
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
ســَقَتني حُمَيَّــا الحُـبَّ راحَـةَ مُقلَـتي
وَكَأســي مُحَيَّـا مَـن عَـنِ الحُسـنِ جَلَّـتِ
فَــأَوهَمتُ صــَحبي أنَّ شــُربَ شــَرابهِم
بــهِ سـُرَّ سـِرِّي فـي انتِشـائي بنَظـرَةِ
وبالحَــدَقِ اسـتغنَيتُ عـن قَـدَحي ومِـن
شـــَمائِلِها لا مــن شــَموليَ نَشــوَتي
ففـي حـانِ سـُكري حـانَ شـُكري لِفِتيَـةٍ
بِهِـم تَـمَّ لـي كَتـمُ الهَـوَى مَعَ شُهرَتي
وَلَمَّـا انقضـى صـَحوي تَقاضـَيتُ وَصـلَها
وَلَـم يغشـَني فـي بَسـطِها قَبـضُ خَشـيَةِ
وَأَبثَثَتُهـا مـا بـي وَلَـم يَـكُ حاضـِري
رَقِيــبٌ لهــا حــاظٍ بخَلــوَةِ جَلـوَتي
وقُلـــتُ وحــالي بالصــبَّابَةِ شــاهدٌ
وَوَجــدي بهـا مـاحِيَّ والفَقـدُ مُثبِـتي
هَــبي قَبـلَ يُفنـي الحُـبُّ مِنِّـي بَقيَّـةً
أَراكِ بِهـــا لــي نَظــرَةَ المتَلَفِّــتِ
ومُنِّـي عَلـى سـَمعي بلَـن إن مَنَعـتِ أَن
أَراكِ فمِـــن قَبلـــي لِغيــرِيَ لــذَّتِ
فعِنـــدي لســـُكري فاقَـــةٌ لإِفاقَــةٍ
لَهــا كَبِـدي لَـولا الهَـوى لـم تُفتَّـتِ
وَلَـو أَنَّ مـا بـي بِالجِبـالِ وَكـانَ طُو
رُ ســِينا بهــا قبـلَ التَجلِّـي لـدُكَّتِ
هَــوى عَــبرَةٌ نَمَّــت بِـهِ وجَـوىً نَمَـت
بِـــهِ حُـــرَقٌ أدوَاؤُهـــا بِــيَ أودَتِ
فَطُوفــانُ نــوحٍ عنـدَ نَـوحي كَـأَدمُعي
وَإيقــادُ نِيــرانِ الخَليــلِ كلَوعَـتي
وَلَـــولا زَفيــري أَغرَقَتنــيَ أَدمُعــي
وَلَـــولا دُمــوعي أَحرَقَتنــيَ زَفرَتــي
وَحُزنـــي مــا يَعقــوبُ بَــثَّ أقلَّــهُ
وكُـــلُّ بِلــى أيُّــوبَ بعــضُ بلِيَّــتي
وآخِـرُ مـا لاقـى الأُلى عَشِقوا إلى الرْ
رَدَى بعــضُ مــا لاقيــتٌ أوَّلَ مِحنَــتي
فلَــو ســَمِعَت أذنُ الــدَّليلِ تَــأَوُّهي
لآلامِ أســـــقامٍ بِجِســــمي أضــــَرَّتِ
لَأَذكَـــرَهُ كَربـــي أَذى عَيــشِ أزمَــةٍ
بِمُنقطِعــي ركــبٍ إِذا العيــسُ زُمَّــتِ
وَقَــد بَــرَّحَ التَّبريـحُ بـي وَأَبـادَني
وَأَبــدى الضــَّنى مِنِّـي خَفِـيَّ حَقيقَتِـي
فنـادَمتُ فـي سـُكري النُحـولَ مُراقِـبي
بجُملَــةِ أَســراري وتَفصــيلِ ســِيرَتِي
ظَهَــرتُ لَــهُ وَصـفاً وَذاتـي بِحَيـثُ لا
يَراهـا لِبِلـوى مِـن جَـوى الحُـبِّ أَبلَتِ
فَأَبــدَت وَلَــم يَنطِـق لِسـاني لِسـمعِهِ
هَــواجِسُ نَفســي سـِرَّ مـا عَنـهُ أخفَـتِ
وظلَّــت لِفكــري أُذنُــهُ خَلَــداً بهـا
يــدورُ بِـه عـن رؤيَـةِ العيـنِ أغنَـتِ
فَــأَخبَرَ مَـن فـي الحـيَّ عَنِّـيَ ظـاهراً
بِبـاطِنِ أَمـري وَهُـوَ مـن أهـلِ خُـبرَتي
كَــأنَّ الكِــرَامَ الكَــاتِبينَ تَنَزَّلـوا
علـى قلبِـهِ وَحيـاً بمـا فـي صـَحيفَتي
ومَـا كـانَ يَـدري مـا أُجِـنُّ وما الَّذي
حَشــايَ مِــنَ الســِّرِّ المَصــُونِ أكنَّـتِ
وَكَشــفُ حِجـابِ الجسـمِ أبـرَزَ سـِرَّ مـا
بِــهِ كَـانَ مَسـتُوراً لَـه مِـن سـَريرَتِي
فَكُنــتُ بســِرِّي عَنـهُ فـي خُفيَـةٍ وَقَـد
خَفَتــهُ لِــوَهنٍ مــن نحــوليَ أنَّــتي
فَــأَظهَرني ســُقمٌ بِــهِ كُنــتُ خافيـاً
لَــهُ وَالهَــوى يَــأتي بِكُــلِّ غَريبَـةِ
وَأَفـــرطَ بـــي ضــُرٌّ تَلاشــَت لمَســِّهِ
أَحـــاديثُ نَفـــسٍ بالمَــدامِعِ نُمَّــتِ
فلـو هَـمَّ مَكـروهُ الـرَّدى بي لَما دَرى
مَكــاني وَمِــن إِخفــاءِ حُبَّـكِ خُفيَـتي
ومـا بيـنَ شـوقٍ واشـتياقٍ فَنِيـتُ فـي
تَـــوَلٍّ بحَظـــرٍ أو تَجَـــلٍّ بِحضـــرَةِ
فلــو لِفَنــائي مــن فِنـائِكَ رُدَّ لـي
فــؤاديَ لــم يرغَـب إلـى دارِ غُربَـةِ
وعُنــوانُ شــأني مــا أبُثَّــكِ بِعضـَهُ
ومــا تحتَــهُ إظهــارُهُ فـوقَ قُـدرتي
وأُمســِكُ عَجــزاً عَــن أُمــورٍ كَـثيرةِ
بنُطقِــيَ لَــن تُحصـى وَلَـو قُلـتُ قَلَّـتِ
شـِفائِيَ أَشـفى بـل قَضى الوَجدُ أَن قَضى
وبَــردُ غليلــي واحِــدٌ حَــرَّ غُلَّــتي
وبــاليَ أبلــى مِــن ثيــابِ تَجَلُّـدي
بـه الـذَّاتُ فـي الإعـدامِ نيطَـت بلَذَّةِ
فَلــو كَشــَفَ العُــوَّادُ بـي وتَحَقَّقُـوا
مـنَ اللَّـوحِ مـا مِنَّـي الصـَّبابةُ أبقَتِ
لمَــا شــاهَدَت منِّــي بَصـائِرهُم سـِوى
تخَلُّـــلِ رُوحٍ بيـــنَ أثـــوابِ مَيِّــتِ
وَمُنــذُ عَفـا رَسـمي وَهِمـتُ وهِمـتُ فـي
وُجــودي فَلَــم تَظفَـر بكَـونِيَ فِكرَتـي
وَبَعــدُ فَحــالي فيـكِ قـامَت بِنَفسـِها
وَبَيِّنَــتي فــي ســَبقِ روحــي بَنِيَّـتي
وَلَــم أَحـكِ فـي حُبِّيـكِ حـالي تَبرُّمـاً
بِهــا لاضــطِرابٍ بَـل لِتَنفِيـسِ كُربَـتي
ويَحســـُنُ إظهــارُ التَجلُّــدِ للعِــدى
ويقبُــحُ غَيــرُ العَجــزِ عنـدَ الأحِبَّـةِ
وَيَمنَعُنـــي شـــكوَايَ حُســنُ تَصــَبُّري
وَلَــو أَشــكُ لِلأَعـداءِ مـا بـي لأَشـكَتِ
وَعُقــبى اصـطِباري فـي هَـواكِ حمِيـدةٌ
عَلَيــكِ وَلَكِــن عَنــكِ غَيــرُ حَميــدَةِ
وَمـا حـلَّ بـي مـن مِحنَـةٍ فَهـوَ مِنحَـةٌ
وقــد ســَلِمَت مـن حَـلِّ عَقـدٍ عَزيمَـتي
وكُــلُّ أذىً فـي الحُـبِّ مِنـكِ إذا بَـدا
جَعَلــتُ لــهُ شــُكرِي مكــانَ شــَكِيَّتي
نَعَــم وَتَباريــحُ الصــَّبابَةِ إن عَـدَت
عَلَــيَّ مِـنَ النَّعمـاءِ فـي الحـبِّ عُـدَّتِ
وَمِنـــكِ شـــَقائي بَـــل بَلائِيَ مِنَّــةٌ
وفيــكِ لِبــاسُ البــؤسِ أسـبَغ نِعمَـةِ
أرانِــيَ مــا أُوليتُــهُ خيــرَ قِنيَـةٍ
قــديمُ وَلائي فيــكِ مــن شــَرّ فِتيَـةِ
فلاحٍ وواشٍ ذاك يُهــــــدي لِعـــــزَّةٍ
ضــَلالاً وذا بــي ظَــلَّ يَهــذِي لغِــرَّةِ
أُخـالِفُ ذا فـي لـومِهِ عـن تُقَـىً كمـا
أخــالِفُ ذا فــي لــؤمِهِ عــن تَقيَّـةِ
وَمَـا رَدَّ وَجهِـي عَـن سـَبيلِكِ هَـولُ مـا
لَقيـــتُ ولا ضـــَرَّاءُ فــي ذاكَ مَســَّتِ
وَلا حِلـمَ لـي فـي حَمـلِ ما فيكِ نالَني
يُـــؤدّي لحَمــدي أو لمَــدحِ مَــوَدّتِي
قضـى حُسـنُكِ الـدَّاعي إِليكِ احتِمالَ ما
قصَصــتُ وأَقصــى بَعــدَما بعـدَ قِصـَّتي
ومـــا هُــو إلَّا أَن ظَهَــرتِ لِنــاظِرِي
بأَكمَــلِ أَوصــافٍ علـى الحُسـنِ أَربَـتِ
فَحلَّيــتِ لـي البَلـوَى فَخلَّيـتِ بَينهـا
وبَينِــي فَكــانَت مِنــكِ أَجمـلَ حِليَـةِ
ومَــن يَتَحَـرَّش بِالجَمـالِ إِلـى الـرَّدى
رَأَى نَفســَهُ مــن أَنفَــس العَيـشِ رُدَّتِ
وَنَفـسٌ تَـرى فـي الحُـبِّ أن لا ترى عَناً
مَــتى مــا تَصــَدَّت للصــَّبابِة صــُدَّتِ
ومـــا ظفِــرَت بــالوُدِّ روحٌ مُراحَــةٌ
ولا بــالوَلا نَفــسٌ صــفا العيـشِ وَدَّتِ
وأَيـنَ الصـَّفا هَيهـات مـن عَيـشِ عاشِقٍ
وجَنَّـــةُ عَـــدنٍ بالمَكَـــارِهِ حُفَّـــتِ
ولـي نفـسُ حُـرٍّ لـو بـذَلتِ لهـا علـى
تَســَلّيكِ مـا فـوقَ المُنـى مـا تَسـلَّتِ
ولـو أُبعِـدَت بالصـَّدِّ والهجـرِ والقِلى
وقَطــعِ الرَّجـا عـن خُلَّتِـي مـا تَخلَّـتِ
وَعَـن مَـذهَبي فـي الحُـبِّ مـا لِيَ مذهَبٌ
وإن مِلــتُ يومـاً عنـهُ فـارَقتُ مِلَّتِـي
ولــو خطَــرَت لــي فـي سـِواكِ إرادةٌ
علــى خــاطري ســَهواً قضـيتُ بِرِدَّتِـي
لَـكِ الحُكـم في أَمري فما شِئتِ فَاصنَعي
فَلَــم تــكُ إلّا فيــكِ لا عَنـكِ رَغبَتِـي
ومُحكَــمِ عهــدٍ لــم يُخـامِرهُ بيننـا
تَخَيّـــلُ نَســـخٍ وهــوَ خيــرُ أَليَّــةِ
وأخـذِكِ ميثـاقَ الـوَلا حيـثُ لـم أَبِـن
بِمَظهَـرِ لَبـسِ النَفـسِ فـي فَيـءِ طِينَتي
وســابِقِ عَهــدٍ لـم يَحُـل مُـذ عَهِـدتُهُ
ولاحِــقِ عَقــدٍ جَــلَّ عــن حَــلِّ فَـترَةِ
ومَطلَـــعِ أَنـــوارٍ بطلعتِــكِ الَّــتي
لِبَهجَتِهـــا كــلُّ البُــدُورِ استســَرَّتِ
وَوصــفِ كمــالٍ فيــكِ أحســنُ صــورَةٍ
وأقوَمُهــا فـي الخَلـقِ مِنـهُ اسـتَمدَّتِ
ونَعـــتِ جَلالٍ منـــكِ يعـــذُبُ دونَــهُ
عــذابي وتحلــو عِنــدَهُ لـيَ قَتلَتِـي
وســـِرِّ جَمـــالٍ عنـــكِ كُــلُّ مَلاحَــةٍ
بِــه ظَهَــرَت فــي العــالمِين وتمَّـتِ
وحُسـنٍ بِـهِ تُسـبَى النُّهَـى دلَّنـي علـى
هَـــوىً حســُنَت فيــه لِعِــزِّكِ ذِلَّتِــي
وَمَعنــىً وَرَاء الحُســنِ فيــكِ شـَهِدتُهُ
بِــه دَقَّ عــن إدراكِ عَيــنِ بَصــِيرتِي
لأنــتِ مُنــى قَلــبي وغايَــةُ بُغيَتِـي
وأَقصــى مُــرادي واختِيـاري وحِيرَتـي
خَلَعــتُ عِــذاري واعتِــذَاري لابِـسَ ال
خَلاعَـــةِ مســروراً بِخَلعــي وخِلعَــتي
وخَلـعُ عِـذاري فيـكِ فَرضـي وإِن أَبىاق
تِرَابـــيَ قَـــومِي والخلاعَــةُ ســُنَّتي
وَلَيسـوا بِقَـومي مـا استعابوا تَهَتُّكي
فَأَبـدَوا قِلَـىً وَاستَحسـَنوا فيكِ جَفوَتي
وَأَهلـيَ فـي ديـن الهَـوى أَهلُـهُ وَقَـد
رَضـُوا لـيَ عـاري واسـتَطابوا فَضيحَتي
فَمَــن شــَاءَ فَليَغضــَب سـِواكِ ولا أَذىً
إِذا رضـــِيَت عَنِّــي كِــرامُ عَشــيرَتي
وإِن فَتَـــنَ النُّســّاكَ بعــضُ محاســِنٍ
لَــديكِ فكُــلٌّ مِنــكِ مَوضــعُ فِتنَــتي
وَمـا احـترتُ حَتَّـى اختَرتُ حُبِّيكِ مَذهباً
فَـواحَيرتي إِن لَـم تَكُـن فيـكِ خيرَتـي
فَقـالَت هَـوى غَيـري قصـَدتَ ودونَـهُ اق
تَصــَدتَ عَميّــاً عَــن ســواءِ مَحَجَّــتي
وَغَــرَّكَ حَتَّــى قُلــتَ مـا قُلـتَ لابِسـاً
بِــه شــَينَ مَيــنٍ لَبــسُ نَفـسٍ تَمَنَّـتِ
وَفــي أَنفَـسِ الأَوطـارِ أمسـَيتَ طامِعـاً
بِنَفـــسٍ تَعـــدَّت طَورَهـــا فتَعَـــدَّتِ
وَكَيـــفَ بِحُبِّــي وهــوَ أَحســَنُ خُلَّــةٍ
تَفــوزُ بِــدعوى وهــيَ أقبَــحُ خَلَّــةِ
وأيـنَ السـُّهى مِـن أكمَـهٍ عـن مُـرادِهِ
ســَهَا عَمَهــاً لكــن أمانيــكَ غَــرَّتِ
فقُمــتَ مقامــاً حُــطّ قَــدرُكَ دونَــهُ
علــى قــدَمٍ عَــن حَظِّهــا مـا تَخَطَّـتِ
ورُمــتَ مَرامــاً دونَــهُ كَـم تَطـاوَلَت
بأعناقِهَـــا قـــومٌ إليـــهِ فَجُــذَّتِ
أَتيـتَ بُيوتـاً لـم تنَـل مـن ظُهُورهـا
وأَبوابُهــا عــن قــرعِ مثلِــكَ سـُدَّتِ
وبيــنَ يــدَي نجــواك قَـدَّمتَ زُخرُفـاً
