
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
مَـا بَـالُ عَيْنِكَ مِنْهَا المَاءُ يَنْسَكِبُ
كَــأَنَّهُ مِــنْ كُلَــى مَفْرِيَّــةٍ سـَرِبُ
وَفْــرَاءَ غَرْفِيَّــةٍ أَثْـأَى خَوَارِزُهَـا
مُشَلْشــِلٌ ضــَيَّعَتْهُ بَيْنَهَــا الكُتَـبُ
اسـْتَحْدَثَ الرَّكْـبُ عَنْ أَشْيَاعِهِمْ خَبَراً
أَمْ رَاجَـعَ القَلْـبَ مِـنْ أَطْرَابِهِ طَرَبُ
مِـنْ دِمْنَـةٍ نَسَفَتْ عَنْهَا الصَّبَا سُفَعاً
كَمَــا تُنَشـَّرُ بَعْـدَ الطِّيَّـةِ الكُتُـبُ
سـَيْلاً مِـنَ الـدِّعْصِ أَغْشـَتْهُ مَعَارِفَهَا
نَكْبَـــاءُ تَســـْحَبُ أَعْلَاهُ فَيَنْســَحِبُ
لَا بَـلْ هُـوَ الشـَّوْقُ مِنْ دَارٍ تَخَوَّنَهَا
مَــرّاً ســَحَابٌ وَمَــرّاً بَـارِحٌ تَـرِبُ
يَبْـدُو لِعَيْنَيْـكَ مِنْهَـا وَهْـيَ مُزْمِنَةٌ
نُــؤْيٌ وَمُســْتَوْقَدٌ بَــالٍ وَمُحْتَطَــبُ
إِلَــى لَــوَائِحَ مِــنْ أَطْلَالِ أَحْوِيَـةٍ
كَأَنَّهَـــا خِلَـــلٌ مَوْشـــِيَّةٌ قُشــُبُ
بِجَـانِبِ الـزُّرْقِ لَـمْ تَطْمِسْ مَعَالِمَهَا
دَوَارِجُ المُــورِ وَالأَمْطَـارُ وَالحِقَـبُ
دِيَــارُ مَيَّــةَ إِذْ مَــيٌّ تُســَاعِفُنَا
وَلَا يَــرَى مِثْلَهَــا عُجْــمٌ وَلَا عَـرَبُ
بَرّاقَــةُ الجِيـدِ وَاللَّبَّـاتِ وَاضـِحَةٌ
كَأَنَّهَــا ظَبْيَــةٌ أَفْضـَى بِهَـا لَبَـبُ
بَيْـنَ النَّهَـارِ وَبَيْنَ اللَّيْلِ مِنْ عَقَدٍ
عَلَــى جَــوَانِبِهِ الأَسـْبَاطُ وَالهَـدَبُ
عَجْــزَاءُ مَمْكُــورَةٌ خَمْصــَانَةٌ قَلِـقٌ
عَنْهَـا الوِشـَاحُ وَتَمَّ الجِسْمُ وَالقَصَبُ
زَيْـنُ الثِّيَابِ وَإِنْ أَثْوَابُهَا اسْتُلِبَتْ
عَلَـى الحَشـِيَّةِ يَوْمـاً زَانَهَا السَّلَبُ
تُرِيــكَ ســُنَّةَ وَجْــهٍ غَيْـرَ مُقْرِفَـةٍ
مَلْســَاءَ لَيْـسَ بِهَـا خَـالٌ وَلَا نَـدَبُ
إِذَا أَخُــو لَـذَّةِ الـدُّنْيَا تَبَطَّنَهَـا
وَالبَيْـتُ فَوْقَهُمَـا بِاللَّيْـلِ مُحْتَجِـبُ
ســَافَتْ بِطَيِّبَـةِ العِرْنِيـنِ مَارِنُهَـا
