
الأبيات51
نـادَيتَ حِلمَـكَ فَاِسـتَفاقَ مُجيبـا
وَدَعـوتَ رُشـدَكَ فَاِنتَـدَبتَ أَريبـا
فَـاقرِ التَجَلُّدَ مِن تَريبِكَ إِن يَكُن
تَـركَ المُلِـمُّ مِـنَ الخطوبِ تريبا
وَمِـنَ الفَطانَـةِ أَن تُري مُتَغابِياً
إِن كـانَ فَضـلُ العـارِفينَ عُيوبا
فَلَقَـد يُضـِرُّ الفَضـلُ مُحـرِزَ خَصلِهِ
وَتُعَــدُّ أنفـاسُ الكَريـمِ ذُنوبـا
مـا فـي الحَياةِ لِعاقِلٍ أَو جاهِلٍ
صـَفوٌ يَـذوبُ لَـهُ النَّعيـمُ صَبيبا
يَشـقى اللَّبيبُ بِعِبءِ مُطَّلِبِ النُّهى
وَكَفـى الغَبـاوَةَ بِـالغَبِيِّ لُغوبا
فَمِــنَ البَلِيَّـةِ أَن تَكـونَ مُغَفَّلاً
وَمِـنَ البَلِيَّـةِ أَن تَكـونَ لَبيبـا
فَـإِن اِستَطَعتَ وَما أَخالكَ فَاِعتَزِل
وَاِجعَـل نُهـاكَ مُنادِمـاً وَقَريبـا
وَإِذا صــَحِبتَ مُســامِراً فَمُهَـذَّباً
وَإِذا قَصــَدتَ مَمــدحاً فَنجيبــا
سـَمحٌ مَـتى تَعمُـر فِنـاءَ رِحـابِهِ
تَحتَــلّ رَوضـاً بِالرّجـاءِ خَصـيبا
يَلقـــاكَ لا مُتَجَهِّمــاً أَرزاً وَلا
مُتَبَرِّمــاً حـذَرَ السـُّؤالِ قَطوبـا
يُعطــي وَصــَفحَةُ وَجهِـهِ مَصـقولَة
بشــراً كَنـورِ الأقحُـوانِ رَطيبـا
لا يَبلُـغُ الـدينارُ غُفـرَةَ ردنِـهِ
حَتّــى يُفــارِقَ راحَتَيـهِ سـَليبا
فَكَأَنَّمــا آلَــت يَمينــاً كَفُّــهُ
أَن لا تَضــُمَّ الـدِرهَمَ المَضـروبا
لَـو أَنَّ مُهجَتَـه العَزيزَةَ لَم تَكُن
وَقفـاً عَلـى حُـبِّ المَليـكِ حقوبا
خَلَـعَ الحَيـاةَ عَلـى مُؤَمِّـلِ رِفدِهِ
إِن لَـم يَكُـن إِلّا الحَيـاةَ طلوبا
زَنـدُ الخَليفَـةِ عِنـدَ كُـلِّ مُلِمَّـةٍ
دَهيــاء تزجـي أَبؤسـاً وَكروبـا
فــي كُــلِّ يَـومٍ فِعلَـةٌ مَـأثورَةٌ
غَــرّاءُ تَنهَــجُ لِلفخـارِ دُروبـا
مـا جـازَ أَيّـامَ الشـَّبابِ وَإِنَّما
جـازَ الَّـذي يَـدعُ الشَّبابَ مَشيبا
نُوَبـاً مِـنَ الأَحداثِ موثَقَةَ العُرى
ظُلَمــاً دَجــونَ نَـوازِلاً وَخُطوبـا
جَلّــى دُجنَّتهــا بِــوامِضِ بـارِقٍ
مـن رَأي أَروَعَ مـا يَـزالُ صيوبا
فَكَــأَنَّ سـِرَّ الـوَحيِ كـانَ نَجِيَّـه
أَو كـانَ في نَجوى الخَفاءِ رَقيبا
دَرِبٌ إِذا دَجَــتِ السِّياسـَةُ أزمَـةً
لا يُبصـِرُ الحَـدَثَ العَجيـبَ عَجيبا
ثَبتُ الجَنانِ عَلى الكَريهَةِ ينتَحي
صـِدقَ المَقالَـةِ سائِسـاً وَمثيبـا
إِنَّ السِّياسـَةَ مـا حَرِصـتَ نَباهَـةً
لا مـا يُقـالُ بـأن تَكـونَ كَذوبا
ســَمِّ اِسـمَهُ إِن ناصـَبَتكَ سِياسـَةٌ
يَنقــدُ إِلَيـكَ جموحُهـا تَلبيبـا
رَجُـلٌ إِذا نَظَـرَ الطَّـوارئُ نَظـرَةً
يَجتـازُ مِـن علـمِ الأُمـورِ غُيوبا
يُنسـيكَ ناسـِمَةَ الصـَّبا مُتَحَبِّبـاً
وَيُريــكَ تَيّــارَ الخضـمِ غضـوبا
وَيَـرى التَّـأَدّبَ أَن يُرى مُستَبسِلاً
وَيـرى البَسـالَةَ أَن يَكونَ أَديبا
خُلُــقٌ كَسـته المكرمـاتُ رَصـانَةً
بُـرداً مِـنَ الشَّرَفِ الرَّفيعِ قَشيبا
فَكَأَنَّمــا كـانَ الرّبـابُ حَليفَـهُ
أَو كــانَ لِلصـُّبحِ الأَغَـرِّ نَسـيبا
لا يَرتَضـي المَجـدَ المُؤَثَّلَ مَورِداً
حَتّـى يَكـونَ مِـنَ النُّجـومِ قَريبا
