
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
لـك اللـه يـا عصـر الفتـوة من عصرِ
جنيـت بـه فـي صـبوتي زهـرة العمـرِ
ليــالي عنــد الخــود أمـريَ نافـذٌ
نفــوذ زلال المـاء فـي رائق الخمـر
أمنــت طعانــاً مــن رمـاح قـدودها
وفتــك لحــاظٍ لا تفيــق مـن السـكر
وقــد عــوّدتني خــوض كــل تنوفــة
لاي حــديث العهــد بـالبيض والسـمر
فمـا صـدّني عـن وصـلها بـأس قومهـا
وقـد حجبوهـا مـن قنـا الخط في خدر
ولا عــاقني داجـي الظلام عـن السـرى
ومـا دون ذاك الحـيّ مـن مهمـه قفـر
فقــد كـان شـوقي رائدي فـي مهمـتي
ومـن نـار وجـدي نـور هـدي به أسري
علــى أنّ ذاك الحــيّ تســمو قبـابه
علـى هامـة الجـوزاء أو قمـة النسر
بـه يهتـدي للقصـد مـن كـان حـائراً
ويــأمن مسـلوب الفـؤاد مـن الـذعر
ولمــا وصــلت الحــيّ أجفلـت دهشـة
أقلّــب كفــي يائســاً ذاهـل الفكـر
لأنــي وجــدت الحـيّ لمـا نبـا بهـم
ســروا خيفـة منـه علـى مركـب وعـر
وابقـوا مـن الأطلال مـا حينمـا بـدا
لعينـيَ مـن فـرط الاسـى خـانني فكري
وقفـــت أناجيهـــا بســائل مــدمعٍ
أبــان بلا نظـم عـن الوجـد بـالنثر
وأفضــت لــه تلــك الطلـول بسـرها
وإن كــان لـم يرتـح لافصـاحها سـري
ومــا أنصــفته ســائلاً فـي رحابهـا
إذا قــابلته حيــن ينهــلّ بـالنهر
فـراح لفـرط الوجـد يجـري مع الهوى
ولـم يطـف مابـالقلب مـن لهب الجمر
فقلـت لهـا يـا ربـع روحـي وراحـتي
ومطلـع أنسـي أيـن غيبـتِ لـي بـدري
ومــاذا جــرى حــتى تحمّــل ظعنهـم
وهـل أنـت مـن مسرى الظعون على خبر
فقــالت مصــابٌ فــادح جــلّ وقعــه
فنفَّــر أطيــار الهنـاء عـن الـوكر
ويصـــبح بلبـــال البلابــل أنهَّــا
رأت فــي حماهـا بغتـة أثـر الصـقر
فشــتت شــملاً كــان بــالامس آمنــا
وراح لمعصـوم الـدما فـي لحمى يجري
فكــم آمـنٍ فـي سـربه لـم يسـر بـه
لغيـر حيـاض لمـوت بالفتكـة البكـر
فلمّـا رأيـت مـا حـلّ ظلمـاً بقومهـا
ولـم يـدفعوا مـع بأسـهم شـرر الشرّ
رأت هجرهــا الأوطــان أوفـى غنيمـةً
مخافـة أن تسـطو عليهـا يـد الغـدر
وإن نبــت الأوطــان يومــاً بحــازم
فليـس لهـا حـتى تـوآتي سـوى الهجر
فأنسـيت مـن تبيانهـا لوعـة الهـوى
وعــاودني ماضــاق عـن حملـه صـدري
وقطّعـــت أطــراف البنــان تأســفاً
علــى وطــنٍ قـد شـوّهته يـد القهـر
أهــاليه مــن ظلــمٍ تشــتت شـملهم
وكـانوا انتظامـاً مثـل عقد من الدرّ
وقـد عوضـوا بـالأمن خوفـاً وبـالغنى
وبــالعز ذلاً مــن أذى مـدقع الفقـر
وزاد بلاء القتـــل فيهـــم نكايــة
فكـــم ســـيّد ذاق المنــون بلا وزر
وكـم ماجـدٍ قـد أبعـدوه عـن الحمـى
بســجن وتغريــب يزيــد عــن الأسـر
ومـــا ذنبهـــم إلاّ علــوّ جنــابهم
وهتكهــمُ مــا كـان للغـش مـن سـتر
وحريــة الأفكــار قــد جلبــت لهـم
أذاهــم فيـا للـه مـن شـيمة الحـرّ
وإنــي وجــق المجــد يـذهل فكرتـي
رضــاهم وهـم أهـل الشـهامة بالضـر
وقــد خطبـوا العليـاء وهـي عزيـزة
ومــا بـذلوا غيـر الأسـنة مـن مهـر
وهــم أمـة مـا استسـلمت فـي ملمـة
لضــيمٍ ولا ذلــوا علـى نُـوب الـدهر
أليسـوا هـم القـوم الـذين بمجـدهم
ومـدح علاهـم قـد أتـى مُحكـم الـذكو
أليسـوا الألـى قـد دوَّخوا الأرض عنوة
ببــأس قلــوبٍ دونهـا جلمـد الصـخر
وقــد دبجــوا وجـه البسـيطة بهجـة
بحســـن فعـــالٍ لاتعـــدد بالحصــر
فـــبيض أيــاديهم وحمــر ســيوفهم
وخضر المغاني في ليالي العنا الغُبر
فيــاليت شـعري كيـف صـاروا لـذلِّهم
كــأنهم مــن شـدة الـذعر فـي قـبر
يـــرون أعــاليهم تــداس جباههــا
تصـــفَّد بــالاغلال مضــروبة الظهــر
رأوا أنحليـــات الرجــال قيودهــا
وأحســنها مـاراح يوضـع فـي النحـر
ويغضـون اشـفار الجفـون علـى القذى
