
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
أَلَا حَــيِّ رَبْعَ الــدَّارِ قَفْــراً جُنُوبُهَـا
بِحَيْــثُ انْحَنَـى مِـنْ قِنْـعِ حَوْضَى كَثِيبُهَا
دِيَــارٌ لِمَــيٍّ أَصْــبَحَ اليَــوْمَ أَهْلُهَـا
عَلَــــى طِيَّــــةٍ زَوْرَآءَ شـَتَّى شـُعُوبُهَا
وَهَبَّـــتْ بِهَــا الأَرْوَاحُ حَتَّــى تَنَكَّــرَتْ
عَلَــى العَيْــنِ نَكْبَاوَاتُهَــا وَجَنُوبُهَـا
وَأَقْـــوَتْ مِــنَ الآنَــاسِ حَتَّــى كَأَنَّهَـا
عَلَـــى كُــلِّ شـَبْحٍ أُلْــوَةٌ لَا يُصِــيبُهَا
وَحَتَّــى كَــأَنَّ الوَاضـِحَ الأَسـْفَعَ القَـرَا
مِــنَ الــوَحْشِ مَــوْلَى رَسـْمِهَا وَنَسِيبُهَا
أَرَشــَّتْ لَهَــا عَيْنَــاكَ دَمْعــاً كَــأَنَّهُ
كُلَــــى عَيِّـــنٍ شَلْشَـــالُهَا وَصـَبِيبُهَا
أَلَا لَا أَرَى الهِجْـرَانَ يَشـْفِي مِـنَ الهَـوَى
وَلَا وَاشِـــياً عِنْـــدِي بِمَــيٍّ يَعِيبُهَــا
إِذَا هَبَّــتِ الأَرْوَاحُ مِــنْ نَحْــوِ جَــانِبٍ
بِــهِ أَهْــلُ مَــيٍّ هَــاجَ شـَوْقِي هُبُوبُهَا
هَــوىً تَــذْرِفُ العَيْنَــانِ مِنْــهُ وَإِنَّمَا
هَــوَى كُــلِّ نَفْــسٍ حَيْــثُ كَـانَ حَبِيبُهَا
تَنَاســَيْتُ بِـــالهِجْرَانِ مَيّــاً وَإِنَّنِــي
إِلَيْهَـــا لَحَنَّــانُ القَــرُونِ طَرُوبُهَــا
بَــدَا اليَــأْسُ مِــنْ مَـيٍّ عَلَى أَنَّ نَفْسَهُ
طَوِيـــلٌ عَلَـــى آثَــارِ مَــيٍّ نَحِيبُهَـا
وَعَــنْ سـَوْفَ تَـدْعُونِي عَلَـى نَـأْيِ دَارِهَا
دَوَاعِــي الهَــوَى مِــنْ حُبِّهَـا فَأُجِيبُهَا
أَلَا لَيْـــتَ شـِعْرِي هَــلْ يَمُــوتَنَّ عَاصـِمٌ
وَلَـــمْ تَشْــتَعِبْنِي لِلمَنَايَــا شـَعُوبُهَا
دَعَــا اللـهُ مِـنْ حَتْـفِ المَنِيَّـةِ عَاصِماً
بِقَاضِـــيَةٍ يُـــدْعَى لَهَـــا فَيُجِيبُهَــا
وَهَــلْ يَجْمَعَـنْ صـَرْفُ النَّـوَى بَيْنَ أَهْلِهَا
عَلَــى الشـَّحْطِ وَالأَهْـوَاءُ يَـدْعُو غَرِيبُهَا
وَأَشْـــــعَثَ مَغْلُــــوبٍ عَلَـــى شـَدَنِيَّةٍ
يَلُــــوحُ بِهَـــا تَحْجِينُهَــا وَصـَلِيبُهَا