تـــرومُ بــهِ عِــزّاً مَرامِيــهِ عَــزَّتِ
وجئتَ بـــوَجهٍ أبيـــضٍ غيــرَ مُســقِطٍ
لِجَاهــكَ فــي دارَيــكَ خـاطِبَ صـَفوَتي
ولـو كنـتَ بـي مِـن نُقطَةِ الباء خَفضةً
رُفِعــتَ إلــى مـا لـم تَنَلـهُ بِحيلَـةِ
بحيــثُ تُــرى أن لا تَـرى مـا عَـدَدتَهُ
وأَنَّ الَّـــذي أعـــدَدتَهُ غيــرُ عُــدَّةِ
ونَهــجُ ســبيلي واضــِحٌ لِمَـنِ اهتـدَى
وَلَكِنَّهـــا الأهـــواءُ عَمَّــت فــأَعمَتِ
وقــد آنَ أَن أُبــدِي هـواكَ ومَـن بـهِ
ضــَنَاكَ بمــا يَنفــي ادِّعـاكَ محَبَّـتي
حَليــفُ غَــرامٍ أنــتَ لكِــن بنفســِهِ
وَإِبقــاكَ وصــفاً مِنــكَ بعـضُ أَدِلَّـتي
فَلـمْ تَهْـوَني مـا لـم تَكـنْ فيَّ فانِياً
ولـم تَفـنَ مـا لا تُجْتَلـى فيـكَ صورتي
فـدَعْ عنـكَ دَعـوى الحـبِّ وادعُ لِغيـرِهِ
فــؤادَكَ وادفَــعْ عنــكَ غَيَـكََ بـالَّتي
وجـانِبْ جنـابَ الوَصـْلِ هَيهـاتَ لَم يكُنْ
وهــا أنـتَ حـيٌّ إن تكـن صـادقاً مُـتِ
هُـو الحُـبُّ إِن لـم تَقضِ لم تَقضِ مأرَباً
مـنَ الحُـبِّ فـاخترْ ذاكَ أَو خَـلِّ خُلَّـتي
فقُلْــتُ لهــا روحــي لـديكِ وَقَبْضـُها
إليــكِ ومَــن لـي أن تكـونَ بقَبضـَتي
ومـا أَنا بالشَّاني الوفاةَ عَلى الهَوى
وشــأني الوَفـا تـأبى سـِوَاهُ سـَجِيَّتي
وَمــاذا عَسـى عَنِّـي يُقـالُ سـِوى قضـَى
فُلانٌ هَـوى مَـنْ لـي بـذا وهْـو بُغْيَـتي
أجَــلْ أَجَلــي أَرضـى إِنقِضـَاهُ صـَبَابَةً
ولا وصـــْلَ إن صــَحَّتْ لِحُبِّــكَ نِســبَتي
وَإِنْ لَــم أفُــزْ حَقّــاً إليـكِ بِنِسـْبَةٍ
لِعِزّتهــا حســبي افتِخــاراً بِتُهْمَــةِ
وَدونَ إِتِّهــامي إنْ قَضــَيْتُ أَسـىً فمـا
أَســـأتُ بِنَفْـــسٍ بالشـــَّهَادةِ ســُرَّتِ
ولـي منـكِ كـافٍ إن هَـدَرْتِ دمـي ولَـم
أُعَــدَّ شــهيداً عِلــمُ داعــي مَنِيَّـتي
ولـم تَسـْوَ روحـي فـي وِصـَالِكِ بَـذلَها
لَـــدَيّ لِبَــونٍ بَيْــنَ صــَونٍ وبِذْلَــةِ
وإِنِّـي إلـى التَّهديـدِ بِـالمَوتِ راكِـنٌ
ومِــن هَــولِهِ أركــانُ غيــري هُــدّتِ
ولـم تعسـِفي بالقَتْـلِ نفسـي بَـل لَها
بِــهِ تُسـْعِفِي إن أنـتِ أتلَفْـتِ مُهْجَتِـي
فـإنْ صـَحّ هـذا القـال مِنْـكِ رَفَعْتِنـي
وأعلَيْــتِ مِقــدارِي وأَغلَيْــتِ قِيمَتِـي
وهــا أنــا مُسـْتَدْعٍ قضـاكِ ومـا بـهِ
رِضـــَاكِ ولا أختــارُ تــأخيرَ مــدَّتِي
وعِيــدُكِ لــي وعــدٌ وإنجــازُهُ مُنـىً
ولِــيٍّ بغيــرِ البُعْـدِ إن يُـرْمَ يَثْبُـتِ
وقـد صـِرْتُ أرجـو مـا يُخـافُ فأسـعِدي
بِـــه روحَ مَيــتٍ للحيــاةِ اســتعدَّتِ
وبـي مَـنْ بهـا نافسـْتُ بالرّوحِ سالِكَاً
سـبيلَ الأُلـى قبلـي أَبَـوا غيرَ شِرْعَتِي
بكُــلِّ قَبِيــلٍ كــمْ قتيـلٍ بهـا قضـَى
أسـىً لـم يَفُـزْ يومـاً إِليهـا بِنَظـرةِ
وكـم فـي الـوَرَى مِثلـي أماتتْ صَبَابَةً
ولــوْ نَظــرتْ عطْفَــاً إليــهِ لأحْيَــتِ
إذا مـا أَحلَّـتْ فـي هواهـا دَمـي فَفي
ذُرَى العِــزّ والعلْيَــاءِ قَـدري أحلَّـتِ
لَعَمْــري وإن أتْلَفْــتُ عُمــري بِحُبِّهـا
رَبِحْـــتُ وإن أَبْلَـــتْ حشــايَ أَبَلَّــتِ
ذَلَلْـتُ لهـا فـي الحـيِّ حَتَّـى وَجَـدْتُنِي
وأدنَــى مَنــالٍ عنــدهم فـوقَ هِمَّـتي
وَأَخملنــي وهنــاً خُضـُوعي لهُـم فَلـم
يَرَونــي هوانــاً بــي محلّاً لِخــدمَتي
ومِــنْ دَرَجَــاتِ العِـزّ أمسـيْتُ مُخلِـداً
إلـى دَرَكَـاتِ الـذُّلِّ مـن بَعـدِ نخْـوَتي
فلا بــابَ لـي يُغشـى ولا جـاهَ يُرْتَجَـى
ولا جــارَ لــي يُحْمــى لفَقْـدِ حَمِيَّـتي
كَـأَنْ لـم أكُـنْ فيهِـمْ خطيراً وَلَمْ أزَل
لَــدَيْهِمْ حقيــراً فــي رَخــاءٍ وشـِدَّةِ
فَلَـو قيـلَ مَـن تَهـوى وصـرَّحتُ باسمِها
لَقيــلَ كنَــى أوْ مســَّهُ طيــفُ جِنَّــةِ
ولـو عَـزَّ فيها الذُّلُّ ما لذَّ لي الهَوى
ولـم تـكُ لـولا الحُـبُّ فـي الذلِّ عِزَّتي
فحــالي بِهــا حــالٍ بعقْــلِ مُــدَلَّهٍ
وصــــِحَّةِ مَجهــــودٍ وعِـــزِّ مذلَّـــةِ
أَســَرَّتْ تمَنِّـي حُبِّهـا النَفـسُ حَيـثُ لا
رقيـــب حِجــاً ســِرّاً لســِرِّي وخَصــَّتِ
فأشــفَقْتُ مِـن سـَيرِ الحـديثِ بِسـائِري
فتُعــرِبُ عــن ســِرِّي عِبــارةُ عَـبرَتي
يُغــالِطُ بَعضــي عنــهُ بَعضـي صـيانةً
ومَينــيَ فــي إخفــائِه صـِدْقُ لَهجَـتي
ولمَّـــا أبَـــتْ إظهــارَهُ لجــوانِحي
بَديهــةُ فِكــري صــُنتُهُ عــن رَوِّيَّـتي
وبـــالَغْتُ فـــي كِتمــانِه فنســِيتُهُ
وأُنســيتُ كَتمــي مــا إليــهِ أسـرَّتِ
فـإن أجـنِ مِـن غرْسِ المُنى ثمَرَ العنا
فَلِلَّـــهِ نَفــسٌ فــي مُناهــا تمَنَّــتِ
وأَحلـى أَمـاني الحُـبِّ للنَّفـسِ ما قَضَت
عَناهــا بــهِ مَــنْ أذكَرَتْهـا وأنسـَتِ
أَقــامتْ لهــا مِنِّــي علــيَّ مُراقِبـاً
خَــواطِرَ قَلــبي بــالهوى إن ألَمَّــتِ
فَـإنْ طَرَقـتْ سـرّاً مِـنَ الـوَهمِ خـاطِري
بِلا حــــاظِرٍ أطرَقْـــتُ إجلالَ هَيبَـــةِ
ويُطـــرَفُ طرْفــي إِن هَمَمْــتُ بِنَظــرَةٍ
وإن بُســِطَتْ كفِّــي إلـى البَسـطِ كُفَّـتِ
فَفــي كُــلِّ عُضــْوٍ فـيَّ إقـدامُ رغبَـةٍ
ومِــنْ هَيبــةِ الإِعظـامِ إحجـامُ رَهبَـةِ
لِفِـــيّ وســَمعي فِــيَّ آثــارُ زَحْمــةٍ
عليهــا بَــدَتْ عِنـدي كإيثـارِ رَحمَـةِ
لِسـانِيَ إن أبـدى إِذا مـا تَلا اسـمَها
لــهُ وصــفُهُ ســمْعي ومَـا صـَمَّ يَصـمُتِ
وأُذْنــيَ إن أهــدَى لِســانِيَ ذِكرهَــا
لِقلــبي ولــم يسـتَعبِدِ الصـَّمتَ صـُمَّتِ
أَغـــارُ عَلَيهــا أن أهيــمَ بحُبِّهــا
وأعـــرِفُ مِقــداري فــأُنكِرُ غَيرَتــي
فتُختَلـسُ الـرُّوحُ ارتياحـاً لهـا ومـا
أُبَـــرِّئُ نفســي مــن تَــوَهُّمِ مُنْيَــةِ
يَراهـا علـى بُعـدٍ عَـنِ العَيـنِ مسمَعي
بطَيْــــفِ مَلامٍ زائرٍ حيـــنَ يَقظَـــتي
فيغْبِــطُ طَرْفــي مسـمَعي عِنـدَ ذِكرهـا
وَتَحْســِدُ مــا أَفنتْــهُ مِنِّــي بَقِيَّـتي
أمَمْـتُ أَمـامي فـي الحَقيقَـةِ فَـالوَرى
وَرائي وكــانَت حَيــثُ وجَّهــتُ وِجهَـتي
يَراهــا إِمــامي فــي صـلاتيَ نـاظِري
وَيشـــهدُني قلـــبي أمــامَ أئِمَّــتي
ولاَ غــرْوُ إِنْ صــَلَّى الإِمــامُ إلـيَّ إِنْ
ثَـوَتْ فـي فـؤادي وهْـيَ قِبلـةُ قِبلـتي
وكُــلُّ الجِهــاتِ السـِّتِّ نَحـوي تَـوَجَّهتْ
بمــا تَــمَّ مــن نُســْكٍ وَحـجٍّ وعُمـرَةِ
لهــا صــَلَواتي بالمَقــامِ أُقِيمُهــا
وأشـــهَدُ فيهــا أنَّهــا لــيَ صــَلَّتِ
كِلانـــا مُصــَلٍّ واحِــدٌ ســاجِدٌ إلــى
حقيقتِــهِ بــالجمعِ فــي كُــلِّ سـجدَةِ
ومـا كـان لـي صـَلَّى سـِوايَ وَلَـم تَكُن
صــَلاتي لغَيــري فــي أدا كُـلِّ رَكعَـةِ
إِلـى كَـم أُواخـي السِّتْرَ ها قد هَتَكتُهُ
وحَـلُّ أُواخـي الحُجـبِ فـي عَقـدِ بَيْعَتي
مُنِحْــتُ وَلاهــا يـومَ لا يـوْمَ قبـل أَن
بـدَتْ عنـد أخْـذِ العهـدِ فـي أَوَّلِيَّـتي
فَنِلْـــتُ وَلاهـــا لا بِســـَمْعٍ ونــاظِرٍ
ولا بِاكتِســــــابٍ واجتِلاب جِبِلَّـــــةِ
وهِمـتُ بهـا فـي عـالَمِ الأمْـرِ حيثُ لا
ظُهــورٌ وكــانت نَشـوَتي قبـلَ نَشـأَتي
فَـأَفني الهَـوى مـا لم يكُنْ ثَمَّ باقِياً
هُنــا مــن صــِفاتٍ بينَنَـا فاضـمحلَّتِ
فــألفيْتُ مــا ألقَيــتُ عنِّـيَ صـادراً
إلــــيَّ ومنِّــــي وارِداً بمَزيـــدَتي
وشـاهدتُ نفسـي بالصـِّفاتِ الَّـتي بهـا
تحجَّبْــتِ عنِّــي فــي شـُهودي وحِجْبـتي
وإنّــي الَّــتي أحبَبْتُهــا لا مَحالَــةً
وكــانت لهــا نفْســي علـيَّ محيلَـتي
فَهَـامَتْ بهـا مـن حيْثُ لم تدرِ وهي في
شــُهودي بنفــس الأمْــرِ غيـر جَهولـةِ
وقـد آنَ لـي تفصـِيلُ مـا قُلـتُ مُجملاً
وإجمــالُ مــا فصـَّلْتُ بسـطاً لبَسـطتي
أفـــادَ اتِّخــاذي حُبَّهــا لاتّحادنــا
نــوادِرُ عــن عــادِ المُحبِّيــنَ شـَذَّتِ
يَشـي لـي بـيَ الواشـي إليهـا ولائِمي
عليهــا بهـا يُبْـدي لـديها نَصـيحتي
فأُوســِعُها شــكراً ومـا أسـلفَتْ قِلـىً
وتَمنحُنـــي بِـــرّاً لصــِدقِ المحبَّــةِ
تَقرَّبْـتُ بـالنَّفْسِ احتِسـاباً لهـا ولـمْ
أكــنْ راجيــاً عنهـا ثوابـاً فـأدنَتِ
وقــدَّمْتُ مــالي فــي مــآليَ عـاجلاً
ومــا إن عســاها أن تكـونَ مُنِيلـتي
وَخَلَّفْــتُ خَلفــي رؤيــتي ذاكَ مخلِصـاً
ولســـتُ بـــراضٍ أن تكــونَ مَطيَّــتي
ويمَّمنـــا بـــالفَقْرِ لكِــنْ بوَصــْفِهِ
غَنِيــتُ فــألقَيْتُ افتِقــاري وثروتـي
فــأثنَيتَ لـي إلقـاء فَقـريَ والغِنـى
فضـــيلةَ قَصــدي فــاطرّحْتُ فضــيلتي
فلاحَ فَلاحــي فــي اطّراحــي فأصــبحَتْ
ثَــوابي لا شــيْئاً ســِواها مُثِيبــتي
وظِلْــتُ بهــا لا بـي إليهـا أدُلّ مَـن
بِـه ضـَلّ عـن سـُبْل الهُـدى وهـيَ دَلّـتِ
فخَــلّ لهــا خلّــي مُــرادَكَ مُعْطِيــاً
قيــادَكَ مِــن نَفــسٍ بهــا مُطمئِنّــةِ
وأمْــسِ خليّـاً مـن حُظوظـك واسـمُ عـن
حضيضــِكَ واثُبــتْ بعــد ذلــك تنُبـتِ
وسـَدّدْ وقـارِبْ واعتصـِم واسـتقم لهـا
مُجيبــاً إليهــا عــن إنَابَـةِ مُخْبِـتِ
وعُـد مـن قريـب واسـتجب واجتنب غداً
أُشــَمّرُ عــن ســاقِ اجتِهــادٍ بنهضـَةِ
وكـن صـارماً كـالوقت فالمقتُ في عسى
وإيّـــاك عَلاّ فهْـــيَ أخطَـــرُ علّـــة
وقُـمْ فـي رِضـاها واسـْعَ غيـر مُحـاوِلٍ
نشـــاطاً ولا تُخلِـــدْ لعَجْــزٍ مُفَــوِّتِ
وسـِرْ زمنـاً وانهـض كسـيراً فحَظّـك ال
بَطالَــةُ مــا أخَّــرْتَ عزْمــاً لِصــِحّةِ
وَأقِـدمْ وقَـدّمْ مـا قعَـدْتَ لـهُ مـعَ ال
خوالِــف وَاخــرُجْ عـن قيـود التّلفّـتِ
وجُــذّ بسـيْف العَـزْم سـوفَ فـإن تجُـد
تجِــد نفَســاً فـالنفسُ إن جُـدتَ جَـدّتِ
وأقبِـلْ إليهـا وانحُهـا مُفلِسـاً فقـدْ
وصــيَتَ لِنُصــْحي إن قبِلــتَ نصــيحتي
فلــم يَــدْنُ منهـا موسـِرٌ باجتِهـادِهِ
وعنهــا بِــهِ لـم ينـأ مـؤثِرُ عُسـْرَةِ
بِـذَاك جَـرَى شـَرْطُ الهـوى بيـنَ أهلِـهِ
