
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
يا أَيُّها الْحَيُّ بِالنَّعْفِ الْمُقِيمُونا
هُبُّــوا فَيوشـِكُ يَوْمـاً لا تَهُبُّونـا
إِذْ قـالَ رَكْـبٌ لِرَكْـبٍ سائِرِينَ مَعاً
لا بُــدَّ أَنْ تُسـْمِعُونا أَوْ تُغَنُّونـا
حُثُّـوا الْمَطِـيَّ وَأَرْخُوا مِنْ أَزِمَّتِها
قَبْـلَ الْمَمـاتِ، وَقَضُّوا ما تُقَضُّونا
كُنَّـا أُناسـاً كَمـا أَنْتُـمْ فَغَيَّرَنا
دَهْـرٌ، فَسـَوْفَ كَمـا كُنَّـا تَكُونُونا
قَـدْ مـالَ دَهْـرٌ عَلَيْنا ثُمَّ أَهْلَكَنا
بِـالْبَغْيِ مِنْـهُ فَكُلُّ النَّاسِ يَأْسُونا
يـا أَيُّها النَّاسُ سِيرُوا إِنَّ قَصْرَكُمُ
أَنْ تُصـْبِحُوا ذاتَ يَـوْمٍ لا تَسِيرُونا
إِنَّ التَّفَكُّــرَ لا يُجْــدِي بِصــاحِبِهِ
عِنْـدَ الْبَدِيهَـةِ فِـي عِلْمٍ لَهُ دُونا
قَضـُّوا أُمُـورَكُمُ بِـالْحَزْمِ إِنَّ لَهـا
أُمُـورَ رُشـْدٍ رَشـَدْتُمْ ثَـمَّ مَسـْنُونا
وَاسْتَخْبِرُوا فِي صَنِيعِ النَّاسِ قَبْلَكُمُ
كَمـا اسـْتَبانَ طَرِيقٌ عِنْدَهُ الْهُونا
كُنَّـا زَمانـاً مُلُـوكَ النَّاسِ قَبْلَكُمُ
بِمَسـْكَنٍ فِـي حَـرامِ اللـهِ مَسْكُونا
الحارِثُ بنُ مُضاضِ بنِ عَبْدِ المَسِيحِ بنِ نُفَيْلَةَ بنِ عَبْدِ المدانِ الجُرْهُمِيِّ، يُقالُ كانَ آخِرَ مُلُوكِ جُرهُمٍ فِي مَكَّةَ. وَقَدْ نُسِجَتْ حَوْلَ حَياةِ الحارِثِ قِصَصٌ وَحَوادِثُ عِدَّةٌ بَعْضُها أَشْبَهُ بِالأَساطِيرِ. وَثَمَّةَ اضْطِرابٌ فِي نِسْبَةِ شِعْرِهِ إِلَيْهِ وَشَكٌّ فِي مَدَى صِحَّتِهِ، فَقَدْ نُسِبَ ما قالَهُ مِنْ شِعْرٍ إِلَى مُضاضِ بنِ عَمْرو الجُرْهُمِيِّ، وَقِيلَ هُوَ لِعَمْرِو بنِ الحارِثِ بنِ مُضاضٍ الجُرْهُمِيِّ، وَهُمْ آخِرُ الجُرْهُمِيِّينَ الَّذِينَ كانُوا بِمَكَّةَ، وَفِي عَهْدِهِمْ زالَتْ وِلايَةُ البَيْتِ عَنْ جُرهُمٍ وَاسْتَوْلَتْ عَلَيْها خُزاعَةُ، وَيُرْوَى أَنَّ قبيلةَ جُرهُمٍ فِي آخِرِ عَهْدِهِمْ بِمَكَّةَ كانُوا قَد اسْتَخَفُّوا بِالمَناسِكِ وَالحَرَمِ، وَبَغَى بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ، وَارْتَكَبُوا أُمُوراً عِظاماً، فَعاقَبَهُمْ اللّٰهُ بِأَنْواعٍ مِنَ العَذابِ شَتَّى كانَ آخِرَها إِخْراجُهُمْ مِنْ مَكَّةَ.وَيُرْوَى أَنَّ الحارِثَ بنَ مُضاضٍ اعْتَزَلَ قَوْمَهُ فِي حَرْبِهِمْ ضِدَّ خُزاعَةَ، وَعَمَدَ إِلَى ما كانَ عِنْدَهُ مِنْ مالِ الكَعْبَةِ، وَدَفَنَهُ فِي اللَّيْلِ فِي زَمْزَمَ، وَلَمْ يَزَلْ دارِساً حَتَّى اسْتَخْرَجَهُ عَبْدُ المَطَّلِبِ جَدُّ النَّبِيِّ صَلَّى اللّٰهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَوَرَدَ إِنَّ إِبِلاً لَلحارثِ نَزَعَتْ فَخَرَجَ فِي طَلَبِها حَتَّى وَجَدَ أَثَرَها وقَدْ دَخَلَتْ مَكَّةَ، فَمَضَى عَلَى الجِبالِ نَحْوَ أَجْيادٍ، حَتَّى ظَهَرَ عَلَى أَبِي قُبِيْسٍ يَتَبَصَّرُ الإِبِلَ فِي بَطْنِ وادِي مَكَّةَ، فَأَبْصَرَ الإِبِلَ تُنحَرُ وَتُؤْكَلُ وَلا سَبِيلَ لَهُ إِلَيْها، فَخافَ إِنْ هَبَطَ الوادِي أَنْ يُقْتَلَ، فَوَلَّى مُنْصَرِفاً إِلَى أَهْلِهِ وَأَنْشَأَ يَقُولُ:كَأَنْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَ الحُجُونِ إِلَى الصَّفاأَنِيــسٌ وَلَــمْ يَســْمُرْ بِمَكَّـةَ سـامِرُوَمِمّا اشْتُهِرَ عَنْ الحارِثِ بنِ مُضاضٍ أَنَّهُ تَغَرَّبَ حَتَّى ضُرِبَ بِهِ المَثَلُ فِي طُولِ الغُرْبَةِ، فَيُروى أنَّ قبيلةَ جُرهُمٍ هَلَكَتْ بِالوَباءِ فِي مُدَّةِ الحارِثِ بنِ مُضاضٍ، فَخَرَجَ الحارِثُ هارِباً يَجُولُ فِي الأَرْضِ، فَجالَ فِيها ثَلاثَمِئَةِ عامٍ، فَضَرَبَت العَرَبُ بِهِ الأَمْثالَ، وَمِنْ ذلِكَ قَوْلُ أَبِي تَمّامٍ:غُرْبَــةٌ تَقْتَــدِي بِغُرْبَــةِ قَيْـسِ بِـــــنِ زُهَيْــرٍ وَالحــارِثِ بْـنِ مُضـاضِ