
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
يـــا فــؤادي رحــم اللــه الهــوى
كـــان صـــرحاً مـــن خيــال فهــوى
اســــقني واشـــرب علـــى أطلالـــه
واروِ عنــــي طالمـــا الـــدمع روى
كيـــف ذاك الحـــب أمســـى خـــبراً
وحـــديثاً مـــن أحـــاديث الجـــوى
وبســــاطا مــــن نــــدامى حلـــم
هــم تــواروا أبــداً وهــو انطــوى
يـــا رياحــا ليــس يهــدا عصــفها
نضـــب الزيـــت ومصـــباحي انطفــا
وأنـــا أقتـــات مـــن وهــم عفــا
وأفـــي العمـــر لنــاسٍ مــا وفــى
كــــم تقلبــــت علــــى خنجــــره
لا الهـــوى مـــال ولا الجفــن عفــا
وإذا القلـــــب علــــى غفرانــــه
كلمـــا غـــار بـــه النصــل عفــا
يــا غرامــا كــان منــي فــي دمـي
قــــدراً كـــالموت أوفـــى طعمـــه
مـــا قضـــينا ســـاعة فــي عرســه
وقضــــينا العمـــر فـــي مـــأتمه
مـــا انــتزاعي دمعــة مــن عينــه
واغتصــــابي بســــمة مـــن فمـــه
ليـــت شـــعري أيــن منــه مهربــي
أيـــن يمضـــي هـــارب مـــن دمــه
لســــت أنســـاك وقـــد أغريتنـــي
بفــــمٍ عـــذبِ المنـــاداة رقيـــق
ويـــــد تمتــــد نحــــوي كيــــدٍ
مـــن خلال المـــوج مُـــدّت لغريـــق
آه يـــــا قِبلــــة أقــــدامي إذا
شـــكت الأقـــدام أشـــواك الطريــق
وبريقــــاً يظمـــأ الســـاري لـــه
أيــن فــي عينيــك ذيــاك الــبريق
لســــت أنســـاك وقـــد أغريتنـــي
بالـــذرى الشــم فــأدمنت الطمــوح
أنــــت روح فـــي ســـمائي وأنـــا
لــــك أعلـــو فكـــأني محـــض روح
يـــا لهــا مــن قمــم كنّــا بهــا
نتلاقــــــى وبســـــرّينا نبـــــوح
نستشـــف الغيـــب مـــن أبراجهـــا
ونـــرى النـــاس ظلالاً فــي الســفوح
أنــتِ حســن فــي ضــحاه لــم يَــزَل
وأنــــا عنـــديَ أحـــزان الطفَـــل
وبقايـــا الظـــل مــن ركــب رحــل
وخيـــوط النـــور مــن نجــم أفــل
ألمــــح الـــدنيا بعينـــي ســـئمٍ
وأرى حـــــولي أشــــباح الملــــل
راقصــــات فـــوق أشـــلاء الهـــوى
معــــولات فــــوق أجـــداث الأمـــل
ذهــــب العمـــر هبـــاء فـــاذهبي
لــــم يكــــن وعــــدك إلا شـــبحا
صـــفحة قـــد ذهـــب الــدهر بهــا
أثبــــت الحــــب عليهـــا ومحـــا
انظــــري ضـــِحكي ورقصـــي فرحـــا
وأنــــا أحمــــل قلبــــاً ذبحـــا
ويرانـــي النـــاس روحـــاً طــائراً
والجَـــوى يطحننـــي طحـــن الرحــى
كنــــت تمثــــال خيـــالي فهـــوى
المقـــــــادير أرادت لا يـــــــدي
ويحهـــا لـــم تــدر مــاذا حطمــت
حطمــــت تــــاجي وهـــدت معبـــدي
يـــا حيـــاة اليـــائس المنفـــرد
يـــا يبابــاً مــا بــه مــن أحــد
يـــا قفـــاراً لافحـــاتٍ مــا بهــا
مـــن نجـــي يـــا ســـكون الأبـــد
أيـــن مـــن عينـــي حــبيب ســاحر
فيــــــه نبـــــل وجلال وحيـــــاء
واثــــق الخطـــوة يمشـــي ملكـــاً
