
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
لِـذِكرِ الحِمـى يَشـتَدُّ بِـالوامِقِ الوَجد
فَقَـد لـي مَـتى يَبدو لي العِلم الفَرد
أَحِــنُّ إِلــى بــانِ اللِــوى وَطويلـع
وَمِـن بـانِ عَـن مَغنـاه حَـق لَهُ الوَجد
مَنــازِل كــانَ الشـَملُ مُجتَمِعـاً بِهـا
وَلَـم تَـكُ أَيـدي البَيـنِ لِلحَـي تَمتَـد
مَنـازِلَ مِـن أَهـوى عَلى القُربِ وَالنَوى
وَلا خَيـــرَ فــي وَد يَغيــرُهُ البُعــد
مَغــاني أَحيبــابي الَّــذينَ تَبَـوَّؤوا
سـُوَيداءَ قَلـبي قَبـلَ أَن يَعـرِفَ الـوُد
هَــواهُم حَيــاتي وَهــوَ أَقـول حُجَّـتي
فَلا مَيــلَ عَنهُــم وَاِصــلَونِيَ أَوصـَدوا
كَفـــاني هَــواهُم مَفخَــراً وَذَخيــرَة
وَقَــد فـازَ مَرضـي لَـدَيهِم كَمَـن وَدوا
أَهيــمُ غَرامــاً وَاِشــتِياقا لِـذِكرِهِم
إِذا لامَنــي فــي حُبِّهِــم جاهِـل وَغَـد
مُـوالي أَهلـي هُـم عَلى السَخطِ وَالرِضى
وَيَـأبى المُـوالي أَن يَضـيعَ لَهُـم عَبدَ
مَنـــازِلَهُم لـــي مُســتَجارُ وَوَقفَــة
بِـأَطلالِ مَغنـاهُم هِـيَ الغَنَـم وَالسـَعد
سـَقى اللّـهُ هاتيـكَ المَنـازِلَ وَالرُبى
عَهــاد رَبـاب الشـول جَلجَلَـة الرَعـد
بِهـا نَتَسـاقى الحُـب فـي حانَة الرِضى
وَحَبـلُ دَواعـي العَـذل وَالعَتـب منقـد
لَيــالي إِذ غُصــنَ الشــَبيبَةِ مَــورق
وَلِلَّهـــوِ ظَـــل بِالبَطالَـــة مُمتَــد
تُنـاوِلُني كَـأسَ التَصـابي يَـدَ الصـِبا
فَمـالَ بِأَعطـا فـي الصـَبابَة وَالوَجـد
عَلـى أَي حـال شـِئتَ كُنـتَ مِـنَ الهَـوى
وَأَعيُـنِ صـَرف الـدَهرِ عَـن وُجهَـتي رَمَد
فَــأَطلَقتُ نَفســي فــي مَسـارِح غيهـا
تُواصـــِلُني هِنـــد وَتَجــذِبُني دَعــد
وَعَهـد الصـِبا لِلغَيـدِ في مَسارِح غيها
يُنيـل الفَـتى مِنهُـن مـا أَضمَر البُعد
فصــوح ذاكَ الرَونَــق الغَـض وَالنَـوى
مُهَفهَـف ذاكَ الغُصـن وَاِسـتَملَح الـوَرد
وَخَلَّــت مَســاريحي الغَـواني وَأَعرَضـَت
إِلـى جـانِب عَنّـي كَـأَن لَـم يَكُـن عَهد
وَأَبقَــت رَسيســاً لِلصــَّبابَة وَالهَـوى
بِقَلـبي وَلَـم يَنـف الهَـوى ذلِـكَ الصَد
فَمـا لَـكَ يـا قَلـبي المُعَنّى أَما تَرى
مَلاح عَــذارى الحَــي لِلبُعــدِ تَعتَــد
وَحِتـام لا يَجلـى الغِشـاء وَذو الصـَدى
إِذ اِختَـرتَ نَهـجَ الغَـي فارَقَـكَ الرُشد
أَضـَعتَ نَفيـسَ العُمـرِ فـي غَيـرِ صـالِح