رضـوا الذل وهنا وهو في وصمة الكفر
فياهـل تـرى لـم بـدّلوا ديـن اهلهم
وعرفاً به امتازوا على الناس بالنكر
أعشــرؤة مـن قـد كـان جنكيـز جـدَّه
أمــاتت دمــا فيهـم تقـدس بـالطهر
أم اغتـال قبـح الصـنع حسـن طباعهم
أو انقمعــوا قهــراً وحقــك لا أدري
وأعجـــب شـــيء أنَّ ثــار قــتيلهم
مضـاعٌ ضـياع النجـم فـي ليلة البدر
وأعجــب مــن ذا أنهـم رغـم أنفهـم
يـديمون وصـف الظلـم بالعدل والبشر
وأنَّهــم قــد أودعــوا وصـف حـالهم
لـبيت رواه النـاس مـن رائع الشـعر
ولـــم أر ظلمـــاً ظلـــم ينالنــا
يســـاء الينــاثم نــؤمر بالشــكر
لهـذا هجـرت اللهـو والانـس والصـفا
إِلـى أن يجيـء اللـه بالخير واليسر
وودعــــت لــــذاتي وداع مفـــارق
وقلـت لمـن يـدري أذعـه كمـا تـدري
وســلّم علــى عهــد الهنـا وزمـانه
ســلاماً بهيّــاً زاهيــاً طيّـب النشـر
فحــالي بــترك الأنــس أعـدل شـاهد
وقـد كـان حـبي في زمان الصفا عذري
فامــا وحـال الكـون صـار كمـا أرى
فلا خيــر فــي عيــش يمـرّ ولا يُمـري
فـــراح احبـــائي يــرون عزيمــتي
عزيمــة شــهم ماجــدٍ صـائب الفكـر
نعـم لـم يـرق عنـد الغـواني تمنعي
ولكننــي فــي فعلـتي واضـح العـذر
تســائلني سـعدى الـتي كـان عهـدها
لـديّ كعهـد الطـل مـع ناضـر الزهـر
وقــد بســمت فرحــى بيمـن لقائنـا
ولـم أر بـدراً قبلهـا باسـم الثغـر
وعطَّـــرت الارجـــاء طيـــب عرفهــا
فــاظهرت المكنـون مـن غـامض السـر
كمـا أطلعـت فـي الليـل شمساً بغرّة
أضـاءل حسـناً عنـدها الكـوكب الدرّى
رأتنـي شـتيت الفكـر فـي غمرة الأسى
أصــيخ لوقـع الـدمع منشـرح الصـدر
ولـم أدر مـن فـرط الضـنى بمزارهـا
ولـو أننـي انفقـت فـي حبهـا عمـري
وكنـت أراعـي النجـم مـن ولهـي بها
وازداد وجــداً ان بـدت غـرة الفجـر
فقــالت رعـاك اللـه يـا مَـن لأجلـه
عصـيت عـذولي حيـن بـالغ فـي زجـري
وصــنت جمــالي عــن ســواه تولهـاً
ولـم اتخـذ مـن خيفـة الرقبـا حذري
أحيــن دنــا مـن كنـت تأمـل قربـه
وقـد نلـت يسـراً بعـد ذيّالـك العسر
تلهيــتَ عنــي ذاهـل الفكـر حـائراً
وهـل يـذهل الظمـآن عـن طلـب القطر
فقلــت أيــا ســعدى وحبــك أننــي
لفــي شـغُل ضـاقت بـه سـاحة الصـبر
ألـم تعلمـي يـا عمـرك الله ما جرى
علـى قـادة العليـا ذوى الغرر الغرّ
ومانـــالهم مـــن ذلـــة وإهانــة
وكــلُّ خطيــرٍ منهــم صـار فـي قطـر
أمِـن بعـدهم تحلـو الصـبابة والهوى
وكلهــم قــد مــرّ فـي عيشـه المـرّ
فلا تطمعـــي منـــي بــودٍّ وجمعهــم
غـدا مفـرداً فـي أسـره بالعنا يسري
إلـى أن يـديل اللـه مـن دولـةٍ بغَت
ونقتــص منهــا حيـن نثـأر بـالوتر
فإنّــا علــى علـم بـأنّ مـن اعتـدى
تعـاجله النقمـات مـن حيـث لا يـدري
فلا تيأسـي يـا قـرّة العيـن واصـبري
فــوالله إن الظــالمين لفــي خسـر
هنالــك تأتينـا المقـادير بالهنـا
ونيـل المنـى بالوصـل والعز والنصر
ويشـدو هـزار الأنـس فـي روضة الصفا
وذلـك فـي شـرع الهـوى منتهى الفخر
سعيد بن علي بن منصور الكرمي.فقيه، من علماء الأدباء، له شعر، ولد في طولكرم (بفلسطين) وتفقه في الأزهر (بمصر) وتولى الإفتاء في بلده، شارك في الحركة القومية، فحكم عليه المجلس العرفي (بعاليه) سنة 1915 بالإعدام، واكتفى بسجنه في قلعة دمشق لكبر سنه، وبعد انقضاء الحرب العامة، عمل في (الشعبة الأولى للترجمة والتأليف) بدمشق وهي الشعبة التي كانت نواة المجمع العلمي العربي، ثم كان من أعضاء هذا المجمع، وناب عن رئيسه مدة، وسافر إلى عمان سنة 1922 فكان فيها (قاضي القضاة) إلى 1926 وعاد إلى طولكرم، فتوفي بها.له: (واضح البرهان في الرد على أهل البهتان- ط) رسالة في التصوف نشرها سنة 1292هـ، و(الإعلام بمعاني الأعلام- ط) نشر متسلسلاً في مجلة المجمع المجلدين الأول والثاني.