
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
حَنانيـكَ إِنّ الشـَوقَ قَد بَلَغ المَدى
أَما تَرحَمُ المضنى الكَئيب المسهَّدا
وَرُحمـاك إِنّ المُسـتَهام مِـن النَوى
لَـهُ حالَـةٌ سـَوأى تـرِقُّ لَـهُ العِدا
فَلا تَســأل الوَلهـانَ عَمّـا أَصـابه
وَسـَل حـالَهُ إِن شـئتَ ذاكَ فَتَشـهَدا
هُــوَ الصـَبُّ لا تَـزداد لَوعَـةُ حبّـه
إِذا حــاوَل الإِطفــاءَ إِلّا توقُّــدا
فَمـا تَرَكـت فيـهِ الصَبابَةُ وَالهَوى
عَلـى حَمـل أَعبـاءِ الغَـرام تَجَلّدا
وَكَـم عـاثَ في أَهل الغَرام هِيامُهُم
وَحـــرَّق أَحشــاءً وَمَــزَّق أَكبُــدا
وَكَـم سـَلَب الحُـبُّ الرِجـالَ عُقولَهُم
وَحُـبُّ الفَـتى يعمِيه عَن سبلِ الهُدى
فَلا تَعجَبـوا مِـن عَـبرةٍ قَد سَفحتُها
عَلـى زَمَـن قَـد كانَ بِالجِزع مُسعِدا
فَيـا حُسنَ ذاكَ العَهد يا طِيبَ ذِكرِهِ
سـَقاهُ الغَمـام الجَودُ غَيثاً مُرَدَّدا
وَلِلّــه عَيــشٌ بِـالحِمى سـَمحت بِـهِ
لَيــالٍ مِلاحٌ مــا أَلَــذَّ وَأَرغَــدا
لَيـالٍ تَـولّى السـَعد حيـنَ طُلوعَها
فَكـانَت كَمـا يَهـواه يُمنا وَأَسعُدا
إِذا ذَكَــرت نَفســي هُنالـك جيـرَةً
أَتـاحَ لَهـا وَجـداً مُقيمـاً وَمُقعِدا
وَكَـم غَـرَّد القُمـريُّ فـي خَوط أَيكَةٍ
فَجـاوَبتُ ذيّـاك الحَمـامَ المُغَـرِّدا
وَقُلـتُ كَفـاكَ اللَـه مـا أَنتَ حاذِر
وَبُـوِّئتَ فـي الأَدواح وَكـراً مُمَهَّـدا
فَإِنّــك قَـد أَذكَرتَنـي زَمَنـاً مَضـى
بِــهِ ضـَرَبَ الإفـراحُ لِلَّهـوِ مَوعِـدا
يُــدِيرُ بِظِــلِّ السـَرح كَـأسَ مَسـَرَّةٍ
إِذا بَلِــيَ الإِينــاسُ فيـهِ تَجَـدّدا
عَلـى أَنّ مـا قَـد فـاتَ لَيسَ بِعائدٍ
وَلا يَـدَّني بِـالوَهم مـا كانَ أَبعَدا
فَأَمّــا وَقَـد زمَّ الرِكـابُ وَيَمَّمـوا
زِيـارَةَ خَيـر الإنـس وَالجـنّ أَحمَدا
فَقَـد شـاقَني مِـن نَحـو طيبَةَ بارِقٌ
يُنَسـّي مَشـُوق الـروح ما قَد تَعوّدا
وَأَزعَجَنـي حـادي المَطِـيِّ وَقَـد شَدا
وَردَّد خَلـفَ العِيـسِ هَيمَنَـة الحُـدا
رُوَيـدك يـا حـادي المَطايا فَإِنَّني
أُنـادي رَسـولَ اللَـه أسمعه النِدا
أَلا يـا رَسـولَ اللَـهِ دَعـوةَ قـاطِن
تَخلَّــف خَلــفَ الظـاعِنين وَأُفـرِدا
وَلا عُــذرَ إِلّا الضــَعف مِنـهُ فـإِنَّه
تَقَمَّـص فَضفاضـاً مِـن العَجز وَاِرتَدى
وَأوثَقــه جَــورُ الزَمــان وَأَهلـه
فَيَشـكوك مِـن دَهـرٍ عَلَيهِ قَدِ اِعتَدى
وَمِـن نَفسـِهِ يـا حجّـةَ اللَّهِ يَشتَكي
فَتِلـكَ الَّـتي أَلقَته في هُوَّة الرَدى
بِجاهِـك يَـدعُو اللَـهَ مالِـك أَمـرِهِ
يُخلِّصــُه مِمّــا بِــهِ قَــد تَقَيّـدا