وطائفـــةٌ بالعَهْـــدِ أوفَــتْ فــوَفّت
مــتى عَصـَفَتْ ريـحُ الـوَلا قصـفَتَ أخـا
غَنــاء ولــو بــالفَقْرِ هَبّــتْ لَرَبّـت
وأغنــى يَميــنٍ باليَســارِ جزاؤهــا
مُـدى القطـع مـا للوصل في الحب مُدَّت
وأخلِـصْ لهـاواخلُص بهـاعن رُعونـة اف
تِقـــارِكَ مِــنْ أعْمــالِ بِــر تزكّــت
وعـادِ دواعـي القيلِ والقالِ وانجُ من
عَــوادي دعــاوٍ صــِدْقُها قصـْدُ سـُمْعة
فألســُنُ مَــنْ يُــدْعى بألســَنِ عـارِفٍ
وقــد عُبِــرَتْ كــل العِبــاراتِ كَلّـت
ومــا عنــه لـم تُفْصـحْ فإنّـك أهلُـهُ
وأنْــتَ غريــبٌ عنـه إن قلـتَ فاصـْمت
وفـي الصـمتِ سـمتٌ عنـده جـاهُ مسـكةٍ
غــدا عبْــدَه مــن ظنَّـه خيـرَ مُسـْكتِ
فكـن بصـِراً وانظُـرْ وَسـمعاً وعِـهْ وكن
لســاناً وقُـل فـالجَمْعُ أهـدى طريقَـةِ
ولا تتّبــعْ مــنْ ســَوّلَتْ نفســُهُ لَــهُ
فصـــارَتْ لـــه أمّـــارَةً واســتمرّتِ
وَدَعْ مـا عـداها واعـدُ نفسـَك فهي من
عِــداها وعُــذُ منهــا بأحصــَنِ جُنّـةِ
فنَفْســيَ كــانَتْ قبــلُ لَوّامَــةً مـتى
أطعْهـا عصـَت أو أعـصِ عنهـا مُطيعـتي
فأوْرَدْتُهَــا مـا المَـوْتُ أيْسـَرُ بَعْضـِهِ
وأتْعَبْتُهــا كيَمــا تكــونَ مُريحــتي
فعـــادتْ ومهمـــا حُمِّلَتْــهُ تحَمّلَــتْ
هُ مِنّـــي وإنْ خفّفّــتُ عنهــا تــأذَّتِ
وكَلّفْتُهـــا لا بــل كَفَلْــتُ قيامَهــا
بتكليفِهـــا حــتى كَلِفْــتُ بِكُلَفــتي
وأذْهَبْــتُ فــي تهــذيبِها كُــلّ لَـذّةٍ
بإبْعادِهــا عــن عادِهــا فاطمــأنّتِ
ولــم يَبْـقَ هـوْلٌ دونَهـا مـا ركِبْتُـهُ
وأشــهَدُ نفســي فيِــه غيــرَ زَكيّــةِ
وكـــلّ مقــام عــن ســُلوكٍ قطَعتُــهُ
عُبودِيّـــــةً حَقّقْتُهــــا بعُبــــودةِ
وصــرتُ بِهــا صـَبّا فلمّـا تركْـتُ مـا
أريـــدُ أرادَتْنـــي لهـــا وأحبّــتِ
فَصــِرْتُ حبيبــا بــل مُحِبّــا لِنَفْسـِهِ
وليــسَ كقَــولٍ مَــرّ نفســي حبيبـتي
خَرَجْــتُ بهـا عنـي إليهـا فلـم أعُـدْ
إلـــيَّ ومثلـــي لا يَقـــولُ بِرَجعَــةِ
وأفْــرَدْتُ نفســي عـن خُروجـي تكرمـاً
فلــم أرْضـهَا مـنْ بعـد ذاكَ لصـُحبَتي
وغَيّبْــتُ عـن إفـرادِ نفسـي بحيـثُ لا
يُزَاحِمُنـــي إبْــداءُ وَصــْفٍ بحَضــْرتي
وهـا أنـا أُبـدي فـي اتّحـاديَ مَبدَئي
وأُنْهـي انتِهـائي فـي تواضـُعِ رِفعـتي
جَلَــتْ فـي تَجَليّهـا الوجـودَ لِنـاظري
ففــي كُــلّ مَــرْئيٍ أراهــا برؤيَــةِ
وأشــهِدْت غَيــبي إذ بــدتْ فوجـدتُني
هُنَالِـــكَ إيّاهـــا بجَلــوَةِ خَلْــوتي
وطـاحَ وُجـودي فـي شـهودي وبِنْـتُ عـن
وُجــودِ شــُهودي ماحيــا غيـرَ مُثبِـت
وعـانقْتُ مـا شـاهدتُ فـي محْـوِ شاهدي
بمَشــهدِهِ للصــّحْوِ مــن بَعـد سـَكرتي
ففـي الصـّحوِ بعد المَحْوِ لم أكُ غيرَها
وذاتـــي بــذاتي إذ تحَلّــتْ تجَلّــتِ
فوَصـْفيَ إذ لـم تُـدْعَ بـاثنَين وصـفُها
وهيئتُهــا إذ واحــدٌ نحــنُ هيئَتــي
فــإن دُعيَـتْ كنـتُ المُجيـبَ وإن أكُـن
منــادىً أجــابَتْ مَــن دعـاني ولَبّـت
وإنْ نَطقَــتْ كنْـتُ المُنـاجي كـذاك إن
قَصَصـــْتُ حــديثا إنَّمــا هــي قَصــَتّ
فقــد رُفِعَــتْ تـاءُ المُخـاطَب بَينَنَـا
وفـي رَفعِهـا عـن فُرْقـة الفَرْقِ رِفْعَتي
فـإن لـم يُجَـوِّزْ رؤيَـةَ اثنَيـنِ واحدا
حِجــاكَ ولــم يُثْبِــتْ لبُعــدِ تثَبُّــتِ
ســـأجْلو إشـــاراتٍ عليـــكَ خَفِيَّــةً
بهـــا كعبـــاراتٍ لـــدَيكَ جَليَّـــةِ
وأُعْــربُ عنهــا مُغرِبـا حيـثُ لاتَ حـي
نَ لَبْـــسٍ بتَبْيــانَيْ ســَماعٍ ورؤيِــة
وأُثْبِــتُ بالبُرهــانِ قَــوليَ ضــاربا
مثـــالَ مُحِـــقٍّ والحقيقــةُ عُمْــدتي
بِمَتْبوعـةٍ يُنبيـكَ فـي الصـّرعِ غيرُهـا
علــى فَمِهــا فــي مَسـّها حيـثُ جُنّـتِ
ومِــنْ لُغَــةٍ تبــدو بِغَيــرِ لسـانها
عليـــهِ براهيـــنُ الأدلّـــةِ صـــَحّت
وفـي العِلـم حقـا أنّ مُبـدي غريبِ ما
سـمِعتَ سـواها وهْـي فـي الحُسـن أبدت
فلــو واحـدا امسـيْتَ اصـبحْتَ واجِـدا
مُنازَلــةً مــا قُلتُــهُ عــن حقيقــة
ولكـنْ علـى الشـّرْك الخفـيّ عكفْـتَ لو
عرَفــتَ بنَفــسٍ عـن هَـدي الحـق ضـلّت
وفــي حُبّــهِ مَــن عَــزّ توحيـدَ حِبّـهِ
فبالشــّرْكِ يَصــلى منِـهُ نـارَ قَطيعـةِ
ومـا شـانَ هذا الشأنَ منكَ سوى السّوى
ودعــواهُ حقّــاً عنـك إن تُمْـحَ تثُبـت
كـذا كُنـتُ حينـا قبلَ أن يُكشف الغطا
مــنَ اللَّبْــسِ لا أنفّــكُّ عــن ثَنوِيَّـة
اروحُ بفَقْــــدٍ بالشـــّهودِ مـــؤلِّفي
وأغْـــدو بوَجْــدٍ بــالوجودِ مُشــَتّتي
يُفرّقُنــي لُبّــي التِزامــا بمَحضــَري
ويَجمعُنــي ســَلْبي اصــْطلاماً بغيبـتي
أخـال حضيضـي الصـّحو والسـكر معرجي
إليهــا ومَحـوي مُنتَهـى قـابِ سـِدرتي
فلمّـا جلَـوْتُ الغَيـنَ عنّـي اجتَلَيْتُنـي
مُفيقــا ومنّـي العَيـنُ بـالعَين قَـرّتِ
ومِــن فــاقتي ســُكراً غَنيـتُ إفاقـةً
لـدى فَرْقـيَ الثَـاني فجَمْعـي كوَحْـدتي
فجاهــدْ تُشـاهدْ فيـكَ منـكَ وراءَ مـا
وصــَفْتُ ســُكوناً عــن وجُــودِ سـَكينَة
فمِــن بعـدما جاهـدتُ شـاهدتُ مَشـهَدي
وهــادِيّ لــي إيَّـايَ بـل بـيَ قُـدْرَتي
وبــي مــوْقِفي لا بــلْ إلــيَّ تَـوَجُّهي
كــذاكَ صــَلاتي لــي ومِنِّــيَ كَعْبــتي
فلاتَـــكُ مَفْتُونـــاً بحُســْنِكَ مُعْجبــاً
بنَفْســِكَ مَوْقوفــاً علــى لَبْــسِ غِـرة
وفــارقْ ضـَلالَ الفَـرْق فـالجَمْعُ مُنتـجٌ
هُـــدى فِرْقَـــةٍ بالاتّحَـــادِ تَحَـــدَّت
وصـــرّحْ بــاطْلاقِ الجَمــالِ ولا تَقُــل
بتَقْيِيِــــدِهِ مَيلاً لِزُخْــــرُفِ زِينَـــة
فكُــلّ مَليــحٍ حُســنُهُ مــنْ جَمالهــا
مُعــارٌ لــهُ بــل حُســْنُ كـلّ مَليحِـة
بهـا قَيـسُ لُبْنـى هـامَ بـل كـلّ عاشق
كَمجنـــون لَيلـــى أو كُثَيّــرِ عَــزَّة
فكُــلُّ صـَبا منهُـمْ إلـى وَصـْفِ لَبْسـِها
بصــورةِ حُســنِ لاحَ فــي حُســنِ صـورة
ومـــا ذاكَ إلاَّ أن بـــدَتْ بمَظـــاهِرٍ
فظَنُّــوا ســِواها وهــي فيهـا تجَلَّـتِ
بــدَتْ باحْتِجــابٍ واختَفَــتْ بمَظــاهر
علــى صـِبَغِ التَّلْـوينِ فـي كـلّ بَـرْزَةِ
ففــي النَّشــأةِ الأولــى تَـرَاءتْ لآدَمٍ
بمَظْهَــرِ حَــوَّا قبــل حُكــم الأمومـة
فهــامَ بهــا كَيمـا يكـونَ بِـه أبـاً
وَيَظْهَــرَ بــالزَّوْجَينِ حُكــم البُنــوَّة
وكــانَ ابتـدا حُـبِّ المَظـاهِرِ بعْضـَها
لبَعْــــضٍ ولا ضـــِدٌّ يُصـــَدّ بِبغْضـــَةِ
ومــا برِحَــتْ تَبْــدو وتَخْفَــى لِعلَّـةٍ
علــى حَســَبِ الأوْقـاتِ فـي كـلِّ حقْبَـةِ
وتَظْهَــرُ للعُشــَّاقِ فــي كــلّ مَظْهَــرٍ
مـن اللَّبْـسِ فـي أشـْكالِ حُسـنٍ بديعـة
ففــي مَــرَّةٍ لُبْنَــى وأخْــرى بُثَيْنَـة
وآوِنَــــةً تُــــدْعَى بعَـــزَّةَ عَـــزَّتِ
وَلَســـنَ ســِواها لا ولا كَــنَّ غَيرَهــا
ومـا إن لهـا فـي حُسـنها مـن شَريكةِ
كـــذاكَ بحُكْـــمِ الاتّحــادِ بحُســْنِها
كمــا لــي بَـدَتْ فـي غيرِهـا وتزَيَّـتِ
بــدوْتُ لهــا فــي كُــلّ صــَبٍ مُتَيَّـمٍ
بــــأيّ بــــديعٍ حُســـْنُهُ وبأيَّـــةِ
وَلَيســوا بغَيـري فـي الهـوَى لتَقَـدّمٍ
علــيَّ لِسـَبْقٍ فـي اللَّيـالي القَديمـةِ
ومـا القَـومُ غَيـري فـي هَواها وإنَّما
ظَهَــرْتُ لهــمْ لِلَّبْــسِ فــي كـل هيئَةِ
ففــي مَــرْةٍ قَيســاً وأخــرَى كُثَيّـراً
وآوِنَـــةً أبـــدو جَميـــلَ بُثَيْنَـــةِ
تجَلَّيْــتُ فيهـمْ ظـاهراً واحْتَجَبْـتُ بـا
طِنــاً بهــم فــاعْجَبْ لِكشــْف بسـُترة
وهُــنّ وهُــمْ لا وهْــنَ وهْــمٍ مَظــاهِرٌ
لنـــا بتَجَلِّينـــا بحـــبٍّ ونَضـــْرَة
فكُــلّ فَــتى حُـبٍّ أنـا هُـوَ وهـيَ حِـبْ
بُ كــلّ فَــتىً والكُــلّ أسـماءُ لُبْسـة
أســامٍ بِهــا كُنْــتُ المُسـمَّى حَقيقَـةً
وكنــتُ لــيَ البــادي بِنَفْــسٍ تخَفَّـت
ومــا زِلْـتُ إيَّاهـا وإيـايَ لَـم تَـزَلْ
ولا فَــرْقَ بــل ذاتِــي لـذاتي أحَبَّـتِ
وليـس معـي فـي الملك شيىءٌسِواي وال
مَعيَّــةُ لــم تخطُــرْ علــى ألْمَعِيَّــة
وهَـــذي يَــدي لا إنّ نَفْســي تَخَــوَّفَتْ
ســـِوَاي ولا غيـــري لخيــري تَرجَّــتِ
ولاذُلُّ إخمــــالٍ لِــــذِكري تـــوَقَّعَتْ
ولا عِـــز إقْبـــالٍ لِشـــكري تَــوَخَّت
ولكــنْ لِصــَدِّ الضـّدّ عـن طَعْنـهِ علـى
عُلا أوليـــاءِ المُنْجـــدينَ بنَجــدتي
رَجَعْـــتُ لأعمـــال العبــادةِ عــادَةً
واعـــدَدْتُ أحْـــوَالَ الإرادةِ عُـــدتي
وعُـدتُ بنُسـكي بعـد هتكـي وعُـدتُ مـن
خَلاعَـــةِ بَســـْطي لانْقبـــاضٍ بعفَّـــة
وصــُمْتُ نَهــارِي رغبــةً فــي مَثوبَـةٍ
واحْيَيْــتُ لَيلــي رَهبــةً مِـن عُقوبَـةِ
وعَمّـــرْتُ أَوْقَـــاتي بِــوِرْدٍ لِــوَارِدٍ
وَصـــمْتٍ لســـَمْت واعتكــاف لحرمــة
وبِنــتُ عــنِ الأوطــانِ هِجـران قـاطعٍ
مُواصــَلَةَ الإِخــوانِ واخــترتُ عُزْلـتي
وَدَقَّقْــتُ فِكــري فــي الحلالِ تَوَرُّعــاً
وراعَيــتُ فــي إصــْلاحِ قُــوتيَ قـوَّتي
وانفَقْــتُ مـن سـُتْر القَنَاعَـةِ راضـياً
مـنَ العيْـشِ فـي الـدنيا بأيسرِ بُلغة
وهَــذَّبتُ نفســي بالرياضــة ذاهبــاً
إلــى كشـفِ مـا حُجـبُ العـوائدِ غطَّـت
وجَــرَّدتُ فـي التجريـد عزْمـي تزَهُّـداً
وآثَــرْتُ فـي نُسـكي إسـتِجابةَ دَعـوتي
مـتى حِلْـتُ عـن قـولي أنا هيَ أو أقُلْ
وحاشــا لمثْلــي إنَّهــا فــيَّ حَلَّــتِ
ولَســـْتُ علــى غَيْــبٍ أُحيلُــكَ لا ولا
علــى مُســتحيلٍ مــوجبٍ سـَلْبَ حيلـتي
وكيــفَ وباســْمِ الحــق ظَــلَّ تحَقُّقـي
تكـــونُ أراجيــفُ الضــَّلالِ مُخيفَــتي
وهــا دِحيَــةٌ وافــى الأميـنَ نبيَّنـا
بصــورَتِه فــي بَــدءِ وَحْـيِ النّبـوءةِ
أجبريـلُ قُـلْ لـي كـان دِحيَـةُ إذ بدا
لِمُهْــدي الهُــدى فــي هيْئَةٍ بَشــَريَّة
وفــي عِلمِــه عــن حاضــريه مزِيَّــةٌ
