
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
أذي عبقـر فـي الأرض أم هـي بـاريس
زبانيـــة ســـكانها أم فرنســيس
وهــل ذي نسـاء فـي مواحلهـا تـرى
وإلا فكـــل حيــن تخطــر جــاموس
وهـل ذا شـرار يجلب الهمّ في الدجى
إلـى البال إن نبصر به أم نباريس
وهـل زفـرة الـدنيا تـرى في هوادج
تمــر كعيــر ظــالع أم مطــافيس
نعـم إنهـا مـأوى الجحيـم وشـاهدي
شــقيون فــي ســاحاتها ومنـاحيس
وفســـق وعليـــون فيهــا فــواجر
علـــى ســرر مرصــوعة وتنــاجيس
وأكــل مــن زقــوم يخبــث طعمــه
وشـرب مـن الغسـْلين يسـقيه إبليس
وأعمــدة تلقــي الشـياطين عنـدها
كــان لهـا فـوق الخبـائث تأسـيس
شــقاء لمــن منهــا تبـوأ منـزلاً
وتعسـا لمـن فيهـا لـه تـاح تعريس
إذا شــدة أو كربــة بــك برّحــت
بهـا فانـأ عنهـا فهو للكرب تنفيس
وبــرّز عليهــا أن يفتــك مــبرَّز
فــبين المقــامين اتحـاد وتجنيـس
وإن تـك يومـاً طامعـاً فـي لُبانـة
فرؤيتهــا يــأس لمــا هـو محـدوس
بهـا مـا يسـوء العيـن من كل إربة
ومـا تجتـوي نفـس وما تكره التُوس
وفـي ذكـر مـا فيهـا يسـوء إسـاءة
تفـوق علـى مـا خفتـه وهـو محسوس
هـي المنهـل المسـموم حتـف لظـامئ
وللزائريهــا الشـر أجمـع مبجـوس
هـي الخـوف مـن كل الخطوب فما على
غريــر بهـا إلا المخـاطر والبـوس
نعـم هـي فـي عين الزمان قذًى فما
أتاهـا أمـرؤ إلا ومنهـا غدا في سو
فمـا نعمـة فيهـا خلـت عـن محسـّد
ولا وطــــر إلا وقانـــاه تســـجيس
وتبخــس ذا حــق مـن النـاس حقـه
فيـا قبحهـا دارا بهـا الحق مبخوس
فلا روح منهـــا يســتبين لناصــب
سـوى هـادم اللـذات مـا دونـه طوس
عليهـا ظلام الكفـر والظلـم والخنى
ومنهـا أوار الفسـق والفحش مقبوس
وعـن مثلهـا ينضـى الرشـيد مطيّـه
إذا كـان يُلقـى مثلهـا وتجي العيس
هـو العيـش فاغنم طيبه في سوائها
فإنــك فيهــا مــا أقمـت لمنحـوس
وإنــك لا تلقــى لهــا مـن مُشـابه
برِجْــسٍ ولــو أمسـى وراءك برجيـس
وإنــك فيهــا ضــارب كـرة المنـى
بمحجـن يـاس تلـوه الـدهر تعـبيس
وإنــك منهــا مجتــن ثمـر الأسـى
فــإن بهــا أصـل المحـارم مغـروس
إذا كـان ثـوب العـزّ عنـدك معلَما
فمــن نغـص فـي عيشـها هـو مطلـوس
فبـت صـابراً فيهـا وقـم باكراً إلى
نعيــم سـواها لـم تشـبه وسـاويس
ولا ترغبــن فيهـا ولـو ليلـة تكـن
كمـن شـاقه بعـد السـعادة أنكيـس
فــدهرك فــي دار ســواها مسـالم
وقـــدرك مرفــوع وشــملك محــروس
فــآثر بهــا ليلاً علـى عمـر بـذي
علـى فـرض أن الليـل إذ ذاك أدموس
ولا غـرو أن تـزداد فـي العمر حقبة
ففـي الصـفر للفرد العقيم تخاميس
لقـد كنت أخشى الحين في غير منشأي
فيـا شـقوتي فيهـا إذا أنا مرموس
وقـد طالمـا حـذّرت نفسـي فسـادها
فبـــت ولــي أحلام ســوء وكــابوس
فألفيتهـا يربـو علـى الوصف قبحها
فمــا ثــمّ أشــباه لـه ومقـاييس
وفيهــا مـن القـوم اللئام ثعـالب
ولكنهــم إن يؤدبــوا أســد شـوس
لقد فطورا طبعاً على الغدر والجفا
جميعــاً فلا يغـررك فـي ذاك تلـبيس
لئن ســَبقوا ســبق الوجــود فـإنه
ليســبق جســماً ظلـه وهـو مـدعوس
لهـم فـي بحـور الشـك مـوج وطالما
تغشـــّتهم منـــه ضــلالا قــواميس
فكــم فيهــم مــن مــدّع صـَلِف لـه
