
وَمِـن عَجَـب تُبـدى اِمتِناعـاً تَدللاً
وَجَمعـي لَهـا وَاللَهُ إِحدى العَجائِب
فَمـــالي وَالســَوداء لادر دُرُّهــا
وَأَعمقهــا عَــن كُـلِّ تـال وَعـاقِب
تُكَلِّفُنــي الأَيّــامُ مــا لا أَطيقُـهُ
بِبُعــد حَــبيب أَو بِغَيــض مُقـارِب
أَرودُ لِنَفســي مــا يُزَحـزِحُ همهـا
لِيَنـزاحُ عَنّـي بَعـضُ مـا هُوَ كاربي
وَيُطفي لَهيباً في الضَميرِ مِنَ النَوى
وَأَســهو عَــن شــَوق لِقَلــبي لازِب
فَلَـم أَلـقَ مَـن يُصـغي لِشَكوى مُتَيم
وَلَـم أَرَ مـا يُجـدي لِدَفعِ النَوائِب
بِلا فــي نِظـامِ قَـد أَتـاني مُقنِـع
لِســَلوَةِ مَحــزون وَراحَــة تــاعِب
نِظــام كَعِقــد مِــن جُمـان مُفصـل
تَحَلَّـت بِـهِ الحَسـناءُ فَوقَ التَرائِب
وَكَـالرَوضِ صـُبحاً إِذ تَكلـل بِالنَدى
وَكَالوَصــلِ مِــن حُـبِّ طـولِ مُجـانِب
لَقَـد حـازَ مِـن حُـرِّ الكَلامِ رَقيقَـه
فَمـا هُـوَ الّا مِـن شـَريف المَكاسـِب
مَعـانٍ يُغـالي فـي بَـديعِ بَيانِهـا
وَمــوجَز لَفــظ جــامِع لِلغَــرائِب
يَلـذ عَلـى الاِسـماعِ لَـو قَرطـت بِهِ
وَتَكسـَبُ مِنـهُ النَفـسَ نَشـوَة شـارِب
وَلَــم لا وَمِــن وَشـاهُ حِـبرُ مُهَـذَّب
اِمـامٌ لَهُ في الفَضلِ أَعلى المَراتِب
هُوَ الماجِدُ المفضال عُثمان مِن سَمت
فَضــائِلُهُ أوج النُجــوم الثَـواقِب
هِمـام تَحَلّـى بِالكَمـالِ فَلَـم تَجِـد
لَــهُ مَـن يُضـاهيهِ بِغُـر المَنـاقِب
وَمِــن دَوحَــةِ طـابَت وَحَـق لِمُنتَـم
اِلَيهـا اِفتِخـار في كَريم التَناسُب
اِلـى طَلحَـةِ الخَيـراتُ تَعزى فُروعَه
فَيـا حَبَّـذا فَـرع الاِصـولُ الا طائِب
لَقَـد حـازَ رَأياً ذا سَداد اِذا دَجَت
غَيـاهِب خَطـب شـَق داجـي الغَيـاهِب
إِذا مـا عَـويص البَحـث أَشـكَل حله
بِفِكـــر كَعَضــب للاصــابَة صــائِب
مَنيع الحِمى لَم يَرضِ يَوماً يُصيبُ مِن
يُجـــاوِرُه بُــؤس وَهَضــم لِجــانِب
جَــاد فَمَــن يَقصـِدهُ يَلـقَ بَشاشـَة
وَبَشــَراً وَجـوداً هـاطِلاً بِالرَغـائِب
وَاِن حَــل عـاف فـي رَحيـب فَنـائِه
فَلَـم يَخشَ عِندَ الجَدبِ بُؤس المَساغِب
وَثيــق عُهــود بِالاِخــاء مُحــافِظ
عَلـى الـوُدِّ لَم يَخفِر ذِماماً لِصاحِب
حَليـف التُقـى عَـف الازار لَقَد سَعى
لِمَرضــاةِ مَــولاهُ بِرَغبَــة راهِــب
وَكَـم مِـن مَزايا لاِبنِ داود لَم يَكد
يُطيــقُ لَهـا ضـَبطاً يُـراعُ لِحاسـِب
فَيـا سـَيِّداً مـا زالَ يَجهـد نَفسـَهُ
لِكَسـبِ المَعـالي جُهـد أَحـوج طالِب
وَمَن فاقَ في المَجدِ المُؤثل وَالعَلى
وَفي الشَرَف الباهي العَلي المُناصِب
اِلَيــكَ عَروســاً مِـن سـُلالَة هاشـِم
فَــأَنتَ لَهــا كُفـء وَأَكـرَمُ خـاطِب
وَإِنّـي وَاِن قصـَرتَ عَـن كنه مد حكم
فَمـا اِسطَعتَ أَستوفي عَديدَ الكَواكِب
فَمَعـذَرَة يـا اِبـنَ الأَكـارِم اِنَّنـي
لِـذو فِكـرَة عَميـاء صَلدى المَضارِب
وَلَـم يَسـُق مِـن غَيثِ البَلاغَةِ خاطِري
وَلَســتُ أَخــا شـِعر وَلَسـتُ بِكـاتِب
وَلكِــن حُبّـي فيـكَ زادَ فَمِنـهُ قَـد
توقـد فِكـري وَاِسـتَنار الذَكاء بي
فَلا زِلــتَ مَطـروق الغِنـاء مَمـدحاً
حَميــد المَسـاعي نـائِلاً لِلمَطـالِب
مُعانـا سـَعيد الجـد مـا حَنَّ مُغرَم
اِلــى قَطــر أَوزم شـَرع المَراكِـب
وَمـا بَـثَّ شـَكواهُ المُتَيَّـم قـائِلاً
لَـكَ اللَـهُ اِنّـي مِن فُراقِ الحَبائِب
عبد الجليل بن ياسين بن إبراهيم بن طه بن خليل الطباطبائي الحسني البصري.شاعر، من أهل البصرة، ولد بها، ورحل إلى (الزبارة) في قطر، فسكنها إلى أن استولى عليها آل سعود، فانتقل إلى البحرين، وظل فيها إلى سنة 1259هـ، ثم استوطن (الكويت) وتوفي بها، له (ديوان عبد الجليل- ط).