
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
أَمَنْزِلَتَــــيْ مَـــيِّ سَلَامٌ عَلَيْكُمَــا
هَـــلِ الأَزْمُـنُ الّلائِي مَضَيْنَ رَوَاجِـعُ
وَهَلْ يَرْجِعُ التَّسْلِيمَ أَوْ يَكْشِفُ العَمَى
ثَلَاثُ الأَثَــافِي وَالرُّسُــومُ البَلَاقِـعُ
تَوَهَّمْتُهَــا يَوْمــاً فَقُلْـتُ لِصَـاحِبِي
وَلَيْــسَ بِهَـا إِلَّا الظِّبَـاءُ الخَوَاضِعُ
وَمَوْشـِيَّةٌ سـُحْمُ الصَّيَاصِــي كَأَنَّهَــا
مُجَلَّلَــةٌ حُــوٌّ عَلَيْهَــا البَرَاقِــعُ
حَرُونِيَّـــةُ الأَنْسَــابِ أَوْ أَعْوَجِيَّــةٌ
عَلَيْهَـا مِـنَ القَهْزِ المُلَاءُ النَّوَاصِعُ
تَجَـــوَّبْنَ مِنْهَـا عَـنْ خُـدُودٍ وَشُمِّرَتْ
أَسَـافِلُهَا مِـنْ حَيْـثُ كَـانَ المَذَارِعُ
قَـفِ العِيـسَ نَنْظُرْ نَظْرَةً فِي دِيَارِهَا
فَهَــلْ ذَاكَ مِـنْ دَاءِ الصَّبَابَةِ نَافِعُ
فَقَــالَ أَمَـا تَغْشَـى لِمَيَّـةَ مَنْـزِلاً
مِـنَ الأَرْضِ إِلَّا قُلْـتَ هَـلْ أَنْـتَ رَابِعُ
وَقَـــلَّ إِلَـــى أَطْلَالِ مَــيٍّ تَحِيَّــةٌ
تُحَيَّـا بِهَـا أَوْ أَنْ تَـرِشَّ المَـدَامِعُ
أَلَا أَيُّهَـا القَلْـبُ الَّـذِي بَرَّحَـتْ بِهِ
مَنَـــازِلُ مَــيٍّ وَالعِـرَانُ الشَّوَاسِعُ
أَفِــي كُــلِّ أَطْلَالٍ لَهَـا مِنْـكَ حَنَّـةٌ
كَمَـا حَـنَّ مَقْـرُونُ الـوَظِيفَيْنِ نَازِعُ
وَلَا بُـرْءَ مِـنْ مَـيٍّ وَقَـدْ حِيلَ دُونَهَا
فَمَـا أَنْـتَ فِيمَـا بَيْنَ هَاتَيْنِ صَانِعٌ
أَمُسْـــتَوْجِبٌ أَجْــرَ الصَّبُورِ فَكَـاظِمٌ
عَلَى الوَجْدِ أَمْ مُبْدِي الضَّمِيرِ فَجَازِعُ
لَعَمْــرُكَ إِنِّـي يَـوْمَ جَرْعَـاءِ مُشْـرِفٍ
لِشـَوْقِي لَمُنْقَــادُ الجَنِيبَـةِ تَـابِعُ
غَـدَاةَ امْتَـرَتْ مَـاءَ العُيُونِ وَنَغَّصَتْ
لُبَانـاً مِنَ الحَاجِ الخُدُورُ الرَّوَافِعُ
ظَعَـــائِنُ يَحْلُلْــنَ الفَلَاةَ وَتَــارَةً
مَحَاضـِرَ عَــذْبٍ لَـمْ تَخُضْـهُ الضَّفَادِعُ
تَـذَكَّرْنَ مَـاءً عُجْمَـةُ الرَّمْـلِ دُونَـهُ
فَهُـــنَّ إِلَــى نَحْوِ الجَنُـوبِ صَوَاقِعُ
تَصـَيَّفْنَ حَتَّـى أَوْجَـفَ البَارِحُ السَّفَا
وَنَشـَّتْ جَرَامِيـزُ اللِّـوَى وَالمَصَـانِعُ
يَسـُفْنَ الخُزَامَـى بَيْـنَ مَيْثَاءَ سَهْلَةٍ
وَبَيْــنَ بِــرَاقٍ وَاجَهَتْهَـا الأَجَـارِعُ
بِهَـا العِيـنُ وَالآرَامُ فَوْضَـى كَأَنَّهَا
ذُبَــالٌ تَــذَكَّى أَوْ نُجُــومٌ طَوَالِـعُ
غَــدَوْنَ فَأَحْسَنَّ الـوَدَاعَ وَلَـمْ نَقُـلْ
كَمَــا قُلْـنَ إِلَّا أَنْ تُشِـيرَ الأَصَـابِعُ
وَأَخْـذُ الهَـوَى فَـوْقَ الحَلَاقِيمِ مُخْرِسٌ
لَنَـــا أَنْ نُحَيِّــي أَوْ نُسَلِّمَ مَـانِعُ
وَقَـدْ كُنْـتُ أَبْكِـي وَالنَّـوَى مُطْمَئِنَّةٌ
بِنَـا وَبِكُمْ مِنْ عِلْمِ مَا البَيْنُ صَانِعُ
وَأَشْـــفَقُ مِــنْ هِجْرَانِكُــمْ وَتَشُفُّنِي
مَخَافَــةُ وَشْكِ البَيْـنِ وَالشَّمْلُ جَامِعُ
وَأَهْجُرُكُــمْ هَجْــرَ البَغِيـضِ وَحُبُّكُـمْ
عَلَـــى كَبِـــدِي مِنْـهُ شُؤُونٌ صَوَادِعُ