بماهيّــةِ المَــرْئيّ مــن غيـرِ مِرْيـة
يَــرَى مَلَكــاً يــوحي إليــه وغيـرُهُ
يَـــرى رَجُلاً يُـــدْعَى لَــدَيْهِ بِصــُحبة
ولــي مِــن أتَــم الرّؤيَـتينِ إشـارةٌ
تُنَــزِّهُ عــن رأيِ الحُلــولِ عقيــدتي
وفـي الـذكرِ ذكـرُ اللَّبْـس ليسَ بمُنكرٍ
ولــم أعْــدُ عـن حُكمَـيْ كتـابٍ وسـُنَّة
مَنَحْتُــكَ علمــاً إن تُـرِدْ كشـفَه فـرِدْ
ســبيلِي واشـرَعْ فـي اتِّبـاعِ شـريعتي
فمَنْبــعُ صــدِّي مــن شــرابٍ نقيعُــهُ
لَــديَّ فــدَعْني مــن ســَرابٍ بقيعــة
ودُونَــكَ بحــراً خُضــْتُهُ وقَــف الأُلـى
بســـاحلهِ صـــَوناً لَمَوضــعِ حُرْمــتي
ولا تقْرَبــوا مــالَ اليــتيمِ إشـارةٌ
لكَـــفِّ يـــدٍ صــُدَّتْ لــه إذ تصــَدَّتِ
ومـا نـالَ شـيئاً منـهُ غيري سوى فتىً
علـى قَـدَمي في القبضِ والبسطِ ما فتي
فلا تَعْـشُ عـن آثـارِ سـَيريَ واخْـشَ غَـيْ
نَ إيثـار غَيـري واغـشَ عَيـنَ طريقـتي
فـؤادي وَلاهـا صـاحِ صـاحي الفؤادِ في
ولايــةِ أمــري داخــلٌ تحــتَ إمرتـي
ومُلْـكُ معـالي العشـقِ مُلكي وجندي ال
مَعـــاني وكُــلّ العاشــقينَ رعيَّتِــي
فـتى الحـبّ هـا قد بنتُ عنهُ بحُكم مَن
يَــراهُ حِجابــاً فـالهوى دونَ رُتبـتي
وجـاوزتُ حـدَّ العشـقِ فـالحبّ كـالقلى
وعــن شــأوِ مِعـراجِ اتِّحـاديَ رِحْلـتي
فطـبْ بـالهوى نفساً فقد سُدتَ أنفُس ال
عبــادِ مــنَ العُبَّــادِ فـي كُـلّ أُمَّـةِ
وفُـزْ بـالعُلى وافخَـرْ علـى ناسكٍ علا
بظـــاهرِ أعمـــالٍ ونَفْـــسٍ تزَكَّـــت
وجُــزْ مُثقَلاً لــو خَــفَّ طَــفَّ مُــوكَّلاً
بمَنقـــول أحكــام ومعقــولِ حكمــة
وحُــزْ بــالولا ميــراثَ أرفَـعِ عـارفٍ
غَــدا همُّــهُ إيثــارَ تــأثيرِ هِمَّــة
وتِــهْ سـاحباً بالسـُّحب أذيـالَ عاشـقٍ
بوَصــْلٍ علــى أعلــى المَجــرَّةِ جُـرَّتِ
وجُــلْ فــي فُنــونِ الاتحـادِ ولا تَحـدْ
إلــى فئةٍ فــي غَيـرِهِ العُمْـرَ أفنَـت
فواحــدُهُ الجَــمُّ الغفيـرُ ومَـن غـدا
هُ شـــِرْذِمة حُجَّـــتْ بـــأبلغِ حُجَّـــة
فمُّــتَّ بمَعنــاهُ وعــشْ فيـه أو فمُـتْ
مُعَنَّــاهُ واتْبَــعْ أُمَّــةً فيــهِ أمَّــتِ
فـأنتَ بهـذا المَجـدِ أجدَرُ من أخي اجْ
تهـــادٍ مُجِــدٍّ عــن رجــاءٍ وخيفــةِ
وغيــرُ عجيــبٍ هَــزُّ عطفَيْــكَ دونــهُ
بأهْنـــا وأنهـــى لـــذّةٍ ومســـرّةِ
وأوْصـافُ مـن تُعْـزَى إليـهِ كـمِ اصْطفتْ
مــن النــاسِ مَنْسـيّاً وأسـماهُ أسـمتِ
وأنــتَ علــى مــا أنـتَ عنِّـيَ نـازحٌ
وليـــسَ الثّرَيَّــا للثَّــرَى بِقَرينَــة
فطُــورُك قــد بُلّغتُــهُ وبَلَغــتَ فَــوْ
قَ طَــوركَ حيـث النَّفـسُ لـم تَـكُ ظُنَّـت
وحَــدُّكَ هــذا عنــدَهُ قـفْ فَعَنـه لـو
تقـــدَّمْتَ شـــيئاً لاحــترقتَ بجَــذوة
وقَــدري بحَيــث المـرْءُ يُغُبَـطُ دونَـهُ
ســُمُوّاً ولكــن فــوق قــدرِكَ غِبطـتي
وكُــلُّ الــوَرى أبْنــاءُ آدمَ غيـرَ أنْ
نِـي حُـزْتُ صـَحْوَ الجمـع من بين أخوتي
فســـَمْعي كَليمـــيٌّ وقلـــبي منَبَّــأ
بأحمَـــدَ رُؤيـــا مُقَلَـــةٍ أحْمَديَّــة
وروحــــيَ للأرواحِ روحٌ وكُـــلّ مـــا
تُـرى حَسـَناً فـي الكونِ من فَيض طينتي
فــذَرْ لـيَ مـا قبـلَ الظُّهـورِ عَرَفتُـهُ
خصوصـاً وبـي لَـم تَدْرِ في الذرّ رُفقتي
ولا تُســمني فيهـا مُريـداً فمَـن دُعـي
مُــراداً لهــا جَـذْباً فقيـرٌ لعصـمتي
وألْــغِ الكُنـى عنـي ولا تَلـغُ ألكنـاً
بِهــا فهـيَ مِـن آثـارِ صـيغةِ صـَنعتي
وعـن لَقَبي بالعارِفِ ارْجعْ فإنْ تَرَ التْ
تَنــابُزَ بالألقـابِ فـي الـذّكرِ تُمقَـت
فأصــغَرُ أتبــاعي علــى عيـنِ قَلبِـه
عَـــرائسُ أبكـــارِ المَعــارِفِ زُفَّــتِ
جَنـى ثَمَـرَ العرْفـانِ مـن فَـرْعِ فِطنَـة
زكـا باتّبـاعي وهـوَ مـن أصـلِ فطرَتي
فــإنْ سـيلَ عـن مَعنـىً أتَـى بغـرائبٍ
عـنِ الفَهـمِ جلَّـتْ بـل عـن الوَهم دقت
ولا تـــدعُني فيهـــا بنَعــتٍ مُقَــرَّبٍ
أراهُ بِحُكــمِ الجمــعِ فَــرْقَ جريــرَةِ
فوَصــليَ قَطعــي واقــترابي تَباعُـدي
ووُدّيَ صـــَدّي وإنتهـــائي بَـــداءتي
وفـي مَـن بِهـا وَرَّيـتُ عنِّـي ولـمْ أرِدْ
ســوايَ خلَعَـتُ اسـمي ورَسـمي وكُنيـتي
فســرْتُ إلـى مـا دونَـه وَقَـف الأُولـى
وضـــَلَّتْ عُقـــولٌ بـــالعوائدِ ضــَلَّتِ
فلا وَصـفَ لـي والوَصـفُ رسـمٌ كـذاكالاس
م وســمُ فــإن تَكنـي فكَـنّ أو انعـتِ
ومـن أنـا إياهـا إلـى حيـث لا إلـى
عَرجـــتُ وعطَّــرْتُ الوُجــودَ برَجعــتي
وعــن أنــا إيَّــايَ لِبــاطِن حكمَــةٍ
وظـــاهرِ أحكــام أقيمَــتْ لــدَعوتِي
فغايَــةُ مَجــذوبي إليهَــا ومُنتهَــى
مُراديــه مــا أسـلَفتُهُ قبـلَ توبـتي
ومنِّـــيَ أوْجُ الســـَّابقينَ بزَعمهـــمْ
حَضــيضُ ثــرى آثــارِ موضــعِ وطْـأتي
وآخــرُ مــا بَعــدَ الإِشـارةِ حيـثُ لا
ترقّــي ارتفــاعٍ وضــعُ أولِ خطــوتي
فماعـــــالم إلاّبفضــــلي عــــالمٌ
تمســـَّكتُ مــن طــهَ بــأوثَقِ عُــرْوَةِ
عليهـــا مَجـــازيٌ ســـَلامي فإنَّمــا
حقيقتُــــهُ مِنـــي إلـــيَّ تحيـــتي
وأطيَــبُ مــا فيهــا وَجَـدْتُ بمُبْتَـدا
غرامــي وقـد أبـدي بهـا كُـلَّ نَـذْرَةِ
ظُهــوري وقــد أخفَيـتُ حـالي مُنشـداً
بهــا طَرَبــاً والحــالُ غيــرُ خَفيَّـةِ
بَـدتْ فرأيـتُ الحَـزْمَ فـي نَقـصِ توبتي
وقـامَ بهـا عنـدَ النُّهَـى عُـذْرُ محنَتي
فمنهـا أمـاني مـن ضـَنى جَسـَدي بهـا
أمـــانيُّ آمـــالٍ ســَخَتْ ثُــمَّ شــَحَّتِ
وفيهــا تَلافـي الجسـمِ بالسـُّقمِ صـحةٌ
لـــهُ وتَلافُ النَّفــسِ نَفْــس الفُتُــوّةِ
ومَــوتي بهــا وَجْــداً حَيــاةٌ هنيئةٌ
وإن لـم أمـتْ فـي الحـبِّ عشـتُ بغُصـَّةِ
فيــا مُهجــتي ذوبــي جـوىً وصـَبابَةً
ويــا لوعَــتي كـوني كـذاكَ مُـذيبتي
ويـا نـارَ أحشـائي أقيمـي منَ الجوى
حنَايــا ضــلوعي فَهْــيَ غَيـرُ قويمـةِ
ويـا حُسـنَ صـبري فـي رِضـَى مَن أحبُّها
تجمّــلْ وكُـنْ للـدَّهرِ بـي غيـرَ مُشـمِت
ويــا جَلَــدي فـي جَنـبِ طاعـةِ حبِّهـا
تحَمَّــلْ عــداكَ الكَــلُّ كُــلَّ عظيمــة
ويـا جَسـدي المُضـنى تَسـَلّ عـنِ الشِّفا
ويــا كبِــدي مَـن لـي بـأنْ تَتَفَتّـتي
ويــا سـَقَمي لا تُبـقِ لـي رَمَقـاً فقَـدْ
أبَيْــتُ لبُقْيــا العِــزِّ ذُلَّ البَقِيَّــةِ
ويـا صـِحَّتي مـا كان من صحبتي انقضَى
ووصــلُكِ فــي الأحشـاء مَيتـاً كهِجـرَةِ
ويـا كـلَّ مـا أبقى الضَّنى منِّي ارتحِلْ
فمــا لــكَ مـأوًى فـي عِظـامٍ رَميمَـةِ
ويــا مـا عَسـى منِّـي أُنـاجِي توَهُّمـاً
بيــاءِ النِّــدا أُونِسـتُ منـكَ بوَحشـَة
وكــلُّ الــذي ترضـاه والمـوتُ دونَـه
بـــه أَنــا راضٍ والصــبابةُ أَرضــتِ
ونفســيَ لــمْ تَجْــزع بإتلافِهـا أسـىً
ولــوْ جزِعــتْ كــانتْ بغيــري تأسـَّتِ
وفـــي كُــلّ حــيٍّ كــل حــي كمَيّــتٍ
بهـا عنـدهُ قَتـلُ الهـوَى خيْـرُ موتَـةِ
تجَمَّعَــتِ الأهْــواءُ فيهــا فمـا تـرى
بهــا غيــرَ صـَبٍّ لا يـرى غيـرَ صـَبوَة
إذا ســَفَرَتْ فــي يـومِ عيـدٍ تزاحَمـتْ
علــى حُســنِها أبصــارُ كــلّ قبيلَـةِ
فــأرواحُهُمْ تصــْبو لمَعنــى جَمالِهـا
وأحــداقُهُمْ مــن حُسـنِها فـي حديقـة
وعنــديَ عيــدي كُــلَّ يــومٍ أرى بـه
جَمـــالَ مُحَيَّاهـــا بعَيـــنٍ قريــرةِ
وكُـلّ اللَّيـالي ليلـةُ القَـدْرِ إنْ دَنَتْ
كمــا كـلّ أيَّـامِ اللَّقـا يـومُ جُمعـة
وســَعيي لهــا حــجٌّ بــه كُـلّ وَقفـةٍ
علــى بابهـا قـد عـادَلَتْ كـلّ وَقفَـة
وأيّ بلادِ اللـــهِ حلَّــتْ بهــا فمــا
أراهــا وفـي عينـي حَلَـتْ غَيـرَ مكَّـة
وأيّ مكـــانٍ ضـــمَّها حَـــرَمٌ كـــذا
أرى كـــل دارٍ أوْطَنَـــتْ دارَ هِجــرَة
ومـــا ســكَنَتْهُ فهــوَ بيــتٌ مقــدَّسٌ
بقُــرَِّة عَينــي فيــهِ أحْشــايَ قَــرَّتِ
ومســـجِدِيَ الأقصــى مســاحبُ بُرْدهــا
وطيـــبي ثَــرَى أرضٍ عليهــا تمَشــَّت
مَـــواطنُ أفراحــي ومَرْبَــى مــآربي
وأطــوارُ أوطــاري ومــأمن خيفــتي
مَغـانٍ بهـا لـم يَـدخُلِ الـدَّهرُ بيننا
ولا كادنــا صــرْفُ الزَّمــانِ بفُرقَــة
ولا ســَعَتِ الأيَّــامُ فــي شــَتِّ شـَملنا
ولا حكَمَــتْ فينــا الليــالي بجفـوَة
ولا صـــبَّحَتْنا النائبـــاتُ بنَبـــوَةٍ
ولا حَـــدَّثتنا الحادثـــاتُ بنكبـــةِ
ولا شـــنَّع الواشـــي بصــدٍّ وهجــرةٍ
ولا أَرجـــفَ اللاحــي بــبينٍ وســلوةِ
ولا اسـتيقَظَتْ عَيـنُ الرَّقيـبِ ولـم تزَل
علـيَّ لهـا فـي الحُـبّ عينـي رقيبـتي
ولا اختُــصَّ وقــتٌ دونَ وقــتٍ بطَيبَــةٍ
بِهــا كــلّ أوقــاتي مواســِمُ لَــذة
نَهـــاري أصـــيلٌ كُلُّــه إنْ تنَســَّمَتْ
أوائلُـــهُ مِنهـــا بـــرَدّ تحِيَّـــتي
ولَيلـــيَ فيهـــا كُلُّـــهُ ســَحَرٌ إذا
ســَرَى لــيَ منهـا فيـه عَـرْفُ نُسـَيْمَةِ
وإن طرَقــــتْ لَيلاً فشــــَهرِيَ كلُّـــه
بهـا لَيلَـةُ القَـدرِ ابتِهاجـاً بـزَوْرة
وإنْ قَرُبَــــتْ داري فعـــامي كلُّـــهُ
ربيــعُ اعتِــدالٍ فــي ريـاضٍ أريضـَة
وإنْ رَضـــيَتْ عنـــي فعُمـــريَ كلُّــهُ
زمـانُ الصـِّبا طيبـاً وعصـرُ الشـبيبة
لَئنْ جَمَعــتْ شــملَ المحاســِن صــورةً
شــَهِدْتُ بهـا كُـلّ المَعـاني الدَّقيقـة
فقــدْ جَمَعَــتْ أحشــايَ كــلَّ صــَبَابَةٍ
بهــا وجــوىً يُنبيـكَ عـن كـلّ صـَبوَة
ولِـمْ لا أُبـاهي كُـلَّ مَـن يـدَّعي الهوى
بهــا وأُنـاهي فـي افتخـاري بحُظـوَةِ
وقـد نِلْـتُ منهـا فَـوْقَ ما كنتُ راجياً
ومـا لـم أكـنْ أمّلـتُ مـن قُرْبِ قُربَتي
وأرغَـمَ أنـفَ البَيـن لُطْـفُ اشـتِمالِها
علــيَّ بمــا يُرْبــي علـى كُـلّ مُنيَـة
بهــا مثلمَـا أمسـَيتُ أصـْبحتُ مُغرَمـاً
ومـا أصـْبحتْ فيـه مـن الحسـنِ أمسـت
فلـوْ منحـتْ كـلّ الـورى بعـضَ حُسـنها
خَلا يوســـُفٍ مـــا فـــاتَهُم بمَزِيَّــة
صــرَفتُ لهــا كُلّـي علـى يـدِ حُسـنِها
