
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
الشـــعرُ درٌّ والخيـــالُ بحـــورُ
والفكـر فلـكٌ فـي العبـاب يَمُـور
مــا كــلُّ غــوَّاصٍ اقاصــي لجَّــةٍ
يبــدو لــديهِ للؤلــؤ المـذخورُ
حــاز الفــرائد كـلَّ عصـرٍ بضـعةٌ
مــع أنَّ رهــط الغائصــين كـبيرُ
مـا كـلُّ مـن ركـبَ الصـوافنَ فارسٌ
يــأوي الـدِحلَ الليـثُ واليعفـور
لــو كـلُّ مـن يسـعى لمجـدٍ نـالهُ
مــا كـان بيـن العـالمين خطيـرُ
وكــلُّ مــن نظَـمَ القريـض اجـادهُ
مــا قيــل ذا فحــلٌ وذ شــعرورُ
بعــضُ القــرائح نفحــةٌ علويَّــةٌ
والبعــض ريــحٌ بالهبــاءِ تثـورُ
مــن تلـك يُبعـثُ للصـدور نسـائمٌ
تحيــي ومــن هــذى قـذًى وكـدورُ
يـا مَـن يظـن الشعرَ ماوَزَنَ الفتى
نظمــا لانــتَ الجاهــل المغـرورُ
كـم مـن نظـامٍ لـم يكن شعراً وكم
شـــعراً يقــال ولفظــهُ منثــورُ
فالشـعر مـا ابتكر الذكاءُ مولّداً
معنــىً لــهُ يرتــاح منـكَ شـعورُ
فــاذا أتـى نظمـاً فتلـك صـناعةٌ
أُخــرى جلاهــا الطبـع والتحريـرُ
لهجــت بــهِ الاعــرابُ دون تصـنّعٍ
فيـــهِ فجـــاء وحســنهُ مفطــورُ
تلـدُ المعـاني النفـسُ لا مغصـوبةً
عفـــواً وفيهــا نشــطةٌ وســرورُ
تلــج القلـوب بلا حجـابٍ قبـل أن
يلــج المسـامعَ لفظهـا المـأثورُ
شـعرٌ كمـا انتظـم الحبـاب ودونهُ
لــذوي الحصــافة نشــوةٌ وحبـورُ
هـو في الوغى فخرٌ وفي حال الهوى
ســحرٌ وفــي وقـت الصـفا شـحرورُ
جلسـت بـه الشعراءُ في دَست العلى
يعنــو لهــم ملــكٌ سـما ووزيـرُ
ويهـابهم فـي الحـرب كـل سـميدع
ويــثيبهم زمــنَ الســلام اميــرُ
فهـمُ الملـوكُ علـى الملوك رضاهُم
غنـــمٌ وســـُخطهمُ اســىً وثبــور
ولقـد غـدا مـن بعـد ذلـك حرفـةً
لهــمُ بهــا يســترزقُ المعســورُ
يتكلفـــون بــهِ ثنــاءً كاذبــاً
مــع أن حبــل الكــاذبين قصـيرُ
أضــحى ســجلاً للمديــح وللرثــا
ولســـردِ وصـــفٍ جلُّـــهُ تزويــرُ
وسطا على المعنى الجناسُ فلم يزل
ينقــاد بيــن يـديه وهـو نَفُـورُ
سـلكوا بـه عكـسَ المـراد جهالـةً
فجــرى بضــيعة مجــدهِ المقـدورُ
هــدموا بســوء صـنيعهم اركـانهُ
فبــدا خرابــاً بيتــهُ المعمـورُ
ولقـد اتـاح لهُ الزمان اليومَ من
يحلــو لــهُ الابــدال والتغييـرُ
نهضــت بـه بعـد السـقوط قـرائحٌ
بأشــعَّة العلــم الصــحيح تسـيرُ
لـــم تتخــذهُ ذريعــةً لمغــانمٍ
يوليكهــا الممــدوح وهـو حقيـرُ
لبـس القريـضَ بهـا طـرازاً مُعلماً
هــو فـي الوضـاءَة عسـجدٌ وحريـرُ
مــن كــل مبتكــرٍ بهيــجٍ مطـربٍ
قــد زانــهُ الابــداعُ والتحـبيرُ
قـد عـاد رونقـهُ القـديم مجـدَّداً
وانجــاب عــن ارجـائهِ الـديجورُ
وزكــت منــابتهُ واخصــب روضــهُ
وجلا المحاســـنَ رَقُّــهُ المنشــورُ
فلتنظــــم الاقلامُ فيــــهِ قلائداً
منهـا يفيـض علـى المـدارك نـورُ
فبــهِ غــدا هَـومَير بعـد ممـاتهِ
حيًّــا تصــوغ لـهُ الفخـارَ عصـورُ
سليم بن روفائيل بن جرجس عنحوري.أديب، من الشعراء، من أعضاء المجمع العلمي العربي، مولده ووفاته في دمشق، تقلد بعض الوظائف في صباه.وزار مصر سنة 1878م، فتعرف إلى السيد جمال الدين الأفغاني واتصل بالخديوى إسماعيل، وأنشأ مطبعة "الاتحاد" وصحيفة "مرآة الشرق" ولم يلبث أن أقفلهما، وعاد إلى دمشق، فتولى أعمالاً كتابية، وأكثر من مطالعة كتب "الحقوق" واحترف المحاماة حوالي سنة 1890 ثم كان يقضي فصل الشتاء من أكثر الأعوام في القاهرة، فأصدر فيها مجلة "الشتاء" وكان كثير النظم، قليل النوم، أخبرني بدمشق (سنة 1912) أنه منذ ثلاثين عاماً لم ينم أكثر من ثلاث ساعات في اليوم، تتناوب بناته السهر معه، يخدمنه ويكتبن ما يملي من نظم وغيره.له: (كنز الناظم ومصباح الهائم-ط) الجزء الأول منه، و(آية العصر-ط) نظم، ومثله (الجوهر الفرد-ط)، و(سحر هاروت-ط)، و(بدائع ماروت-ط)، وله (كتاب الجن عند غير العرب-ط)، و(حديقة السوسن) نشرها في مجلتي الضياء والشتاء.