
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
هـذا الصـباحُ صـباحُ الشـيب قـد وَضَحا
ســَرعان مـا كـان ليلاً فاسـتنار ضـُحى
للــدهر لونــان مـن نـور ومـن غسـق
هـــذا يعــاقب هــذا كلمــا بَرحــا
وتلــك صــبغته أعــدى بنيــه بهــا
إذا تراخــى مجــال العمـر وانفسـَحَا
مـا ينكـر المـرءُ مـن نـورِ جلا غسـقاً
مــا لـم يكـن لأمـاني النفـس مُطَّرِحـا
إذا رأيــت بــروق الشـيب قـد بسـمت
بمفــرقٍ فمُحيَّــا العيــش قــد كَلَحَـا
يلقـــى المشـــيبَ بــإجلال وتكرِمــةٍ
مـن قـد أعـدّ مـن الأعمـال مـا صـَلَحَا
أمّـــا ومثلــيَ لــم يــبرحْ يُعلِّلُــهُ
مــن النســيم عليــلٌ كلمّــا نَفَحــا
والـبرقُ مـا لاح فـي الظلمـاء مبتسما
مــن جــانب الســفح إلا دمعَـه سـَفَحا
فمــا لــه برقيــب الشـيب مـن قِبَـلٍ
مـن بعـد مـا لامَ فـي شأنِ الهوى ولَحَا
يـــأبَى وفـــائيَ أن أصــغي للائمــةٍ
وأن أطيـــع عــذولي غَــشَّ أو نَصــَحا
يــا أهـل نجـد سـقى الوسـميُّ ربعَكُـمُ
غيثـاً يُنيـلُ غليـلَ التُّـربِ ما اقترحا
مـــا للفـــؤاد إذا هبَــت يمانيــةٌ
تُهــديه أنفاســُها الأشـجانَ والبُرَحـا
يــا حَبَــذا نسـمةٌ مـن أرضـكم نَفَحـت
وحَبَّـــذا ربــربٌ مــن جَــوُكُمُ ســَنَحَا
يــا جيــرةً تعــرفُ الأحيــاءُ جـودَهُمُ
مـا ضـَرَّ مـن ضـنَّ بالإحسـان لـو سـمحا
مــا شــِمتُ بارقــةً مــن جـوٌ كاظمـةٍ
إلاَّ وبـــتُّ لزنـــد الشــوق مُقتــدحا
فــي ذمَّــةِ اللــه قلـبي مـا أعلُلُـهُ
بــالقرب إلا وعــادَ القــربُ مُنْتَزَحـا
كــم ليلــةٍ والـدجى راعـت جوانبُهـا
قلــبَ الجبــان فمــا ينفــكُ مُطَّرَحـا
ســريتُها ونجــومُ الأفــق فيــه طفَـتْ
جــواهراً وعبــابُ الليــل قـد طفحـا
بســـــابحٍ أهتــــدي ليلاً بغرّتِــــهِ
والبـدر فـي لجـة الظلمـاء قـد سبحا
والســحبُ تنــثر دُرَّ الـدمع مـن فَـرَقٍ
والجـوُّ يخلـعُ مـن بـرق الـدّجى وُشـُحا
مــا طــالبتُ همّــتي دهــري بمَعُلُـوَةٍ
إلاّ بلغـــتُ مـــن الأيّـــام مُقْتَرحــا
ولا أدرتُ كـــؤوس العـــزم مُغتبقـــاً
إلا أدرتُ كــــؤوس العـــزِّ مُصـــطبحا
هــذا وكـل الـذي قـد نلـت مـن أمـل
مثــلَ الخيــال تـراءى ثُمَّـتَ انْتَزَحـا
كــم يكــدحُ المــرءُ لا يـدري مَنِيَتَـهُ
أليــسَ كــلُّ امـرئ يُجـزى بمـا كَـدَحا
وا رحمتـــا لشــبابي ضــاع أطيبُــهُ
فمــا فرحـتُ بـه قـد عـاد لـي تَرَحـا
أليــس أيّامنــا اللائي ســلفن لنــا
منــازلاً أعلمــت فيهـا الخطـا مرحـا
إنّـا إلـى اللـه ما أَوْلى المتابَ بنا
لـو أَنْ قلبـاً إلـى التوفيـق قد جَنَحا
الحــقُّ أبلَــجُ والمنجــاة عــن كثـبِ
والأمــر للــهِ والعُقــبى لمـن صـَلَحا
يــا ويـحَ نفـس تـوانَت عـن مراشـدِها
وطرفهــا فـي عنـان الغَـيِّ قـد جَمَحَـا
ترجــو الخلاص ولــم تنهــجُ مسـالِكها
