
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
أرى العَنْقـاءَ تَكْبُرُ أن تُصادا
فعانِـدْ مَـنْ تُطيـقُ لـهُ عِنادا
ومـا نَهْنَهَـتُ عـن طَلَـبٍ ولكِـنْ
هــيَ الأيّـامُ لا تُعْطـي قِيـادا
فلا تَلُـمِ السـّوابِقَ والمَطايـا
إذا غَـرَضٌ مـن الأغـراضِ حـادا
لعَلّــكَ أنْ تَشـُنّ بهـا مَغـاراً
فتُنْجِــحَ أو تُجَشــّمَها طِـرادا
مُقارِعَــةً أحِجّتَهــا العَـوالي
مُجَنّبَــةً نَواظِرَهــا الرّقـادا
نَلــومُ علـى تَبلّـدِها قُلوبـاً
تُكابِـدُ مـن مَعيشـَتِها جِهـادا
إذا ما النّارُ لم تُطْعَمْ ضِراماً
فأوْشـِكْ أنْ تَمُـرَّ بهـا رَمـادا
فظُــنّ بســائِرِ الإخْـوانِ شـَرّاً
ولا تــأمَنْ علــى سـِرٍّ فُـؤادا
فلـو خَبَرَتْهُـمُ الجَـوزاءُ خُبْري
لَمـا طَلَعَـتْ مَخافَـةَ أن تُكادا
تَجَنّبْــتُ الأنــامَ فلا أُواخــي
وزِدْتُ عـن العـدُوّ فمـا أُعادى
ولمّــا أنْ تَجَهّمَنــي مُــرادي
جَرَيْـتُ مـعَ الزّمانِ كما أرادا
وهَــوَّنْتُ الخُطــوبَ علـيّ حـتى
كـأني صـِرتُ أمْنحُهـا الوِدادا
أَأُنْكِرُهــا ومَنْبِتُهــا فـؤادي
وكيـفَ تُنـاكِرُ الأرضُ القَتـادا
فــأيّ النّـاسِ أجْعَلُـهُ صـَديقا
وأيّ الأرضِ أســْلُكُهُ ارْتِيــادا
ولــو أنّ النّجـومَ لـديّ مـالٌ
نَفَـتْ كَفّـايَ أكْثرَهـا انْتِقادا
كـأني فـي لِسـانِ الـدهْرِ لَفْظٌ
تَضــَمّنَ منـه أغْراضـاً بِعـادا
يُكَرّرُنـــي ليَفَهَمَنــي رِجــالٌ
كمــا كَـرّرْتَ مَعْنـىً مُسـْتَعادا
ولـو أنّـي حُبِيـتُ الخُلْدَ فَرْداً
لمَـا أحبَبْـتُ بالخُلْدِ انفِرادا
فلا هَطَلَــتْ عَلَــيّ ولا بأرْضــي
ســَحائبُ ليـسَ تنْتَظِـمُ البِلادا
وكـم مِـن طـالِبٍ أمَـدي سيَلْقى
دُوَيْـنَ مَكـانيَ السبْعَ الشّدادا
يُؤجِّـجُ فـي شـُعاعِ الشمسِ ناراً
ويَقْــدَحُ فـي تَلَهّبِهـا زِنـادا
ويَطْعَــنُ فــي عُلايَ وإنّ شِسـْعي
لَيَـأنَفُ أن يكـونَ لـه نِجـادا
ويُظْهِــرُ لــي مَـوَدّتَهُ مَقـالا
ويُبْغِضــُني ضـَميراً واعْتِقـادا
فلا وأبيـكَ مـا أخْشَى انتِقاضاً
ولا وأبيـكَ مـا أرْجو ازْديادا
لـيَ الشـّرَفُ الّذي يَطَأُ الثُريّا
مـعَ الفَضْلِ الذي بَهَرَ العِبادا
وكــم عَيْـنٍ تُؤَمّـلُ أن تَرانـي
وتَفْقِـدُ عنـدَ رؤيَتِـيَ السّوادا
ولـو مَلأ السـُّهى عَيْنَيْـهِ مِنّـي
أَبَــرَّ علـى مَـدَى زُحَـلٍ وزادا
أفُــلّ نَــوائبَ الأيـامِ وحْـدي
إذا جَمَعَـتْ كَتائِبَهـا احْتِشادا
وقـدْ أَثْبَـتُّ رِجْلـي فـي رِكـابٍ
جَعَلْـتُ مـن الزَّمـاعِ له بَدَادا
إذا أوْطَأتُهــا قَــدَمَيْ سـُهَيْلٍ
فلا ســُقِيَتْ خُناصـِرَةُ العِهـادا
كــأنّ ظِمــاءَهُنّ بنــاتُ نَعْـشٍ
يَرِدْنَ إذا وَرَدنا بِنا الثِّمادا
ســتَعْجَبُ مـن تَغَشـْمُرِها لَيـالٍ
تُبارِينــا كواكبُهــا سـُهادا
كــأنّ فِجاجَهـا فَقَـدَتْ حَبيبـاً
فصــَيّرَتِ الظّلامَ لهــا حِـدادا
وقـد كتَـبَ الضّريبُ بها سُطوراً
فخِلْــتَ الأرضَ لابِســَةً بِجــادا
كــأنّ الزِّبْرِقـانَ بهـا أسـيرٌ
تُجُنِّـــبَ لا يُفَــكُّ ولا يُفــادى
وبعـضُ الظـاعِنينَ كقَـرْنِ شـَمْسٍ
يَغيـبُ فـإنْ أضاء الفَجْرُ عادا
ولكِنّــي الشــّبابُ إذا تَـوَلّى
فجَهْـلٌ أنْ تَـرومَ لـه ارْتِدادا
