
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
أَلَا أَيُّهَــذَا المَنْـزِلُ الـدَّارِسُ اسْلَمِ
وَســُقِّيتَ صـَوْبَ البَــاكِرِ المُتَغَيِّــمِ
وَلَا زَالَ مَسْـــنُوّاً تُرَابُــكَ تَسْــتَقِي
عَزَالِـــيَ بَــرَّاقِ العَــوَارِضِ مُـرْزِمِ
وَإِنْ كُنْــتَ قَـدْ هَيَّجْتَ لِي دُونَ صُحْبَتِي
رَجِيــعَ هَـوىً مِـنْ ذِكْـرِ مَيَّـةَ مُسْـقِمِ
هَــوىً كَـادَتِ العَيْنَـانِ يَفْرُطُ مِنْهُمَا
لَـــهُ سـَنَنٌ مِثْـلُ الجُمَـانِ المُنَظَّـمِ
وَمَــاذَا يَهِيـجُ الشَّوْقَ مِنْ رَسْمِ دِمْنَةٍ
عَفَــتْ غَيْـرَ مِثْـلِ الحِمْيَـرِيِّ المُسَهَّمِ
أَرَبَّــتْ بِهَـا الأَمْطَـارُ حَتَّـى كَأَنَّهَـا
كِتَـــابُ زَبُـورٍ فِـي مَهَـارِيقَ مُعْجَـمِ
وَكُـــلُّ نَـؤُوجٍ يَنْبَـرِي مِـنْ جُنُوبِهَـا
بِتَسْــهَاكِ ذَيْـلٍ مِـنْ فُـرَادَى وَمُـتْئِمِ
أَضـَرَّتْ بِهَــا الأَرْوَاحُ أَوْ كُـلُّ ذَبْلَـةٍ
دَرُوجٍ مَــتَى تَعْصـِفْ بِهَا الرِّيحُ تَرْسُمِ
لِمَيَّــةَ عِنْـدَ الـزُّرْقِ لَأْيـاً عَرَفْتُهَـا
بِجُرْثُومَــــــةِ الآرِيِّ وَالمُتَخَيِّــــمِ
وَمُسْــتَقْوِسٍ قَــدْ ثَلَّـمَ السَّيْلُ جُـدْرَهُ
شـَبِيهٍ بِأَعْضَــادِ الخَــبِيطِ المُهَـدَّمِ
فَلَمَّــا رَأَيْــتُ الـدَّارَ غَشَّيْتُ عِمَّـتِي
شــَآبِيبَ دَمْـــعٍ لِبسـَةَ المُتَثَلَّـــمِ
مَخَافَـــةَ عَيْنِـــي أَنْ تَنُـمَّ دُمُوعُهَا
عَلَـــيَّ بِأَسْـــرَارِ الضَّمِيرِ المُكَتِّـمِ
أُحِــبُّ المَكَـانَ القَفْرَ مِنْ أَجْلِ أَنَّنِي
بِـــهِ أَتَغَنَّـى بِاسْـمِهَا غَيْـرَ مُعْجِـمِ
وَلَـــمْ يَبْـقَ إِلَّا أَنَّ مَرْجُـوعَ ذِكْرِهَـا
نَهُـــوضٌ بِأَحْشَـاءِ الفُـؤَادِ المُتَيَّـمِ
إِذَا نَــالَ مِنْهَـا نَظْـرَةً هِيـضَ قَلْبُهُ
بِهَــا كَانْهِيَـاضِ المُتْعَـبِ المُتَتَمِّـمِ
تَغَيَّــرْتِ بَعْدِي أَمْ وَشَى النَّاسُ بَيْنَنَا
بِمَــا لَــمْ أَقُلْـهُ مِـنْ مُسَدّىً وَمُلْحَمِ
وَمَــنْ يَـكُ ذَا وَصْـلٍ فَيَسْـمَعْ بِوَصْـلِهِ
أَحَــادِيثَ هَـذَا النَّـاسِ يَصْرِمْ وَيُصْرَمِ
إِلَيْـــكَ أَمِيـــرَ المُـؤْمِنِينَ تَعَسَّفَتْ