مــن بــاعَ رشــداً بِغَـيَّ قلّمـا ربحـا
يــا رَبِّ صــفحَك يرجــو كــلُّ مُقــترفٍ
فــأنت أكــرمُ مـن يعفـو ومـن صـَفَحا
يـــا ربِّ لا ســببٌ أرجــو الخلاصَ بــه
إلا الرســولَ ولطفــاً منــك إن نفحـا
فمــا لجــأتُ لــه فــي دفـع مُعْضـِلَةٍ
إلاّ وجـــدتُ جَنــاب اللّطــف مُنفســحا
ولا تضـــايق أمـــرٌ فاســـتجرتُ بــه
إلا تفـــرْجَ بــابُ الضــّيقِ وانفتحــا
يــا هَــلْ تبلّغنــي مثــواهُ ناجيــةٌ
تطـوي بـيَ القفـر مهما امتدّ وانْفَسَحا
حيــثُ الربــوعُ بنــور الـوحي آهلـةٌ
مــن حلَّهــا احتســب الآمـال مُقْتَرَحـا
حيــثُ الرســالةُ تجلـو مـن عجائبهـا
مــن الجمــال تنــور اللــه مُتَّضـَحا
حيــثُ النبــوةُ تتلــو مـن غرائبهـا
ذكــراً يُغــادر صـدر الـدين مُنْشـَرِحَا
حيـثُ الضـريحُ بمـا قـد ضـَمَّ مِـن كـرمٍ
قـد بَـذَّ فـي الفخـر من ساد ومن نجحا
يــا حَبَّــذا بلـدةٌ كـانَ النَّبِـيُّ بهـا
يلقـــى الملائك فيـــه أيّــةً ســَرَحَا
يــا دارَ هجرتــه يــا أُفْــقَ مطلعـهِ
لـي فيـك بـدرٌ بغيـر الفكـر ما لُمِحَا
مــن هاشــم فـي سـماء العـزْ مطلعُـهُ
أكــرمْ بِــهِ نســباً بــالعزْ مُتَّشــِحا
مـن آل عـدنانَ فـي الأشـراف مـن مُضـَرٍ
مــن محتـدِ تطمـح العليـاءُ إن طَمَحَـا
مــن عهــد آدمَ مــا زالــت أوامـره
تُســام بالمجــد مـن آبـائه الصـُّرَحَا
عنايــة ســبقت قبــل الوجــود لــه
واللـهِ لـو وُزنَـتْ بـالكون مـا رَجَحَـا
يـا مصـطفى وكمـامُ الكـون مـا فتقـت
يـا مجتـبى وزنـاد النـور مـا قُـدِحا
لــولاكَ مــا أشــرقت شــَمْسٌ ولا قَمَــرٌ
لـــولاك مــا راقــت الأفلاكُ مُلْتَمِحــا
صــدعتَ بــالنّور تجلــو كــلَّ داجيـةٍ
حــتى تــبيَّن نهــجُ الحــقِّ واتضــحا
يـا فاتِـحَ الرسـل أو يـا ختمها شَرفاً
بـــوركتَ مُخْتَتِمـــاً قُدْســْتَ مُفْتَتِحــا
دنـــوت للخلــق بالألطــاف تمنحُهــا
والقلـبُ فـي العـالم العُلْويِّ ما بَرحَا
كالشــمس فــي الأُفُـقِ الأعلـى مَجَرَّتُهـا
والنُّـور منهـا إلـى الأبصـار قد وَضَحَا
كـــم آيــةٍ لرســولِ اللــه مُعجــزةٍ
تكــلُّ عــن منتهاهــا ألْسـُنُ الفُصـَحَا
إن رُدَّت الشـمس مـن بعـد الغـروب لـه
قــد ظلَّلَتُــهُ غمـامُ الجـوِّ حيـث نَحـا
يــا نعمـةً عظُمَـتْ فـي الخلـق مِنَّتُهـا
ورحمــةً تشــمُلُ الغــادينَ والرَّوحَــا
اللــهُ أعطــاكَ مـا لـم يُـؤُتِهِ أحـداً
واللــهُ أكـرمُ مـن أَعطـى وَمَـن منحـا
حـــبيبُهُ مصـــطفاهُ مُجْتَبـــاهُ وفــي
هــــذا بلاغٌ لمــــن حلاَّك مُمْتَــــدَحا
أثُنــى عليــك كتــابُ اللـهِ مُمُتَـدِحاً
فــأَين يبلــغ فـي عليـاك مـن مَـدَحا
قـد أبعـدتني ذنـوبي عنـك يـا أملـي
فجهـديَ اليـومَ أن أُهـدي لـك المِـدَحَا
لعـــلَّ رُحمـــاك والأقـــدار ســابقةٌ
تُــدْني محبّـاً بأقصـى الغـرب مُنْتَزحـا