وَمِلـتُ إِلـى مـا لَـم يَنَلـكَ بِهِ الحَمد
ســَقاهُ لعمــر اللّـهِ طاعَتِـكَ الهَـوى
وَعِصـيانِ مَـن وافـاكَ فـي نُصحِهِ الجُهد
تَمــادَيتَ فــي لِبـسِ الخَلاعَـةِ عاكِفـاً
عَلــى شـَهوَةٍ مَـرَّت وَلَـم يَحلهـا خلـد
عَلِمــتُ بِمــا كَــوَّنتَ قَــدماً لِأَجلِــهِ
وَفَرَطــت فيمــا لَيـسَ مِـن فِعلِـهِ بَـد
أَمــن خَبــل بَعــت الهُــدى بِضــَلالَة
وَصــَح عَلــى خســران صـَفقَتِكَ العِقـد
أَمـا كُنـتَ تَسـتَحيي مِـنَ اللّهِ إِذ تَرى
عَلـى غَيـرِ مـا يَرضاهُ هَل هكَذا العَبدُ
أَمـا تَنثَنـي عَـن وَعـرِ مَنهَجِـكَ الَّـذي
حَزونَتِـــهِ تَـــردي وَراحَتِـــهِ كَـــدُّ
تَـدارك بَقايـا العُمـر لا تَفنهـا سُدى
أَمـا اِبيـض مِـن فوديـكَ بـالِغَيِّ مَسود
وَخَـل السـَرى فـي ليـل جَهلِـكَ قَد بَدا
صـَباحَ مَشـيب صـادِق النَـذر إِذ يَبـدو
وَخُــذ حَـذَراً فَالغـارَةُ الصـبح تَنقـى
وَفي الخَوفِ أَهلُ الحَزمِ في حَذَرِهِم جَدوا
وَدَع عَنـكَ تَسـويفاً يُفـاجي بِـكَ العدى
عَلــى غـرة فـي حيـنِ لا يَنفَـعُ الجَـد
لَـكَ الخَيـرُ هـذا حصـن أَمنِـكَ قَد دَنا
بِـهِ المُلتَجـا يَنجـو إِذا حسـن القَصد
أَلَســـتَ تَـــرى اِعلامَ طيبَــة لائِحــاً
سـَناها فَشـَم بَرقَ المُنى وَالهَنا وَاعد
أَمـا الرَوضـَةُ الغَنّـاءِ فـاحَ عَبيرُهـا
لَنـا شـَق رَياهـا فَمـا المِسـكُ وَالنَد
فَهَزتَنِــيَ البُشــرى اِرتِياحـاً وَبَهجَـة
كَما اِهتَزَّ مِن ريحِ الصِبا الأَغصُنُ المَلد
وَمِــن عــادَة الجَـذلان تَهمـي جَفـونه
فَمِـن در دَمعي في الثَرى اِنتَثَر العِقد
وَأَعلَنَــت فـي فَـرط المَسـَرَّة وَالهَنـا
بِحَمـدِ الَّـذي مِـن حَقِّـهِ الشُكرُ وَالحَمدُ
وَنِلــتُ الأَمـاني حَيـثُ أَصـبَحتَ وافِـداً
عَلـى خَيـرِ مَـن يُرجـى بِسـاحَتِهِ الرَفد
هُـوَ الصـَفوَة المُختار مِن عُنصُر الوَرى
وَمَـن هُـوَ سـِر الكَـون وَالجَوهَر الفَرد
هُـوَ العـاقِب المـاحي الضـِلال بِهَـديِهِ
هُـوَ الطـاهِر الأَتقى هُوَ الطالِعُ السَعد
هُــوَالعُروَةُ الــوُثقى لِمُستَمسـِك بِهـا
هُـوَ الكاشـِف الغَمـاءُ وَالكَـرب مُشـتَد
مَلاذُ الـوَرى مَهمـا عَـرى مَثقَـل القُرى
وَلِلفَقــرا دانــي القُـرى سـيبَه مـد
بَنــي ســَما عَــن أَن يُسـامى مَقـامَهُ
وَلَيــسَ يُـداني مَجـدِهِ المُنتَقـى مَجـد
لَـهُ الشـَرَف الـذاتِيُّ بِدءاً كَما اِنتَهى