بِالمِسـْكِ وَالعَنْبَـرِ الهِنْـدِيِّ مُخْتَضِبُ
تَـزْدَادُ لِلعَيْـنِ إِبْهَاجـاً إِذَا سَفَرَتْ
وَتَحْـرَجُ العَيْـنُ فِيهَـا حِيـنَ تَنْتَقِبُ
لَمْيَــاءُ فِــي شـَفَتَيْهَا حُـوَّةٌ لَعَـسٌ
وَفِـي اللِّثَـاتِ وَفِـي أَنْيَابِهَـا شَنَبُ
كَحْلَاءُ فِــي بَـرَجٍ صـَفْرَاءُ فِـي نَعَـجٍ
كَأَنَّهَــا فِضــَّةٌ قَــدْ مَســَّهَا ذَهَـبُ
وَالقُـرْطُ فِـي حُـرَّةِ الـذِّفْرَى مُعَلَّقُهُ
تَبَاعَـدَ الحَبْـلُ مِنْـهُ فَهْـوَ يَضـْطَرِبُ
تِلْـكَ الفَتَـاةُ الَّتِـي عُلِّقْتُهَا عَرَضاً
إِنَّ الكَرِيــمَ وَذَا الإِســْلَامِ يُخْتَلَـبُ
لَيْسـَتْ بِفَاحِشـَةٍ فِـي بَيْـتِ جَارَتِهَـا
وَلَا تُعَــابُ وَلَا تُرْمَـى بِهَـا الرِّيَـبُ
إِنْ جَـاوَرَتْهُنَّ لَـمْ يَأْخُـذْنَ شـِيمَتَهَا
وَإِنْ وَشـَيْنَ بِهَـا لَمْ تَدْرِ مَا الغَضَبُ
صـَمْتُ الخَلَاخِيـلِ خَـوْدٌ لَيْـسَ يُعْجِبُهَا
نَسـْجُ الأَحَـادِيثِ بَيْـنَ الحَيِّ وَالصَّخَبُ
وَحُبُّهَـا لِـي سـَوَادَ اللَّيْـلِ مُرْتَعِداً
كَأَنَّهَـا النَّـارُ تَخْبُـو ثُـمَّ تَلْتَهِـبُ
وَاسـَوْأَتَاهُ ثُـمَّ يَـا وَيْلَا وَيَا حَرَبَا
إِنِّي أَخُو الجِسْمِ فِيهِ السُّقْمُ وَالكُرَبُ
لَيَــالِيَ اللَّهْـوُ يَطْبِينِـي فَـأَتْبَعُهُ
كَــأَنَّنِي ضــَارِبٌ فِــي غَمْـرَةٍ لَعِـبُ
لَا أَحْسـَبُ الـدَّهْرَ يُبْلِـي جِـدَّةً أَبَداً
وَلَا تُقَســِّمُ شــَعْباً وَاحِــداً شــُعَبُ
زَارَ الخَيَــالُ لِمَـيٍّ هَاجِعـاً لَعِبَـتْ
بِــهِ التَّنَـائِفُ وَالمَهْرِيَّـةُ النُّجُـبُ
مُعَرِّسـاً فِـي بَيَـاضِ الصـُّبْحِ وَقْعَتُـهُ
وَســَائِرُ الســَّيْرِ إِلَّا ذَاكَ مُنْجَــذِبُ
أَخَــا تَنَـائِفَ أَغْفَـى عِنْـدَ سـَاهِمَةٍ
بِـأَخْلَقِ الـدَّفِّ مِـنْ تَصـْدِيرِهَا جُلَـبُ
تَشْكُو الخِشَاشَ وَمَجْرَى النَّسْعَتَيْنِ كَمَا
أَنَّ المَرِيــضُ إِلَـى عُـوَّادِهِ الوَصـِبُ
كَأَنَّهَــا جَمَــلٌ وَهْــمٌ وَمَـا بَقِيَـتْ