فَلَيـسَ لَـهُ يـا اِبنَ العَواتِك مَلجأ
ســِواك وَلا يَرجُــو بِغَيـرِك مَقصـدا
فَإِنَّــك قَـد حُـزتَ المَحامـد كُلَّهـا
وَأَنـتَ لِمُرتـاد النَـدى لُجَّةُ النَدى
عَلَيــك لِــواءُ الحَمـد ينشـرُ آدمٌ
فَمَـن دُونَـه فـي ظِـلِّ مَنشـُوره غَدا
إِذا جَمَــعَ اللَــه الخَلائِقَ كُلَّهُــم
دُعِيـتَ لَمِـن فـي ذَلـك الجَمع سَيِّدا
وَكُنــتَ شـَفيعاً فيهـم وَلَبسـتَ مِـن
حُلـى الحَمد ما يَزداد عِزّاً وَسُؤددا
سـَمَوتَ إِلـى أَعلا الطِبـاق وَجُزتهـا
وَخَلّفــتَ جبريـلَ الأَميـنَ المُؤيّـدا
وَذَلِـك فـي وَهـنٍ قَليـلٍ مِـن الدُجى
وَجئتَ بِـأَنوار الهُـدى لِمَـن اِهتَدى
وَأَطلَعـتَ شـَمسَ الحَقّ مِن أُفق العُلا
وَفَتَّحــتَ بابــاً لِلسـَعادة مُوصـدا
وَأَنــذرتَنا مِـن نـارِ كُـلِّ شـَقاوَةٍ
وَبَشـَّرت مَـن أَضـحى حَنيفـاً مُوحِّـدا
وَغَيَّضــتَ بَحـراً لِلضـّلالة قَـد طَغـى
عَلـى أَهلِـهِ حَتّـى اِسـتَجاشَ وَأَزبَدا
وَغـادَرتَ عَيـن الشُرك تَبكي دِماءها
عَلـى مَـن بَغـى مِـن أَهلِها وَتَمَرّدا
وَبَــدَّدتَ فــي بَـدرٍ رُؤوسَ كُمـاتِهم
فَصـارَت لقـىً عِنـدَ القَلِيـب مُقَدّدا
وَأَحزَنـتَ في الأَحزاب صَخرَ بنَ حَربِهم
وَأَرجَعتــهُ بِـالخِزي خِزيـاً مُخَلَّـدا
وَحَكَّمــتَ فيهــم كُـلَّ أَسـمَر ذابِـلٍ
وَكُــلَّ حُســامٍ كَالشــُواظِ مُهنَّــدا
يَصـولُ بِهـا مَن هاجَروا ثُمَّ جاهَدوا
وَمَن نَصَروا الدينَ القَويم المُسدّدا
هُـم المَلأُ العالون في حَضرَة الرِضى
وَهُـم أَسَّسـُوا هَذا البِناء المُشيّدا
وَهُـم بَـذَلُوا في طاعَة اللَه أَنفُساً
مُطَهَّــرةً تَبغـي الثَـواب المُؤبَّـدا
وَمـا زِلـتَ يـا روحَ العَوالم فيهم
إِلـى أَن مَحَوتَ الشِركَ مَحواً مُسرمَدا
وَجـاءَكَ نَصـرُ اللَهِ وَالفَتحُ وَاِرتَضى
لَكَ اللَهُ في أَعلى الفَراديسِ مَقعَدا
وَصـرتَ مِـن الرُضـوان حَيّـا لِتَبتَني
لَنـا فـي جِـوار الحَـقّ عِزّاً مُمهّدا
وَخلَّفـتَ فينـا الآلَ وَالـذكر حاكِماً
فَآلـك وَالـذكرُ الحَكيـم لَنـا هُدى
هُمـا الثَقلانِ بـارك اللَـهُ فيهُمـا
وَخــصَّ أَميــرَ المُــؤمنين مُحمّـدا
خَليفَتـــك المَــأمون نجــل خَلائِفٍ
أجــلَّ مُلـوك الأَرض فَخـراً وَمَحتـدا
مِـن الـذُروَة العَلياءِ مِن آل هاشمٍ
وَآلِ هِشــام مــا أَجــلَّ وَأَمجَــدا
هُـوَ الملك الحامي الذِمارَ وَمَن لَهُ
رَوَينـا حَـديثاً فـي الأَصالة مُسنَدا
كَسـا دَولـة الأَشـراف عـزّاً وَسُؤدداً
وَأَصـلَح مـا أَوهـى الزَمـانُ وَجدّدا
وَجالــد عبّـادَ الصـَليب فـأَذعَنُوا