إِلـى غايَـةٍ في الفَضلِ مِن دونِها الجَد
وَعَـن دَرك أَوصـاف الكَمـال الَّـذي حَوى
مَحـال يَفـي بِـالبَعضِ مِـن ذلِـكَ العَـد
نَـــبي كَســـاهُ اللّــهِ حِلَّــةُ حبــه
فَمـا اِختـارَهُ المَحبـوب لَيـسَ لَـهُ رَد
وَأَبــرَزَهُ فــي عـالَمِ الغَيـبِ شـاهِداً
بِكُــلِّ مَقامـاتِ الشـُهودِ هُـوَ المبـدو
وَنـورُ الهُـدى مِـن رَشـحِ مشـكاة عِلمِه
عَلــى صـَفحاتِ الكَـونِ بِالضـوءِ يَمتَـد
وَلَــم تَــأتِ أَحشـاءُ الزَمـانِ بِمِثلِـهِ
وَأَنــى لَخَيـرُ الخَلـقِ وَالمُجتَـبى نَـد
وَقَــد زَيَّــنَ اللّــهُ الوُجـودَ بِأَسـرِهِ
بِطَلعَتِــهِ الغَـرّاء كـانَت هِـيَ القَصـد
وَأَلبَســـَهُ تــاج الرِســالَة مُنــذِراً
بَشـيراً وَكُـلُّ الرُسـُل مـا خَلَقـوا بَعد
رِســـالَتِهِ لِلنّـــاسِ نـــورٌ وَرَحمَــة
وَلَـولاهُ عَـن طـرق الضـَلالَةِ مـا صـَدوا
لَـهُ خَلـقُ القُـرآن يَرضـى بِمـا اِرتَضى
وَيُغضــِبُهُ مـا فيـهِ بِـالمُحكَم الطَـرد
مَكـــارِمُ أَخلاقِ الرَســـولِ وَحِصـــنُها
يَقصــُر عَــن إِدراكِهــا ماجِـد يَعـدو
عَلا مَجـــدَهُ مِــن قَبــلِ إيجــادِ آدَمَ
وَفـي المَلَأ الأَعلـى بِـهِ أَشـرَقَ السـَعد
وَآدَمَ قَـــد نــالَ القَبــولُ بِيُمنِــهِ
فَــأَكرَمَ بِمَولــودٍ بِــهِ ســَعد الجَـد
وَحــازَ بِــهِ نـوح مِـنَ المـاءِ أَمنَـه
وَمِنــهُ لِاِبراهيــم حُــر اللَظـى بَـرد
وَموســـى وَعيســـى بَشــَّرا بِظُهــورِهِ
وَدَعــوَة إِبراهيـم فيهـا هُـوَ القَصـد
بِمَولِـــدِه كُـــلَّ الهَواتِــف أَعلَنَــت
وَمـــا كــاهِن إِلا بِتَشــريفِهِ يَشــدو
وَفــي لَيلَــةِ الميلاد جــاءَت خَـوارِق
بِهـا حـارَت الأَلبـاب وَاِسـتَعجَمَ الضـَد
لِفــارِس نــار أَلــف عــام وَقودَهـا
تَعــدُ إِلهــاً فَاِنطَفــا ذلِـكَ الوَقـد
وَإيـــوان كِســـرى اِنشـــَقَّ وَاِرتَــج
هيبـة وَمِنـه شـَرافات تَعاورهـا الهد
وَلاحَــت قُصــورُ الشــامِ فيهــا لِأُمَّـة
لِنـور بَـدا مِنهـا عَلـى الأُفـقِ يَمتَـد
وَكُــلُّ ســَماءِ صــَح فيهــا لَــهُ مِـن
الزبـر جـدو اليـاقوت قَـد ضَرَبَت عَمد
فَأَشــرَقَت الــدُنيا بِــأَنوارِ أَحمَــد
وَكَــم آيَــة خَصــَّتَه إِذ ضـَمَّهُ المَهـد
بِـــهِ حَظَيـــتَ أَم الرِضــاع حَليمَــة
فَأَخصــَب مَرعاهــا خُصوصـاً وَلَـم يَعُـد
فَـــدَرَّت مَواشــيها وَبــانَ نَعيمُهــا