ظـــالم الحســـن شـــهي الكبريــاء
عبـــق الســـحر كأنفـــاس الربـــى
ســـاهم الطـــرف كـــأحلام المســاء
مشــــرق الطلعــــة فـــي منطقـــه
لغـــة النـــور وتعـــبير الســماء
أيـــن منـــي مجلـــس أنـــت بـــه
فتنَــــة تمــــت ســــناء وســــنى
وأنــــــا حــــــب وقلــــــب ودم
وفــــراش حــــائر منــــك دنــــا
ومــــن الشــــوق رســـول بيننـــا
ونــــديم قــــدم الكــــأس لنـــا
وســـــقانا فانتفضـــــنا لحظــــة
لغبـــــــارٍ آدمــــــي مســــــنا
قــد عرفنــا صــولة الجســم الــتي
تحكـــم الحــي وتطغــى فــي دمــاه
وســــمعنا صــــرخة فـــي رعـــدها
ســــــوط جلاد وتعـــــذيب إلـــــه
أمرتنـــــا فعصـــــينا أمرهـــــا
وأبينــا الــذل أن يغشــى الجبــاه
حكــم الطــاغي فكنــا فــي العصـاه
وطردنـــا خلـــف أســـوار الحيــاه
يـــا لمنفييــن ضــلا فــي الوعــور
دميـــا بالشـــوك فيهــا والصــخور
كلمـــا تقســـو الليـــالي عرفـــا
روعــة الآلام فــي المنفــى الطهــور
طــردا مــن ذلــك الحلــم الكــبير
للحظــوظ الســود والليــل الضــرير
يقبســـان النـــور مـــن روحيهمــا
كلمـــا قــد ضــنت الــدنيا بنــور
أنـــت قـــد صـــيرت أمــري عجبــا
كــــثرت حـــوليَ أطيـــار الربـــى
فــــإذا قلــــت لقلــــبي ســـاعة
قـــم نغـــرد لســـوى ليلــي أبــى
حجبــــت تـــأبى لعينـــي مأربـــا
غيــــــر عينيـــــك ولا مطلبـــــا
أنــــتِ مــــن أســـدلها لا تـــدعي
أننــــي أســـدلت هـــذي الحجبـــا
ولكــم صــاح بــي اليــأس انتزعهـا
فيـــرد القـــدر الســـاخر دعهـــا
يــا لهــا مــن خطــة عميــاء لــو
أننـــي أبصــر شــيئاًَ لــم أطعهــا
ولـــــيَ الويـــــل إذا لبيتهــــا
ولـــي الويـــل إذا لـــم أتبعهــا
قــد حنــت رأســي ولــو كـل القـوى
تشـــتري عــزة نفســي لــم أبعهــا
يـــا حبيبـــا زرت يومـــا أيكـــه
طــــائر الشــــوق أغنـــي ألمـــي
لــــك ابطـــاء الـــدلال المنعـــم
وتجنـــــي القـــــادر المحتكــــم
وحنينــــي لــــك يكـــوي أعظمـــي
والثــــواني جمـــرات فـــي دمـــي
وأنــــا مرتقــــب فــــي موضـــعي
مرهــــف الســـمع لوقـــع القـــدم
قــــدم تخطــــو وقلــــبي مشـــبه
موجــــة تخطــــو إلـــى شـــاطئها
أيهــا الظــالم بــالله إلــى كــم
أســــفح الـــدمع علـــى موطئهـــا
رحمـــة أنـــت فهـــل مـــن رحمــة
لغريـــــب الــــروح أو ظامئهــــا
يــا شــفاء الــروح روحــي تشــتكي
ظلــــم آســــيها إلـــى بارئهـــا
أعطنــــي حريــــتي أطلـــق يـــديّ
إننــي أعطيــت مــا اســتبقيت شــيّ
آه مــــن قيـــدك أدمـــى معصـــمي
لـــمَ أبقيـــه ومـــا أبقــى علــيّ
مــا احتفــاظي بعهــود لــم تصـنها
وإلام الأســـــر والــــدنيا لــــديّ
هــا أنــا جفـت دمـوعي فـاعف عنهـا