إِلَّا النَّحِيــزَةُ وَالأَلْــوَاحُ وَالعَصـَبُ
وَالعِيـسُ مِـنْ عَاسـِجٍ أَوْ وَاسِجٍ خَبَباً
يُنْحَـزْنَ مِـنْ جَانِبَيْهَـا وَهْـيَ تَنْسَلِبُ
لَا تَشـْتَكِي سـَقْطَةً مِنْهَـا وَقَـدْ رَقَصَتْ
بِهَـا المَفَـاوِزُ حَتَّـى ظَهْرُهَـا حَـدِبُ
كَــأَنَّ رَاكِبَهَــا يَهْــوِي بِمُنْخَــرِقٍ
مِـنَ الجَنُـوبِ إِذَا مَا رَكْبُهَا نَصِبُوا
تَخْــدِي بِمُنْخَـرِقِ السـِّرْبَالِ مُنْصـَلِتٍ
مِثْـلِ الحُسـَامِ إِذَا أَصـْحَابُهُ شَحَبُوا
تُصـْغِي إِذَا شـَدَّهَا بِـالكُورِ جَانِحَـةً
حَتَّـى إِذَا مَا اسْتَوَى فِي غَرْزِهَا تَثِبُ
وَثْـبَ المُسـَحَّجِ مِـنْ عَانَـاتِ مَعْقُلَـةٍ
كَــأَنَّهُ مُســْتَبَانُ الشــَّكِّ أَوْ جَنِـبُ
يَحْــدُو نَحَــائِصَ أَشـْبَاهاً مُحَمْلَجَـةً
وُرْقَ السـَّرَابِيلِ فِـي أَلْوَانِهَـا خَطَبُ
لَــهُ عَلَيْهِــنَّ بِالخَلْصــَاءِ مَرْتَعِـهِ
فَالفَوْدَجَــاتِ فَجَنْبَــيْ وَاحِـفٍ صـَخَبُ
حَتَّـى إِذَا مَعْمَعَـانُ الصـَّيْفِ هَـبَّ لَهُ
بِأَجَّـةٍ نَـشَّ عَنْهَـا المَـاءُ وَالرُّطُـبُ
وَصــَوَّحَ البَقْــلَ نَـأَّاجٌ تَجِيـءُ بِـهِ
هَيْــفٌ يَمَانِيَــةٌ فِــي مَرِّهَـا نَكَـبُ
وَأَدْرَكَ المُتَبَقَّـــى مِــنْ ثَمِيلَتِــهِ
وَمِــنْ ثَمَائِلِهَـا وَاسْتُنْشـِئَ الغَـرَبُ
تَنَصــَّبَتْ حَــوْلَهُ يَوْمــاً تُرَاقِبُــهُ
صـُحْرٌ سـَمَاحِيجُ فِـي أَحْشـَائِهَا قَبَـبُ
حَتَّى إِذَا اصْفَرَّ قَرْنُ الشَّمْسِ أَوْ كَرَبَتْ
أَمْسـَى وَقَـدْ جَـدَّ فِي حَوْبَائِهِ القَرَبُ
فَــرَاحَ مُنْصــَلِتاً يَحْــدُو حَلَائِلَــهُ
أَدْنَـى تَقَـاذُفِهِ التَّقْرِيـبُ وَالخَبَـبُ
كَـــأَنَّهُ مُعْـــوِلٌ يَشــْكُو بَلَابِلَــهُ
إِذَا تَنَكَّــبَ عَــنْ أَجْوَازِهَــا نَكِـبُ
يَعْلُـو الحُـزُونَ بِهَا طَوْراً لِيُتْبِعَهَا
شـِبْهَ الضِّرَارِ فَمَا يُزْرِي بِهَا التَّعَبُ
كَــأَنَّهُ كُلَمَّــا ارْفَضــَّتْ حَزِيقَتُهَـا
بِالصـُّلْبِ مِـنْ نَهْشـِهِ أَكْفَالَهَـا كَلِبُ