وَبايَنَهــا المَحَــل المُــبرِح وَالكَـد
وَشــَقَّ لَــدَيها الصــَدرُ مِنـهُ تَطهـراً
وَأَخـــرَجَ مِنـــهُ مـــالِإِبليسِ يَعتَــد
وَعَـــوَّضَ إيمانـــاً وَنــوراً وَحِكمَــة
وَلَــم يَــكُ لِلإِيلامِ فــي شــقه وَجــد
وَفــي ســَيرِهِ لِلشــّامِ صــُحبَة عَمِّــهِ
أَشــارَ بحيـرا لَيـسَ فـي بَعثِـهِ جَحـد
وَحَـــذَرِهِم كَيــدَ اليَهــودَ لَــهَ إِذا
رَأَوا وَصـفِهِ فَـاِختيرَ مـن ذا لَهُ الرَد
وَكَــم آيَــةٍ مِــن قَبـل مَبعَثـه بَـدَت
وَلِلعَجــزِ عَـن إِحصـائِها يَقصـُرُ الحَـد
وَلمــا أَرادَ اللّــهُ إِظهــارِ دينِــهِ
وَإِعـزازِ مَـن يَهـدي وَإِذلالِ مَـن صـَدوا
أَســأَل عَلــى الآفــاقِ وابــل فَضـله
بِبعثَــة هادينــا فَبـانَ بِـهِ الرُشـد
تَبَيَّــنَ حَيــثُ الشــِرك عــب عَبــابَه
وَبـاب الهُـدى بِـالكُفرِ وَالبَغـي مَنسد
وَأَظلَمــت الــدُنيا بِــإِعراضِ أَهلِهـا
عَــنِ اللّـهِ إِذ قـالوا لِخالِقِنـا نَـد
وَلَيــسَ يَغــوثُ غــاثَهُم حيـنَ عـاقَهُم
يَعــوقُ عَــنِ البــاري وَلا وُدَّهُــم وُد
نَسـو اللّـهَ جَحـداً وَاِسـتَجاروا بِلانَهُم
وَبِــاللّهِ رُكــنُ الشــِركِ لاشـَكَ مُنهَـد
فَجَــردُ مِنــهُ ســاعَد الجِـد وَاِنتَضـى
مِــنَ العَـزمِ عَضـباً لا يَلـم بِـهِ غَمـد
دَعـا الخَلقَ إِذ ضَلّوا إِلى اللّهِ هادِياً
فَريـداً وَلَـم يَعبَـأُ إِذا وَهـنَ العَضـَد
وَلَـم يَرفَـع الشـَكوى إِلـى غَيـر واحِد
بِـهِ تَـدفَعُ البَلـوى إِذا الخَطـبُ مُشتَد
فَأَيَّـــدَهُ بِــالمُعجِزات الَّــتي بَــدَت
كَشـَمسِ الضـُحى تَشفى بِها الأَعيُن الرَمد
وَمِنهــا كِتــابُ اللّــهِ وَهـوَ أَجَلُّهـا
مُعارَضــَة حَبــلُ مِــنَ اللّــهِ مُمتَــد
هُـوَ الحِجَّـة البَيضـاء وَالشـاهِد الَّذي
مَحـــال تَـــأَتّى فـــي شــَهادَتِهِ رَد
لَقَـد أَعجَـزَ اللسـن المقـاول لَم يَكُن
أَتــوهُ بِمِثـلِ البَعـضِ مِنـهُ وَهُـم لَـد
وَمِنهـا اِنشـِقاقُ البَـدرِ إِذ رامَ شـَقه
فَأَبصــَرَهُ الـداني وَمِـن صـَدَّهُ البُعـد
لَقَــد أَجمَعَــت أَعيــانُ فَهـر لِقَتلِـهِ
وَأَحكَــمَ فــي إِمضــائِهِ بَينَهُـم عَقـد
فَمَــرَّ بِهِــم جَمعــاً فَغَضـوا عُيـونِهِم
وَأَذقـانِهِم فـي كُـلِّ صـَدر لَهُـم شـَدوا
وَتَــوَّجَ بِالحَصــباءِ أَعلــى رُؤوســِهِم
فَعـادَ حَصـيبَ القضـومِ بَـدر لَـهُ لَحـد
رَمــى حَصــياتِ فــي حَنيــنِ مَشــوهاً