فضــاعَفَ لــي إحســانُها كُــلَّ وُصـْلَة
يُشـــاهِدُ منِّـــي حُســـنَها كُــلُّ ذَرَّةٍ
بهــا كُـلّ طَـرْفٍ جـالَ فـي كـلّ طَرْفـة
ويُثنــي عَليهــا فــيَّ كُــلّ لَطيفَــة
بكُــلّ لِســان طــالَ فــي كـلّ لفظَـة
وأنشـــَقُ رَيَّاهـــا بكُـــلِّ دقيقَـــة
بهــا كُــلّ أنــف ناشــِق كُــلّ هَبَّـةِ
ويَســمَعُ منِّــي لَفظَهــا كُــلُّ بِضــعَة
بهـــا كُـــلّ ســَمع ســامِع مُتَنَصــِّت
ويَلْثُــمُ منِّــي كُــلُّ جــزْء لِثَامَهــا
بكُــلّ فَــم فــي لَثْمِــهِ كــلُّ قُبْلَـة
فلــو بَســَطَتْ جســمي رأتْ كـلّ جـوْهر
بــهِ كــلّ قَلْــب فيــه كــلّ مَحَبَّــة
وأغـرَبُ مـا فيهـا اسـتَجَدتُ وجـادَ لي
بـه الفتـحُ كَشـفاً مُـذهِباً كـلّ رِيبَـة
شــُهودي بعَيــنِ الجمــع كـلَّ مخـالِفٍ
ولــــيَّ ائتِلافٍ صــــَدُّهُ كــــالموَدَّة
أحَبَّنـــيَ اللاَّحـــي وغـــارَ فلامَنــي
وهــامَ بهــا الواشـي فجـارَ برِقْبَـة
فشــُكري لِهــذا حاصــِلٌ حيــثُ بِرِّهـا
لِــذا واصــِلٌ والكُــلّ آثـارُ نِعمـتي
وغيـري علـى الاغيـارِ يُثنـي وللسـِّوى
ســِوايَ يُثنِّــي منــهُ عِطفـاً لِعَطفَـتي
وشــُكريَ لــي والبُــرّ مِنِّــيَ واصــِلٌ
إلـــيَّ ونفســي باتَّحــادي اســتَبَدَّت
وثَــمَّ أُمــورٌ تَــمَّ لـي كَشـفُ سـِتْرِها
بصـــَحوٍ مُفيــقٍ عــن ســِوايَ تغَطَّــت
وعَنِّــــيَ بالتَّلويـــحِ يَفْهَـــمُ ذائقٌ
غَنِـــيٌّ عـــن التصـــريحِ للمُتعَنِّــت
بهـا لـم يُبِحْ من لم يبح دمَهُ وفي الْ
إشــارَةِ مَعنًــى مــا العِبـارَةُ حَـدَّت
ومَبْــدأُ إبْــداها اللَّــذانِ تســَبَّبا
إلــى فُرْقـتي والجَمـعُ يَـأبَى تشـَتُّتي
هُمـا مَعَنـا فـي بـاطنِ الجَمـعِ واحـدٌ
وأرْبعــةٌ فــي ظــاهرِ الفَــرْقِ عُـدَّتِ
وإنِّــي وإيَّاهــا لَــذاتٌ ومَــن وشـى
بهــا وثَنــى عنهــا صــفاتٌ تبَــدَّتِ
فــذا مُظهِــرٌ للــرُّوحِ هــادٍ لأفقِهـا
شــُهوداً بــدا فــي صــيغةٍ معنوِيَـة
وذا مُظهِــرٌ للنَّفــس حــادٍ لرِفقِهــا
وُجــوداً غــدا فــي صــيغةٍ صــُوَريَّة
ومَــنْ عـرَفَ الأشـكالَ مِثْلـي لَـم يَشـبْ
هُ شـِرْكُ هُـدىً فـي رَفـع إشـكالِ شـُبهة
وذاتـــيَ باللَّــذَّاتِ خَصــَّتْ عَــوالِمي
بمجموعِهـــا إمـــدادَ جمــعٍ وعمَّــت
وجــادتْ ولا اســتعدادَ كَسـبٍ بفيضـِها
وقبــلَ التَّهَيِّــي للقَبــولِ اســتعدَّتِ
فبــالنَّفس أشــباحُ الوُجــودِ تنعَّمَـتْ
وبـــالرُّوحِ أرواحُ الشـــُّهودِ تهَنَّــت
وحــالُ شــُهودي بيــنَ ســاعٍ لأفقِــهِ
ولاحٍ مُــــراعٍ رفْقَــــهُ بالنَّصـــيحة
شــهيدٌ بحـالي فـي السـَّماعِ لجـاذبِي
قَضـــاءُ مَقَـــرِّي أو مَمَـــرُّ قضــيَّتي
ويُثبِــتُ نَفــيَ الإِلتِبــاسِ تطـابُقُ ال
مِثــالَينِ بـالخَمسِ الحـواسِ المُبينَـة
وبَيْــنَ يَــدَيْ مَرْمَـايَ دونَـكَ سـِرّ مـا
تلقَّتْــهُ منهــا النَّفـسُ سـِرّاً فـألقَت
إذا لاحَ معنــى الحُسـنِ فـي أيّ صـورةٍ
ونَــاح مُعَنَّــى الحُـزن فـي أَيّ سـورةِ
يشـــاهُدها فكـــري بطَــرْفِ تخَيُّلــي
ويســـمَعُها ذِكْــري بِمســْمَعِ فطنــتي
ويُحضـــِرُها للنَّفــسِ وَهْمــي تصــوّراً
فيحســَبُها فـي الحـسِّ فَهمـي نـديمتي
فــأعجَبُ مِــن ســُكري بغيــرِ مُدامَـةٍ
وأطــرَبُ فــي ســرِّي ومِنِّــيَ طرْبَــتي
فيرقُــصُ قَلــبي وارتِعــاشُ مفاصــِلي
يُصـــَفِّقُ كالشــادي وروحــيَ قَينَــتي
ومــا بَرِحَــتْ نفســي تَقـوّت بـالمُنى
وتمحــو القـوى بالضـُّعف حـتى تَقـوَّتِ
هُنَــاكَ وجَــدتُ الكائنــاتِ تحــالَفَتْ
علــى أنَّهــا والعَـوْنُ منِّـي معينـتي
ليجمَــعَ شــَملي كُــلُّ جارحَــةٍ بهــا
ويَشــمَلَ جَمَعــي كــلُّ مَنبِــتِ شــعرَة
ويخلَــعَ فينــا بَيننـا لُبْـسَ بينِنـا
علــى أنَّنــي لـم أُلفِـهِ غيـر أُلفَـة
تنبَّــهْ لِنَقْــلِ الحِـسَّ للنَّفـسِ راغبـاً
عـن الـدَّرس مـا أبـدَتْ بوَحي البديهة
لروحــيَ يُهـدي ذكْرُهـا الـرَّوْحَ كُلّمـا
ســَرَتْ ســَحَراً منهــا شــَمالٌ وَهَبَّــتِ
ويَلتــذُّ إنْ هــاجَتهُ ســَمَعيَ بالضـُّحى
علــــى وَرَقٍ وُرْقٌ شــــَدَتْ وتغنَّــــت
ويَنعَـــمُ طَرْفـــي إنْ رَوَتْــهُ عَشــيَّةً
لإِنســـْانِهِ عنهـــا بُـــروقٌ وأهْــدَتٍ
ويَمْنَحُــه ذَوقــي ولَمْسـيَ أَكْـؤس الـشْ
شــــَرابِ إذا ليلاً عَلَــــيَّ أُديـــرَتِ
ويــوحيه قلــبي للجوانــح باطنــاً
بظـــاهر مــا رســلُ الجــوارحِ أَدَّتِ
ويُحضـِرُني فـي الجمـع مَن باسمها شدا
فأنشــهَدُها عنــدَ الســِّماعِ بجُملـتي
فيَنحـو سـَماء النَّفحِ روحي ومظهري ال
مُســَوَّى بهــا يحْنــو لأتـرابِ تُرْبَـتي
فمِنِّـــيَ مَجـــذوبٌ إلَيهـــا وجــاذِبٌ
إليِــه ونَـزْعُ النَّـزْعِ فـي كـلّ جَذبَـة
ومـــا ذاكَ إلاَّ أَنَّ نَفســـي تَـــذَكَّرَتْ
حَقيقتهــا مِــن نَفســِها حيـنَ أوحـت
فحَنَّـتْ لتَجريـدِ الخطـاب بـبرْزَخ الـتْ
تُــــرابِ وكُــــلٌّ آخِـــذٌ بـــأزِمَّتي
ويُنبيـكَ عـن شـأني الوَليـدُ وإن نشا
بَليـــداً بإلهـــامٍ كــوَحيٍ وفِطنَــةٍ
إذا أنَّ مــن شــدَّ القِمـاط وحـنَّ فـي
نشــاطٍ إلــى تَفريــجِ إفـراطِ كُرْبـة
يُنــاغي فيُلغــى كُــلّ كَــلٍّ أصــابَهُ
ويُصـــغي لِمَــنْ ناغــاهُ كالمُتَنَصــِّتِ
ويَنســيهِ مُــرَّ الخَطــبِ حُلْـوُ خِطـابِه
ويُـــذكِرُهُ نَجْـــوى عهـــودٍ قديمــة
ويُعــرِبُ عــن حــالِ السـَّماعِ بحـالِه
فيُثبِــتُ للرَّقــصِ انتِفــاء النقيصـة
إذا هــامَ شـَوْقاً بالمُنـاغي وهَـمَّ أنْ
يَطيـــرَ إلـــى أوطـــانِهِ الأوَّلِيَّــة
يُســـَكَّنُ بالتَّحريـــكِ وهــو بمَهْــدِهِ
إذا مــا لــهُ أيــدي مُرَبِّيــهِ هَـزَّت
وجــدتُ بوَجــدٍ آخــذِي عنــد ذكرِهـا
بتَحـــبيرِ تــالٍ أو بألحــانِ صــَيَّت
كمـا يجـدُ المكـروبُ فـي نـزعِ نفسـِهِ
إذا مــا لــه رسـلُ المنايـا تـوفَّتِ
فواجــدُ كَــرْبٍ فــي ســياقٍ لفُرْقَــةٍ
كمَكـــروبٍ وَجْـــدِ لاشــتياق لرُفقــة
فـذا نفسـُهُ رَقَّـتْ إلـى مـا بَـدَتْ بِـه
وروحــي ترَقَّــتْ للمبــادي العَلِيَّــة
وبـــابُ تخَطّــيّ اتِّصــالي بحيــثُ لا
حِجــابَ وِصــالٍ عنــهُ روحــي ترَقَّــت
علــى أثَــري مَـن كـان يُـؤثِرُ قصـْدَهُ
كمِثلــيَ فَلْيَركَــبْ لــه صــِدْقَ عَزمـة
وكــمَ لُجَّــةٍ قــد خُضـْتُ قبـلَ ولـوجه
فَقيـرُ الغِنـى مـا بُـلّ مِنهـا بَنَغْبَـة
بمِـــرْآةِ قــولي إنْ عزَمــتَ أُريكَــة
فأصــْغِ لِمــا أُلقــي بســَمعِ بَصـِيرة
لَفَظــتُ مــن الأقــوالِ لَفظــيَ عِـبرَةً
وحَظِّــي مــن الأفعـالِ فـي كـلّ فَعْلـة
ولَحظــي علـى الأعمـالِ حُسـنُ ثَوابهـا
وحِفظــيَ للأحــوالِ مــن شــَينِ رِيبـة
ووعظــي بصـِدق القصـدِ إلقـاء مخلِـصٍ
ولَفْظـي اعتبـار اللَّفـظِ فـي كلّ قِسمَة
وقَلبِــيَ بَيْــتٌ فيــه أســكن دونَــهُ
ظُهُــورُ صــِفاتي عَنــهُ مــن حُجُبِيـتي
ومنهــا يَمينــي فــيَّ رُكــنٌ مُقَبَّــلٌ
ومـن قِبلَـتي للحُكـمِ فـي فـيّ قُبلَـتي
وحَــوْليَ بــالمَعنى طَــوافي حقيقــةً
وســَعيي لـوَجهي مـن صـفائي لمَرْوَتـي
وفــي حَـرَمٍ مـن بـاطني أمْـنُ ظـاهري
ومِــنْ حــولِهِ يُخشــى تخطُّــفُ جيرتـي
ونفســي بصــَومي عــن سـِوايَ تفَـرُّداً
زكــتْ وبفَضــلِ الفيــض عنِّــي زَكَّــت
وشـَفعُ وُجـودي فـي شـُهوديَ ظـلَّ في اتْ
تِحــاديَ وِتْــراً فــي تَيَقُّــظِ غَفـوَتي
وإســراءُ ســرِّي عــن خُصــوصِ حقيقـةٍ
إلــيَّ كَســَيري فــي عُمـومِ الشـريعةِ
ولـم ألـهُ بـاللاَّهوتِ عـن حُكـمِ مظهَري
ولــم أنـسَ بالنَّاسـوتِ مظهـرَ حِكمـتي
فعَنِّــي علـى النَّفـس العُقـودُ تحكَّمـت
ومنِّــي علــى الحِـسّ الحُـدودُ أُقيمـتِ
وقــد جـاءَني منِّـي رسـولٌ عليـه مـا
عَنِـــتُّ عزيــزٌ بــي حريــصٌ لرأفَــة
بحُكمــي مــن نَفســي عليهـا قَضـَيتُهُ
ولمــا تــوَلَّتْ أمرَهــا مــا تــولَّتِ
ومـن عهـد عهـدي قبـل عصـرِ عناصـري
إلــى دارِ بَعــثٍ قبـلَ إنـذارِ بَعثَـة
إلـــيَّ رَســولاً كُنــتُ منــيَ مُرْســَلاً
وذاتـــي بآيـــاتي علــيَّ اســتَدَلَّتِ
ولمـا نقَلـتُ النَّفـسَ مـن مُلـكِ أرضِها
بحكـمِ الشـِّرا منهـا إلـى مُلـكِ جَنَّـة
وقـد جاهـدتْ واستُشـهدتْ فـي سـبيلها
وفــازتْ ببُشــرَى بيعِهـا حيـنَ أوفَـت
سـَمتْ بـي لجَمعـي عـن خُلـودِ سـمائِها
ولـــــم أرْضَ إخلادي لأرضِ خليفــــتي
ولا فَلَـــكٌ إلاَّ ومـــن نــورِ بــاطِني
بِــه مَلَــكٌ يُهــدي الهُـدى بمَشـيئَتي
ولا قُطْــرَ إلاَّ حــلّ مِــن فيـض ظـاهري
بِــه قَطــرَةٌ عنهــا الســَّحائبُ سـَحَّت
ومـن مطلعـي النـورُ البَسـيطُ كلَمعـةٍ
ومِـن مشـرَعي البحـرُ المحيـطُ كقطـرَة
فكُلِّــــي لكُلِّـــي طـــالِبٌ مُتَـــوَجِّهٌ
وبعضـــي لبَعضـــي جــاذِبٌ بالأعِنَّــة
ومَـن كـان فـوق التَّحـت والفوْقُ تحته
إلـى وجهِـه الهـادي عَنَـتْ كـلُّ وِجهَـة
فتحـتُ الثَّـرَى فـوقُ الأثيـرِ لرَتْـقِ ما
فَتَقْــتُ وفَتـقُ الـرَّ تـقِ ظـاهرُ سـُنَّتي
ولا شـــبهَةٌ والجمـــعُ عيــنُ تَيَقُّــنٍ
ولا جِهَـــةٌ والأيـــنُ بَيـــنَ تَشــَتُّتي
ولا عِـــدَّةٌ والعَـــدّ كالحــدّ قــاطِعٌ
ولا مُـــدَّةٌ والحـــدّ شـــِرْكُ مـــوَقتِ
ولا نِـدّ فـي الـدَّارَينِ يقضـي بنَقْضِ ما
بَنيــتُ ويُمضــي أمــرُهُ حُكـمَ إمرَتـي
ولا ضـِدّ فـي الكَـونَينِ والخَلقُ ما ترى
بهِــمْ للتَّســاوي مـن تفـاوُتِ خِلقَـتي
ومنــي بــدا لــي مـا علـيَّ لَبِسـْتُهُ
وعنــي البَــوادي بــي إلـيَّ أُعيـدَتِ
وفـــي شــَهِدْتُ الســّاجدينَ لمَظهــري
فحَقّقْـــتُ أنـــي كُنــتُ آدمَ ســَجدَتي
وعـــايَنتُ روحانيّــة الارَضــِينَ فــي
مَلائِكِ عِليّيّــــنَ أكْفــــاء رُتْبَـــتي
ومـن أفقي الدّاني اجتَدى رِفْقيَ الهُدى
ومِـن فَرْقـيَ الثـاني بـدا جَمعُ وَحدَتي