لعزَّتــه تَحــتَ الضــَراعة أَعبُـدا
وَعــدّد أَمثــالَ الأســود عَسـاكِراً
تخِـرُّ لَهـا الأسـدُ الضـَراغِمُ سـُجّدا
وَتَهتَـزُّ مِنهـا الأَرضُ عِنـدَ رُكوبَهـا
وَتَرجُــف أَطــوادُ الجِبـال تميُّـدا
وَتَحســَبُ أَنّ الجَــوَّ نــارٌ تَـأَجّجت
يَضـِجُّ لَهـا بـاغي الفَسـاد مُشـرَّدا
وَتَخفـقُ ريـحُ النَصـر بَيـن بُنُودها
عَلـى غُـرَّة المَنصـور أَكرمِ مَن غَدا
عَلـى الملـك الجَحجـاح أَبهى مُتَوَّجٍ
تَبَختَـر وَاِقتـادَ الخَميـسَ المجنّدا
وَأَعلـى مُلـوكِ العـالمين مَفـاخِراً
وَأَطهرَهُــم قَلبــاً وَأَطـوَلَهُم يَـدا
وَأَكثَرَهُــم رُجحــانَ عَقــلٍ وَحكمـةٍ
وَأَعـذَبهم فـي مَشـرَع العلم مَورِدا
وَأَوضــَحَهُم بُنيــانَ مَجــدٍ وَمَفخَـرٍ
وَأَوثَقهــم بُنيــان عــزٍّ وَمَصـعدا
قَضـى اللَـهُ تَعنُو الناسُ طُرّاً لِأَمره
وَتَنقـــادُ إِجلالاً لَـــهُ وَتَـــوَدُّدا
فَمــا زالَ يُــولِيهم عَواطِـفَ بِـرِّهِ
وَيصـفَحُ عَـن ذَنـبِ المُسيء إِذا بَدا
وَبِالعَـدل وَالإِحسـان مـا زالَ آمِراً
إِيــالَتَه الغــرّاء أَمـراً مؤَكّـدا
بِـهِ حَيِيَـت أَرضُ المَغـارب وَاِزدَهـت
وَأَضـحَت لَهُـم أَهـلُ المَشـارق حُسَّدا
هَنيئاً لَنـا قَـد أسعَدَ اللَهُ أَرضَنا
بِمَلـك هُمـامٍ فـي العُلا قَـد تَوحدا
بِــأَبهَرَ مِـن بَـدر التَمـام جَلالَـةً
وَأَسـمَح مِـن بِيـض الغَمـام وَأَجودا
يُقيـم لَنـا فـي كُـلّ عـامٍ مَواسِماً
مُبارَكــةً فِطــراً وَأَضـحى وَمَولِـدا
يُفيــضُ عَلَينـا مِـن سـَحائب جُـوده
مَـواهِبَ لا تَنفـكُّ نَفسـي لَـهُ الفِدا
وَنُهـدي لَـهُ حُـرَّ المَـدائِح جَـوهَراً
فَيَمنَحُنــا بِالفَضـل تِـبراً مُنَضـَّدا
فَلا زالَ بِــالعُمر الطَويـل مُمتَّعـاً
وَلا زالَ مَنصــورَ اللِــواءِ مُؤَيّـدا
وَلا تَــبرح الأَعيـادُ يُشـرِقُ نورُهـا
بِغُرّتــه إِن راحَ يَومـاً أَوِ اِغتَـدى
أبو عبد الله محمد بن أحمد أكنسوس.ويقال الكنسوس المراكشي الوزير الكاتب الشاعر والعلامة المؤرخ المشهور.عرف باسم قبيلته (إيداوكنسوس) وهي إحدى قبائل سوس وبعضهم يقول فيه الكنسوسي وهو الصواب ويقال له الجعفري لأن بعض آبائه ينتسبون إلى سيدنا جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه.ولد سنة 1211هبقبيلته ونشأ فيها على عفاف وصيانة لأن أسرته كانت ذات حسب ونسب ثم توجه إلى فاس عام 1229 طالباً العلم ونبغ أكنسوس في عدة علوم كالنحو واللغة والأدب والتاريخ والحساب والتوقيت. وتوفي في يوم الثلاثاء 29 محرم عام 1294ه.له كتاب تاريخ أسماه الجيش العرمرم الخماسي في دولة مولانا علي السجلماسي.