
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
وَقائِلَــةٍ وَالــدَّمْعُ ســَكْبٌ مُبــادِرٌ
وَقَـدْ شـَرِقَتْ بِالـدَّمْعِ مِنْها الْمَحاجِرُ
وَقَـدْ أَبْصـَرَتْ نَعْمـانَ مِنْ بَعْدِ أَهْلِها
وَمِنْهــا الْمَغــانِي مُوحِشـاتٌ دَوائِرُ
كَأَنْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَ الْحَجُونِ إِلَى الصَّفا
أَنِيــسٌ وَلَــمْ يَســْمَرْ بِمَكَّـةَ سـامِرُ
فَقُلْــتُ لَهـا وَالْقَلْـبُ مِنِّـي كَأَنَّمـا
يُلَجْلِجُــهُ بَيْــنَ الْجَنــاحَيْنِ طـائِرُ
بَلَــى نَحْـنُ كُنَّـا أَهْلَهـا فَأَزالَنـا
صـُروفُ اللَّيـالِي وَالْجُـدُودُ الْعَواثِرُ
وَكُنَّــا لِإِســْماعِيلَ صــِهْراً وَجِيــرَةً
وَلَمَّـا تَـدُرْ فِيهـا عَلَيْنـا الدَّوائِرُ
وَكُنَّـا وُلاةَ الْبَيْـتِ مِـنْ بَعْـدِ نـابِتٍ
نَطُـوفُ بِـذاكَ الْبَيْـتِ وَالْخَيْـرُ ظاهِرُ
وَنَحْـنُ وَلِينـا الْبَيْـتَ مِنْ بَعْدِ نابِتٍ
بِعِـزٍّ فَمـا يَحْظَـى لَـدَيْنا الْمُكـاثِرُ
مَلَكْنــا فَعَزَّزْنــا فَـأَعْظِمْ بِمُلْكِنـا
فَلَيْــسَ لِحَــيٍّ غَيْرِنــا ثَــمَّ فـاخِرُ
أَلَـمْ تُنْكِحُـوا مِـنْ خَيْـرِ شَخْصٍ عَلِمْتُهُ
فَأَبْنــاؤُهُ مِنَّــا وَنَحْــنُ الْأَصــاهِرُ
فَـإِنْ تَنْثَـنِ الـدُّنْيا عَلَيْنا بِحالِها
فَــإِنَّ لَهـا حـالاً وَفِيهـا التَّشـاجُرُ
فَأَخْرَجَنــا مِنْهــا الْمَلِيـكُ بِقُـدْرَةٍ
كَـذَلِكَ يـا لَلنَّـاسِ تَجْـرِي الْمَقـادِرُ
أَقُـولُ إِذا نـامَ الْخَلِـيُّ وَلَـمْ أَنَمْ:
أَذا الْعَـرْشِ لا يَبْعُـدْ سـُهَيْلٌ وَعـامِرُ
وَبُــدِّلْتُ مِنْهــا أَوْجُهــاً لا أُحِبُّهـا
قَبـــائِلُ مِنْهــا حِمْيَــرٌ وَيَحــابِرُ
وَصــِرْنا أَحادِيثــاً وَكُنَّــا بِغِبْطَـةٍ
بِــذَلِكَ عَضــَّتْنا السـِّنُونَ الْغَـوابِرُ
فَسـَحَّتْ دُمُـوعُ الْعَيْـنِ تَبْكِـي لِبَلْـدَةٍ
بِهــا حَـرَمٌ أَمْـنٌ وَفِيهـا الْمَشـاعِرُ
وَتَبْكِــي لِبَيْـتٍ لَيْـسَ يُـؤْذَى حَمـامُهُ
يَظَــلُّ بِــهِ أَمْنـاً وَفِيـهِ الْعَصـافِرُ
وَفِيـــهِ وُحُــوشٌ لا تُــرامُ أَنِيســَةٌ
إِذا خَرَجَــتْ مِنْــهُ فَلَيْــسَ تُغــادِرُ
وَلَـــمْ يَتَرَبَّــعْ واســِطاً وَجَنُــوبَهُ
إِلَـى السـِّرِّ مِـنْ وادِي الْأَراكَةِ حاضِرُ
وَأَبْــدَلَنا رَبِّــي بِهــا دارَ غُرْبَـةٍ
بِهـا الْجُـوعُ بـادٍ وَالْعَدُوُّ الْمُحاصِرُ
وَيـا لَيْـتَ شـِعْرِي مَنْ بِأَجْيادَ بَعْدَنا
أَقــامَ بِمُفْضــَى ســَيْلِهِ وَالظَّـواهِرِ
فَبَطْـنُ مِنـىً أَمْسـَى كَـأَنْ لَمْ يَكُنْ بِهِ
مُضــاضٌ وَمِــنْ حَيَّــيْ عَــدِيٍّ عَمـائِرُ
فَهَـــلْ فَـــرَجٌ آتٍ بِشـــَيْءٍ نُحِبُّــهُ
