
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
صـَرَمْتْ حِبالَـكَ بَعْـدَ وَصـْلِكَ زَيْنَـبُ
وَالــدَّهْرُ فِيــهِ تَصــَرُّمٌ وَتَقَلُّــبُ
نَشـَرَتْ ذَوائِبَهـا الَّتِـي تَزْهُو بِها
ســُوداً وَرَأْسـُكَ كَالنَّعامَـةِ أَشـْيَبُ
وَاســْتَنْفَرَتْ لَمَّـا رَأَتْـكَ وَطَالَمـا
كــانَتْ تَحِـنُّ إِلَـى لُقـاكَ وَتَرْهَـبُ
وَكَــذاكَ وَصــْلُ الْغانِيـاتِ فَـإِنَّهُ
آلٌ بِبَلْقَعَــــةٍ وَبَــــرْقٌ خُلَّـــبُ
فَـدَعِ الصـِّبا فَلَقَـدْ عَـداكَ زَمانُهُ
وَازْهَـدْ فَعُمْـرُكَ مِنْـهُ وَلَّـى الْأَطْيَبُ
ذَهَـبَ الشـَّبابُ فَمـا لَـهُ مِنْ عَوْدَةٍ
وَأَتَـى الْمَشـِيبُ فَأَيْنَ مِنْهُ الْمَهْرَبُ
ضـَيْفٌ أَلَـمَّ إِلَيْـكَ لَـمْ تَحْفَـلْ بِـهِ
فَتَــرَى لَـهُ أَسـَفاً وَدَمْعـاً يُسـْكَبُ
دَعْ عَنْكَ ما قَدْ فاتَ فِي زَمَنِ الصِّبا
وَاذْكُـرْ ذُنُوبَـكَ وَابْكِهـا يا مُذْنِبُ
وَاحْــذَرْ مُناقَشـَةَ الْحِسـابِ فَـإِنَّهُ
لا بُــدَّ يُحْصـَى مـا جَنَيْـتَ وَيُكْتَـبُ
لَـمْ يَنْسـَهُ الْمَلَكـانِ حِيـنَ نَسِيتَهُ
بَــلْ أَثْبَتــاهُ وَأَنْــتَ لاهٍ تَلْعَـبُ
وَالــرُّوحُ فِيـكَ وَدِيعَـةٌ أَوْدَعْتُهـا
ســَنَرُّدها بِــالرَّغْمِ مِنْـكَ وَتُسـْلَبُ
وَغَـرُورُ دُنْيـاكَ الَّتِـي تَسـْعَى لَها
دارٌ حَقِيقَتُهـــا مَتـــاعٌ يَــذْهَبُ
وَاللَّيْـلُ فَـاعْلَمْ وَالنَّهـارُ كِلاهُما
أَنْفاســُنا فِيهــا تُعَــدُّ وَتُحْسـَبُ
وَجَمِيــعُ مــا حَصــَّلْتَهُ وَجَمَعْتَــهُ
حَقّــاً يَقِينـاً بَعْـدَ مَوْتِـكَ يُنْهَـبُ
تَبّــاً لِــدارٍ لا يَــدُومُ نَعِيمُهـا
وَمَشــِيدُها عَمَّــا قَلِيــلٍ يُخْــرَبُ
فَاســْمَعْ هُـدِيتَ نَصـائِحاً أَوْلاكَهـا
بَـــرٌّ لَبِيـــبٌ عاقِـــلٌ مُتَــأَدِّبُ
صــَحِبَ الزَّمـانَ وَأَهْلَـهُ مُسْتَبْصـِراً
وَرَأَى الْأُمُـورَ بِمـا تَـؤُوبُ وَتَعْقُـبُ
أَهْـدَى النَّصـِيحَةَ فَـاتَّعِظْ بِمَقـالِهِ
فَهُــوَ التَّقِــيُّ اللَّــوْذَعِيُّ الْأَدْرَبُ
لا تَــأمَنِ الـدَّهْرَ الصـَّرُوفَ فَـإِنَّهُ
لا زالَ قِـــدْماً لِلرِّجــالِ يُهَــذِّبُ
وَكَــذَلِكَ الْأَيَّــامُ فِــي غَـدَواتِها
مَــرَّتْ يُــذَلُّ لَهـا الْأَعَـزُّ الْأَنْجَـبُ
