
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
هـذا الصـفاءُ مع النعيم تبارى
فـي بلـدةٍ تهـدي الهناءَ نثارا
مـا كـان اخصـبها واطيب عيشها
لـو أن رَهـط النـائمين سـهارى
عجبـاً يحـرّم اهلهـا شربَ الطلا
والقـائمون علـى الدسوت سكارى
فهــمُ فـرادى والشـتات يضـمُّهم
لتهــاتُرٍ قــد مــزَّقٍ الاعمـارا
ألهـاهُم الـدينار عـن إلباسها
حلـل البهـاءِ فألَّهوا الدينارا
وقفـوا لـه كلَّ الوجود فصار في
ابصـارهم هـذا الوجـود غبـارا
فمـدئنُ السـودان صـرنَ عرائسـاً
يســحبنَ اذيـالَ الـدلال فخـارا
وعـروسُ مـدن الشرق تحني راسها
خزيـاً بـذلُّ اثـري تلبـس عـارا
حسـناءٌ سـرَبلَها الجمـالُ فجُرّدَت
بيــد البنيـن فاصـبحت تتـورى
محجوبــةٌ خلـف الجـدار كأنهـا
مـاتت فصـار لها البلى اطمارا
يـا مـن تربَّـع فوق دست لم يكن
اهلاً لـه يهـدي الجيـوب اطمارا
مـاذا يقول لك الغريبُ اذا رأى
الاقــذار حـول قصـورها سـوارا
والوحـل في الاسواق طوداً شامخاً
والطُـرق تـدمي الغـاديين عـثر
والنـور في الظُلُمات روحُ مُنازعٍ
هجَــر الحيــوة وودَّع الاعمـارا
أفلا يمـدُّ لـكَ الضـميرُ مناخسـاً
فتعـدُّ نفسـكَ يـا جهـولُ حمـارا
ام لا تــرقُّ لحــال أُمٍّ خنتَهــا
وجنيــت فــي إذلالهــا الاوزار
أفيعجـز الابنـاءُ عـن إلباسـها
حلـل الشـموس لتسـتبي الأقمارا
حاشـــا وكلا انمـــا الهــاهمُ
فيهـا التكـاثُر فالجميع حيارى
مـاذا اقـول وكيـف ارثـي بلدةً
بجمالهــا مَثَــلُ الاوائل سـارا
هــي حيزبــون الارض ام بلادهـا
تـردي القـرون وتـدفن الادهارا
دامـت علـى قـدم الزمان جديدة
تبقـى وتنفـي دونهـا الامصـارا
وتعـود فـي مـرط الصبا مختالة
تســبي العقـول تـدللا ونفـارا
كالنسـر فـي زعـم اليهود مجدّدٌ
عهـدَ الشـبابُ يُكافـح الاعصـارا
قـامت بأبهـج غوطـةٍ مـن بقعـةٍ
حــرس الملائكُ جوَّهــا النـوَّارا
جنـات عَدنٍ قد جرت من تحتها لا
نهـار تـأوي الـوحشَ والاطبـارا
حيـث التفـتَّ شـممتَ من أرجائها
أَرَجــاً وشـمتَ عبـاهراً وبهـارا
نسـماتها تحيـي الرميمَ وماؤها
يشـفيُّ السقيم وتربَها المعطارا
فُتنَت بها أهل القرائح فاغتدوا
يتناشــدون بوصــفها الأشـعارا
فإليـكِ يا مثوى الحبور أحنُّ ما
خلبــت روائعُ فكرتـي الأبكـارا
سليم بن روفائيل بن جرجس عنحوري.أديب، من الشعراء، من أعضاء المجمع العلمي العربي، مولده ووفاته في دمشق، تقلد بعض الوظائف في صباه.وزار مصر سنة 1878م، فتعرف إلى السيد جمال الدين الأفغاني واتصل بالخديوى إسماعيل، وأنشأ مطبعة "الاتحاد" وصحيفة "مرآة الشرق" ولم يلبث أن أقفلهما، وعاد إلى دمشق، فتولى أعمالاً كتابية، وأكثر من مطالعة كتب "الحقوق" واحترف المحاماة حوالي سنة 1890 ثم كان يقضي فصل الشتاء من أكثر الأعوام في القاهرة، فأصدر فيها مجلة "الشتاء" وكان كثير النظم، قليل النوم، أخبرني بدمشق (سنة 1912) أنه منذ ثلاثين عاماً لم ينم أكثر من ثلاث ساعات في اليوم، تتناوب بناته السهر معه، يخدمنه ويكتبن ما يملي من نظم وغيره.له: (كنز الناظم ومصباح الهائم-ط) الجزء الأول منه، و(آية العصر-ط) نظم، ومثله (الجوهر الفرد-ط)، و(سحر هاروت-ط)، و(بدائع ماروت-ط)، وله (كتاب الجن عند غير العرب-ط)، و(حديقة السوسن) نشرها في مجلتي الضياء والشتاء.