بِنَــا البُعْـدَ أَوْلَادُ الجَـدِيلِ وَشَدْقَمِ
نَوَاشـِطَ مِــنْ يَـبْرِينَ أَوْ مِـنْ حِذَائِهِ
مِــنَ الأَرْضِ تَعْمِي فَي النُّحَاسِ المُخَزَّمِ
بِـــأَبْيَضَ مُسْــتَوْفِي الخُطُـومِ كَـأَنَّهُ
جَنَـــى عُشـَرٍ أَوْ نَسْـــجُ قَـزٍّ مُخَـذَّمِ
إِذَا هُــــنَّ عَاسـَرْنَ الأَخِشـَّةَ شـُبْنَهَا
بِأَشْـــكَلَ آنٍ مِـــنْ صـَدِيدٍ وَمِـنْ دَمِ
وَكَــائِنْ تَخَطَّـتْ نَـاقَتِي مِـنْ مَفَـازَةٍ
إِلَيْـــكَ وَمِـــنْ أَحْـوَاضِ مَـاءٍ مُسَدَّمِ
بِأَعْطَــانِهِ القِـرْدَانُ هَزْلَـى كَأَنَّهَـا
نَـــوَادِرُ صَيْصَــاءِ الهَبِيـدِ المُحَطَّمِ
إِذَا ســَمِعَتْ وَطْـءِ الرِّكَــابِ تَنَغَّشـَتْ
حُشَاشَـــاتُهَا فِـي غَيْـرِ لَحْـمٍ وَلَا دَمِ
جَشـَمْتُ إِلَيْــكَ البُعْـدَ لَا فِـي خُصُومَةٍ
وَلَا مُسْـــتَجِيراً مِــنْ جَرِيـرَةِ مُجْـرِمِ
وَلَــوْ شـِئْتُ قَصـَّرْتُ النَّهَـارَ بِطَفْلَـةٍ
هَضِـــيمِ الحَشَـــا بَرَّاقَـةِ المُتَبَسَّمِ
كَـــأَنَّ عَلَـى أَنْيَابِهَـا مَـاءَ مُزْنَـةٍ
بِصـَهْبَاءَ فِــي إِبْرِيــقِ شـَرْبٍ مُفَـدَّمِ
إِذَا قَرَعَــتْ فَـاهُ القَـوَارِيرِ قَرْعَـةً
يَمُــجُّ لَهَـا مِـنْ خَالِصِ اللَوْنِ كَالدَّمِ
تَــرُوحُ عَلَيْهَـا هَجْمَـةٌ مَرْتَـعُ المَهَا
مَرَاتِعُهَـــا وَالقَيْــظُ لَــمْ يَتَجَـرَّمِ
بِوَعْسَـــاءَ دَهْنَاوِيَّــةِ التُّـرْبِ طَيِّـبٍ
بِهَــا نَسـَمُ الأَرْوَاحِ مِــنْ كُـلِّ مَنْسَمِ
تَحِــنُّ إِلَـى الـدَّهْنَا بِخَفَّـانَ نَاقَتِي
وَأَيْـنَ الهَــوَى مِـنْ صَوْتِهَا المُتَرَنِّمِ
إِلَـى إِبِـلٍ بالـزُّرْقِ أَوْطَـانُ أَهْلِهَـا
يَحُلُّـــونَ مِنْهَـا كُـلَّ عَلْيَـاءَ مُعْلَـمِ
مَهَــارِيسَ مِثْـلِ الهَضْبِ تَنْمِي فُحُولُهَا
إِلَـى السِّرِّ مِنْ أَذْوَادِ رَهْطِ ابْنِ قِرْضِمِ
كَـــأَنَّ عَلَـــى أَلْوَانِهَـا كُـلَّ شَتْوَةٍ
جِسَـــادَيْنِ مِــنْ صِبْغَيْنِ وَرْسٍ وَعَنْـدَمِ
يُثَـــوِّرُ غِـــزْلَانَ الصَّرِيمِ اطِّرَادُهَـا
خُطُــوطَ الثَّـرَى مِـنْ كُـلِّ دَلْوٍ وَمِرْزَمِ
بِلَا ذِمَّـــةٍ مِــنْ مَعْشَرٍ غَيْـرِ قَوْمِهَـا
وَغَيْـــرِ صـُدُورِ السـَّمْهَرِيِّ المُقَــوَّمِ