إنهـــا قبلـــك لـــم تبــذل لحــي
وهـــب الطـــائر عــن عشــك طــارا
جفـــت الغـــدران والثلــج أغــارا
هــــذه الــــدنيا قلـــوب جَمَـــدت
خبـــت الشـــعلة والجمـــر تــوارى
وإذا مــــا قبـــس القلـــب غـــدا
مـــن رمــاد لا تســله كيــف صــارا
لا تســـل واذكـــر عــذاب المصــطلي
وهـــو يـــذكيه فلا يقبـــس نـــارا
لا رعــــى اللـــه مســـاءً قاســـياً
قـــد أرانـــي كـــل أحلامــي ســدى
وأرانــــي قلــــب مــــن أعبـــده
ســاخراً مــن مــدمعي ســخر العــدا
ليــــت شـــعري أي أحـــداث جـــرت
أنزلــــت روحـــك ســـجناً موصـــدا
صــــدئت روحــــك فــــي غيهبهـــا
وكــــذا الأرواح يعلوهـــا الصـــدا
قـــد رأيــت الكــون قــبراً ضــيقا
خيّـــم اليـــأس عليـــه والســـكوت
ورأت عينــــي أكــــاذيب الهــــوى
واهيـــــات كخيــــوط العنكبــــوت
كنـــت ترثـــي لــي وتــدري ألمــي
لـــو رثــى للــدمع تمثــال صــموت
عنــــد أقـــدامك دنيـــا تنتهـــي
وعلــــى بابــــك آمــــال تمـــوت
كنـــــت تـــــدعونيَ طفلاً كلمـــــا
ثــــار حــــبي وتنــــدت مقلــــي
ولـــك الحـــق لقــد عــاش الهــوى
فــــيّ طفلاً ونمــــا لــــم يعقـــل
ورأى الطعنـــــــة إذ صــــــوبتها
فمشــــــت مجنونـــــة للمقتـــــل
رمــــت الطفــــل فـــأدمت قلبـــه
وأصـــــَابت كبريـــــاء الرجـــــل
قلــت للنفــس وقــد جزنـا الوصـيدا
عجلـــي لا ينفـــع الحـــزم وئيــدا
ودعــــي الهيكــــل شـــبت نـــاره
تأكـــل الركـــع فيـــه والســجودا
يتمنّــــى لــــي وفــــائي عـــودة
والهــوى المجــروح يـأبى أن نعـودا
لـــي نحـــو اللهــب الــذاكي بــه
لفتـــة العـــود إذا صــار وقــودا
لســـــــت أنســـــــى ابـــــــداً
ســـــــاعة فـــــــي العمـــــــر
تحــــــــت ريـــــــح صـــــــفقت
لارتقـــــــــــاص المطـــــــــــر
نــــــــــــوّحت للــــــــــــذكر
وشــــــــــــكت للقمــــــــــــر
وإذا مـــــــــــا طربـــــــــــت
عربـــــــدت فـــــــي الشــــــجر
هـاك مـا قـد صبت الريح بأذن الشاعر
وهي تغري القلب إغراء النصيح الفاجر
أيهــــــا الشــــــاعر تغفــــــو
تــــــذكر العهــــــد وتصــــــحو
وإذا مــــــا التــــــام جـــــرح
جـــــــد بالتــــــذكار جــــــرح
فتعلـــــــم كيـــــــف تنســــــى
وتعلـــــــم كيـــــــف تمحــــــو
أو كــــــل الحــــــب فــــــي رأ
يـــــــك غفـــــــرانٌ وصـــــــفح
هـاك فـانظر عـدد الرمل قلوبا ونساء
فتخيـر مـا تشـاء ذهـب العمـر هبـاء
ضـل في الأرض الذي ينشد أبناء السماء
أي روحانيــة تعصــر مـن طيـن ومـاء
أيهــــا الريــــح أجـــل لكنمـــا
هــــي حــــبي وتعلاتــــي ويأســـي
هـــي فـــي الغيــب لقلــبي خلقــت
أشــرقت لــي قبــل أن تشــرق شمسـي
وعلـــى موعـــدها أطبقـــت عينـــي
وعلـــى تـــذكارها وســـدت رأســـي