كَأَنَّهَــا إِبِــلٌ يَنْحُــو بِهَـا نَفَـرٌ
مِــنْ آخَرِيـنَ أَغَـارُوا غَـارَةً جَلَـبُ
وَالهَــمُّ عَيْـنُ أَثَـالٍ مَـا يُنَـازِعُهُ
مِــنْ نَفْســِهِ لِسـِوَاهَا مَـوْرِداً أَرَبُ
فَغَلَّســَتْ وَعَمُــودُ الصــُّبْحِ مُنْصـَدِعٌ
عَنْهَــا وَســَائِرُهُ بِاللَّيْـلِ مُحْتَجِـبُ
عَيْنــاً مُطَحْلَبَــةَ الأَرْجَـاءِ طَامِيَـةً
فِيهَـا الضـَّفَادِعُ وَالحِيتَـانُ تَصْطَخِبُ
يَســْتَلُّهَا جَــدْوَلٌ كَالسـَّيْفِ مُنَصـَلِتٌ
بَيْـنَ الأَشـَاءِ تَسـَامَى حَـوْلَهُ العُسُبُ
وَبِالشـــَّمَائِلِ مِـــنْ جِلَّانَ مُقْتَنِــصٌ
رَذْلُ الثِّيَـابِ خَفِـيُّ الشـَّخْصِ مُنْـزَرِبُ
مُعِــدُّ زُرْقٍ هَــدَتْ قَضــْباً مُصــَدَّرَةً
مُلْـسَ البُطُونِ حَدَاهَا الرِّيشُ وَالعَقَبُ
كَــانَتْ إِذَا وَدَقَــتْ أَمْثَـالُهُنَّ لَـهُ
فَبَعْضــــُهُنَّ عَـــنِ الأُلَّافِ مُنْشـــَعِبُ
حَتَّـى إِذَا الوَحْشُ فِي أَهْضَامِ مَوْرِدِهَا
تَغَيَّبَــتْ رَابَهَــا مِـنْ رِيبَـةٍ رِيَـبُ
فَعَرَّضــَتْ طَلَقــاً أَعْنَاقَهَــا فَرَقـاً
ثُـمّ اطَّبَاهَـا خَرِيـرُ المَـاءِ يَنْسَكِبُ
فَأَقْبَــلَ الحُقْـبُ وَالأَكْبَـادُ نَاشـِزَةٌ
فَـوْقَ الشَّرَاسـِيفِ مِـنْ أَحْشَائِهَا تَجِبُ
حَتَّــى إِذَا زَلَجَـتْ عَـنْ كُـلِّ حَنْجَـرَةٍ
إِلَـى الغَلِيـلِ وَلَـمْ يَقْصـَعْنَهُ نُغَـبُ
رَمَــى فَأَخْطَــأَ وَالأَقْــدَارُ غَالِبَـةٌ
فَانْصـَعْنَ وَالوَيْـلُ هِجِّيـرَاهُ وَالحَرَبُ
يَقَعْـنَ بِالسـَّفْحِ مِمَّـا قَـدْ رَأَيْنَ بِهِ
وَقْعـاً يَكَـادُ حَصـَى المَعْزَاءِ يَلْتَهِبُ
كَـــأَنَّهُنَّ خَـــوَافِي أَجْــدَلٍ قَــرَمٍ
وَلَّــى لِيَســْبِقَهُ بِــالأَمْعَزِ الخَـرَبُ
أَذَاكَ أَمْ نَمِــشٌ بِالوَشــْيِ أَكْرُعُــهُ
مُســَفَّعُ الخَــدِّ غَــادٍ نَاشـِطٌ شـَبَبُ
تَقَيَّــظَ الرَّمْــلَ حَتَّـى هَـزَّ خِلْفَتَـهُ
تَـرَوُّحُ البَـرْدِ مَـا فِـي عَيْشـِهِ رَتَبُ
رَبْلاً وَأَرْطَــى نَفَــتْ عَنْـهُ ذَوَائِبُـهُ
