
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
قـد جـاء يـا أم وقت فوتي
ولــم يجـئ آه بعـد صـبري
إن جـاءَ يـا أمُّ بعـد موتي
فالتمســي أن يـزور قـبري
إن جـاء يـا أم بعـد دفني
فخبِّريــه أنــي انتظرتــه
وخـــبريه يـــا أم أنــي
لسـاعة المـوت قـد ذكرتـه
قـولي لـه عنـد مـا يعـودُ
سـلمي قضت وهي في انتظارك
لـم تخـل فـي سـاعة تجـود
بـالنفس فيهـا مـن ادّكارك
قـد قـاومت بعـدك الرزايا
لـم تـألُ فـي دفعهـن جهدا
وآخــرا جــاءت المنايــا
فمــا اســتطاعت لهـن ردا
يــا أم إنــي إذا بكيــت
فلا تلــومي علــى بكــائي
ألــم تــرى أننــي حكيـت
غصـنَ نقـاً جـف فـي الهواء
يـا أم أبكـي علـى ضـياعي
يـا أم ابكـي علـى شـبابي
فإنمــا الليلـة اضـطجاعي
يكـون يـا أم فـي الـتراب
فـي جسـدي والرجـاء يكبـو
تنــازع المــوت والحيـاة
بينهمــا لــو علمـتِ حـرب
لابــد أن يغلــب الممــات
آهٍ علـى العمـر كيـف ولَّـى
آه علـى العيـش إذ تبـدَّلف
هلا تـــأنّى الحمـــام هلاً
حــتى يــؤوبَ الـذي ترحـل
في الصبح إذ زارني الطبيب
أحسسـتُ في الوجه منه يأسا
فبــان لــي أننــي قريـب
مـن سـكني في التراب رمسا
يـا ع أم يـا أم قـد يطول
مكـــثى بقــبري ويســتمرّ
هـل صـادق قـول مـن يقـول
إن الــدجى فيــه مكفهــر
أودُّ لـــو كــان مــا أود
أنـي عنكـم أطـوى المسيرا
لكنمـــا المــوت مســتبد
فلا يراعــي قلبــاً كسـيرا
إن رام عنـي الحـبيب بعدا
لـم ينـأَ عـن مقلتي خياله
إن لـم يكـن شخصـه المفدى
فـــإنه دائمـــاً مثــاله
فــي يقظـة كنـت أو منـامِ
أراه يــا أُمُّ نصــب عينـي
كـــأنه واقـــف أمـــامي
كــــأنه آســـف لحينـــي
مــا بــاله سـاكتاً مليـاً
يَغــض مــن طرفــهِ خُشـوعا
أظنـــه باكيـــاً خفيـــا
فـــانه يمســح الــدموعا
يـا أم هـاتي نـبيلا ابنـي
منــه أنـل قبلـة الـوداع
يــا أم هـاتيه لـي فمنـي
قَرُبـــت ســـاعة النــزاع
أدنتـه منهـا الأمُّ الأسـيفه
وهـي لبـادي الـدموع تخفى
فقبلتــه ســلمى النحيفـة
ثــم ارتمـى رأسـها لضـعف
طفـلٌ صـغيرٌ فـي السـن جداً
كصــورة الحســن والجمـال
بملـــك خــدا يُظــن وردا
وأعينـــا هـــنَّ للغــزال
يريــدُ فــي لفظــهِ كلامـاً
وهـو علـى ذاك غيـرُ قـادر
يُهـدى إلـى أمـهِ ابتسـاما
ويُمســك الشـعر والضـفائر
فأغمضــــت أمــــه قليلا
ثـم أرعـوت تنظـر السـماء
رافعـــة طرفهــا الكليلا
بصـــورة تجلــب البكــاء
قائلــــةً ربِّ لا تفــــارق
بيــن نبيـل طفلـي وبينـي
أعتـق حيـاتي حـتى يراهـق
يـا رب والمـوت بعـد ديني
دعــت كــذا دعـوة وطـاحت
فـي رقـدة مالهـا انتبـاهُ
وأمهــا بالعويــل صــاحت
وبــان صـبري يُـدنى خطـاه
بــاغته فـي اللقـاء بهـتُ
إذ شـاهد المنظـر الكئيبا
فسـاد مـن فـي المكان صمت
تخـــاله مِصــقعاً خطيبــا
وصـاح بعـد السـكوت حينـا
مــن كبــد كـاللهيب حـرّى
كنــت لــرود زهـت قرينـا
فاغتالهـا الموت آه غدراء
قـد كـان لـي زهـرة لطيفة
فـي رونـق العمـر والشباب
هبــت عليهِـا ريـح عنيفـه
فبــدَّدتها علــى الــتراب
مـاذا حيـاتي من بعدُ تنفع
كـان الـذي خفـت أن يكونا
مـا حيلـتي آه كيـف أصـنع
إنـا إلـى اللَـه راجعونـا
جميل صدقي بن محمد فيضي بن الملا أحمد بابان الزهاوي.شاعر، نحى منحى الفلاسفة، من طلائع نهضة الأدب العربي في العصر الحديث، مولده ووفاته ببغداد، كان أبوه مفتياً، وبيته بيت علم ووجاهة في العراق، كردي الأصل، أجداده البابان أمراء السليمانية (شرقي كركوك) ونسبة الزهاوي إلى (زهاو) كانت إمارة مستقلة وهي اليوم من أعمال إيران، وجدته أم أبيه منها. وأول من نسب إليها من أسرته والده محمد فيضي. نظم الشعر بالعربية والفارسية في حداثته. وتقلب في مناصب مختلفة فكان من أعضاء مجلس المعارف ببغداد، ثم من أعضاء محكمة الاستئناف، ثم أستاذاً للفلسفة الإسلامية في (المدرسة الملكية) بالآستانة، وأستاذاً للآداب العربية في دار الفنون بها، فأستاذاً في مدرسة الحقوق ببغداد، فنائباً عن المنتفق في مجلس النواب العثماني، ثم نائباً عن بغداد، فرئيساً للجنة تعريب القوانين في بغداد، ثم من أعضاء مجلس الأعيان العراقي، إلى أن توفي. كتب عن نفسه: كنت في صباي أسمى (المجنون) لحركاتي غير المألوفة، وفي شبابي (الطائش) لنزعتي إلى الطرب، وفي كهولي (الجرىء) لمقاومتي الاستبداد، وفي شيخوختي (الزنديق) لمجاهرتي بآرائي الفلسفية، له مقالات في كبريات المجلات العربية.وله: (الكائنات -ط) في الفلسفة، و(الجاذبية وتعليها -ط)، و(المجمل مما أرى-ط)، و(أشراك الداما-خ)، و(الدفع العام والظواهر الطبيعية والفلكية-ط) صغير، نشر تباعاً في مجلة المقتطف، و(رباعيات الخيام-ط) ترجمها شعراً ونثراً عن الفارسية. وشعره كثير يناهز عشرة آلاف بيت، منه (ديوان الزهاوي-ط)، و(الكلم المنظوم-ط)، و(الشذرات-ط)، و(نزغات الشيطان-خ) وفيه شطحاتة الشعرية، و(رباعيات الزهاوي -ط)، و(اللباب -ط)، و(أوشال -ط).