
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
إِذَا رِيـحُ الصـَّبَا هَبَّتْ أَصِيلَا
شـَفَتْ بِهُبُوبِهَـا قَلْبـاً عَلِيلَا
وَجَــاءَتْنِي تُخَبِّــرُ أَنَّ قَـوْمِي
بِمَنْ أَهْوَاهُ قَدْ جَدُّوا الرَّحِيلَا
وَمَـا حَنُّـوا عَلَـى مَـنْ خَلَّفُوهُ
بِـوَادِي الرَّمْلِ مُنْطَرِحاً جَدِيلَا
يَحِــنُّ صـَبَابَةً وَيَهِيـمُ وَجْـداً
إِلَيْهِـمُ كُلَّمَا سَاقُوا الْحُمُولَا
أَلَا يَـا عَبْلَ إِنْ خَانُوا عُهُودِي
وَكَـانَ أَبُوكِ لَا يَرْعَى الْجَمِيلَا
حَمَلْـتُ الضَّيْمَ وَالْهِجْرَانَ جُهْدِي
عَلَـى رَغْمِـي وَخَالَفْتُ الْعَذُولَا
عَرَكْــتُ نَـوَائِبَ الْأَيَّـامِ حَتَّـى
رَأَيْـتُ كَثِيرَهَـا عِنْـدِي قَلِيلَا
وَعَـادَانِي غُـرَابُ الْبَيْـنِ حَتَّى
كَـأَنِّي قَـدْ قَتَلْـتُ لَـهُ قَتِيلَا
وَقَـدْ غَنَّـى عَلَـى الْأَغْصَانِ طَيْرٌ
بِصـَوْتِ حَنِينِـهِ يَشْفِي الْغَلِيلَا
بَكَـى فَـأَعَرْتُهُ أَجْفَـانَ عَيْنِـي
وَنَـاحَ فَـزَادَ إِعْـوَالِي عَوِيلَا
فَقُلْـتُ لَـهُ جَرَحْـتَ صَمِيمَ قَلْبِي
وَأَبْـدَى نَوْحُكَ الدَّاءَ الدَّخِيلَا
وَمَـا أَبْقَيْـتَ فِي جَفْنِي دُمُوعاً
وَلَا جِســْماً أَعِيـشُ بِـهِ نَحِيلَا
وَلَا أَبْقَـى لِـيَ الْهِجْرَانُ صَبْراً
لِكَيْ أَلْقَى الْمَنَازِلَ وَالطُّلُولَا
أَلِفْـتُ السـُّقْمَ حَتَّى صَارَ جِسْمِي
إِذَا فَقَـدَ الضَّنَى أَمْسَى عَلِيلَا
وَلَـوْ أَنِّـي كَشـَفْتُ الدِّرْعَ عَنِّي
رَأَيْــتَ وَرَاءَهُ رَســْماً مُحِيلَا
وَفِي الرَّسْمِ الْمُحِيلِ حُسَامُ نَفْسٍ
يُقَلِّـلُ حَـدُّهُ السـَّيْفَ الصَّقِيلَا
عَنْتَرَةُ بنُ شَدّادٍ مِنْ قَبِيلَةِ عَبسٍ، وَأُمُّهُ حَبَشِيَّةٌ اسْمُها زَبِيبَةٌ، فكانَ أَحَدَ أَغْرِبَةِ العَرَبِ وَهُمْ ثَلاثَةٌ: عَنْتَرَةُ وَخُفافُ بنُ نَدْبَةَ وَالسُّلَيكِ. يُعَدُّ عَنْتَرَةُ أَشْهَرَ فُرْسانِ العَرَبِ وَشُجْعانِهِمْ فِي الجاهِلِيَّةِ، وَقَدْ مَحا عَنْ نَفْسِهِ عارَ مَوْلِدِهِ بِما أَظْهَرَهُ مِنْ شَجاعَةٍ فِي القِتالِ والدِّفاع عنْ قومِهِ، فَاعْتَرَفَ بِهِ أَبُوهُ وَأَلْحَقَهُ بِنَسَبِهِ، وَقد شَهِدَ حَرْبَ داحِسَ وَالغُبَراءِ فَحَسُنَ فِيها بَلاؤُهُ، وَعُرِفَ بِحُبِّهِ لِابْنَةِ عَمِّهِ عَبْلَةَ، وَهُوَ مِنَ الشُّعَراءِ الفُحُولِ المُتَقَدِّمِينَ المُجِيدِينَ، وَأَحَدُ شُعَراءِ المُعَلَّقاتِ، وَقَدْ جَعَلَهُ ابْنُ سَلَّامٍ مِن شُعَراءِ الطَّبَقَةِ السَّادِسَةِ فِي طَبَقاتِهِ، وَتُوُفِّيَ نَحْوَ عامِ 22 ق.هــ.