لَهَــا خَطَـرَاتُ العَهْـدِ مِـنْ كُلِّ بَلْدَةٍ
لِقَــوْمٍ وَإِنْ هَـاجَتْ لَهُـمْ عِطْـرَ مَنْشِمِ
نَجَـــائِبُ لَيْسـَتْ مِـنْ مُهُـورِ أُشَـابَةٍ
وَلَا دِيَـــةٍ كَــانَتْ وَلَا كَسْــبِ مَـأْثَمِ
وَلَكِــنْ عَطَــاءُ اللهِ مِـنْ كُـلِّ رِحْلَةٍ
إِلَــى كُــلِّ مَحْجُـوبِ السُّرَادِقِ خِضْـرِمِ
كَرِيــمِ النَّثَـا رَحْـبِ الفِنَـاءِ مُتَوَّجٍ
بِتَـــاجِ بَهَــاءِ المُلْـكِ أَوْ مُتَعَمِّـمِ
تُبَـــرَّكُ بِالسـَّهْلِ الفَضَــاءِ وَتَتَّقِـي
عُـــدَاهَا بِـرَأْسٍ مِـنْ تَمِيـمٍ عَرَمْـرَمِ
تَحَـــدَّبُ سـَعْدٌ وَالرِّبَـــابُ وَرَاءَهَـا
عَلَـــى كُـــلِّ طِــرْفٍ أَعْــوَجِيٍّ مُسَوَّمِ
وَإِنْ شَـــاءَ دَاعِيهَـا أَتَتْـهُ بِمَالِـكٍ
وَشـُهْبَانِ عَمْــرٍ كُــلُّ شـَوْهَاءَ صـِلْدِمِ
وَإِنْ ثَــوَّبَ الـدَّاعِي بِهَـا يَا لِخِنْدِفٍ
فَيَـــا لَــكَ مِــنْ دَاعٍ مُعَـزٍّ مُكَـرَّمِ
وَإِنْ تَــدْعُ قَيْسـاً قَيْـسَ عَيْلَانَ يأْتِهَا
بَنُــو الحَـرْبِ يُسْتَعْلَى بِهِمْ كُلُّ مُعْظَمِ
كَــثَيرُ الحَصَـى عَالٍ لِمَنْ فَوْقَ ظَهْرِهَا
بِهَامَــةِ مُلْـكٍ يَفْنَـخُ النَّـاسَ مُقْـرَمِ
لَهَــا كُـلُّ مَشْـبُوحِ الـذِّرَاعَيْنِ تُتَّقَى
بِــهِ الحَـرْبُ شَعْشَـاعٍ وَأَبْيَـضَ فَـدْغَمِ
إِذَا اسْتَرْسـَلَ الرَّاعِـي رَعَتْهَا مَهَابَةٌ
عَلَــى كُــلِّ مَيَّـاسٍ إِلَى المَوْتِ مُعْلَمِ
ذُو الرُّمَّةِ هُوَ غَيلانُ بنُ عُقْبَةَ العَدَوِيِّ، وُلِدَ فِي بادِيةِ نَجْدٍ وكانَ يَحْضُرُ إِلى اليَمامَةِ والبَصْرَةِ. كانَ شَدِيدَ القِصَرِ دَمِيماً يَضْرِبُ لَونُهُ إِلى السَّوادِ، وَهُوَ مِنْ فُحُولِ الشُّعراءِ فِي العَصْرِ الأُمَوِيِّ، عدَّهُ ابنُ سلَّامٍ فِي طَبقاتِهِ مِنْ شُعراءِ الطَّبَقَةِ الثّانِيَةِ الإِسْلامِيِّينَ، قالَ عَنْهُ أَبُو عَمْرِو بنُ العَلاءِ: فُتِحَ الشِّعرُ بامْرِئِ القَيسِ وخُتِمَ بِذِي الرُّمَّةِ. وقَدْ امْتازَ فِي شِعْرِهِ بِإِجادَةِ التَّشْبِيهِ، وَهُوَ مِنْ عُشَّاقِ العَرَبِ كانَ يُشبِّبُ بِمَيَّةَ المِنْقَرِيَّةِ واشْتُهِرَ بِها، تُوفِّيَ نَحْوَ سَنَةِ 117 لِلهجْرَةِ.