كَـوَاكِبَ القَيْـظِ حَتَّـى مَـاتَتِ الشُّهُبُ
أَمْســَى بِـوَهْبِينَ مُجْتَـازاً لِمَرْتَعِـهِ
مِـنْ ذِي الفَوَارِسِ تَدْعُو أَنْفَهُ الرِّبَبُ
حَتَّــى إِذَا جَعَلَتْــهُ بَيْـنَ أَظْهُرِهَـا
مِـنْ عُجْمَـةِ الرَّمْـلِ أَثْبَاجٌ لَهَا خِبَبُ
ضــَمَّ الظَّلَامُ عَلَـى الوَحْشـِيِّ شـَمْلَتَهُ
وَرَائِحٌ مِــن نَشـَاصِ الـدَّلْوِ مُنْسـَكِبُ
فَبَـاتَ ضـَيْفاً إِلَـى أَرْطَـاةِ مُرْتَكِـمٍ
مِــنَ الكَثِيـبِ بِهَـا دِفْـءٌ وَمُحْتَجَـبُ
مَيْلَاءَ مِـنْ مَعْـدِنِ الصـِّيرَانِ قَاصـِيَةٍ
أَبْعَــارُهُنَّ عَلَــى أَهْــدَافِهَا كُثَـبُ
وَحَـائِلٌ مِـنْ سـَفِيرِ الحَـوْلِ جَـائِلُهُ
حَـوْلَ الجَرَاثِيـمِ فِـي أَلْـوَانِهِ شَهَبُ
كَأَنَّمَــا نَفَــضَ الأَحْمَــالَ ذَاوِيَــةً
عَلَــى جَـوَانِبِهِ الفِرْصـَادُ وَالعِنَـبُ
إِذَا اســْتَهَلَّتْ عَلَيْـهِ غَيْبَـةٌ أَرِجَـتْ
مَرَابِـضُ العِيـنِ حَتَّـى يَـأْرَجَ الخَشَبُ
كَـــأَنَّهُ بَيْـــتُ عَطَّـــارٍ يُضــَمِّنُهُ
لَطَــائِمَ المِسـْكِ يَحْوِيهَـا وَتُنْتَهَـبُ
تَجْلُـو البَـوَارِقُ عَـنْ مُجْرِمَّـزٍ لَهِـقٍ
كَـــأَنَّهُ مُتَقَبِّـــي يَلْمَـــقٍ عَــزَبُ
وَالـوَدْقُ يَسـْتَنُّ عَـنْ أَعْلَـى طَرِيقَتِهِ
حَـوْلَ الجُمَـانِ جَرَى فِي سِلْكِهِ الثُّقَبُ
يَغْشــَى الكِنَـاسَ بِرَوْقَيْـهِ وَيَهْـدِمُهُ
مِـنْ هَـائِلِ الرَّمْـلِ مُنْقَـاضٌ وَمُنْكَثِبُ
إِذَا أَرَادَ انْكِرَاسـاً فِيـهِ عَـنَّ لَـهُ
دُونَ الأَرُومَــةِ مِـنْ أَطْنَابِهَـا طُنُـبُ
وَقَــدْ تَــوَجَّسَ رِكْــزاً مُقْفِـرٌ نَـدُسٌ
بِنَبْـأَةِ الصـَّوْتِ مَـا فِـي سَمْعِهِ كَذِبُ
فَبَـــاتَ يُشــْئِزُهُ ثَــأْدٌ وَيُســْهِرُهُ
تَـذَؤُّبُ الرِّيـحِ وَالوَسـْوَاسُ وَالهِضـَبُ
حَتَّـى إِذَا مَـا جَلَا عَـنْ وَجْهِـهِ فَلَـقٌ
هَـادِيهِ فِـي أُخْرَيَـاتِ اللَّيْلِ مُنْتَصِبُ
أَغْبَــاشَ لَيْـلٍ تِمَـامٍ كَـانَ طَـارَقَهُ