جنــت الريـح ونـادته شـياطين الظلام
أختاما كيف يحلو لك في البدء الختام
يـا جريحـا أسـلم الجـرح حبيبا نكأه
هـو لا يبكـي إذا النـاعي بهـذا نبأه
أيهـا الجبـار هل تصرع من أجل امرأة
يــا لهــا مــن صــيحة مــا بعثــت
عنــــده غيــــر أليــــم الـــذكر
أرقــــت فـــي جنبـــه فاســـتيقظت
كبقايــــــا خنجــــــر منكســـــر
لمــــع النهــــر ونــــاداه لـــه
فمضــــــى منحـــــدراً للنهـــــر
ناضـــب الـــزاد ومـــا مــن ســفر
دون زادٍ غيـــــر هــــذا الســــفر
يـــا حبيـــبي كـــل شــيء بقضــاء
مـــا بأيـــدينا خلقنـــا تعســـاء
ربمـــــا تجمعنـــــا أقـــــدارنا
ذات يــوم بعــد مــا عــز اللقــاء
فـــــإذا أنكـــــر خــــل خلــــه
وتلاقينـــــا لقـــــاء الغربــــاء
ومضـــــى كــــل إلــــى غــــايته
لا تقــل شــيئاً وقـل لـي الحـظ شـاء
يــا مغنــي الخلــد ضــيعت العمــر
فــــي أناشــــيد تغنّـــى للبشـــر
ليـــس فــي الأحيــاء مــن يســمعنا
مـــا لنـــا لســنا نغنــي للحجــر
للجمـــارات الـــتي ليســـت تعـــي
والرميمــات البــوالي فــي الحفــر
غنّهــــا ســـوف تراهـــا انتفضـــت
ترحـــم الشـــادي وتبكـــي للــوتر
يــــا نــــداء كلمــــا أرســـلته
رد مقهــــوراً وبــــالحظ ارتطــــم
وهتافـــاً مـــن أغاريـــد المنـــى
عـــاد لـــي وهـــو نـــواحٌ ونــدم
رب تمثــــــال جمـــــالٍ وســـــنا
لاح لــــي والعيـــش شـــجو وظلـــم
ارتمـــى اللحـــن عليـــه جاثيـــاً
ليـــس يـــدري أنـــه حســـن أصــم
هــــدأ الليــــل ولا قلــــب لـــه
أيهـــا الســـاهر يـــدري حيرتـــك
أيهـــا الشـــاعر خـــذ قيثارتـــك
غــــن أشـــجانك واســـكب دمعتـــك
رب لحــــن رقــــص النجــــم لـــه
وغـــزا الســـحب وبـــالنجم فتـــك
غنّـــه حـــتى نـــرى ســتر الــدجى
طلــــع الفجـــر عليـــه فانهتـــك
وإذا مــــــا زهـــــرات ذعـــــرت
ورأيـــت الرعـــب يغشـــى قلبهـــا
فـــــترفق واتئد واعــــزف لهــــا
مــن رقيــق اللحــن وامســح رعبهـا
ربمـــا نـــامت علــى مهــد الأســى
وبكــــــت مستصـــــرخات ربهـــــا
أيهـــا الشـــاعر كــم مــن زهــرة
عـــوقبت لــم تــدر يومــاً ذنبهــا
إبراهيم ناجي بن أحمد ناجي بن إبراهيم القصبجي.طبيب مصري شاعر، من أهل القاهرة، مولده ووفاته بها، اشتغل بالطب والأدب وكانت فيه نزعة روحية (صوفية) وعالج النظم زمناً، حتى جاء به شعراً وهو القائل من أبيات: فيم انتقامك من قلب عصفت به لم يبق من موضع فيه لمنتقموفي ديوانيه: (ليالي القاهرة- ط) و(وراء الغمام- ط) طائفة حسنة من شعره.له (رسالة الحياة- ط)، (عالم الأسرة- ط)، و(كيف تفهم الناس- ط) دراسات نفسية، و(ديوان الطائر الجريح- ط) من شعره، نشر بعد وفاته.عانى مرض ذات الرئة، قال صالح جودت: وبينما هو يدني أذنه من قلب مريض في عيادته يتسمع دقاته، إذا به يهوي، وبهذا انتهت حياته.