فَعَلَيْـكَ تَقْـوَى اللهِ فَالْزَمْها تَفُزْ
إِنَّ التَّقِــيَّ هُــوَ الْبَهِـيُّ الْأَهْيَـبُ
وَاعْمَـلْ لِطـاعَتِهِ تَنَـلْ مِنْهُ الرِّضا
إِنَّ الْمُطِيـــعَ لِرَبِّـــهِ لَمُقَـــرَّبُ
فَـاقْنَعْ فَفِـي بَعْـضِ الْقَناعَةِ راحَةٌ
وَالْيَـأْسُ مِمَّـا فـاتَ فَهْـوَ الْمَطْلَبُ
وَإِذا طَمِعْــتَ كُســِيتَ ثَـوْبَ مَذَلَّـةٍ
فَلَقَـدْ كُسـِي ثَـوْبَ الْمَذَلَّـةِ أَشـْعَبُ
وَتَـوَقَّ مِـنْ غَـدْرِ النِّسـاءِ خِيانَـةً
فَجَمِيعُهُــنَّ مَكــائِدٌ لَــكَ تُنْصــَبُ
لا تَــأَمَنِ الْأُنْثَــى حَياتَـكَ إِنَّهـا
كَــالْأُفْعُوانِ يُــراعُ مِنْـهُ الْأَنْيَـبُ
لا تَــأَمَنِ الْأُنْثَــى زَمانَــكَ كُلَّـهُ
يَوْمـاً وَلَـوْ حَلَفَـتْ يَمِينـاً تَكْـذِبُ
تُغْــرِي بِطِيــبِ حَـدِيثِها وَكَلامِهـا
وَإِذا سـَطَتْ فَهِـيَ الثَّقِيـلُ الْأَشـْطَبُ
وَالْــقَ عَــدُوَّكَ بِالتَّحِيَّـةِ لا تَكُـنْ
مِنْــهُ زَمانَــكَ خائِفــاً تَتَرَقَّــبُ
وَاحْـذَرْهُ يَوْمـاً إِنْ أَتَى لَكَ باسِماً
فَــاللَّيْثُ يَبْـدُو نـابُهُ إِذْ يَغْضـَبُ
إِنَّ الْحَقُــودَ وَإِنْ تَقــادَمَ عَهْـدُهُ
فَالْحِقْـدُ بـاقٍ فِـي الصـُّدُورِ مُغَيَّبُ
وَإِذا الصــَّدِيقَ رَأَيْتَــهُ مُتَعَلِّقـاً
فَهُـــوَ الْعَــدُوُّ وَحَقُّــهُ يُتَجَنَّــبُ
لا خَيْــرَ فِــي وُدِّ امْــرِئٍ مُتَمَلِّـقٍ
حُلْــوِ اللِّســانِ وَقَلْبُــهُ يَتَلَّهَـبُ
يَلْقــاكَ يَحْلِــفُ إِنَّـهُ بِـكَ واثِـقٌ
وَإِذا تَـوارَى عَنْـكَ فَهْـوَ الْعَقْـرَبُ
يُعْطِيــكَ مِـنْ طَـرَفِ اللِّسـانِ حَلاوَةً
وَيَـرُوغُ مِنْـكَ كَمـا يَـرُوغُ الثَّعْلَبُ
وَاخْتَـرْ قَرِينَـكَ وَاصـْطَفِيهِ تَفاخُراً
إِنَّ الْقَرِيـنَ إِلَـى الْمُقـارَنِ يُنْسَبُ
إِنَّ الْغَنِــيَّ مِــنَ الرِّجـالِ مُكَـرَّمٌ
وَتَـراهُ يُرْجَـى مـا لَـدَيْهِ وَيُرْهَـبُ
وَيَبُــشُّ بِــالتَّرْحِيبِ عِنْـدَ قُـدُومِهِ
وَيُقـــامُ عِنْــدَ ســَلامِهِ وَيُقَــرَّبُ
وَالْفَقْــرُ شــَيْنٌ لِلرِّجــالِ فَـإِنَّهُ
يُـزْرِي بِـهِ الشـَّهْمُ الْأَدِيـبُ الْأَنْسَبُ
وَاخْفِــضْ جَناحَــكَ لِلْأَقـارِبِ كُلِّهِـمْ