تَطَخْطُـخُ الغَيْـمِ حَتَّـى مَـا لَـهُ جُوَبُ
غَــدَا كَــأَنَّ بِــهِ جِنّــاً تَـذَاءَبَهُ
مِــنْ كُـلِّ أَقْطَـارِهِ يَخْشـَى وَيَرْتَقِـبُ
حَتَّى إِذَا مَا لَهَا فِي الجَدْرِ وَاتَّخَذَتْ
شـَمْسُ النَّهَـارِ شـُعَاعاً بَيْنَهَـا طِبَبُ
وَلَاحَ أَزْهَـــرُ مَشـــْهُورٌ بِنُقْبَتِـــهِ
كَــأَنَّهُ حِيــنَ يَعْلُـو عَـاقِراً لَهَـبُ
هَـــاجَتْ لَــهُ جُــوَّعٌ زُرْقٌ مُخَصــَّرَةٌ
شــَوَازِبٌ لَاحَهَـا التَّغْرِيـثُ وَالجَنَـبُ
غُضــْفٌ مُهَرَّتَــةُ الأَشــْدَاقِ ضــَارِيَةٌ
مِثْـلُ السَّرَاحِينِ فِي أَعْنَاقِهَا العَذَبُ
وَمُطْعَــمُ الصــَّيْدِ هَبَّــالٌ لِبُغْيَتِـهِ
أَلْفَـى أَبَـاهُ بِـذَاكَ الكَسـْبِ يَكْتَسِبُ
مُقَــزَّعٌ أَطْلَــسُ الأَطْمَـارِ لَيْـسَ لَـهُ
إِلَّا الضـــَّرَاءَ وإِلَّا صــَيْدَهَا نَشــَبُ
فَانْصـَاعَ جَـانِبَهُ الوَحْشـِيَّ وَانْكَدَرَتْ
يَلْحَبْـنَ لَا يَـأْتَلِي المَطْلُوبُ وَالطَّلَبُ
حَتَّـى إِذَا دَوَّمَـتْ فِـي الأَرْضِ رَاجَعَـهُ
كِبْـرٌ وَلَـوْ شـَاءَ نَجَّـى نَفْسَهُ الهَرَبُ
خَزَايَــةً أَدْرَكَتْــهُ بَعْــدَ جَــوْلَتِهِ
مِنْ جَانِبِ الحَبْلِ مَخْلُوطاً بِهَا الغَضَبُ
فَكَـفَّ مِـنْ غَرْبِـهِ وَالغُضـْفُ يَسـْمَعُهَا
خَلْـفَ السـَّبِيبِ مِـنَ الإِجْهَـادِ تَنْتَحِبُ
حَتَّــى إِذَا أَدْرَكَتْــهُ وَهْـوَ مُنْحَـرِفٌ
أَوْ كَـادَ يُمْكِنُهَـا العُرْقُوبُ وَالذَّنَبُ
بَلَّــتْ بِــهِ غَيْــرَ طَيَّـاشٍ وَلَا رَعِـشٍ
إِذْ جُلْـنَ فِـي مَعْرَكٍ يُخْشَى بِهِ العَطَبُ
فَكَــرَّ يَمْشـُقُ طَعْنـاً فِـي جَوَاشـِنِهَا
كَـأَنَّهُ الأَجْـرَ فِـي الإِقْبَـالِ يَحْتَسـِبُ
فَتَــارَةً يَخِــضُ الأَعْنَـاقَ عَـنْ عُـرُضٍ
وَخْضــاً وَتُنْتَظَـمُ الأَسـْحَارُ وَالحُجُـبُ
يُنْحِـي لَهَـا حَـدَّ مَـدْرِيٍّ يَجُـوفُ بِـهِ
حَــالاً وَيَصــْرُدُ حَــالاً لَهْـذَمٌ سـَلِبُ
حَتَّــى إِذَا كُــنَّ مَحْجُـوزاً بِنَافِـذَةٍ