وفــي صــَعقِ دَك الحِــسّ خَـرّت إفاقـةً
لـيَ النّفـسُ قبـلَ التّوبِـة المُوسـويّة
فلا أيـنَ بَعـدَ العيـنِ والسّكْرُ منه قد
أَفَقْــت وعيـن الغيـن بالصـّحوِ أصـْحَت
وآخِـــرُ مَحْــوٍ جــاءَ خَتمــي بعــدَهُ
كــــأوّل صـــَحْوٍ لارْتِســـامٍ بِعِـــدّة
وكيــفَ دُخــولي تحـتَ مِلكـي كأوْلِيَـا
ء مُلْكِــي وأتبــاعي وحزْبـي وشـيعتي
ومــأخوذُ محْـوِ الطَّمـسِ مَحقـاً وزنتْـهُ
بمَحــذوذِ صــحْوِ الحــسّ فَرقـاً بِكفَّـة
فنقطـةُ عيـنِ الغيـنِ عـن صحويَ انمحت
ويَقْظَــةُ عيــنِ العيــنِ محْـويَ ألغَـت
ومـا فاقِـدٌ بالصـّحوِ فـي المَحوِ واحدٌ
لتَلْــــوِيِنِه أهلاً لِتَمْكِيْـــنِ زُلْفَـــة
تَســاوَى النّشـاوى والصـُّحاةُ لِنَعتِهِـمْ
بِرَســـْمِ حُضـــورٍ أو بوَســْمِ حظيــرة
ولَيسـوا بقَـوْمِي مَـن عَلَيْهِـمْ تعـاقبَتْ
صـــِفَاتُ التِبَــاسٍ أو ســِماتُ بقيّــة
ومَـن لـم يـرِث عنّـي الكَمَـالَ فنـاقصٌ
علــى عَقِبَيْــهِ نــاكِصٌ فـي العُقوبـة
ومــا فــيّ مــا يُفضـي للَبْـسِ بقيّـةٍ
ولا فَيـــءَ لــي يَقضــي علــيّ بفَيئَة
ومــاذا عَسـى يَلْقـى جَنـانٌ ومـا بِـهِ
يفُــوهُ لِســانٌ بيــنَ وَحْــيٍ وصــيغَة
تعــانَقتِ الأطــرافُ عنــديَ وانطــوى
بِســاطُ الســِّوى عـدلاً بحُكـم السـويَّة
وعــادَ وُجــودي فـي فَنـا ثَنَوِيَّـةِ ال
وُجــودِ شــُهوداً فــي بَقَــا أحَديَّــة
فمــا فَــوْقَ طَـوْرِ العقْـلِ أوّل فَيضـةٍ
كمــا تحـتَ طُـورِ النّقْـلِ آخـر قَبضـَة
لــذلك عَــن تفضــيلِهِ وهْــوَ أهلُــهُ
نَهانَـا علـى ذي النّـونِ خيـرُ البرِيّة
أشــَرْتُ بمـا تُعطـي العِبَـارَةُ والـذي
تَغَطَّـــى فقَـــدْ أَوْضـــحْتُهُ بلَطِيفِــة
ولَيْـسَ ألَسـتُ الأمـسِ غَيْـراً لِمـنْ غـدا
وجِنحــي غــدا صـُبحي ويـوميَ لَيْلَتِـي
وســـِرُّ بَلــى للــه مِــرْآةُ كَشــْفهَا
وإثْبَـاتُ مَعنـى الجَمْـعِ نَفْـيُ المَعيّـة
فلا ظُلَـــمٌ تَغشــَى ولاَ ظُلــمَ يُخْتَشــى
ونِعْمَــةُ نــوري أطفـأتْ نـارَ نَقْمَـتي
ولا وَقـــت إلاّ حيــثُ لا وقــتَ حاســِبٌ
وُجــودَ وُجــودي مــن حِســاب الأهلّـة
ومسـجونُ حَصـْرِ العَصـرِ لـم يرَ ما وَرا
ءَ ســـجِيّتِهِ فـــي الجَنَّــةِ الأبَدِيّــة
فـبي دارتِ الافلاكُ فـاعجبْ لقُطْبِهـا ال
مُحيــطِ بهــا والقُطــبُ مركـزُ نُقطَـة
ولا قُطْـــبَ قَبلــي عــن ثلاثٍ خَلَفتُــهُ
وقُطْبِيّـــةُ الأوتـــادِ عـــن بَدَليّــة
فلا تَعْـدُ خَطّـي المُسـْتَقِيمَ فإنّ في الزْ
زَوايــا خبَايـا فـانتَهِزْ خَيـرَ فُرْصـَة
فعَنّـي بَـدا فـي الـذّرّ فـيّ الوَلا وَلي
لِبَـــانُ ثُـــدِيّ الجَمْـــعِ مِنّــيَ دَرّت
وأَعجَــبُ مــا فيهــا شـَهِدْتُ فراعَنـي
ومـن نفث روح القدس في الرّوع روعتي
وقــد أشــهَدَتني حُسـنها فشـُدِهْتُ عـن
حِجـــاي ولــم أُثبِــتْ حِلايَ لدَهْشــَتِي
ذَهَلْــتُ بهــا عنّــي بحيــثُ ظَنَنْتُنـي
ســِوَايَ ولــم أقْصــِدْ ســَواء مَظِنّـتي
ودَلّهنــي فيهــا ذُهُــولي فلـم أُفِـقْ
عَلــيّ ولــم أَقــفُ التِماسـي بِظِنّـتي
فأصــبحْتُ فيهــا والِهـاً لاهيـاً بِهـا
ومَــن وَلّهــتْ شـُغلاً بهـا عنـهُ ألهَـت
وعــن شــُغُلي عنّـي شـُغِلْتُ فَلَـوْ بهـا
قضــيتُ ردىً مــا كنـتُ أدري بنُقلـتي
ومِـن مُلَحِ الوجدِ المُدلِّهِ في الهوى ال
مُــوَلّه عقلــي ســَبْيُ ســَلْبٍ كغَفْلَـتي
أُســائِلُها عنّــي إذا مــا لقيتُهــا
ومِــن حيــثُ أهـدَتْ لـي هُـداي أضـلّت
وأطلُبُهــا منّــي وعِنــديَ لــم تـزَلْ
عجبــتُ لهـا بـي كيـف عنّـي اسـَتَجَنّت
ومــا زِلْـتُ فـي نفسـي بهـا مُتَـرَدّداً
لنَشـــْوَةِ حِســّي والمَحَاســِنُ خمْرَتــي
أُســافِرُ عــن عِلْــمِ اليقيـنِ لِعَيْنـه
إلــى حقّــه حيــثُ الحقيقـةُ رِحْلـتي
وأنشـــُدُني عنـــي لأُرْشـــِدَني علــى
لســاني إلـى مُسْتَرشـِدِي عنـدَ نَشـدَتي
وأسـألُني رَفْعـي الحِجـابَ بكَشـْفِي النْ
نقــابَ وبــي كــانتْ إلــيّ وسـيلَتي
وأنظُــرُ فــي مِــرآةِ حُسـنِي كـي أَرَى
جَمــالَ وُجــودي فــي شـُهوديَ طَلعَتِـي
فـإن فُهـتُ باسـْمي أُصـغِ نحـوي تشوّقاً
إلــى مُســمِعي ذِكـري بنُطقـي وأُنصـِت
وأُلصــِقُ بالأحشــاءِ كَفّــي عســايَ أن
أُعانِقَهــا فــي وَضــْعِها عنـد ضـَمّتي
وأهْفـــو لأنفاســـي لعَلّــيَ واجِــدي
بهــا مُســتجيزاً أنّهــا بــيَ مَــرّتِ
إلــى أن بَــدا منّــي لِعَيْنِـيَ بـارقٌ
وبــانَ ســَنا فجــري وبـانت دُجنّـتي
هنـاكَ إلـى مـا أحجـمَ العقـلُ دونَـهُ
وصــَلْتُ وبــي منّـي اتّصـالي ووُصـْلتي
فأســفَرْتُ بِشــراً إذ بلَغْـتُ إلـيّ عـن
يَقيــنٍ يَقينــي شــدَّ رَحــل لِسـَفْرَتي
وأَرْشــَدْتُنِي إذ كنــتُ عنّــيَ ناشــدي
إلــيّ ونفســي بــي علــيّ دَليلَــتي
وأســتارُ لَبْــسِ الحِـسّ لمـا كشـَفْتُها
وكــانتْ لهــا أســرارُ حُكمـيَ أَرْخَـت
رَفعـتُ حِجـاب النّفـسِ عنها بكشفيَ النْ
نِقــابَ فكــانت عـن سـؤالي مُجيبـتي
وكنــتُ جِلا مِــرآةِ ذاتــيَ مِــن صـَدا
صـــِفاتي ومنـــي أُحـــدِقَتْ بأشــِعّة
وأشــهدُني إيّــايَ إذ لا ســِواي فــي
شـــُهوديَ موجـــودٌ فيَقضــي بزحمــة
وأســمَعُني فــي ذكـريَ اسـميَ ذاكـري
ونفســي بنَفْــيِ الحـس أصـغَتْ وأسـمَت
وعــانقْتُني لا بــالتِزَامِ جـوارحي ال
جوانِـــحَ لَكِنّـــي اعتنقْــت هــوِيّتِي
وأوجَـــدْتُني روحـــي وروح تَنَفّســـي
يُعَطّـــرُ أنفــاسَ العــبيرِ المُفتــت
وعــن شــِرْكِ وصـَفِ الحـسّ كُلّـي منـزه
وفــيٌّ وقــد وحّــدْتُ ذاتــيَ نُزهــتي
ومَــدْحُ صــِفَاتي بــي يُوَفّــقُ مـادِحي
لحَمْــدي ومــدْحي بالصــفات مــذَمّتي
فشــاهِدُ وصــفي بـي جَليسـي وشـاهدي
بــه لاحتِجَــابي لــن يَحِــلّ بِحِلّــتي
وبــي ذِكْــرُ أســمائي تيَقّــظُ رُؤيَـةٍ
وذِكــرِي بهــا رُؤيــا تَوَسـُّن هجْعَـتي
كــذاكَ بِفعلــي عــارِفي بــيَ جاهـلٌ
وعـــارِفُهُ بـــي عــارِفٌ بالحقيقــة
فخُــذْ عِلـمَ أعلامِ الصـفاتِ بِظـاهرِ ال
مَعَــالمِ مِــنْ نَفــسٍ بــذاكَ عليمَــة
وفَهْـمُ أسـامي الـذّاتِ عنها بباطنِ ال
عَـــوَالم ومــن روحٍ بــذاكَ مُشــيرَة
ظُهــورُ صــِفاتي عـن اسـامي جـوارحي
مجــازاً بهــا للحكــمِ نفسـي تسـَمّت
رُقُــومُ عُلُــومٍ فــي ســُتُورِ هياكِــلٍ
علـى مـا وراءَ الحـسّ فـي النّفس ورَّت
وأســماءُ ذاتــي عـن صـِفَاتِ جـوانحي
جَــوازاً لأســرارٍ بهــا الـرّوحُ سـُرّتِ
رمُــوزُ كُنُــوزٍ عــن معــاني إشـارةٍ
بمكنــونِ مــا تُخفـي السـرائِرُ حُفّـتِ
وآثارُهـــا بالعـــالمين بِعِلْمِهـــا
وعنهــا بهــا الأكــوانُ غيـرُ غَنِيّـة
وُجُــودُ اقتِنَــا ذِكْــرٍ بأيْــدِ تَحَكّـمٍ
شــهودُ اجتِنَــا شــُكْرٍ بأيْـدٍ عميمَـة
مظــاهِرُ لـي فيهـا بَـدَوْتُ ولـم أكـنْ
عَلَــيّ بخــافٍ قبــلَ مَــوطِنِ بَرْزتــي
فلفْـــظٌ وكُلّــي بــي لِســانٌ مُحــدِّثٌ
ولحــظٌ وكُلّــي فــيّ عَيــنٌ لِعَــبرَتي
وســَمْعٌ وكُلّـي بالنّـدى أسـمعُ النِّـدا
وكُلّــيَ فــي رَدّ الــرّدى يــدُ قُــوّة
معـاني صـِفَاتٍ مـا وَرا اللَّبـسِ أُثْبِتَتْ
وأَســْماءُ ذاتٍ مــا رَوى الحــسُّ بَثّـت
فتصــرفُها مِــنْ حــافِظِ العَهْـدِ أوّلاً
بنَفـــسٍ عليهـــا بــالوَلاءِ حفيظَــة
شـــوادي مُباهـــاةٍ هــوادي تنَبُّــهٍ
بَـــوادي فُكاهـــاتٍ غَــوادي رَجِيّــة
وتوقيفُهــا مـن مَوثِـقِ العَهـدِ آخـراً
بنفـــسٍ عـــل عِــزّ الإِبــاءِ أبيّــة
جـــواهرُ أنبـــاء زواهـــرُ وُصــْلَةٍ
طـــواهرُ أبنـــاء قـــواهرُ صــَولَة
وتَعرِفُهــا مِـن قاصـِد الحَـزْم ظـاهراً
ســـَجِيّةُ نفـــسٍ بـــالوجودِ ســـخيّة
مَثـــاني مُناجــاةٍ معــاني نباهَــةٍ
مغـــاني مُحاجـــاةٍ مَبــاني قَضــيّة
وتَشـريفُها مـن صـادِقِ العـزمِ باطنـاً
إنابَـــةُ نفـــسٍ بالشـــّهود رضــيّة
نجـــائِبُ آيَـــاتٍ غـــرائبُ نُزهَـــةٍ
رغـــائبُ غايـــاتٍ كتـــائِبُ نَجْــدَة
فللَّبْــسِ منهــا بــالتَعَلّقِ فـي مَقـا
مِ الإســلامِ عــن أحكــامِهِ الحِكَميَّــة
عقـــائقُ إحكـــامٍ دقـــائقُ حِكْمَــةٍ
حقـــائقُ إحكـــامٍ رقـــائقُ بَســْطَة
ولِلْحٍــسّ منهــا بــالتحقّقِ فـي مقـا
مِ الإيمــانِ عــن أعْلامِــهِ العَمليّــة
صـــوامِعُ أَذْكَـــارٍ لوامـــعُ فِكْــرَةٍ
جوامِــــعُ آثـــار قوامـــعُ عِـــزَّة
وللنّفــسِ منهــا بـالتخلّقِ فـي مَقـا
مِ الإِحْســَانِ عــن أنبــائِه النَبويّـة
لطـــائفُ أخبـــارٍ وظـــائفُ مِنْحَــةٍ
صــــحائِفُ أحبــــارٍ خلائفُ حِســــْبة
وللجَمــعِ مــن مَبْـدَا كأنّـك وانتهـى
فــإن لــم تكُـنْ عـن آيَـةِ النظريّـة
غُيُـــوثُ انفعـــالات بُعـــوثُ تنَــزّهٍ
حُـــدوثُ اتصـــالات لُيـــوثُ كتيبــة
فمرجِعُهــا للحِــسّ فـي عـالمِ الشـها
دةِ المُجْتَـدِي مـا النفـسُ منّـي أَحسـّت
فُصـــُولُ عِبـــاراتٍ وُصـــولُ تحيّـــةٍ
حُصـــولُ إشـــاراتٍ أُصـــولُ عطيّـــة
ومطلِعُهـا فـي عـالَمِ الغيْـبِ مـا وَجَدْ
تُ مِــنْ نِعَــمٍ منــى علــيّ اســتجدّت
بشـــائِرُ إقـــرارٍ بصـــائرُ عَــبرَةٍ
ســـرائرُ آثـــارٍ ذخـــائِرُ دعْـــوَة
وموضــِعُها فــي عـالمِ المَلَكـوتِ مـا
خُصِصــْتُ مــن الإِسـرا بـة دون أُسـرتي
مـــدارسُ تنزيـــلٍ مَحـــارسُ غِبْطَــةٍ
مغـــارِسُ تأويـــل فـــوارِسُ مِنعَــة
وموقِعُهَــا مــن عـالَمِ الجَـبروتِ مِـن
مشـــارقِ فتـــحٍ للبصـــائِرِ مُبْهِــت
أرائِكُ توحيــــدٍ مــــدارِكُ زُلْفَـــةٍ
مســــالكُ تجميــــدٍ ملائكُ نُصــــْرَة
ومنبَعُهــا بــالفَيْضِ فــي كـلّ عـالَمٍ
لِفَاقَـــةِ نفْـــسٍ بالإِفاقَـــةِ أثْــرَت
فــــوائدُ إلهــــامٍ روائدُ نِعمَـــة
عـــوائِدُ إنعـــام مـــوائدُ نِعمــة
ويجـري بمـا تُعطِـي الطريقـةُ سـائري