فَوَلّــوا وَعَـن حَصـبائِهِ يَقصـُرُ الجُنـد
وَفـي قِصـَّةِ الإِسـرا شـِفاءٌ مِـنَ العَمـى
وَبُرهـانُ صـِدقٍ شَمسـُهُ لَـم تَـزَل تَبـدو
وَفــي حِفظِــهِ مِــن كُــلِّ سـوءٍ دَلالَـة
وَقَـد طـالَ فـي إِنكـائِهِ مِنهُـم القَصد
وَجـاءَ أَبـا جَهـل إِلـى الـدارِ وَحـدَهُ
فَـأَخزاهُ فـي إيعـادِهِ وَاِنمَحـى الوَعدُ
وَأَدّى لَـــهُ حَـــقُّ الأَراشــي كارِهــاً
وَفـي قَلبِـهِ مِـن رُعـبِ خَيـرِ الوَرى كَد
وَأَخبــارُهُ عَــن مَحــوِ ظُلــم صـَحيفَة
أَتَتهــا قُرَيـش فيـهِ لِلعاقِـل الرُشـد
كَفـى الغـار نَسـجِ العَنكَبـوتِ وِقايَـة
مِـنَ اللّـهِ وَالأَقـوامِ فـي قَبضـِهِ جَدوا
وَكَـــف عَـــن التَطلاب مَهــر ســِراقة
وَذلِــكَ لِمــا عــاقَهُ الحَجَـر الصـَلد
وَمَســَّح ضــَرعُ الشــاةِ مِـن أُم مَعبَـد
فَــدَرَت وَأَروَت بَعـدَما كادَهـا الجُهـد
لَــهُ راحَــة بِـالجودِ يَهمـي غِمامُهـا
وَلَــم يَـكُ لِلملهـوفِ عَـن وَردِهـا صـَد
وَفيهـا لَـدى البَأسـاءِ لِلبائِسِ الغَنى
وَفيهـا صـُنوفُ اليُمـنِ يُغنى بِهِ الوَفدُ
وَفيهــا الحَصـا وَالـزادُ سـَبَّحَ جَهـرَة
وَمِنهـا ثِمـارُ الغَـرسِ مِن عامِها تَبدو
بِهــا اِنقَــدت بِـالنورِ عَيـنُ قَتـادَة
وَقَـد رَدَّهـا مِـن بَعـدِ مـا مَسَّها الخد
وَمَــسَّ بِهــا رَأسَ الأَفيــرَع فَاِغتَــدى
عَلـى حَسـنِهِ يَزهـو بِـهِ الشـِعَر الجَعد
جَـرى المـاءَ مِـن بَينِ الأَصابِعِ فَاِرتَوى
مِــراراً بِـهِ جَيـش وَقَـد عَـذب الـوَرد
وَكَــم فـازَ راجٍ بِـالمُنى مِـن دُعـائِهِ
وَأَحيـا قُلوبـاً عَنـهُ أَمرَضـَها الحِقـدُ
دَعـا اللّـهُ فـي إِكثـارِ تَمـر لِجـابِر
وَكـانَ لِبَعـضِ الـدينِ قَـد قيلَ لا يَعدو
فَكــالَ لِأَهــلِ الــدينِ مِنـهُ حُقـوقُهُم
وَزادَ بِأَوســاق عَلَيهــا أَتــى العَـد
وَمِــن داجِــن وَالصــاع أَشـبَع جَحفَلا
وَعَــدَتهُم أَلــفٌ يَزيــدونَ قَـد عَـدوا
وَمــا جــاعَ غَـزوٌ كـانَ فيهِـم مُحَمَّـد
إِذا قَلَّـــت الأَزوادُ يَـــدعو فَتَرتَــد
دَعــا لِعَلــي لا يهــي البَـردُ جِسـمَه
فَعـــاشَ وَلا حَـــرَّ يَلِـــمُّ وَلا بَـــرد
وَكَـم مِـن مَريـضٍ مُـدنِفٍ قَـد دَعـا لَـهُ
فَعــوفِيَ مِمّــا كــانَ يَضــني فَيَشـتَد
لِأُم ســَليم فــي اِبنِهــا أَنــسٍ دَعـا
فَفـاضَ عَلَيـهِ المـالُ وَالعُمـرُ وَالوَلَد