إِن تَـدعه تَـدعُ الحُسـامَ عَزيمَـةً
وَالطَّـودَ حلمـاً وَالنَّوافِـجَ طيبا
وَإِذا سـَما لَكَ يَومَ مُعتَركِ النُّهى
طَلــقَ الأَسـِرَّةِ بِـالخُطوبِ لَعوبـا
وَغَـدَت تحـرّك مِـن دَقـائِقِ ذِهنِـهِ
نــارٌ تُغـادِرُ بِـالقُلوبِ وَجيبـا
أَيقَنـتَ أَنَّ مِـنَ اللَّهيـبِ خَواطِراً
وَدَرَيـتَ أَنَّ مِـنَ الـذَّكاءِ لَهيبـا
عَطَـفَ المَليـكُ عَلَيـهِ عَطفَةَ وامِقٍ
تَرَكـتَ بِعاطِفَـةِ الحَسـودِ نـدوبا
حَلّـى بِـهِ دسـت الـوزارَة مَنصِباً
خَطِـراً إِذا عَثَـرَ الهمـامُ رَهيبا
لا تَســتَقِلُّ إِلَيــهِ هِمَّــةُ ماجِـدٍ
إِن لَـم يُعَـدُّ مِـنَ الدَّهاءِ ضَروبا
يَجـري عَلى نَهجِ النَّجيبِ مَتى يرد
وِردَ المَفــاخِر يَمـترِ الشـّؤوبا
طَـرِبٌ إِلـى نَغَمِ الحَقيقَةِ إِن يَقُل
صـَدَعَ الزَّمـانُ بِمـا يَقولُ خَطيبا
فاهنَأ أَميرَ الفَضلِ إِنَّ المَجدَ ما
أنشـَأتَ مِـن كَـرَمِ الفِعالِ غريبا
وَاعـذُر تَحَـرُّقَ حاسـِديكَ فَمـا هُمُ
بِالظالِميــكَ وَلا أَتـوا تثريبـا
فَسـناءُ مَجـدٍ مِثـلُ مَجـدِكَ خـازِنٌ
لِلنَّجـمِ يَحسـده السـماكُ طليبـا
شـَأوٌ بَلَغـتَ إِلَيـهِ غَيـرَ مواكـل
عَــدوَ الظَّليـمِ وَتـارَةً تَقريبـا
عُنُقـي لِحَـدِّ المَشـرفية إِن يَكُـن
أو كـانَ مِثلُـكَ خَضـرَماً وَنَجيبـا
يَـروي شَمائِلَك المِدادُ عَنِ النُّهى
فَيَكـادُ يَسـطَعُ بِالبَيـاضِ خَضـيبا
تَعِبَ القَريضُ مِنَ الثَّناءِ وَلَم يَنَل
مِمّــا يُحـاوِلُ أَن يَنـالَ نَصـيبا
إِنَّ المرجّــي عَـدَّ وَصـفك مادِحـاً
مِثــل المرجـى لِلبِحـارِ نضـوبا
وَمُؤَمِّــلٌ مَــسَّ الســُّهى بِيَمينِـهِ
مُتَطلـب لَـكِ فـي الزَّمـانِ ضَريبا
إِن كـانَ لَيـسَ لِشـَمس فَضـل مَغرِبٌ
أقســَمتُ أَنَّــكَ لا تُسـامُ غروبـا
تامر الملاط
العصر الحديثتامر بن يواكيم بن منصور بن سليمان طانيوس إدهالملقب بالملاط.شاعر، له علم بالقضاء من أهل بعبدا (لبنان)، ولد فيها وتعلم، وانتقل إلى بيروت فأقام مدة يقرأ الفقه الإسلامي ويعلم في مدرسة الحكمة، المارونية ثم في مدرسة اليهود.!ونصب رئيساً لكتاب محكمة كسروان فرئيساً لكتاب دائرة الحقوق الاستئنافية، وعزل وأعيد.ثم نقل إلى رئاسة محكمة كسروان، فاستمر ثماني سنين وأوقع به الوشاة في حادث طويل، فاضطرب عقله، وأقام اثني عشر عاماً في ذهول واستيحاش من الناس، إلى أن مات في بعبدا.له شعر جمع بعضه في (ديوان الملاط - ط).
قصائد أخرىلتامر الملاط
شاغِلُ الناسِ في ممزِّ اللَّيالي
لا الأرحبِيُّ وَلا سَليلُ العيدِ
دَعاني أَجرعِ الغَمّا
مِن عَهدِ إيزيسٍ وَإيزيريسا
سَمَحَ القَريضُ إِلَيكَ بَعدَ شِماسِ
روحي فِدى ظَبَياتِ الشّامِ وَالشّامِ
وَلَيلٍ تَكادُ الكَفُّ تلمسُ جِلدَهُ
سامَرتَ ما كذبتكَ نَفسُكَ مُنيَةً
إيهٍ فَما تَحتَ السَّماءِ جَديدُ
اغنَمي الشُكرَ وَفيراً
أَما لِلفَتى في العَيشِ مِن نَكَدٍ بُدُّ
نادَيتَ حِلمَكَ فَاِستَفاقَ مُجيبا
فدىً ليوسف مِن دُنياهُ وامِقُهُ
لَكِ لا لِغَيرِكِ قَد رَهَنتُ فُؤادي
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025