
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
صـَرَمَتْكَ جَمْـرَةُ وَاسـْتَبَدَّ بِدارِها
وَعَدَتْ عَوادي الْحَرْبِ دُونَ مَزارِها
زَبَنَتْـكَ أَرْكـانُ الْعَـدَوِّ فَأَصْبَحَتْ
أَجَـأٌ وَجُبَّـةُ مِـنْ قَـرارِ دِيارِها
وَكَأَنَّهــا دَقْـرَى تَخَيَّـلُ نَبْتُهـا
أَنُـفٌ يَغُـمُّ الضـَّالَ نَبْتُ بِحارِها
عَزَبَـتْ وَباكَرَهـا السـَّمِيُّ بدِيمَةٍ
وَطْفـاءَ يَمْلَؤُهـا إِلـى أَصْبارَها
وَكَـأَنَّ أَنْمـاطَ الْمَـدايِنِ وَسْطَها
مِـنْ نَـوْرِ حَنْوَتِها وِمِنْ جَرْجارِها
وَلَقَــدْ لَهَــوْتُ بِطِفْلَـةٍ مَيَّالَـةٍ
بَلْهـاءَ تُطْلِعُنـي عَلَـى أَسْرارِها
عَبِـقَ الْمُمَسـَّكُ وَالْعَـبيرِ بِحُبِّها
وَكَـأَنَّ نَضـْحَ دَمٍ عَلَـى أَظْفارِهـا
وَكَأَنَّهــا عَيْنــاءُ أُمُّ جُؤَيْــذِرٍ
خَـذَلَتْ لَـهُ بِالرَّمْلِ خَلْفَ صِوارِها
خَـرِقٌ إِذا مـا نـامَ طافَتْ حَوْلَهُ
طَـوْفَ الْكِعابِ عَلَى جَنُوبِ دُوارِها
بِــأَغَنَّ طِفْــلٍ لا تُصـاحِبُ غَيْـرَهُ
فَلَــهُ عُفافَـةُ دَرِّهـا وَغِرارِهـا
هَـلْ تَـذْكُرِينَ جُزِيـتِ أَحْسَنَ صالِحٍ
أَيّامَنــا بِمَلِيحَــةٍ فَهُرارِهــا
أَزْمـانَ لَـمْ تَأَخُـذْ إِلَـيَّ سِلاحَها
إِبِلــي بَجِلَّتِهــا وَلا أَبْكارِهـا
ابْتَزَّهــا أَلْبانَهــا وَلُحُومَهـا
فَـأُهِينُ ذاكَ لِضـَيْفِها وَلِجارِهـا
وَلِرِفْقَــةٍ فــي لَيْلَـةٍ مَشـْمُولَةٍ
نَزَلَـتْ بِهـا فَغَـدَتْ عَلَى آسارِها
وأضــَاعَ أَقْــوامٌ فَسـُبَّتْ أُمُّهُـمْ
وَأَبُــوهُمُ حَتَّــى يَمَـتَّ بِعارِهـا
كَـانُوا يُسِيمونَ الْمَخاضَ أَمامَها
وَيُعَـزِّزُونَ بِهـا عَلَـى أَغْبارِهـا
وَلَقَـدْ شَهِدْتُ إِذا الْقِداحُ تَوَحَّدَتْ
وَشـَهِدْتُ عِنْدَ اللَّيْلِ مَوْقِدَ نارِها
عَـنْ ذاتِ أَوْلِيَـةٍ أَسـاوِدُ رَبَّهـا
وَكَـأَنَّ لَـوْنَ الْمِلْحِ فَوْقَ شِفارِها
فَمَنْحَـتُ بَـدْأَتَها رَقِيبـاً جانِحاً
وَالنَّـارُ تَلْفَـحُ وَجْهَـهُ بِأَوارِها
كــانَتْ عَقِيلَــةَ مـالِهِ فَـأَذَلَّهُ
عَـنْ بَعْـضِ قِنْيَتِها رَجاءُ بِكارِها
حَتّـى إِذا قُسـِمَ النَّصيبُ وَأَصْفَقَتْ
يَـدَهُ بِجِلْـدَةِ ضـَرْعِها وَحُوارِهـا
ظَهَــرَتْ نَـدامَتُهُ وَهـانَ بِسـُخْطِهِ
شـَيْئاً عَلَـى مَرْبُوعِهـا وَعِذارِها
وَلَقَـدْ شـَهِدْتُ الْخَيْلَ وَهْيَ مُغِيرَةٌ
وَشـَهِدْتُها تَعْـدُو عَلَـى آثارِهـا
وَحَـوَيْتُ مَغْنَمَهـا أَمـامَ جِيادِها
وَكَـرَرْتُ إِذْ طُـرِدَتْ عَلَى أَدْبارِها
وَلَقَـدْ شَفَيْتُ مِنَ الرِّكابِ وَمَشْيِها
وَزَفِيفهـا نَفْسـِي وَمِـنْ أَكْوارِها
وَكَأَنَّمـا انْطَمَـرَتْ جَنـادِبُ حَـرَّةٍ
فـي سـَرْدِها فَرَمَتْكَ عَنْ أَبْصارِها
النَّمِرُ بْنُ تَوْلَبٍ شاعِرٌ مُخَضْرَمٌ عاشَ أَكْثَرَ حَياتِهِ فِي الجاهِلِيَّةِ وَأَدْرَكَ الإِسْلامَ فَأَسْلَمَ وَكَتَبَ لَهُ الرَّسُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كِتاباً إِلَى قَوْمِهِ، وَكانَ كَرِيماً جَواداً كَثِيرَ العَطاءِ يُلَقَّبُ بِشاعِرِ الرَّبابِ، وَلَمْ يَمْدَحْ أَحَداً وَلا هَجَا أَحَداً، وَقَدْ سَمّاهُ أَبُو عَمْرِو بْنُ العَلاءِ الكَيِّسَ لِحُسنِ شِعْرِهِ، وَهُوَ مِنْ المُعَمَّرِينَ ذَكَرَ السّجِسْتانِيِّ أَنَّهُ عاشَ مِئَتَيْ عامٍ وَقَدْ خَرِفَ فِي آخِرِ حَياتِهِ، تُوُفِّيَ نَحْوَ عامِ 14لِلهِجْرَةِ.