وَهَــلْ جَــزَعٌ مُنْجِيــكَ مِمَّـا تُحـاذِرُ
الحارِثُ بنُ مُضاضِ بنِ عَبْدِ المَسِيحِ بنِ نُفَيْلَةَ بنِ عَبْدِ المدانِ الجُرْهُمِيِّ، يُقالُ كانَ آخِرَ مُلُوكِ جُرهُمٍ فِي مَكَّةَ. وَقَدْ نُسِجَتْ حَوْلَ حَياةِ الحارِثِ قِصَصٌ وَحَوادِثُ عِدَّةٌ بَعْضُها أَشْبَهُ بِالأَساطِيرِ. وَثَمَّةَ اضْطِرابٌ فِي نِسْبَةِ شِعْرِهِ إِلَيْهِ وَشَكٌّ فِي مَدَى صِحَّتِهِ، فَقَدْ نُسِبَ ما قالَهُ مِنْ شِعْرٍ إِلَى مُضاضِ بنِ عَمْرو الجُرْهُمِيِّ، وَقِيلَ هُوَ لِعَمْرِو بنِ الحارِثِ بنِ مُضاضٍ الجُرْهُمِيِّ، وَهُمْ آخِرُ الجُرْهُمِيِّينَ الَّذِينَ كانُوا بِمَكَّةَ، وَفِي عَهْدِهِمْ زالَتْ وِلايَةُ البَيْتِ عَنْ جُرهُمٍ وَاسْتَوْلَتْ عَلَيْها خُزاعَةُ، وَيُرْوَى أَنَّ قبيلةَ جُرهُمٍ فِي آخِرِ عَهْدِهِمْ بِمَكَّةَ كانُوا قَد اسْتَخَفُّوا بِالمَناسِكِ وَالحَرَمِ، وَبَغَى بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ، وَارْتَكَبُوا أُمُوراً عِظاماً، فَعاقَبَهُمْ اللّٰهُ بِأَنْواعٍ مِنَ العَذابِ شَتَّى كانَ آخِرَها إِخْراجُهُمْ مِنْ مَكَّةَ.وَيُرْوَى أَنَّ الحارِثَ بنَ مُضاضٍ اعْتَزَلَ قَوْمَهُ فِي حَرْبِهِمْ ضِدَّ خُزاعَةَ، وَعَمَدَ إِلَى ما كانَ عِنْدَهُ مِنْ مالِ الكَعْبَةِ، وَدَفَنَهُ فِي اللَّيْلِ فِي زَمْزَمَ، وَلَمْ يَزَلْ دارِساً حَتَّى اسْتَخْرَجَهُ عَبْدُ المَطَّلِبِ جَدُّ النَّبِيِّ صَلَّى اللّٰهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَوَرَدَ إِنَّ إِبِلاً لَلحارثِ نَزَعَتْ فَخَرَجَ فِي طَلَبِها حَتَّى وَجَدَ أَثَرَها وقَدْ دَخَلَتْ مَكَّةَ، فَمَضَى عَلَى الجِبالِ نَحْوَ أَجْيادٍ، حَتَّى ظَهَرَ عَلَى أَبِي قُبِيْسٍ يَتَبَصَّرُ الإِبِلَ فِي بَطْنِ وادِي مَكَّةَ، فَأَبْصَرَ الإِبِلَ تُنحَرُ وَتُؤْكَلُ وَلا سَبِيلَ لَهُ إِلَيْها، فَخافَ إِنْ هَبَطَ الوادِي أَنْ يُقْتَلَ، فَوَلَّى مُنْصَرِفاً إِلَى أَهْلِهِ وَأَنْشَأَ يَقُولُ:كَأَنْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَ الحُجُونِ إِلَى الصَّفاأَنِيــسٌ وَلَــمْ يَســْمُرْ بِمَكَّـةَ سـامِرُوَمِمّا اشْتُهِرَ عَنْ الحارِثِ بنِ مُضاضٍ أَنَّهُ تَغَرَّبَ حَتَّى ضُرِبَ بِهِ المَثَلُ فِي طُولِ الغُرْبَةِ، فَيُروى أنَّ قبيلةَ جُرهُمٍ هَلَكَتْ بِالوَباءِ فِي مُدَّةِ الحارِثِ بنِ مُضاضٍ، فَخَرَجَ الحارِثُ هارِباً يَجُولُ فِي الأَرْضِ، فَجالَ فِيها ثَلاثَمِئَةِ عامٍ، فَضَرَبَت العَرَبُ بِهِ الأَمْثالَ، وَمِنْ ذلِكَ قَوْلُ أَبِي تَمّامٍ:غُرْبَــةٌ تَقْتَــدِي بِغُرْبَــةِ قَيْـسِ بِـــــنِ زُهَيْــرٍ وَالحــارِثِ بْـنِ مُضـاضِ