علـى نَهـجِ مـا مِنـى الحقيقـةُ أعطَـت
ولمّــا شـَعَبْتُ الصـّدْعَ والتـأمَت فُطْـو
رُ شــَمل بفَــرْق الوصــفِ غيـرِ مُشـتّت
ولــم يَبـقَ مـا بينـي وبيـنَ تـوَثّقي
بإينــاسِ وُدّي ومــا يُــؤدّي لِوَحْشــة
تحقّقــتُ أنّــا فــي الحقيقِـة واحـدٌ
وأثبَــتَ صــَحْوُ الجمـع محْـوَ التشـتت
وكُلّـــي لِســانٌ نــاظرٌ مِســمَعٌ يَــدٌ
لنُطــــقٍ وإداركٍ وَســــَمعٍ وبَطشـــة
فَعَينـــي نــاجتْ واللّســانُ مُشــاهِدٌ
ويَنْطِــقُ منــي السـمْعُ واليـدُ أصـغت
وســَمْعيَ عَيــنٌ تجتَلـي كُـلّ مـا بـدا
وعَينــي سـَمعٌ إن شـدا القـوم تُنْصـِت
ومِنّــيَ عــن أيــدٍ لِسـاني يَـدٌ كمـا
يَـدي لـي لسـانٌ فـي خطـابي وخُطبـتي
كـذاكَ يَـدي عَيـنٌ تَـرَى كُـلّ مـا بـدا
وعينــي يَــدٌ مبســوطةٌ عنـدَ بَسـطَتي
وســَمعي لِســانٌ فــي مُخـاطبَتي كـذا
لســانيَ فــي إصــغائِه ســَمْعُ مُنصـِت
وللشـّمّ أحكـامُ اطّـرادٍ القياسِ في اتْ
تِحــادِ صــِفاتي أو بعكْــسِ القضــيّة
ومــا فــيّ عَضـْوٌ خُـصّ مـن دونِ غيـرِهِ
بتَعييــنِ وصــْف مثْـلَ عيـنِ البصـيرة
ومِنـــي علـــى افرادهــا كُــلُّ ذَرّة
جوامِـــعُ أفعــالِ الجــوارحِ أحيــت
يُنــاجي ويُصــغي عــن شــُهودِ مُصـرِّف
بمجمـوعِهِ فـي الحـالِ عـن يَـدِ قُـدرَة
فــأَتلُو عُلــومَ العــالِمَين بلفْظَــةٍ
وأجلُـــو علــيّ العــالمين بلَحْظَــة
وأسـمَعُ أصـواتَ الـدّعاةِ وسـائِرَ الـلْ
لُغـــاتِ بِــوَقْتٍ دونَ مِقــدارِ لَمحــة
وأُحْضــِرُ مــا قـد عَـزّ للبُعْـدِ حَمْلُـهُ
ولــم يَرْتَــدِدْ طرفــي إلــيّ بغَمضـَة
وأنشــَقُ أرواحَ الجِنَــانِ وعَــرْفَ مَـا
يُصـــافحُ أذيــالَ الرّيــاحِ بنَســْمَة
وأســـتَعرِضُ الآفــاقَ نحــوي بخَطْــرَة
وأخــترِقُ الســّبْعَ الطّبَــاقَ بخَطْــوَة
وأشــباحُ مَـن لـمْ تبـقَ فيهِـمْ بقيّـةٌ
لجَمعـــيَ كـــالأرواحِ حفّـــتْ فخفّــت
فمَـن قـالَ أو مَـن طـال أو صال إنّما
يمُـــتّ بإمـــدادي لـــه برَقيقَـــة
وما سارَ فوقَ الماء أو طارَ في الهوا
أوِ اقتحـــمَ النّيـــرانَ إلاّ بهِمّتِــي
وعَنّـــيَ مَـــنْ أَمْـــدَدْتُهُ برَقيقَـــة
تصــَرّفَ عــن مَجمــوعِهِ فــي دقيقــة
وفــي ســاعة أو دون ذلــك مَـن تلا
بمجموعـــة جَمعــي تَلا أَلــفَ خَتْمَــة
ومِنّــيَ لــو قــامتْ بِمَيْــت لطيفــةٌ
لَـــرُدّتْ إليْـــهِ نفســـُهُ وأُعيـــدَت
هـي النّفـسُ إن ألقَـتْ هواهـا تضاعفت
قُواهـــا وأعطَــتْ فِعَلهــا كُــلَّ ذرّة
وناهيــكَ جَمعــاً لا بفَــرْقِ مســاحَتي
مكـــان مَقيـــسٍ أوْ زمـــان مــوقَّتِ
بــذاك علا الطّوفـانَ نـوحٌ وقـد نَجـا
بـه مَـن نجـا مـن قـومِهِ في السفينة
وغــاضَ لَـهُ مـا فـاضَ عنـهُ اسـتجادةً
وجــدّ إلــى الجُـودي بهـا واسـتقَرّت
وســارَ ومتــنُ الرّيــحِ تحـتَ بسـاطِه
ســُلَيمانُ بالجَيشــَينِ فـوقَ البسـيطة
وقبـل ارتـدادِ الطـرفِ أُحضـِرَ مِن سَبا
لـــهُ عَــرْشُ بلقيــسٍ بغيــرِ مشــَقّةِ
وأَخْمَـــدَ إبراهيـــمُ نـــارَ عــدُوّهِ
وعَــن نــورِهِ عــادت لــه رَوْضَ جنَّـة
ولمَــا دعـا الأطيـارَ مـن كُـلّ شـاهِقٍ
وقــد ذُبِحَــتْ جــاءتْهُ غيــرَ عَصــيَة
ومــن يــدِه موســى عَصــاهُ تلَقّفَــتْ
مـن السـّحرِ أهـوالاً علـى النّفـس شقّت
ومِــن حجَــرٍ أجــرى عيونــاً بضـَرْبةٍ
بهــا دَيمــاً ســقّتْ وللبَحــرِ شــَقّت
ويَوســُفُ إذا ألقــى البَشـِيرُ قَميصـه
علــى وَجْــهِ يعقــوبٍ عليِــه بأوْبـة
رآهُ بعَيْـــنٍ قبـــلَ مَقـــدَمِهِ بكــى
عليِــه بهــا شــوقاً إليِــه فكُفّــت
وفــي آلِ إسـْرائيلَ مـائِدَةٌ مِـنَ الـسْ
ســَمَاء لعيســَى أنزِلَــتْ ثــمّ مُــدّت
ومِــنْ أكْمَــهٍ أبْـرا ومِـن وضـَحٍ عـدا
شــَفى وأعــادَ الطّيـنَ طيـراً بنَفخَـة
وســِرُّ انفِعَــالاتِ الظّــواهرِ باطِنــاً
عــن الإِذنِ مـا ألقَـتْ بأُذنـكَ صـيغتي
وجــاءَ بأســرارِ الجَميــعِ مُفيضــُها
عَلَيْنَـا لهـم خَتْمـاً علـى حيـن فَـترَة
ومــا مِنهُــمُ إلاّ وقــد كـانَ داعِيـاً
بِـــهِ قـــومَهُ للحَــقّ عــن تَبَعِيّــة
فعالِمُنــا منهُــمْ نــبيٌّ ومَــن دَعـا
إلــى الحــقّ منّــا قـامَ بالرسـُلِيّة
وعارِفُنــا فــي وقتِنـا الأحمَـديُّ مَـن
أولـي العـزمِ منهُـمْ آخِـذٌ بالعَزٍيمـة
ومـا كـانَ منهُـمْ مُعْجِـزاً صـارَ بعـدَه
كَرامـــةَ صـــِدّيقٍ لـــهُ أوْ خليفــة
بعِتْرَتِـهِ اسـتغنَتْ عـنِ الرّسـُلِ الـوَرى
وأصــــحابِهِ والتّـــابِعِينَ الأئِمّـــة
كرامــاتُهُمْ مـن بعـضِ مـا خَصـّهُمْ بـه
بمــا خصــّهُمْ مِــنْ إرْثِ كُــلّ فضـيلة
فمِــنْ نُصـْرَةِ الـدّينِ الحَنيفـيّ بَعـدَه
قتَـــالُ أبـــي بكْـــر لآلِ حنيفَـــة
وســـارِيَةٌ ألْجَــاهُ للجَبَــلِ النّــدا
ءُ مِــن عُمَــر والــدّارُ غيـرُ قريبـة
ولــم يشـتغِلْ عثمـانُ عـن وِرْدِهِ وقـد
أدارَ عليــهِ القــومُ كــأسَ المَنيّـة
وأوضــَحَ بالتأويـلِ مـا كـانَ مُشـكِلاً
علـــيّ بِعلْـــمٍ نـــالهُ بالوصـــيّة
وســائرُهُمْ مِثْـلُ النجـومِ مَـن اقتـدى
بـــأَيّهِم منــهُ اهتَــدى بالنصــيحة
وللأوليـــاءِ المــؤمِنينَ بِــهِ ولَــمْ
يَــروهُ اجتِنــا قُــربٍ لقُـرْب الأخُـوّة
وقُربُهُـــمُ معنـــىً لــه كاشــتياقِهِ
لهــمْ صــورةً فــاعجبْ لحضـرَةِ غيبـة
وأهـلٌ تَلَقّـى الـروحَ باسْمي دَعَوْا إلى
ســبيلي وحَجّــوا المُلحِــدينَ بحُجّتِـي
وكُلّهُـــمُ عـــن ســبْق معنــايَ دائرٌ
بـــدائِرَتِي أو وارِدٌ مـــن شــريعتي
وإنّــي وإن كنــتُ ابــنَ آدمَ صــورةً
فَلــي فيِــه مَعنًــى شــاهدٌ بـأبُوتِي
ونفســي علـى حُجْـرِ التّجَلّـي برُشـدها
تَجَلّــتْ وفــي حِجــرِ التجَلّــي تَرَبّـت
وفـي المَهْـدِ حِزْبـي الأنبياءُ وفي عنا
صـري لَـوحيَ المحفـوظ والفتـحُ سورتي
وقبــلَ فِصــالي دون تكليــفِ ظـاهري
ختمــتُ بشــرعي الموضـِحي كـلّ شـرْعة
فهُــمْ والأُلــى قـالوا بَقَـولِهِمِ علـى
صــراطيَ لــم يَعـدوا مـواطئ مِشـيَتي
فيُمْــنُ الـدعاةِ السـابقينَ إلـيّ فـي
يَمينــي ويُســْرُ اللاّحقيــنَ بِيَســْرَتي
ولا تَحْســـَبنّ الأمـــرَ عنّــيَ خارجــاً
فمــا ســادَ إلاّ داخِــلٌ فـي عُبـودتي
ولــولايَ لـم يُوْجـدْ وُجـودٌ ولـم يكُـنْ
شــهودٌ ولــم تُعْهَــدْ عُهــودٌ بذِمّــة
فلا حـــيَّ إلاّ مِـــنْ حيــاتي حيــاتُهُ
وطَــوعُ مُــرادي كُــلّ نفــسٍ مُريــدة
ولا قــــائلٌ إلاّ بلَفظــــي مُحَــــدِّثٌ
ولا نــــاظِرٌ إلاّ بنــــاظِرِ مُقْلَـــتي
ولا مُنْصــــِتٌ إلاّ بِســــَمْعِيَ ســــامعٌ
ولا بــــاطِشٌ إلاّ بــــأزْلي وشـــِدّتي
ولا نـــاطِقٌ غَيـــري ولا نـــاظِرٌ ولا
ســميع ســِوائي مـن جميـعِ الخليقـة
وفـي عـالَم الـتركيب فـي كـلّ صـورَةٍ
ظَهَــرْتُ بمَعنــىً عنـه بالحسـنِ زينَـتِ
وفــي كـلّ معنـىً لـم تُبِنْـهُ مَظـاهِري
تصـــوّرْتُ لا فـــي صـــورةٍ هيكليّــة
وفيمــا تــراهُ الـرّوحُ كَشـْفَ فَراسـةٍ
خَفيــتُ عــنِ المَعنـى المُعنَّـى بدِقّـة
وفــي رَحَمــوتِ البَســْطِ كُلّــيَ رَغْبَـةٌ
بهــا انبَســطتْ آمـالُ أهـلٍ بَسـيطتي
وفــي رَهَبَــوتِ القبــضِ كُلّــيَ هَيبَـةٌ
ففيمــا أجَلْــتُ العَيْــنَ منّـي أجَلّـت
وفــي الجمـعِ بالوَصـْفَينِ كُلّـيَ قُرْبَـةٌ
فحَــيَّ علــى قُرْبَــي خِلالـي الجميلـة
وفـي مُنْتَهَـى فـي لـم أَزَل بـيَ واجِداً
جَلالَ شـــُهودي عـــن كمــالِ ســجيّتي
وفـي حيـثُ لا فـي لـم أزَلْ فـيّ شاهداً
جَمـــالَ وُجــودي لا بنــاظِر مُقلــتي
فـإن كنـتَ منّـي فانْـحُ جمعيَ وامْحُ فَرْ
قَ صــَدْعي ولا تجنــح لجنـحِ الطبيعـة
فـــدونَكَهَا آيـــاتِ إلهــامِ حِكمَــةٍ
لأوهــامِ حَــدسِ الحــسّ عنــكَ مزيلـة
ومِــن قـائلٍ بالنّسـخِ والمَسـْخُ واقِـعٌ
بِــهِ ابْـرَأْ وكُـنْ عمّـا يـراهُ بعُزْلَـة
ودَعْــهُ و دعـوى الفسـخِ والرّسـخُ لآئقٌ
بِــهِ أَبــداً لــو صـَحّ فـي كـلِّ دورَة
وضــَرْبي لــكَ الأمثــالَ مِنّــيَ مِنَّــةٌ
عليـــكَ بشــأني مَــرَّةً بَعْــدَ مَــرّة
تأمّــلْ مقامــاتِ الســَّروجيِّ واعتَبِـرْ
بِتَلْـــوينِهِ تَحْمَــدْ قَبــولَ مَشــورتي
وتَـدرِ التِبـاسَ النّفـسِ بـالحِسّ باطناً
بمظهَرِهَــا فــي كــلّ شــكلٍ وصــورة
وفــي قَــولِهِ إنْ مـانَ فـالحَقّ ضـاربٌ
بِـــهِ مَثَلاً والنفـــسُ غيـــرُ مُجِــدّة
فكُــنْ فَطِنَــاً وانظُــر بحِسـّكَ مُنْصـِفاً
لنَفْســـِكَ فـــي أفعالِـــكَ الآَثَرِيّــة
وشـاهدْ إذا اسـتجلَيتَ نفسـكَ مـا ترى
بغيـرِ مِـراءٍ فـي المَـرائي الصـقيلَة
أغَيْــرُكَ فيهــا لاحَ أم أنــتَ نــاظِرٌ
إليــكَ بهــا عنــدَ انعِكـاسِ الأشـعّة
وأصــْغِ لرَجْـعِ الصـوتِ عنـدَ انقطـاعه
إليــكَ بأكنــافِ القُصــورِ المَشـيدَة
أهَـل كـانَ مَـن ناجـاكَ ثَـمّ سـِواكَ أم
ســَمِعْتَ خِطابــاً عــن صـَداكَ المُصـَوّت
وقُــلْ لــيَ مَـن ألقـى إليـكَ عُلُـومَهُ
وقــد ركــدتْ منــكَ الحـواسُ بغَفْـوَة
ومـا كنـتَ تـدري قبـل يومـكَ ما جرَى
بأمســِكَ أو مــا سـوفَ يجـري بغُـدوة
فأصــبحتَ ذا عِلْـمٍ بأخبـار مَـن مَضـى
وأســرارِ مــن يــأتي مُــدِلاً بخِبْـرَة
أتحسـبُ مـن جـاراكَ فـي سـِنةِ الكَـرَى
ســِواكَ بــأنواعِ العُلُــومِ الجليلـة
ومـا هِـيَ إلاّ النّفـسُ عنـد اشـتِغالها
بعالَمِهـــا عـــن مَظهَــرِ البَشــَرِيّة
تَجَلّـتْ لهـا بـالغَيبِ فـي شـكلِ عـالِمٍ
هَـداها إلـى فَهْـمِ المَعـاني الغريبة
وقــد طُبِعَـتْ فيهـا العُلُـومُ وأُعْلِنَـتْ
بأســـمائها قِــدْمَاً بــوَحْيِ الأُبُــوّة
وبـالعِلْمِ مِـنْ فـوقِ السـِّوَى ما تنعّمَتْ
ولكــنْ بمــا أملَــتْ عليهــا تَمَلّـت
ولــو أَنَّهــا قبــلَ المَنـامِ تَجَـرّدَتْ
لشـــَاهَدْتَها مِثْلــي بِعَيْــنٍ صــحيحةِ