وَزَاهِقـــاً وَكِلَا رَوْقَيْـــهِ مُخْتَضــِبُ
وَلَّـى يَهُـزُّ انْهِزِامـاً وَسـْطَهَا زَعِلاً
جَـذْلَانَ قَـدْ أَفْرَخَـتْ عَنْ رُوعِهِ الكُرَبُ
كَــأَنَّهُ كَــوْكَبٌ فِــي إِثْـرِ عِفْرِيَـةٍ
مُســَوَّمٌ فِـي سـَوَادِ اللَّيْـلِ مُنْقَضـِبُ
وَهُــنَّ مِــنْ وَاطِــئٍ ثِنْيَـيْ حَـوِيَّتِهِ
وَنَاشــِجٍ وَعَوَاصــِي الجَـوْفِ تَنْشـَخِبُ
أَذَاكَ أَمْ خَاضــِبٌ بِالســِّيِّ مَرْتَعُــهُ
أَبُــو ثَلَاثِيـنَ أَمْسـَى وَهْـوَ مُنْقَلِـبُ
شـَخْتُ الجُـزَارَةِ مِثْـلُ البَيْتِ سَائِرُهُ
مِــنَ المُســُوحِ خِــدَبٌّ شـَوْقَبٌ خَشـِبُ
كَــأَنَّ رِجْلَيْـهِ مِسـْمَاكَانِ مِـنْ عُشـَرٍ
صـَقْبَانِ لَـمْ يَتَقَشـَّرْ عَنْهُمَـا النَّجَبُ
أَلْهَـــاهُ آءٌ وَتَنُّـــومٌ وَعُقْبَتُـــهُ
مِـنْ لَائِحِ المَـرْوِ وَالمَرْعَـى لَهُ عُقَبُ
يَظَــلُّ مُخْتَضــِعاً يَبْــدُو فَتُنْكِــرُهُ
حَــالاً وَيَســْطَعُ أَحْيَانــاً فَيَنْتَسـِبُ
كَـــأَنَّهُ حَبَشـــِيٌّ يَبْتَغِــي أَثَــراً
أَوْ مِـنْ مَعَاشـِرَ فِـي آذَانِهَا الخُرَبُ
هَجَنَّــعٌ رَاحَ فِــي ســَوْدَاءَ مُخْمَلَـةٍ
مِـنَ القَطَـائِفِ أَعْلَـى ثَـوْبِهِ الهُدَبُ
أَوْ مُقْحَــمٌ أَضـْعَفَ الإِبْطَـانَ حَـادِجُهُ
بِـالأَمْسِ فَاسـْتَأْخَرَ العِـدْلَانِ وَالقَتَبُ
أَضـــَلَّهُ رَاعِيــاً كَلْبِيَّــةٍ صــَدَرَا
عَـنْ مُطْلِـبٍ وَطُلـى الأَعْنَـاقِ تَضـْطَرِبُ
فَأَصـْبَحَ البَكْـرُ فَـرْداً مِـنْ حَلَائِلِـهِ
يَرْتَــادُ أَحْلِيَــةً أَعْجَازُهَــا شـَذَبُ
عَلَيْـــهِ زَادٌ وَأَهْـــدَامٌ وَأَخْفِيَــةٌ
قَـدْ كَـادَ يَسـْتَلُّهَا عَنْ ظَهْرِهِ الحَقَبُ
كُـلٌّ مِـنَ المَنْظَـرِ الأَعْلَـى لَـهُ شَبَهٌ
هَـذَا وَهَـذَانِ قَـدُّ الجِسـْمِ والنُّقَـبُ
حَتَّـى إِذَا الهَيْـقُ أَمْسَى شَامَ أَفْرُخَهُ
وَهُــنَّ لَا مُــؤْيِسٌ نَأْيــاً وَلَا كَثَــبُ
يَرْقَــدُّ فِــي ظِــلِّ عَـرَّاصٍ وَيَطْـرُدُهُ
حَفِيــفُ نَافِجَــةٍ عُثْنُونُهَــا حَصــِبُ