نفـــسٌ شــعاعٌ وقلــبٌ خــان أضــلُعْهُ
ممَّــا يُعـاني مـن الأشـواق قـد بَرَحـا
إذا الــبروقُ أضــاءتْ والغمـام هَمَـتْ
فزفرتــي أذْكيــت أو مــدمعي ســَفَحا
لِــمْ لا أحــنُّ وهــذا الجِـذْعُ حَـنَّ لَـهُ
لمــا تباعــد عــن لُقيـاه وانْتَزَحَـا
كــم ذا التعلُّــلُ والأيّــام تمطلُنــي
كأنَّهــا لــم تجِــدُ عـن ذاك مُنْتَـذَحا
مـا أقـدرَ اللـهَ أن يـدني علـى شـحطٍ
وأن يُقــرْبَ بعــد الــبين مـن نزحـا
يـا سـيْدَ الرسـلِ يـا نعمَ الشّفيعُ إذا
طـالَ الوقـوفُ وحـرُّ الشـَّمس قـد لفَحَـا
أنـــت المُشـــَفَّعُ والأبصــارُ شاخصــةٌ
أنـت الغِيـاث وهـولُ الخطـب قـد فَدَحا
حــاشَ العُلا وجميــلُ الظَّـنِّ يشـفعُ لـي
أن يُخْفِــقَ السـعي منـي بعـدما نجحـا
عســاك يــا خيـرَ مـن تُرجـى وسـائله
تُنجـي غريقـاً ببحـر الـذَّنب قـد سبحا
مــا زال معترفــاً بالــذنب معتـذراً
لعــلَّ حبَّــك يمحــو كـلَّ مـا اجْتَرَحَـا
عســى البشـير غـداة الـروع يُسـْمِعُني
بُشـرى تعـود لـيَ البؤسـى بهـا فرحـا
لا تيأســـَنَّ فـــإِنّ اللـــه ذو كــرم
وحُبُّـكَ العـاقِبَ المـاحي الـذُّنُوبَ مَحَـا
صــَلّى الإلــهُ علــى المختـار صـفوته
ما العارض انهلَّ أو ما البارقُ التَمَحَا
وأيَّـــدَ اللـــهُ مولانـــا بعصـــمته
بــأيِّ بـاب إلـى العليـاء قـد فُتِحـا
وهُنِّــئ الــدينُ والــدنيا علـى ملـك
بســعده الطـائرُ الميمـونُ قـد سـَنَحا
أنـــا الضـــمينُ لمكحـــولٍ بغُرتــه
ألاَّ تـــرى عينـــهُ بؤســاً ولا تَرَحَــا
مــولايَ خــذها كمــا شــاءت بلاغَتُهـا
غَــرَّاءَ لــم تعـدَمِ الأحْجـالَ والقُزَحَـا
كـــأنَّ ســـِرْبَ قوافيهــا إذا ســَنَحَتْ
طَيْــرٌ علــى فَنَـنِ الإِحسـان قـد صـَدَحا
محمد بن يوسف بن محمد بن أحمد الصريحي، أبو عبد الله. المعروف بابن زمرك وزير من كبار الشعراء والكتاب في الأندلس، أصله من شرقيها، ومولده بروض البيازين (بغرناطة) تتلمذ للسان الدين ابن الخطيب وغيره. وترقى في الأعمال الكتابية إلى أن جعله صاحب غرناطة (الغني بالله) كاتم سره سنة 773هـ، ثم المتصرف برسالته وحجابته. ونكب مدة، وأعيد إلى مكانته، فأساء إلى بعض رجال الدولة، فختمت حياته بأن بعث إليه ولي أمره من قتله في داره وهو رافع يديه بالمصحف. وقتل من وجد معه من خدمه وبنيه، وكان قد سعى في أستاذه لسان الدين بن الخطيب حتى قتل خنقاً فلقي جزاء عمله. وقد جمع السلطان ابن الأحمر شعر ابن زمرك وموشحاته في مجلد ضخم سماه (البقية والمدرك من كلام ابن زمرك) رآه المقري في المغرب ونقل كثيراً منه في نفح الطيب وأزهار الرياض. قال ابن القاضي: كان حياً سنة 792 ذكرت الكوكب الوقاد فيمن دفن بسبتة من العلماء والزهاد.وكان صديقا لابن خلدون، وفي رحلة ابن خلدون حديث مطول عنه يقعفي زهاء عشر صفحاتأولها (صاحبنا الوزير الكبير العالم، كاتب سر السلطان ابن الأحمر صاحب غرناطة)