وتجريـــدُها العـــاديُّ أثبَــتَ أوّلاً
تجَرّدَهــا الثّــاني المَعـادي فـأثْبِت
ولا تـــكُ مِمّـــنْ طَيّشـــَتْهُ دُروســـُهُ
بحيـــثُ اســتَقَلّتْ عقلَــهُ واســتقرّت
فثَــمّ وراء النّقــلِ عِلْــمٌ يَـدِقُّ عـن
مَــدارِكِ غايــاتِ العقــولِ السـليمَة
تَلَقّيْتُـــهُ منّـــي وعنـــي أَخَـــذْتُهُ
ونفســيَ كــانت مــن عَطـائي مُمِـدَّتي
ولا تــكُ بــاللاّهي عـنِ اللّهـوِ جُمْلَـةً
فهــزْلُ المَلاهــي جِــدُّ نَفْــسٍ مُجــدّة
وإيّــاكَ والإِعــراضَ عــن كــلّ صـورةٍ
مُمَوّهَــــةٍ أو حالــــةٍ مُســــْتَحِيلَة
فطَيْـفُ خَيـالِ الظـلّ يُهْـدِي إليـكَ فـي
كَـرَى اللّهْـوِ مـا عنـهُ السـتائِرُ شُقّت
تُـرى صـورَةَ الأشـياءِ تُجلـى عليـكَ من
وراءِ حِجَــابِ اللَّبــسِ فـي كـلّ خِلْعـة
تجَمّعَـــتِ الأضـــدادُ فيهــا لِحِكْمَــةٍ
فأشــكالُها تَبــدو علــى كــلّ هَيئة
صــوامِتُ تُبــدي النطـقَ وهـيَ سـواكنٌ
تحــرّكُ تُهــدي النّــورَ غيــرَ ضـَوِيّة
وتضـــحَكُ إعجابـــاً كأجــذَلَ فــارحٍ
وتبكـي انتِحابـاً مثـلَ ثَكلـى حزينـة
وتنــدُبُ إنْ أَنّــتْ علــى سـلبِ نِعمـةٍ
وتطــرَبُ إنْ غَنَّــتْ علــى طيـبِ نغمـة
يـرى الطيـرَ فـي الأغصانِ يُطْرِبُ سجعُها
بتغريـــدِ ألحـــانٍ لـــدَيْكَ شــجِيّة
وتَعْجَـــبُ مــن أصــواتِهَا بلُغَاتِهــا
وقــد أعرَبَــتْ عــنْ ألســُنٍ أعجميّـة
وفـي البَـرّ تَسْرِي العِيْسُ تخترِقُ الفلا
وفـي البحـر تجري الفُلكُ في وسطِ لُجّة
وتنظُــرُ للجَيْشــَيْنِ فــي البَـرّ مَـرّةً
وفـي البحـر أُخـرى فـي جمـوعٍ كثيرة
لِبَاســـُهُمُ نَســْجُ الحديــدِ لبأســِهِمْ
وهُــمْ فــي حِمَــى حَـدّيْ ظُـبىً وأسـنّة
فأجنـادُ جَيـشِ البَـرّ مـا بيـن فـارسٍ
علـــى فَـــرَسٍ أو راجــلٍ رَبَّ رِجلَــة
وأكنـادُ جيـشِ البحـرِ مـا بيـن راكبٍ
مَطــا مركَــبٍ أو صــاعِدٍ مثـلَ صـعدة
فمِــنْ ضــارِبٍ بـالبِيضِ فتكـاً وطـاعِنٍ
بســَمْرِ القَنــا العَسـّالَةِ السـمْهَرِيّة
ومِـنْ مُغْـرِقٍ فـي النـار رَشـقاً بأسهُمٍ
ومِــن مُحْــرِقٍ بالمـاءِ زَرْقـاً بشـُعلة
تَــرى ذا مُغيــراً بــاذِلاً نفسـَهُ وذا
يُــوَلّي كســيراً تحــتَ ذُلّ الهزيمــة
وتشـــهَدُ رَمْــيَ المَنجنيــقِ ونَصــْبَهُ
لهَــدْمِ الصيّاصـي والحُصـُونِ المَنِيْعَـة
وتَلْحَـــظُ أشــباحاً تــراءى بــأنْفُسٍ
مُجَـــرَّدَةٍ فـــي أَرْضـــِها مُســـْتَجنَّةِ
تُبــاينُ أنْــسَ الإِنــسِ صـورَةُ لَبْسـِها
لِوَحْشـــَتِهَا والجِـــنُّ غيــرُ أَنيســَة
وتطـرَحُ فـي النهرِ الشّباكَ فتُخرجُ السْ
ســماكَ يَــدُ الصــّيّادِ منهـا بسـُرْعَة
ويحتــالُ بالأشــراكِ ناصــِبُها علــى
وقــوعِ خِمــاصِ الطّيْــرِ فيهـا بحبّـة
ويَكْســِرُ ســُفُنَ اليَــمّ ضـاري دوابِـه
وتظْفَــرُ آســَادُ الشــّرَى بالفريســة
ويصــطادُ بعـضُ الطّيرِبعضـامن الفضـا
ويقنِــصُ بعــضُ الـوَحش بعضـاً بقفـرَة
وتلمَــحُ منهــا مــا تخطّيــتُ ذِكْـرَهُ
ولــم أعتمِــدْ إلاّ علــى خيـرِ مُلْحَـة
وفـي الزّمَـنِ الفرْدِ اعتَبِرْ تلقَ كلّ ما
بــدا لــكَ لا فــي مُــدّةِ مُســْتَطِيلَة
وكُــلُّ الــذي شــاهدْتُهُ فِعْــلُ واحِـدٍ
بمُفْـــرَدِهِ لكـــن بحُجْـــبِ الأكِنّـــة
إذا مـا أزال السـِّترَ لـم تـرَ غيـرَهُ
ولــم يَبْــقَ بالاشـكالِ إشـكالُ ريبـة
وحَقّقــتُ عنــد الكشـف أنّ بنـورهِ اهْ
تَـــدَيْتُ إلـــى أفعــالِهِ بالدُّجُنّــة
كـذا كنـتُ مـا بينـي وبَينـيَ مُسـهِلاً
حِجَـابَ التبـاسِ النّفـسِ فـي نورِ ظلمة
لأظهَـــرَ بالتدريــجِ للحِــسّ مؤنِســاً
لهـا فـي ابتِـداعي دُفْعَـةً بَعْـدَ دُفْعَة
قَرَنْـــتُ بجِـــدّي لَهْــوَ ذاكَ مُقَرِّبــاً
لفَهْمِــكَ غايــاتِ المَرامـي البعيـدَة
ويجمَعُنــا فــي المظهَرَيْــنِ تشــابُهٌ
وليْســـتْ لحـــالي حــالُهُ بشــَبِيهَة
فأشـــكالُهُ كـــانتْ مظــاهٍرَ فِعْلِــه
بِســـِتْرٍ تلاشـــتْ إذ تَجَلّـــى وَوَلّــت
وكــانتْ لــه بالفعـلِ نفسـي شـبيهةً
وحِســّيَ كالإِشــكال واللَّبْــسُ ســُترتي
فلَمَّــا رَفعــتُ الســّتْرَ عنّـي كرَفعـه
بحيـث بـدَتْ لـي النفـسُ مـن غير حُجّة
وقـد طلَعـتْ شـمسُ الشـّهودِ فأشـرَق ال
وُجُـــودُ وحَلّــتْ بــي عقــودُ أَخِيّــة
قَتَلــتُ غُلاَمَ النفـسِ بيـنَ إقـامتي ال
جِـــدَارَ لأحكـــامي وخــرْقِ ســفينتي
وعُــدْتُ بإمــدادي علــى كــلّ عـالِمٍ
علــى حَســبِ الأفعــالِ فـي كـلّ مُـدّة
ولــولا احتجــابي بالصــفاتِ لأُحْرِقَـتْ
مظــاهرُ ذاتــي مــن ســَناءِ سـجيّتي
وألســِنَةُ الأكــوانِ إن كُنــتَ واعيـاً
شـــهودٌ بتَوحيـــدي بحــالٍ فصــيحَة
وجــاء حــديثٌ فــي اتّحــاديَ ثـابتٌ
روايتُــهُ فــي النقْــلِ غيـرُ ضـعيفَة
يُشـــيرُ بحُــبّ الحــقّ بعــدَ تقــرّبٍ
إلَيْــــهِ بنَقـــلٍ أو أداء فريضـــَة
وموضـــِعُ تنـــبيهِ الإِشــارةِ ظــاهرٌ
بِكُنْــتُ لــهُ ســَمْعَاً كنُـورِ الظّهيـرة
تســبّبتُ فــي التوحيـدِ حـتى وجَـدتُهُ
وواســـطةُ الأســبابِ إحــدى أَدِلّــتي
ووحّــدتُ فــي الأسـبابِ حـتى فقـدتُها
ورابطــةُ التّوحيــدِ أجْــدَى وســيلَة
وجـــرّدتُ نفســـي عنهمــا فتجــرّدتْ
ولــم تَــكُ يومــاً قَـطُّ غيـرَ وحيـدَة
وغُصـْتُ بحـار الجمع بل خُضتُها على ان
فِـــرَاديَ فاســـتَخْرَجتُ كــلّ يتيمــة
لأســـْمَعَ أفعـــالي بســـَمْعِ بَصــِيرَةٍ
وأشـــهَدُ أقـــوالي بعَيْــنٍ ســَميعة
فـإنْ نـاح فـي الإيـكِ الهَـزارُ وغرّدَتْ
جوابــاً لـهُ الأطيـارُ فـي كـلّ دَوحـة
وأطْـــرَبَ بالمِزْمَــارِ مُصــْلِحُةُ علــى
مُنَاســَبَةِ الاوتــارِ مــن يَــدِ قَيْنَـة
وغنّــت مـن الأشـعارِ مـا رَقّ فـارتقَتْ
لســِدْرتِهَا الاســرارُ فــي كـلّ شـدْوَة
تَنَزّهْــتُ فــي آثــارِ صــُنْعِي مُنَزِّهـاً
عـن الشـرْك بالأغيـارِ جَمعـي وأُلفـتي
فــبي مجلــسُ الاذكــارِ سـَمْعُ مُطـالِعٍ
ولــي حانَــةُ الخمّــارِ عَيـنُ طليعَـة
ومـا عَقَـدَ الزّنّـارَ حُكمـاً سـوى يـدي
وإنْ حُــلّ بــالإِقرارِ بــي فهْـيَ حلّـت
وإن نــارَ بالتّنزيــلِ مِحْـرابُ مَسـجدٍ
فمــا بــارَ بالإِنجيــلِ هيكـلُ بِيعَـة
وأســفارُ تَــوراةِ الكَلِيْــم لقَــوْمِهِ
يُنـاجي بهـا الأحبـارُ فـي كـلّ ليلـة
وإن خَــرّ للأحجــارِ فـي البُـدّ عـاكِفٌ
فلا وجْــــهَ للإِنكــــارِ بالعصـــَبِيّة
فقــد عَبَــدَ الــدّينارَ مَعنـىً مُنَـزَّهٌ
عــنِ العــارِ بالإِشــراكِ بالوثَنيــة
وقــد بَلَــغَ الإِنـذارَ عنـيَ مَـن بَغـى
وقــامتْ بـيَ الأعـذارُ فـي كـلّ فِرْقـة
ومــا زاغــتِ الأبصـارُ مـن كـلّ مِلّـةٍ
ومــا زاغـتِ الأفكـارُ مـن كـلّ نِحلـة
ومـا اختـارَ مَـن للشـّمس عن غِرّةٍ صبَا
وإشــراقُها مِــن نـورِ إسـْفارِ غُرّتـي
وإن عبـدَ النَّـارَ المَجـوسُ وما انطفَت
كمـا جـاءَ فـي الاخبـارِ فـي ألفِ حِجَّة
فمـا قَصـَدُوا غيـري وإن كـان قصـدهُم
ســِوايَ وإن لــم يُظْهِـروا عَقـدَ نِيّـة
رأوْا ضـــَوْءَ نــوري مــرّةً فَتَوَهَّمُــو
هُ نـاراً فَضـَلّوا فـي الهُـدَى بالأشـعَّة
ولــولا حِجــابُ الكَــونِ قُلـتُ وإنَّمـا
قيــامي بأحكــامِ المظــاهِرِ مُسـْكِتي
فلا عَبَــثٌ والخَلْـقُ لـم يُخلَقـوا سـُدىً
وإنْ لــم تكُــنْ أَفعـالُهُمْ بالسـديدَة
علــى ســِمَةِ الاسـماءِ تَجـري أمـورُهُمْ
وحِكْمَــةُ وصــْف الـذاتِ للحكـم أجـرَت
يُصـــَرِّفُهُمْ فـــي القبضــَتَيْنِ ولا ولا
فقَبْضـــَةُ تَنْعِيـــمٍ وقَبْضـــَةُ شــِقْوَة
ألا هكــذا فلتَعــرِفِ النّفــسُ أو فلا
ويُتْــلَ بهــا الفُرقَــانُ كُـلَّ صـبيحة
وعِرْفَانُهــا مِــن نَفْسـِها وهِـيَ الـتي
علــى الحِــسّ مـا أَمَّلـتُ منـيَ أمْلَـت
ولــو أننــي وحّـدْتُ ألحـدتُ وانسـَلخ
تُ مــن آيِ جَمعـي مشـركاً بـيَ صـنعتي
ولســـتُ مَلومــاً أنْ أَبُــثّ مَواهــبي
وأمْنَـــحَ أتْبـــاعي جَزيــلَ عَطِيّــتي
ولــي مِـنْ مُفيـضِ الجَمـعِ عنـدَ سـلامِه
علــيّ بــأوْ أَدْنَــى إشــارةِ نِســْبَة
ومِــنْ نُــورِهِ مِشــكاةُ ذاتـيَ أشـرقَتْ
علــيّ فنــارَتْ بــي عِشـائي كضـَحوتي
فأُشـــْهِدتُنِي كَــوْنِي هنــاك فكُنْتُــهُ
وشــاهدتُهُ إيَّــايَ والنّــورُ بَهجــتي
فَبِـي قُـدّس الـوادي وفيـه خلعـتُ خَـلْ
عَ نَعْلـي علـى النـادي وجُـدتُ بخلعتي
وآنَســتُ أنــواري فكنــتُ لهـا هُـدىً
وناهيــكَ مــن نفــسٍ عليهـا مُضـِيئَة
وأسســتُ أطــواري فنــاجَيتُنِي بهــا
وقضــّيْتُ أوطــاري وذاتــي كَليمَــتي
وبَــدْرِي لـم يأفُـلْ وشمسـيَ لَـم تَغِـبْ
وبـي تَهتـدي كُـلّ الـدّراري المُنيـرة
وأنْجُــمُ أفلاكــي جــرَتْ عــن تصـَرّفي
بِملكـــي وأملاكـــي لمُلْكِـــيَ خَــرّتِ
وفـي عـالَمِ التّذكارِ للنفسِ عِلْمُها ال
مُقَـــدَّمُ تســـتَهْديهِ منّـــيَ فِتْيَتِــي
فحَـيّ علـى جَمْعـي القـديمِ الـذي بِـهِ
وَجَــدْتُ كُهُــولَ الحــيّ أطفـالَ صـِبيَة
ومـن فضـلِ مـا أسـأرْتُ شـربُ مُعاصـري
ومَــنْ كـان قبلـي فالفضـائلُ فَضـْلَتِي
عُمر بن علي بن مرشد بن علي الحموي الأصل، المصري المولد والدار والوفاة، الملقب شرف الدين بن الفارض.شاعر متصوف، يلقب بسلطان العاشقين، في شعره فلسفة تتصل بما يسمى (وحدة الوجود).اشتغل بفقه الشافعية وأخذ الحديث عن ابن عساكر، وأخذ عنه الحافظ المنذري وغيره، إلا أنه ما لبث أن زهد بكل ذلك وتجرد، وسلك طريق التصوف وجعل يأوي إلى المساجد المهجورة وأطراف جبل المقطم، وذهب إلى مكة في غير أشهر الحج ! وأكثر العزلة في وادٍ بعيد عن مكة.ثم عاد إلى مصر وقصده الناس بالزيارة حتى أن الملك الكامل كان ينزل لزيارته.وكان حسن الصحبة والعشرة رقيق الطبع فصيح العبارة، يعشق مطلق الجمال وقد نقل المناوي عن القوصي أنه كانت له جوارٍ بالبهنا يذهب اليهن فيغنين له بالدف والشبابة وهو يرقص ويتواجد.