تَبْــرِي لَـهُ صـَعْلَةٌ خَرْجَـاءُ خَاضـِعَةٌ
فَـالخَرْقُ دُونَ بَنَـاتِ البَيْـضِ مُنْتَهَبُ
كَأَنَّهَــا دَلْــوُ بِئْرٍ جَــدَّ مَاتِحُهَـا
حَتَّـى إِذَا مَـا رَآهَـا خَـانَهُ الكَرَبُ
وَيْلُمِّهَــا رَوْحَــةٌ وَالرِّيـحُ مُعْصـِفَةٌ
وَالغَيْــثُ مُرْتَجِـزٌ وَاللَّيْـلُ مُقْتَـرِبُ
لَا يَــذْخَرَانِ مِــنَ الإِيغَـالِ بَاقِيَـةً
حَتَّــى تَكَـادُ تَفَـرَّى عَنْهُمَـا الأُهُـبُ
فَكُـلُّ مَـا هَبَطَـا فِـي شـَأْوِ شَوْطِهِمَا
مِــنَ الأَمَـاكِنِ مَفْعُـولٌ بِـهِ العَجَـبُ
لَا يَأْمَنَـانِ سـِبَاعَ اللَّيْـلِ أَوْ بَرَداً
إِنْ أَظْلَمَـا دُونَ أَطْفَـالٍ لَهَـا لَجَـبُ
جَـاءَتْ مِنَ البَيْضِ زُعْراً لَا لِبَاسَ لَهَا
إِلَّا الـــــدَّهَاسُ وَأُمٌّ بَــــرَّةٌ وَأَبُ
كَأَنَّمَــا فُلِّقَــتْ عَنْهَــا بِبَلْقَعَــةٍ
جَمَـــاجِمٌ يُبَّــسٌ أَوْ حَنْظَــلٌ خَــرِبُ
مِمَّــا تَقَيَّــضَ عَــنْ عُــوجٍ مُعَطَّفَـةٍ
كَأَنَّهَــا شــَامِلٌ أَبْشــَارَهَا جَــرَبُ
أَشـْدَاقُهَا كَصـُدُوعِ النَّبْـعِ فِـي قُلَلٍ
مِثْـلِ الدَّحَارِيـجِ لَمْ يَنْبُتْ لَهَا زَغَبُ
كَــأَنَّ أَعْنَاقَهَــا كُــرَّاثُ ســَائِفَةٍ
طَــارَتْ لَفَــائِفُهُ أَوْ هَيْشــَرٌ سـُلُبُ
ذُو الرُّمَّةِ هُوَ غَيلانُ بنُ عُقْبَةَ العَدَوِيِّ، وُلِدَ فِي بادِيةِ نَجْدٍ وكانَ يَحْضُرُ إِلى اليَمامَةِ والبَصْرَةِ. كانَ شَدِيدَ القِصَرِ دَمِيماً يَضْرِبُ لَونُهُ إِلى السَّوادِ، وَهُوَ مِنْ فُحُولِ الشُّعراءِ فِي العَصْرِ الأُمَوِيِّ، عدَّهُ ابنُ سلَّامٍ فِي طَبقاتِهِ مِنْ شُعراءِ الطَّبَقَةِ الثّانِيَةِ الإِسْلامِيِّينَ، قالَ عَنْهُ أَبُو عَمْرِو بنُ العَلاءِ: فُتِحَ الشِّعرُ بامْرِئِ القَيسِ وخُتِمَ بِذِي الرُّمَّةِ. وقَدْ امْتازَ فِي شِعْرِهِ بِإِجادَةِ التَّشْبِيهِ، وَهُوَ مِنْ عُشَّاقِ العَرَبِ كانَ يُشبِّبُ بِمَيَّةَ المِنْقَرِيَّةِ واشْتُهِرَ بِها، تُوفِّيَ نَحْوَ سَنَةِ 117 لِلهجْرَةِ.