أَخِــــي شـُقَّةٍ رَخْــوِ العِمَامَــةِ مَنَّــهُ
بِتَطْلَابِ حَاجَــــاتِ الفُـــؤَادِ طَلُوبُهَــا
تُجَلِّــي السـُّرَى مِــنْ وَجْهِـهِ عَـنْ صَحِيفَةٍ
عَلَــى السـَّيْرِ مِشْــرَاقٍ كَرِيـمٍ شـُحُوبُهَا
كَــأَنِّي أُنَــادِي مَاتِحــاً فَــوْقَ رَحْلِهَا
وَنَــى عَــرْفُهُ وَالــدَّلْوُ نَـاءٍ قَلِيبُهَـا
رَجَعْـــتُ بِمَـــيٍّ رُوحَـــهُ فِــي عِظَـامِهِ
وَكَــمْ قَبْلَهَــا مِــنْ دَعْــوَةٍ لَا يُجِيبُهَا
وَحَــرْفٍ نِيَــافِ السـَّمْكُ مُقْـوَّرَةِ القَـرَا
دَوَاءُ الفَيَــــافِي مَلْعُهَــا وَخَبِيبُهَــا
كَـــأَنَّ قُتُـــودِي فَوْقَهَــا عُــشُّ طَـائِرٍ
عَلَــى لِينَــةٍ سـَوْقَاءَ تَهْفُــو جُنُوبُهَـا
أَقَمْــــتُ بِهَـــا إِدْلَاجَ شـُعْثٍ يُمِيلُهُــمْ
ســَقَامُ الســُّرَى تَوْصِــيمُهَا وَدَبِيبُهَــا
مُعَـــدِّينَ يَعْــرَوْرُونَ وَاللَّيْــلُ جَــاثِمٌ
عَلَــى الأَرْضِ أَفْيَافــاً مَخُوفـاً رُكُوبُهَـا
بِنَائِيَــةٍ الأَخْفَــافِ مِــنْ شـَعَفِ الـذُّرَى
نِبَـــالٍ تَوَالِيهَـــا رِحَــابٍ جُيُوبُهَــا
زَهَالِيــلَ نَجْــوَاتٍ إِذَا مَــا تَنَــاطَحَتْ
لَنَــا بَيْــنَ أَجْـوَازِ الفَيَـافِي سُهُوبُهَا
إِذَا غَرَّقَــــتْ أَرْبَاضـُهَا ثِنْــيَ بَكْــرَةٍ
بِتَيْهَــاءَ لَــمْ تُصْــبِحْ رَؤُومـاً سَلُوبُهَا
ذُو الرُّمَّةِ هُوَ غَيلانُ بنُ عُقْبَةَ العَدَوِيِّ، وُلِدَ فِي بادِيةِ نَجْدٍ وكانَ يَحْضُرُ إِلى اليَمامَةِ والبَصْرَةِ. كانَ شَدِيدَ القِصَرِ دَمِيماً يَضْرِبُ لَونُهُ إِلى السَّوادِ، وَهُوَ مِنْ فُحُولِ الشُّعراءِ فِي العَصْرِ الأُمَوِيِّ، عدَّهُ ابنُ سلَّامٍ فِي طَبقاتِهِ مِنْ شُعراءِ الطَّبَقَةِ الثّانِيَةِ الإِسْلامِيِّينَ، قالَ عَنْهُ أَبُو عَمْرِو بنُ العَلاءِ: فُتِحَ الشِّعرُ بامْرِئِ القَيسِ وخُتِمَ بِذِي الرُّمَّةِ. وقَدْ امْتازَ فِي شِعْرِهِ بِإِجادَةِ التَّشْبِيهِ، وَهُوَ مِنْ عُشَّاقِ العَرَبِ كانَ يُشبِّبُ بِمَيَّةَ المِنْقَرِيَّةِ واشْتُهِرَ بِها، تُوفِّيَ نَحْوَ سَنَةِ 117 لِلهجْرَةِ.