وَمَــزَّقَ كِســرى طَرســه فَــدَعا فَمــا
رَســى مُلكُــهُ وَالفـرع مَـزَّقَ وَالجُنـد
وَأَعلَــم طــه رُســُل بــاذان قَتلَــه
بِسـَيف اِبنِـهِ فـي يَـوم خـالَطه الحَـد
وَأَخبــارُهُ بِــالغَيبِ لَـم تَحـصُ كَـثرَة
بِمـا فيـهِ عَـن إِدراكِ أَهلش الحُجى سَد
فَـــأَخبَرَ عَـــن مـــاضٍ وَآتَ زَمــانِهِ
وَدانٍ وَعَصــــري يَحجُبُــــهُ البُعـــدُ
وَآيــات خَيـرُ الخَلـقِ دائِمَـة البَقـا
وَعَـن قَطـرَة مِـن بَحرِهـا يَعجَـزُ الجُهد
لَــهُ مُعجِــزات لَــو قَصــَدت عَـدادها
لَضـاقَت بِهـا الأَسـفارُ ما القَطر منعد
لَقَــد حـازَ أَصـنافَ الجَمـالِ جَميعَهـا
بِأَوصــافِهِ الغُــر الَّـتي مالَهـا ضـِد
بِـهِ يتقـى فـي البَـأس عِندَ اِصطِدامِهِم
وَطـارَ لِنيـران الـوَغى بِالقِنـا وَقَـد
لَـهُ وَثبـات فـي اللِقـا تَهـزَم العدى
بِهـا وَثَبـات فـي الـوَغى بِالقَنا وَقَد
كَريـــم إِذا ضــَنَّ الســَحابُ بِمــائِهِ
يَسـيلُ عَلـى الوَفّـادِ مِـن جودِهِ الرَفد
عَطـاء الَّـذي لَـم يَخـشَ فَقراً وَلَم يَكُن
لِنـــائِلِهِ المَــدرارُ وَقــت وَلا حَــد
قَــد اِحتَقَـرَ الـدُنيا فَخَلـى سـَبيلَها
وَأَعلــى مَراقـي عِزَّهـا عِنـدَهُ الزُهـد
وَمـا اِختـارَ مِنهـا غَيـرُ بلغة أَهلها
وَشـَمَّ الرَواسـي لَـو يَشـاءُ هِـيَ النَقدُ
وَآثَــرَ مــا عِنــدَ الكَريــمِ فَنـالَهُ
وَقَــد خَصــَّهُ مِنــهُ التَقَــرُّبُ وَالـوُدُّ
وَأَعلــى لَــهُ بَيــنَ الخَلائِقِ مَنصــِباً
رَفيـعَ الـذَرى مِـن دونِـهِ الرُسُل تَمتَد
أَلَيــسَ لَــهُ بِـدءُ الشـَفاعَةِ فـي غَـد
وَقَــد حـارَت الأَلبـابُ وَالكُـربُ مُشـتَد
أَلَيــسَ مَلاذُ الخَلــقِ فــي ظِــلِّ عِـزِّهِ
أَلَيــسَ لِـواءَ الحَمـدِ يَنثُـرُهُ الحَمـدُ
أَلَيــسَ جِنــانَ الخُلــدِ يَفتَحَهـا لَـهُ
وَلَــولاهُ مــا كــانَت جِنـانٌ وَلا خُلـدُ
فَيـا خَيـرُ خَلـقِ اللّـهِ مَجـداً وَمُحتَداً
وَنَفســاً وَأَخلاقــاً بِهـا عـرف المَجـد
وَيــا خيـرَة الرَحمـنِ مِـن كُـلِّ خَلقِـهِ
وَيـا سـَبَبَ الايجـادِ لِلخَلـقِ إِذ أَبدوا
وَيـا مُرتَجـى العـاني إذا ضـاقَ ذَرعُهُ
وَيـا مُلتَجـى الجـاني إِذا راعَهُ الصَد
أَتَيــتُ إِلَيــكَ اليَـومَ أَطـوى ساسـِباً
قَفـارا يُبـاريني بِهـا الخَـوفُ وَالكَد
وَفـــارَقتَ أَخــداني وَداري وَجيرَتــي
وَلَـم يَغَـل عِندي المالُ فيكَ وَلا الوَلَد