وَأَعْمِــــدُ لِلأَرْضِ الَّــتِي لَا أُرِيدُهَا
لِتَرْجِعَنِــي يَوْمـاً إِلَيْـكَ الرَّوَاجِـعُ
فَلَمَّـا عَرَفْنَـا آيَـةَ البَيْـنِ بَغْتَـةً
وَهَـذُّ النَّـوَى بَيْـنَ الخَلِيطَيْنِ قَاطِعُ
لَحِقْنَـا فَرَاجَعْنَـا الحُمُـولَ وَإِنَّمَـا
يُتَلِّـي ذُبَابَـاتِ الـوَدَاعِ المُرَاجِـعُ
عَلَـــى شـَمَّرِيَّاتٍ مَرَاسِـــيلَ وَاسَقَتْ
مَوَاخِيــدَهُنَّ المُعْنِقَــاتُ الـذَّوَارِعُ
فَلَمَّـا تَلَاحَقْنَـا وَلَا مِثْـلُ مَـا بِنَـا
مِـنَ الوَجْـدِ لَا تَنْقَـضُّ مِنْـهُ الأَضَالِعُ
تَخَلَّلْــنَ أَبْــوَابَ الخُـدُورِ بِـأَعْيُنٍ
غَرَابِيـــبَ وَالأَلْــوَانُ بِيـضٌ نَوَاصِعُ
وَخَالَسْــنَ تَبْسَـاماً إِلَيْنَـا كَأَنَّمَـا
تُصِـيبُ بِـهِ حَـبَّ القُلُـوبِ القَـوَارِعُ
وَدَوٍّ كَكَــفِّ المُشْــتَرِي غَيْــرَ أَنَّـهُ
بَسَـــاطٌ لأَخْفَــافِ المَرَاسِـيلِ وَاسِعُ
قَطَعْــتُ وَلَيْلِـي غَـائِبُ الضَّوْءِ جَوْزَهُ
وَأَكْنَـافهُ الأُخْـرَى عَلَـى الأَرْضِ وَاضِعُ
فَأَصْـــبَحْتُ أَرْمِـي كُـلَّ شَبْحٍ وَحَـائِلٍ
كَـــأَنِّي مُسـَوِّي قِسْـمَةِ الأَرْضِ صَـادِعُ
كَمَـا نَفَـضَ الأَشْـبَاحَ بِـالطَّرْفِ غُدْوَةً
مِـنَ الطَّيْرِ أَقْنَى أَشْهَلُ العَيْنِ وَاقِعُ
ثَنَتْـهُ عَـنِ الأَقْنَـاصِ يَوْمـاً وَلَيْلَـةً
أَهَاضِـيبُ حَتَّـى أَقْلَعَـتْ وَهْـوَ جَـائِعُ
وَرَعْــنٍ يَقُــدُّ الآلَ قَــدّاً بِخَطْمِــهِ
إِذَا غَرِقَـتْ فِيـهِ القِفَـافُ الخَوَاشِعُ
تَـرَى الرِّيعَـةَ القَوْدَاءَ مِنْهُ كَأَنَّهَا
مُنَــادٍ بِـأَعْلَى صَوْتِهِ القَـوْمَ لَامِـعُ
فَلَاةٌ رُجُــوعُ الكُـدْرِ أَطْلَاؤُهَـا بِهَـا
مِــنَ المَـاءِ تَـأْوِيبٌ وَهُـنَّ رَوَابِـعُ
جَــدَعْتُ بِأَنْقَــاضٍ حَرَاجِيــجِ أَنْفَـهُ
إِذَا الـرِّئْمُ أَضْحَى وَهْوَ عِرْقاً مُضَاجِعُ
غُرَيْرِيَّــــةُ الأَنْسَـــابِ أَوْ شَدْقَمِيَّةٌ
عِتَـــاقُ الـــذَّفَارَى وُسَّجٌ وَمَوَالِـعُ
طَوَى النَّحْزُ وَالأَجْزَازُ مَا فِي غُرُوضِهَا
فَمَــا بَقِيَــتْ إِلَّا الصُّدُورُ الجَرَاشِعُ
لِأَحْنَــاءَ أَلْحَيْهَــا بِكُــلِّ مَفَــازَةٍ
إِذَا قَلِقَــــتْ أَغْرَاضـُهُنَّ قَعَـــاقِعُ
ذُو الرُّمَّةِ هُوَ غَيلانُ بنُ عُقْبَةَ العَدَوِيِّ، وُلِدَ فِي بادِيةِ نَجْدٍ وكانَ يَحْضُرُ إِلى اليَمامَةِ والبَصْرَةِ. كانَ شَدِيدَ القِصَرِ دَمِيماً يَضْرِبُ لَونُهُ إِلى السَّوادِ، وَهُوَ مِنْ فُحُولِ الشُّعراءِ فِي العَصْرِ الأُمَوِيِّ، عدَّهُ ابنُ سلَّامٍ فِي طَبقاتِهِ مِنْ شُعراءِ الطَّبَقَةِ الثّانِيَةِ الإِسْلامِيِّينَ، قالَ عَنْهُ أَبُو عَمْرِو بنُ العَلاءِ: فُتِحَ الشِّعرُ بامْرِئِ القَيسِ وخُتِمَ بِذِي الرُّمَّةِ. وقَدْ امْتازَ فِي شِعْرِهِ بِإِجادَةِ التَّشْبِيهِ، وَهُوَ مِنْ عُشَّاقِ العَرَبِ كانَ يُشبِّبُ بِمَيَّةَ المِنْقَرِيَّةِ واشْتُهِرَ بِها، تُوفِّيَ نَحْوَ سَنَةِ 117 لِلهجْرَةِ.