وأحْسـَبُ أنّ قَلْـبي لـو عَصـاني
فَعـاوَدَ مـا وَجَدْتُ له افْتِقادا
تــذكَّرْتُ البِـداوَةَ فـي أُنـاسٍ
تَخــالُ رَبيعَهُـمْ سـَنَةً جَمـادا
يَصــيدونَ الفَـوَارِسَ كـلَّ يـومٍ
كمـا تَتَصـَيّدُ الأُسـْدُ النِّقـادا
طلَعْــتُ عليهِـمْ واليـوْمُ طِفْـلٌ
كــأنّ علــى مَشـارِقِهِ جِسـادا
إذا نَـزَلَ الضّيوفُ ولم يُريحُوا
كـرامَ سَوامِهمْ عَقَروا الجِيادا
بُنـاةُ الشـِّعْرِ ما أكْفَوْا رَوِيّاً
ولا عَرَفـوا الإجـازَةَ والسِّنادا
عَهِــدْتُ لأحْسـَنِ الحَيّيْـنِ وَجْهـاً
وأوْهَبِهِـــمْ طريفــاً أو تِلادا
وأطْــوَلِهِمْ إذا ركِبـوا قَنـاةً
وأرْفَعِهِـمْ إذا نزَلـوا عِمـادا
فـتىً يَهَبُ اللُّجَيْنَ المَحضَ جوداً
ويَــدَّخِرُ الحديـدَ لـه عَتـادا
ويَلْبَـسُ مـن جُلـودِ عِداهُ سِبْتاً
ويَرْفَـعُ مـن رُؤوسـِهِمُ النِّضَادا
أبَــنَّ الغَــزْوَ مُكْتَهِلاً وبَـدْرا
وعُــوّدَ أنْ يَســودَ ولا يُسـادا
جَهـولٌ بالمَناسـِكِ ليـس يَـدري
أغَيّـاً بـاتَ يَفْعَـلُ أم رَشـادا
طَمـوحُ السـّيفِ لا يخْشـَى إلهـاً
ولا يَرجـو القِيامَـةَ والمَعادا
ويَغْبِـقُ أهْلَـهُ لبَـنَ الصـّفايا
ويَمْنَـحُ قَـوْتَ مُهْجَتِـهِ الجَوادا
يَــذودُ ســَخاؤُهَ الأذْوادَ عنـه
ويُحْسـِنُ عـن حرائِبِـهِ الذِّيادا
يَــرُدّ بتُرْسـِهِ النّكْبـاءَ عنّـي
ويجْعَــلُ دِرْعَـهُ تحْـتي مِهـادا
فبِــتُّ وإنّمــا ألْقَـى خَيَـالاً
كمَـنْ يَلْقَـى الأسـِنّةَ والصِّعادا
وأطْلَـسَ مُخْلِـقِ السـِّرْبالِ يَبْغي
نَوافِلَنــا صــَلاحاً أو فَسـادا
كــأنّي إذْ نَبَـذْتُ لـه عِصـاماً
وَهَبْـتُ لـه المَطِيّـةَ والمَزَادا
وبَالي الجِسْمِ كالذّكَرِ اليَماني
أفُـلّ بـه اليَمانِيَـةَ الحِدادا
طَرَحْـتُ لـه الوَضـِينَ فخِلْتُ أني
طرَحْـتُ لـه الحَشـِيّةَ والوِسادا
وَلـي نَفْـسٌ تَحُـلّ بـيَ الرّوابي
وتـأبَى أنْ تَحُـلّ بـيَ الوِهادا
تَمُــدّ لتَقْبِـضَ القَمَرَيـنِ كَفّـا
وتَحْمِـلُ كـيْ تَبُـذّ النجْمَ زادا
أحمد بن عبد الله بن سليمان، التنوخي المعري.شاعر وفيلسوف، ولد ومات في معرة النعمان، كان نحيف الجسم، أصيب بالجدري صغيراً فعمي في السنة الرابعة من عمره.وقال الشعر وهو ابن إحدى عشرة سنة، ورحل إلى بغداد سنة 398 هـ فأقام بها سنة وسبعة أشهر، وهو من بيت كبير في بلده، ولما مات وقف على قبره 84 شاعراً يرثونه، وكان يلعب بالشطرنج والنرد، وإذا أراد التأليف أملى على كاتبه علي بن عبد الله بن أبي هاشم، وكان يحرم إيلام الحيوان، ولم يأكل اللحم خمساً وأربعين سنة، وكان يلبس خشن الثياب، أما شعره وهو ديوان حكمته وفلسفته، فثلاثة أقسام: (لزوم ما لا يلزم-ط) ويعرف باللزوميات، و(سقط الزند-ط)، و(ضوء السقط-خ) وقد ترجم كثير من شعره إلى غير العربية وأما كتبه فكثيرة وفهرسها في معجم الأدباء. وقال ابن خلكان: ولكثير من الباحثين تصانيف في آراء المعري وفلسفته،من تصانيفه كتاب (الأيك والغصون) في الأدب يربو على مائة جزء، (تاج الحرة) في النساء وأخلاقهن وعظاتهن، أربع مائة كراس، و(عبث الوليد-ط) شرح به ونقد ديوان البحتري، و(رسالة الملائكة-ط) صغيرة، و(رسالة الغفران-ط)، و(الفصول والغايات -ط)، و(رسالة الصاهل والشاحج).