وَمــالي بِهــذي الـدارُ غَيـرُكَ مَـأرِب
وَمــالي ســِوى فَيـاض إِحسـانِكُم قَصـد
وَهـا أَنـا قَد أَنزَلتُ في البابِ حاجَتي
وَحاشــاكَ تَرضــى أَن يَكــونَ لَهـا رَدُّ
تَرانــي كَشـَفتُ الـرَأسَ أَنشـِدُ واقِفـاً
قَـد اِنحَـلَّ مِـن دَمعـي عَلى شيبَتي عَقد
أَتَيتُـكَ أَشـكو عِبـءَ ظَهـري بِمـا جَنَـت
يَـــدايَ فَـــإِنّي بِالمَـــآثِمِ مُمتَــد
يَـدُ الغَفلَـةِ اِستَولَت عَلى القَلبِ عُنوَة
فَمــا لـي إِلـى قَلـبي صـُدورِ وَلا وَرد
وَلَـم تَصـحَ نَفسـي حَيـثُ أَسكِرُها الهَوى
وَطَرفــي إِلـى داعـي البَطالَـةِ يَرتَـدُّ
وَطـــالَت إِســاآتي فَــوجه صــَحيفَتي
بِرَســمِ الخَطايــا وَالقَبــائِحُ مَسـود
وَقَــد كَــبرت ســني وَلَــم أَرَ قُـوَّتي
تَطيــقُ مِــنَ الأَعمـالِ مـا بِـه يَعتَـد
فَجِئتُ بِـــأَوزاري وَضـــُعفي وَذِلَّـــتي
أَروحُ بِلا حَـــولَ وَلا حيلَـــةَ أَغـــدو
وَأَنـتَ لَـكَ الجـاهَ العَريـضَ لَكَ الثَنا
لَـكَ المَنصـِبُ العالي مِنَ اللّهَ وَالمَجد
فَهَــب لِــيَ مِــن فَيّـاضِ نـورِكَ نَظـرَةً
لِيَجلــى بِهـا القَلـبُ الصـَدي فَيَمتَـد
وَأَحيـى عَلـى الـدينِ الَّـذي جِئتَنا بِهِ
وَمَــوتي عَلـى تَوحيـدٍ مِـن لا لَـهُ نَـد
وَكُــن لــي شـَفيعاً إِذ أُقَـدِّم حافِيـاً
وَمــالي مِــنَ الأَعمـالِ سـَعد وَلا مَعـد
وَقُــل ذا عُبَيــد آبِــق جـاءَ تائِبـاً
عَسـى رَحمَـةَ المَـولى يَسـُرُّ بِها العَبدُ
أَتَرضـى تَمـس النـارُ جِسـمي وَأَنـتَ لي
شـــَفيعٌ وَذُخـــرٌ مُســـتَعاذُ اَب جَــد
فَجِـد لـي بِبُشـرى كَـي أُسـَرُّ بِهـا وَقُل
قَبلنـاكَ يـا عَبـدَ الجَليـلِ لَكَ السَعد
وَلا تَنـــسَ آبــائي جَميعــاً فَــإِنَّهُم
بَنــوكَ وَأَولادي لَهُــم يَصــلُحُ الوَلَـد
وَأَهلـــي وَأَشـــياخي وَكُــلُّ أَحِبَّــتي
وَســامِعِ مَــدحي فـي عُلاكَ وَمَـن يَشـدو
فَــأَوَّلِ جَميــعِ القَــومِ مِنـكَ شـَفاعَةً
وَمنحــة إِســعاف بِهـا يَعظـم الرَفـد
عَلَيـكَ صـَلاةُ اللّـهِ يـا خَيـرُ مَـن دَعا
إِلـى اللّـهِ حيـنَ الشـِركُ شـَدَّ لَهُ عَضَدُ
عَلَيــكَ صـَلاةُ اللّـهِ يـا مَـن بِـهَ عَلا
مَنــارَ الهُــدى إِذ لا مَنـارَ وَلا رُشـدُ
عَلَيــكَ ســَلامُ اللّــهِ يَقفــو صــَلاتِهِ
بُرباهِمــا تَــذكو العَبــاهِرَ وَالنَـد
عَلَيــكَ صــَلاةُ اللّــهِ مــا حَـن شـَيِّقِ
