
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
أَنا الْمَلِكُ الْمَحْجُوبُ بِالْحِجْرِ وَالصَّفا
إِلَـى الْبارِقـاتِ الْغُرِّ بَيْنَ الْقَوانِسِ
رَضــِيتُ عَـنِ الْأَيَّـامِ دَهْـراً فَخَلْخَلَـتْ
عَلَــيَّ اللَّيـالِي بَعْـدَها بِـالْهَواجِسِ
فَــأُفْرِدْتُ مِــنْ طَسـْمٍ وَعـادٍ وَجُرْهُـمٍ
وَعِمْلاقَ وَالشــــَّهْبا جَـــدِيسٍ وَرائِسِ
فَلَمَّـا رَأَيْـتُ الـدَّهْرَ أَلْـوَى بِأُسْرَتِي
وَأَفْرَدَنِــي بَعْـدَ الْهُمـامِ الْمُمـارِسِ
تَجَشــَّمْتُ مِــنْ كَرْمــانَ كُـلَّ تَنُوفَـةٍ
وَجـاوَزْتُ حَـدَّ الْقَصـْرِ مِـنْ أَرْضِ فارِسِ
وَلَجَّجْـتُ فِـي لُجَّـيْ سـَمَرْقَنْدَ فَـانْتَهَتْ
بِـيَ الْأَرْضُ بَهْمـاً أَقْعَـدَتْ كُـلَّ نـاحِسِ
جِبــالٌ يَكِــلُّ الطَّـرْفُ دُونَ أُنُوفِهـا
وَحَوْماتِهــا صــارَتْ قِفــارَ بَسـابِسِ
فَسـامَرْتُ رَجْـلَ الْجِـنِّ فِـي فَلَواتِهـا
وَسـامَرْتُ جَـرْيَ الْعاصـِفاتِ الرَّوامِـسِ
نَزَحْــتُ عَـنِ الـدُّنْيا وَلَسـْتُ بِنـازِحٍ
وَعَـدَّيْتُ عَـنْ رَسـْمِ الـدِّيارِ الدَّوارِسِ
تَغَرَّبْـتُ فِـي الـدُّنْيا مِئينـاً ثَلاثَـةً
وَلا بُـدَّ مِـنْ حَتْـمِ الصـُّرُوفِ الْعَوابِسِ
بِعِيـسِ إِيـادٍ وَانْتَهَيْـتُ إِلـى الَّتِـي
تَطِـمُّ عَلَـى مَجْـرَى النُّجُـومِ النَّواحِسِ
أَســِيرُ بِطَــرْفٍ مــا يُغَمِّــضُ سـاعَةً
وَقَلْــبٍ عَلَــى نَهْــجِ الْمَنِيَّـةِ دائِسِ
لَنـا نَوْمَـةٌ إِمَّـا نَـؤُولُ إِلـى رِضـىً
وَإِمَّـا رَدىً بـاقِي النَّـوَى غَيْرِ حابِسِ
الحارِثُ بنُ مُضاضِ بنِ عَبْدِ المَسِيحِ بنِ نُفَيْلَةَ بنِ عَبْدِ المدانِ الجُرْهُمِيِّ، يُقالُ كانَ آخِرَ مُلُوكِ جُرهُمٍ فِي مَكَّةَ. وَقَدْ نُسِجَتْ حَوْلَ حَياةِ الحارِثِ قِصَصٌ وَحَوادِثُ عِدَّةٌ بَعْضُها أَشْبَهُ بِالأَساطِيرِ. وَثَمَّةَ اضْطِرابٌ فِي نِسْبَةِ شِعْرِهِ إِلَيْهِ وَشَكٌّ فِي مَدَى صِحَّتِهِ، فَقَدْ نُسِبَ ما قالَهُ مِنْ شِعْرٍ إِلَى مُضاضِ بنِ عَمْرو الجُرْهُمِيِّ، وَقِيلَ هُوَ لِعَمْرِو بنِ الحارِثِ بنِ مُضاضٍ الجُرْهُمِيِّ، وَهُمْ آخِرُ الجُرْهُمِيِّينَ الَّذِينَ كانُوا بِمَكَّةَ، وَفِي عَهْدِهِمْ زالَتْ وِلايَةُ البَيْتِ عَنْ جُرهُمٍ وَاسْتَوْلَتْ عَلَيْها خُزاعَةُ، وَيُرْوَى أَنَّ قبيلةَ جُرهُمٍ فِي آخِرِ عَهْدِهِمْ بِمَكَّةَ كانُوا قَد اسْتَخَفُّوا بِالمَناسِكِ وَالحَرَمِ، وَبَغَى بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ، وَارْتَكَبُوا أُمُوراً عِظاماً، فَعاقَبَهُمْ اللّٰهُ بِأَنْواعٍ مِنَ العَذابِ شَتَّى كانَ آخِرَها إِخْراجُهُمْ مِنْ مَكَّةَ.وَيُرْوَى أَنَّ الحارِثَ بنَ مُضاضٍ اعْتَزَلَ قَوْمَهُ فِي حَرْبِهِمْ ضِدَّ خُزاعَةَ، وَعَمَدَ إِلَى ما كانَ عِنْدَهُ مِنْ مالِ الكَعْبَةِ، وَدَفَنَهُ فِي اللَّيْلِ فِي زَمْزَمَ، وَلَمْ يَزَلْ دارِساً حَتَّى اسْتَخْرَجَهُ عَبْدُ المَطَّلِبِ جَدُّ النَّبِيِّ صَلَّى اللّٰهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَوَرَدَ إِنَّ إِبِلاً لَلحارثِ نَزَعَتْ فَخَرَجَ فِي طَلَبِها حَتَّى وَجَدَ أَثَرَها وقَدْ دَخَلَتْ مَكَّةَ، فَمَضَى عَلَى الجِبالِ نَحْوَ أَجْيادٍ، حَتَّى ظَهَرَ عَلَى أَبِي قُبِيْسٍ يَتَبَصَّرُ الإِبِلَ فِي بَطْنِ وادِي مَكَّةَ، فَأَبْصَرَ الإِبِلَ تُنحَرُ وَتُؤْكَلُ وَلا سَبِيلَ لَهُ إِلَيْها، فَخافَ إِنْ هَبَطَ الوادِي أَنْ يُقْتَلَ، فَوَلَّى مُنْصَرِفاً إِلَى أَهْلِهِ وَأَنْشَأَ يَقُولُ:كَأَنْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَ الحُجُونِ إِلَى الصَّفاأَنِيــسٌ وَلَــمْ يَســْمُرْ بِمَكَّـةَ سـامِرُوَمِمّا اشْتُهِرَ عَنْ الحارِثِ بنِ مُضاضٍ أَنَّهُ تَغَرَّبَ حَتَّى ضُرِبَ بِهِ المَثَلُ فِي طُولِ الغُرْبَةِ، فَيُروى أنَّ قبيلةَ جُرهُمٍ هَلَكَتْ بِالوَباءِ فِي مُدَّةِ الحارِثِ بنِ مُضاضٍ، فَخَرَجَ الحارِثُ هارِباً يَجُولُ فِي الأَرْضِ، فَجالَ فِيها ثَلاثَمِئَةِ عامٍ، فَضَرَبَت العَرَبُ بِهِ الأَمْثالَ، وَمِنْ ذلِكَ قَوْلُ أَبِي تَمّامٍ:غُرْبَــةٌ تَقْتَــدِي بِغُرْبَــةِ قَيْـسِ بِـــــنِ زُهَيْــرٍ وَالحــارِثِ بْـنِ مُضـاضِ