لتطريــس آثــار المعـارف تطليـس
إذا مــا انجلـت آفـاق أمـر فـإنه
ليخفيــه لفـظ مـوجز منـه مهمـوس
وكــم فيهـم مـن فاضـل مـن فضـوله
اعتـدال قـوام الـدهر أحدب منكوس
يحــاول لؤمــاً أن يميــل بـه فلا
تعــدّل فــي كلتــا يـديه قسـاطيس
وربّ عيـــيّ لفظـــة فـــوق منــبر
يســوء ولــو بلّغتـه وهـو معكـوس
يشــفّ خفــيّ العيــب عمــا يقـوله
فيبصــره مــن طرفـه بعـد مطمـوس
وكــم فيهــم مـن فاسـق عـاهر لـه
أنـا الليـل تجـديف طويـل وتنجيس
وكـم طـامع فـي الملـك منهم سفاهة
كتـــائبه أقلامـــه والقراطيـــس
وكــم مــن طفيلّــي لكــل وليمـة
جريــء لـه فيهـا احتنـاك وتضـريس
حمـام إذا زيْـروا حياة إذا اجتدوا
أســود إذا لاســوا جبــابرة هيــس
إذا سـألوا لانـوا وإن سـُئلوا قَسُوا
ويربــون شـحّا إن بغيرهـم قيسـوا
أولـوا جشـَع مـن دونـه جشـع الورى
وصــيتهم فـي ذاك كالـدهر قـدموس
بشاشــتهم للضـيف فـي زعمهـم قـرى
وفــي وعـدهم ميْـنُ ومطـل وتبنيـس
وإكرامهــم مثــوى الغريــب سـجية
إذا كـان ذا زوج وبـالزوج تـأنيس
هجـــاؤهم يشــدو بــه كــل رائح
وغـــاد ويرويــه رئيــس ومــرؤوس
لقـد جهلـوا هـذا اللسـان وأهلـه
فمـا زال يخفـى عنهـم وهـو مـدروس
وقــد لفقــوا فيـه أسـاطير جمّـة
وشــطّت لهــم فيــه شـيوخ وتـدريس
يعـزّ الفـتى بـالعلم عنـد سـواهم
وعنــدهم ليســت تفيــد الكراريـس
فقـل لـذوي الـدعوى المبارين منهم
لعمــري مجـاراة المجلّيـن تهـويس
شـــــعارهم حرّيـــــة وأخــــوّة
وتســوية لكــن عــدا ذاك نــاموس
فلا فرق بين الدون والدون في القضا
وإرّيسـهم فـي اليُسـر والرفه أرّيس
تــرى كـل فـرد عاتيـاً طاغيـاً لـه
مشـاركة فـي الحكم مع إنهم خيسوا
وإن لهــم مــن ســيمياء وجــوههم
دلائل منهـــم أن الشـــرّ مــانوس
وأن لهـم رزقـاً حرامـاً رضـوا بـه
فشــأنهم إســفاف مـا فيـه تـدنيس
فتحســـب كلاّ حـــل مــاخور ريبــة
تحيتـــه فيهـــا ســِلام وتلقيــس
فمــا نظــرت عينـاي فيهـم فاضـلا
ولا مـن عـن الآثـام والرجـس مرجـوس
أرانـي كئيبـاً نادمـاً فـي جوارهم
ومـن زار يومـاً أرضـهم فهـو منحوس
وجــدت علـى الأيـام عتبـاً بعيشـها
فقــد أخبثتــه والبريــةَ بـاريس
وقـد كنـت في مدحي لها قبلُ مخطئا
فهــذا لــه كفــارة وهــو مركـوس
أحمد فارس بن يوسف بن منصور الشدياق. عالم باللغة والأدب، ولد فى قرية عشقوت (بلبنان) وأبواه مسيحيان مارونيان سمياه فارساً، ورحل إلى مصر فتلقى الأدب من علمائها، ورحل إلى مالطا فأدار فيها أعمال المطبعة الأميركانية، وتنقل في أوروبا ثم سافر إلى تونس فاعتنق فيها الدين الإسلامي وتسمى (أحمد فارس) فدعي إلى الآستانة فأقام بضع سنوات، ثم أصدر بها جريدة (الجوائب) سنة 1277 هـ فعاشت 23 سنة، وتوفي بالأستانة، ونقل جثمانه إلى لبنان. من آثاره: (كنز الرغائب فى منتخبات الجوائب- ط) سبع مجلدات، اختارها ابنه سليم من مقالاته في الجوائب، و(سرّ الليال فى القلب والإبدال) فى اللغه، و(الواسطة فى أحوال مالطة- ط)، و(كشف المخبا عن فنون أوروبا- ط)، و(الجاسوس على القاموس)، و(ديوان شعره) يشتمل على اثنين وعشرين ألف بيت، وفى شعره رقة وحسن انسجام، وله عدة كتب لم تزل مخطوطة.