
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
أَخــوكِ مُعَــذَّبٌ يـا أُمَّ دَفـرٍ
أَظَلَّتــهُ الخُطــوبُ وَأَرهَقَتـهُ
وَمـا زالَـت مُعاناةُ الرَزايا
عَلـى الإِنسـانِ حَتّـى أَزهَقَتـهُ
كَـــأَنَّ حَــوادِثَ الأَيّــامِ آمٌ
تُريـقُ بِجَهلِهـا مـا أَدهَقَتـهُ
تَروقُــكَ مِـن مَشـارِبِها بِمُـرٍّ
وَكُــلُّ شــَرابِها مـا رَوَّقَتـهُ
وَنَفسـي وَالحَمامَـةُ لَـم تُطَوَّق
مُيَســــَّرَةٌ لِأَمـــرٍ طَـــوَّقَتهُ
أَرى الـدُنيا وَمـا وُصِفَت بِبِرٍّ
مَـتى أَغنَـت فَقيـراً أَوهَقَتـهُ
إِذا خُشـــِيَت لِشــَرٍّ عَجَّلَتــهُ
وَإِن رُجِيَــت لِخَيــرٍ عَــوَّقَتهُ
حَيــاةٌ كَالحِبالَـةِ ذاتُ مَكـرٍ
وَنَفـسُ المَـرءِ صـَيدٌ أَعلَقَتـهُ
وَأَنظُـرُ سـَهمَها قَـد أَرسـَلَتهُ
إِلَـــيَّ بِنَكبَــةٍ أَو فَــوَّقَتهُ
فَلا يُخــدَعُ بِحيلَتِهــا أَريـبٌ
وَإِن هِــيَ ســَوَّرَتهُ وَنَطَّقَتــهُ
تَعَلَّقَهـا اِبـنُ أُمِّـكَ في صِباهُ
فَهــامَ بِفــارِكٍ مـا عُلَّقَتـهُ
أَجَـدَّت فـي مُنـاهُ وُعـودَ مَينٍ
إِلــى أَن أَخلَفَتـهُ وَأَخلَقَتـهُ
يُطَلِّــقُ عِرسـَهُ إِن مَـلَّ مِنهـا
وَيَأســَفُ إِثــرَ عِـرسٍ طَلَّقَتـهُ
أَكَلَّتــهُ النَهــارَ وَأَنصـَبَتهُ
وَأَشـــكَتهُ الظَلامَ وَأَرَّقَتـــهُ
سـَقَتهُ زَمـانَهُ مِقـراً وَصـاباً
وَكَـأسُ المَـوتِ آخِـرُ ما سَقَتهُ
وَمــا عــافَتهُ لَكِـن عَيَّفَتـهُ
وَمــاِنتَقَت عُلاهُ بَـلِ اِنتَقَتـهُ
نُبَكّــي لِلمُغَيَّــبِ فـي ثَـراهُ
وَذَلِـــكَ مُســـتَرَقٌّ أَعتَقَتــهُ
عَجـوزُ خِيانَـةٍ حَضـَنَت وَليـداً
فَلَــدَّتهُ الكَريــهَ وَشــَرَّقَتهُ
أَذاقَتــهُ شـَهِيّاً مِـن جَناهـا
وَصــَدَّت فــاهُ عَمّــا ذَوَّقَتـهُ
تُشــَوِّقُهُ إِلَيــهِ بِسـوءِ طَبـعٍ
لِيُشـــفيهِ عَـــذابٌ شــَوَّقَتهُ
أَضــَرَّت بِالصــَفا وَتَخَــوَّنَتهُ
وَمَــرَّت بِالصــَفاءِ فَرَنَّقَتــهُ
عَـدَدنا مِن كَتائِبِها المَنايا
وَكَــم فَتَكَــت بِجَمـعٍ فَرَّقَتـهُ
قَضـَت دَيـنَ اِبـنِ آمِنَةٍ وَجازَت
بِـإيوانِ اِبـنِ هُرمُزَ فَاِرتَقَتهُ
طَـوَت عَنـهُ النَسيمَ وَقَد حَبَتهُ
وَحَيَّتـــهُ بِنـــورٍ فَتَقَتـــهُ
كَســَتهُ شـَبابَهُ وَنَضـَتهُ عَنـهُ
وَكَـــرَّت لِلمَشــيبِ فَمَزَّقَتــهُ
وَعــاثَت فـي قُـواهُ فَحَمَّلَتـهُ
وَقِـــدماً أَيَّــدَتهُ فَنَزَّقَتــهُ
تُميـتُ مُسـافِراً ظُلمـاً بِهَجـلٍ
وَفـي بَحـرِ المَهالِـكِ غَرَّقَتـهُ
فَإِمّــا فــي أَريـزٍ أَخصـَرَتهُ
وَإِمّــا فــي هَجيــرٍ حَرَّقَتـهُ
وَمـا حَقَنَـت دَمَ الإِنسانِ فيها
رُمـوسٌ فـي الرَغـامِ تَفَـوَّقَتهُ
وَقَـد رَفَعَـت غَمـائِمَ لِلرَزايا
عَلـى وَجـهِ التُـرابِ فَطَبَّقَتـهُ
تُؤَمِّـلُ مَخلَصـاً مِـن ضـيقِ أَمرٍ
وَلَيــسَ يُفَــكُّ عـانٍ أَوثَقَتـهُ
هِيَ اِفتَتَحَت لَهُ في الأَرضِ بَيتاً
فَبَــوَّتهُ النَزيــلَ وَأَطبَقَتـهُ
وَنَحـنُ المُزمِعـونَ وَشـيكَ سَيرٍ
لِنَســلُكَ فــي طَريـقٍ طَرَّقَتـهُ
هَـوَت أُمٌّ لَنـا غَـدَرَت وَخـانَت
وَلَـم تَشـفِ السـَليلَ وَلا رَقَتهُ