لِـذِكر الحِمـى وَاِشـتَدَّ بِالوالِهِ الوَجدِ
يَعُـــمُّ بِـــذاكَ الآلَ آلُـــكَ مَعشــَراً
إِذا قيـلَ مَن أَهلُ التُقى وَالنَدى عَدوا
هُـمُ النـاسُ فـي كُـلِّ الفَضائِلِ وَالسِوى
لَهُــم تَبـعُ هـذا هُـوَ السـُؤدُدُ العَـد
أَنــــاجيلهُم لِلادِّكــــارَ صـــُدورُهُم
لِأَنـــوارِهِم أَعلا مَحـــاريبِهِم وَقَـــد
إِذا اِكتَحَـلَ السـاهي الكَـرى فَجُفونُهُم
يَنابيعُهـا يَحلـو لَـدى فَيضـُها الوَردُ
جَــوانِحُهُم مِنهــا العُلــومُ تَفَجَّــرَت
مِـنَ الـذِكرُ في الأَسجارِ إِثمدِها السَهد
لِيــوثَ إِذا الهَيجــاءَ شــَبَّ ضـَرامَها
فَــإِنَّ كَـر أَدنـاهُم يَفِـرُّ بِـهِ الجُنـد
نَــــداهُم بِلا مَــــنَّ يَكــــدِرُهُ وَلا
يَخــافونَ عَـدماً بِالعَطـاءِ إِذا مَـدّوا
وَناسـِكَهُم فـي البَـذلِ وَالفَتكِ بِالعُدى
غَمــامَ هِمـى شـَهمِ سـَطا دونَـهُ الأُسـدُ
وَأَصــحابِكَ الصـَيدُ الأَشـاوِسُ مَـن لَهُـم
ســَوابِقُ فـي الإِسـلامِ لَيـسَ بِهـا جَحـدُ
لَقَـد بَـذَلوا فـي اللّـهِ أَرواحُهُم وَلَم
يُراعــوا بِـهِ قَومـاً وَلَـم يُثنِهِـم وُدُّ
شــداد عَلــى الكُفّـار بَغضـاً وَإِنَّهُـم
لِكُــلِّ ذَوي التَوحيــدِ حُبُّهُــم الصـَرد
مُهــاجِرَهُم قاســى الهَـواجِرَ وَالبَلـى
وَهَجـرُ المَغـاني حيـنَ أَرحـامَهُم صَدوا
وَأَنصــارَهُم قَـد آثـاروا عَـن خَصاصـَة
وَمَـدَّت لِنَصـرِ الـدينِ مِـن سـُمرِهِم عَمدُ
وَقَـد صـَبَروا فـي اللّـهِ كُـلٌّ وَصابَروا
وَمــا فـاتَ مِنهُـم فـي مُجاهَـدَةِ جُهـد
لَهُـم فـي الوَفـا وَالنُصحِ لِلَّهِ وَالتُقى
مَقامــات صــِدقٍ لَيـسَ يَبلُغُهـا العَـد
وَلا ســـِيِّما أَهـــلَ الخِلافَــةِ إِنَّهُــم
لِخَمسـَتِهِم فـي الفَضـلِ لَيـسَ لَهُـم ضـِد
جَـزى اللّـهُ عَنّـا كُـلُّ صـَحبكَ بِالرِضـى
وَعَترَتَــكَ الأَطهــارُ مـا سـَبِّح الرَعـد
وَهــاكَ رَســولُ اللّــهِ مِنّــي فَريـدَة
بِهــا زانَ جيـدي مِـن مَـدائِحُكُم عَقـد
إِذا صــَحَّ لِلمَملــوكِ مِنــكَ قُبولُهــا
فَمِـن فَضـلِ سـاداتي بِـهِ يَسـعَدُ الجَـد
عبد الجليل بن ياسين بن إبراهيم بن طه بن خليل الطباطبائي الحسني البصري.شاعر، من أهل البصرة، ولد بها، ورحل إلى (الزبارة) في قطر، فسكنها إلى أن استولى عليها آل سعود، فانتقل إلى البحرين، وظل فيها إلى سنة 1259هـ، ثم استوطن (الكويت) وتوفي بها، له (ديوان عبد الجليل- ط).