بِتَـذَلُّلٍ وَاسـْمَحْ لَهُـمْ إِنْ أَذْنَبُـوا
وَدَعِ الْكَـذُوبَ فَلا يَكُـنْ لَـكَ صاحِباً
إِنَّ الْكَــــذُوبَ لَبِئْسَ خِلًّا يُصـــْحَبُ
وَذَرِ الْحَسـُودَ وَلَـوْ صـَفا لَـكَ مَرَّةً
أَبْعِــدْهُ عَــنْ رُؤْيـاكَ لا يُسـْتَجْلَبُ
وَزِنِ الْكَلامَ إِذا نَطَقْــتَ وَلا تَكُــنْ
ثَرْثــارَةً فِــي كُــلِّ نـادٍ تَخْطُـبُ
وَاحْفَـظْ لِسـانَكَ وَاحْتَـرِزْ مِنْ لَفْظِهِ
فَـالْمَرْءُ يَسـْلَمُ بِاللِّسـانِ وَيُعْطَـبُ
وَالســِّرَّ فَــاكْتُمْهُ وَلا تَنْطِـقْ بِـهِ
فَهُــوَ الْأَسـِيرُ لَـدَيْكَ إِذْ لا يُنْشـَبُ
وَاحْـرِصْ عَلَى حِفْظِ الْقُلُوبِ مِنَ الْأَذَى
فَرُجُوعُهــا بَعْـدَ التَّنـافُرِ يَصـْعُبُ
إِنَّ الْقُلُــوبَ إِذا تَنــافَرَ وُدُّهـا
شــِبْهُ الزُّجاجَـةِ كَسـْرُها لا يُشـْعَبُ
وَكَـذاكَ سـِرُّ الْمَـرْءِ إِنْ لَـمْ يَطْوِهِ
نَشــَرَتْهُ أَلْســِنَةٌ تَزِيــدُ وَتَكْـذِبُ
لا تَحْرِصــَنْ فَـالْحِرْصُ لَيْـسَ بِـزائِدٍ
فِي الرِّزْقِ بَل يُشْقِي الْحَرِيصَ وَيُتْعِبُ
وَيَظَـــلُّ مَلْهُوفــاً يَــرُومُ تَحَيُّلاً
وَالــرِّزْقُ لَيْــسَ بِحِيلَـةٍ يُسـْتَجْلَبُ
كَـمْ عـاجِزٍ فِـي النَّاسِ يُؤْتَى رِزْقَهُ
رَغَـــداً وَيُحْــرَمُ كَيِّــسٌ وَيُخَيَّــبُ
أَدِّ الْأَمانَــةَ وَالْخِيانَـةَ فَـاجْتَنِبْ
وَاعْـدِلْ وَلا تَظْلِـمْ يَطِيـبُ الْمَكْسـَبُ
وِإِذا بُلِيـتَ بِنَكْبَـةٍ فَاصـْبِرْ لَهـا
مَــنْ ذا رَأَيْــتَ مُسـَلِّماً لا يُنْكَـبُ
وَإِذا أَصــابَكَ فِــي زَمانِـكَ شـِدَّةٌ
وَأَصـابَكَ الْخَطْـبُ الْكَرِيـهُ الْأَصـْعَبُ
فَــادْعُ لِرَبِّــكَ إِنَّـهُ أَدْنَـى لِمَـنْ
يَـدْعُوهُ مِـنْ حَبْـلِ الْوَرِيـدِ وَأَقْرَبُ
كُـنْ مـا اسْتَطَعْتَ عَنِ الْأَنامِ بِمَعْزِلٍ
إِنَّ الْكَثِيـرَ مِـنَ الْـوَرَى لا يُصـْحَبُ
وَاجْعَـلْ جَلِيسـَكَ سـَيِّداً تَحْظَـى بِـهِ
حَبْـــرٌ لَبِيـــبٌ عاقِــلٌ مُتَــأَدِّبُ
وَاحْـذَرْ مِـنَ الْمَظْلُومِ سَهْماً صائِباً
وَاعْلَــمْ بِــأَنَّ دُعــاءَهُ لا يُحْجَـبُ
وَإِذا رَأَيْـتَ الـرِّزْقَ ضـاقَ بِبَلْـدَةٍ
وَخَشـِيتَ فِيهـا أَنْ يَضـِيقَ الْمَكْسـَبُ
فَارْحَـلْ فَـأَرضُ اللهِ واسِعَةُ الْفَضا