إِذا اِلتَفَتَ اِبنُها عَنها بِزُهدٍ
ثَنَتـــهُ بِزُخرُفِـــيٍّ نَمَّقَتــهُ
وَلَـو قَـدِرَ العَبيدُ عَلى إِباقٍ
لَبــادَرَ عَبـدُ سـوءٍ أَوبَقَتـهُ
أُقاتُ الشَيءَ بَعدَ الشَيءِ فيها
لِيُمسـِكُني فَليَـتي لَـم أُقَتـهُ
عَـذَلَت حُشاشـَةً حَرَصـَت عَلَيهـا
فَجـــاءَتني بِعُــذرٍ لَفَّقَتــهُ
وَتُســأَلُ عَـن بَقـاءٍ أُعطيتَـهُ
غَــداً فـي أَيِّ شـَيءٍ أَنفَقتَـهُ
وَلَسـتُ بِفاتِـحٍ لِلـرِزقِ بابـاً
إِذا أَيـدي الحَـوادِثِ أَغلَقَتهُ
تَمَنّــى دَولَــةً رَجُــلٌ غَبِــيٌّ
وَلَـو حـازَ المَمالِكَ ما وَقَتهُ
وَإِنَّ المُلــكَ طَــودٌ أَثبَتَتـهُ
صـُروفُ الـدَهرِ ثُمَّـتَ أَقلَقَتـهُ
وَمَــن يَظفَـر بِـأَمرٍ يَبتَغيـهِ
فَأَقضــِيَةُ المُهَيمِــنِ وَفَّقَتـهُ
لَنــا مُهَـجٌ يُمازِجُهـا خِـداعٌ
تَــوَدُّ قَســِيَّها لَــو نَفَّقَتـهُ
وَوالِــدَةٌ بَنَـت جَسـَداً بِنَحـضٍ
وَفــــاءَت فَيئَةً فَتَعَرَّقَتـــهُ
تَوَطَّـأَتِ الفَطيـمَ عَلى اِعتِمادٍ
فَمـا أَبقَـت عَلَيـهِ وَلا اِتَّقَتهُ
وَلَـم تَـكُ رائِماً ساءَت رَضيعاً
وَحَنَّـــت بَعــدَها فَتَمَلَّقَتــهُ
حَياتُــكَ هَجعَــةٌ سـُهدٌ وَنَـومٌ
وَرُؤيــا هــاجِعٍ مـا أَنَّقَتـهُ
فَمِــن حُلــمٍ يَسـُرُّكَ أَبطَلَتـهُ
وَمِــن حُلــمٍ يَضــُرُّكَ حَقَّقَتـهُ
وَكَــم أَدّى أَمــانَتُهُ إِلَيهـا
أَميـــنٌ خَـــوَّنَتهُ وَســَرَّقَتهُ
وَقــائِمُ أُمَّــةٍ زَكَّتـهُ عَصـراً
فَلَمّـــا أَن تَمَكَّــنَ فَســَقَتهُ
وَإِن أَدنَـت لَنـا أَمَلاً فَقُلنـا
أَتانــا أَبعَــدَتهُ وَأَسـحَقَتهُ
وَوَقتِــيَ كَالســَفينَةِ سـَيَّرَتهُ
وَمِـن سـوءِ الجَـرائِمِ أَوسَقَتهُ
حَثَـت يَبـسَ الرَغامِ عَلى رَضيعٍ
يَــدٌ بِــأَبيهِ آدَمَ أَلحَقَتــهُ
وَكَــم صـالَت عَلـى بَـرٍّ تَقِـيٍّ
أَكُــفٌّ بِــالمَواهِبِ أَرفَقَتــهُ
وَأَنفاســـي مُوَكَّلَــةٌ بِــروحٍ
أَراحَتهــا وَعُمــرٍ أَمحَقَتــهُ
أحمد بن عبد الله بن سليمان، التنوخي المعري.شاعر وفيلسوف، ولد ومات في معرة النعمان، كان نحيف الجسم، أصيب بالجدري صغيراً فعمي في السنة الرابعة من عمره.وقال الشعر وهو ابن إحدى عشرة سنة، ورحل إلى بغداد سنة 398 هـ فأقام بها سنة وسبعة أشهر، وهو من بيت كبير في بلده، ولما مات وقف على قبره 84 شاعراً يرثونه، وكان يلعب بالشطرنج والنرد، وإذا أراد التأليف أملى على كاتبه علي بن عبد الله بن أبي هاشم، وكان يحرم إيلام الحيوان، ولم يأكل اللحم خمساً وأربعين سنة، وكان يلبس خشن الثياب، أما شعره وهو ديوان حكمته وفلسفته، فثلاثة أقسام: (لزوم ما لا يلزم-ط) ويعرف باللزوميات، و(سقط الزند-ط)، و(ضوء السقط-خ) وقد ترجم كثير من شعره إلى غير العربية وأما كتبه فكثيرة وفهرسها في معجم الأدباء. وقال ابن خلكان: ولكثير من الباحثين تصانيف في آراء المعري وفلسفته،من تصانيفه كتاب (الأيك والغصون) في الأدب يربو على مائة جزء، (تاج الحرة) في النساء وأخلاقهن وعظاتهن، أربع مائة كراس، و(عبث الوليد-ط) شرح به ونقد ديوان البحتري، و(رسالة الملائكة-ط) صغيرة، و(رسالة الغفران-ط)، و(الفصول والغايات -ط)، و(رسالة الصاهل والشاحج).