
الأبيات32
مِــن عَهــدِ إيزيــسٍ وَإيزيريسـا
قَبـلَ المَسـيحِ وَقَبـلَ شـِرعَةِ موسى
بَـل قَبلَ ذاكَ الناسُ دانوا بِالَّذي
دانـوا وَقَـد كـانَ المَجوسُ مَجوسا
دانَ الفَراعِـنُ قَبـلَ موسى وَاِرتَدى
بِالـدينِ بـوذا قَبـل مَظهَـر عيسى
مُذ كانَ خَلقُ الناسِ كانَ الدينُ في
أَرواحِهـــم مُتَأَصـــّلاً مَغروســـا
فَمَضـوا بِـهِ شـَتّى المَـذاهِبِ شُرَّداً
يَتَخَبَّطــــونَ دُجنَّـــةً أُدموســـا
كَثُــرَت لَهُــم وَتَجنسـَت أربـابُهُم
فَلَـو اسـتَوَت جَيشـاً لَكـانَ خَميسا
مـا زالَ حُـبُّ الـذّاتِ يَعمَـلُ فيهِمِ
حَتّـى اقتَنـوا لِمُلـوكِهِم تَقديسـا
فَـأَبوا لَهُـم إِلّا النُّبُـوَّةَ مَنـزِلاً
وَأَبــوا لَهُـم إِلّا التَـأَلُّهَ خيسـا
وَإِذا بَلَغـتَ مِـنَ الخَبيءِ رَأَيتَ ما
عَبَــدوهُ شــَيئاً واحِـداً تَأسيسـا
رَمَــزوا بِــهِ عَـن جَـوهَرٍ مُتَرَفِّـعٍ
يَحتــاطُ أَرواحــاً لَهُـم وَنُفوسـا
فَتَصــــَوَّروهُ لهبَـــةً مَشـــبوبَةً
وَتَخَيَّلــــوهُ أَشـــِعَّةً وَشُموســـا
وَرَأَوا بِـهِ عِظَـمَ العَظـائِمِ كُلِّهـا
وَالحسـنَ اجمَـعَ وَالرَّخـا وَالبوسا
فَـالزَّهرَةُ الحسنا وَميليتا وَعِشتا
روتُ وَالعِـــزّى إِلـــى إِيزيســا
هَبَــلٌ وَباعَـلُ قَبلَـهُ وَأَمـونُ مَـع
ديســارسٍ نينــوسُ مــع جاويسـا
وَالشـَّمسُ وَالقَمَـرُ المُنيـرُ وَأَنجُمٌ
ســَطَعَت وَنيــرانٌ تَشــُبُّ قبوســا
هِـيَ رَمـزُ شـَيءٍ واحِـدٍ وَلَـو انَّهُم
قَـد أكثَـروا التَّنويعَ وَالتَّجنيسا
مَعنـــاهُ أَنَّ وَراءَ عِلمِــكَ عِلَّــةً
مــا زالَ فهمُـكَ دونهـا مَحبوسـا
فَـدَعِ الحَنيفَـة وَاليَهـودَ وَشَأنهم
وَالعيســـَوِيَّ وَصــحب كَنفاشوســا
وَذَرِ التَكَهُّــنَ وَالتَعَـرُّف وَالرُّقـى
وَالســِّحرَ وَالتَّنجيـمَ وَالتَّحبيسـا
وَالجِـــنَّ وَالأَملاكَ طــرّاً وَالَّــذي
يَــدعونَهُ فــي عُرفِهِــم إِبليسـا
وَاعمَـد إِلـى الوِجدانِ لا تَعدِل بِهِ
شـَيئاً وَلَـو مَطَـرَ الغَمـامُ طقوسا
فَالـدينُ مـا سـَنَّ الضـَّميرُ مُحذِّراً
يَومــاً عَلـى المُتَعَطِّليـنَ عَبوسـا
جـلَّ الَّـذي خَلَـقَ الوُجـودَ وَأَوجَـدَ
الإِنســانَ حُــرّاً مِثلَــهُ قدّوســا
إِن شـاءَ نـالَ كَمـا يَشـاءُ سَعادَةً
أَو شـاءَ كـانَ كَمـا يَشـَأ مَتعوسا
وَإِذا نَظَـرتَ إِلـى الوُجـودِ رَأَيتَهُ
بِــالحُبِّ يَحيــا سائِسـاً وَمَسوسـا
وَرَأَيـت حُـبَّ الـذّاتِ فيـهِ لَم يَزَل
مِــن يَـومِ رَبِّـكَ لِلبَقـا ناموسـا
لَـولاهُ ضـاعَ عَلـى البَرِيَّـةِ كُلِّهـا
مَعنـى الحَيـاةِ أَو اِغتَدى مَدروسا
وَالنـاسُ لَـولا حُبُّهُـم لِلـذّاتِ مـا
شـَرِبوا عَلـى بَعـضِ الأُمـورِ كُؤوسا
وَبِغَيـرِ صَرحِ الدّينِ عِندَ اليَأسِ لا
تَجِــد النُّفـوسُ معاذَهـا مَأنوسـا
قالوا المُجَرّبُ خَيرُ من وَصَفَ الدَّوا
إِنّــي لـذاكَ فَخُـذ بِقَـولي توسـا
فَأَنـا الَّـذي اتَّخَـذَ المَصائِبَ خِلَّةً
وَاليَـأسَ خِـدناً وَالعَـذابَ جَليسـا
وَالـدين آخِرُ ما يَزولُ إِذا اغتَدَت
هــذي العــوالِمُ ظُلمَـةً حنديسـا
تامر الملاط
العصر الحديثتامر بن يواكيم بن منصور بن سليمان طانيوس إدهالملقب بالملاط.شاعر، له علم بالقضاء من أهل بعبدا (لبنان)، ولد فيها وتعلم، وانتقل إلى بيروت فأقام مدة يقرأ الفقه الإسلامي ويعلم في مدرسة الحكمة، المارونية ثم في مدرسة اليهود.!ونصب رئيساً لكتاب محكمة كسروان فرئيساً لكتاب دائرة الحقوق الاستئنافية، وعزل وأعيد.ثم نقل إلى رئاسة محكمة كسروان، فاستمر ثماني سنين وأوقع به الوشاة في حادث طويل، فاضطرب عقله، وأقام اثني عشر عاماً في ذهول واستيحاش من الناس، إلى أن مات في بعبدا.له شعر جمع بعضه في (ديوان الملاط - ط).
قصائد أخرىلتامر الملاط
شاغِلُ الناسِ في ممزِّ اللَّيالي
لا الأرحبِيُّ وَلا سَليلُ العيدِ
دَعاني أَجرعِ الغَمّا
مِن عَهدِ إيزيسٍ وَإيزيريسا
سَمَحَ القَريضُ إِلَيكَ بَعدَ شِماسِ
روحي فِدى ظَبَياتِ الشّامِ وَالشّامِ
وَلَيلٍ تَكادُ الكَفُّ تلمسُ جِلدَهُ
سامَرتَ ما كذبتكَ نَفسُكَ مُنيَةً
إيهٍ فَما تَحتَ السَّماءِ جَديدُ
اغنَمي الشُكرَ وَفيراً
أَما لِلفَتى في العَيشِ مِن نَكَدٍ بُدُّ
نادَيتَ حِلمَكَ فَاِستَفاقَ مُجيبا
فدىً ليوسف مِن دُنياهُ وامِقُهُ
لَكِ لا لِغَيرِكِ قَد رَهَنتُ فُؤادي
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025