طُــولاً وَعَرْضــاً شـَرْقُها وَالْمَغْـرِبُ
فَلَقَـدْ نَصـَحْتُكَ إِنْ قَبِلْـتَ نَصـِيحَتِي
فَالنُّصـْحُ أَغْلَـى مـا يُبـاعُ وَيُوهَبُ
خُــذْها إِلَيْــكَ قَصــِيدَةً مَنْظُومَـةً
جـاءَتْ كَنَظْـمِ الـدُّرِّ بَـلْ هِيَ أَعْجَبُ
حِكَــــمٌ وَآدابٌ وَجُـــلُّ مَـــواعِظٍ
أَمْثالُهـا لِـذَوي الْبَصـائِرِ تُكْتَـبُ
فَاصــْغِ لِــوَعْظِ قَصــِيدَةٍ أَوْلاكَهـا
طَـوْدُ الْعُلُـومِ الشـَّامِخاتِ الْأَهْيَـبُ
أَعْنِــي عَلِيّــاً وَابْـنَ عَـمِّ مُحَمَّـدٍ
مَـنْ نـالَهُ الشـَّرَفُ الرَّفِيعُ الْأَنْسَبُ
يــا رَبِّ صـَلِّ عَلَـى النَّبِـيِّ وَآلِـهِ
عَــدَدَ الْخَلائِقِ حَصــْرُها لا يُحْســَبُ
عَليُّ بن أبي طالبِ بن عبد المطّلبِ الهاشميِّ القرشيِّ، أبو الحَسَن، أميرُ المؤمنينَ، ورابعُ الخلفاءِ الراشدينَ، وأحدُ العشرةِ المبشّرينَ بالجنّة، وابنُ عمِّ النبيِّ وصهرُه، وُلِدَ بمكَّةَ ورُبِّيَ في حِجْرِ النّبيِّ ولمْ يفارِقهُ، وكانَ اللّواءُ بيدِهِ في أكثرِ المشاهد. وُلِّيَ الخلافةَ بعدَ مقتلِ عثمانَ بنُ عفانَ سنة (35هـ)، وقامَت في عهدِهِ واقعةُ الجَمَل، وظفرَ عليٌّ فيها بعدَ أنْ بلغَ عددُ القتلى من الفريقينِ نحوَ عشرةِ آلافٍ، ثمّ كانتْ وقعةُ صفِّينَ سنة (37هـ) وسببُها أنَّ عليًّا عزلَ معاويةَ بن أبي سفيانَ عن ولايةِ الشّامِ يومَ تسلُّمِ الخلافةِ فعصاهُ معاويةُ فاقْتَتَلا مئةً وعشرةَ أيّامٍ قُتِلَ فيها من الفريقينِ نحو سبعينَ ألفًا، ثمّ كانتْ وقعةِ النّهروانِ بينَ عليٍّ ومن سَخِطَ عليهِ من الخوارج حينَ رَضِيَ بتحكيمِ أبي موسى الأشعريّ وعمرو بن العاص بينه وبين معاويةَ (38هـ) فتمكَّن الإمامُ عليٌّ منهم وقتلوا جميعًا وكانَ عددهم نحو 1800. أقام عليٌّ بالكوفةِ (دارِ خلافتِه) إلى أنْ قتَلَهُ عبدُ الرّحمنِ بن مُلْجِم غِيلةً سنة (40هـ) واخْتُلِفَ في مكانِ قبرِه فقيلَ بالنّجفِ وقيلَ بالكوفةِ وقيلَ في بلاد طيّئ. اشْتُهِرَ عليّ عند المسلمينَ بالفصاحةِ والحكمةِ، فيُنْسَبُ لهُ الكثيرُ من الأشعارِ والأقوالِ المأثورةِ. كما يُعدُّ رمزًا للشجاعةِ والقوّةِ ويتَّصفُ بالعدلِ والزُهدِ حسب الروايات الواردةِ في كتبِ الحديثِ والتاريخِ. كما يُعتبر من أكبرِ علماءِ عصره علمًا وفقهًا.