
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
ســـَأعيشُ رَغْــمَ الــدَّاءِ والأَعــداءِ
كالنَّســـْر فــوقَ القِمَّــةِ الشــَّمَّاءِ
أرْنُـو إلـى الشـَّمْسِ المُضـِيئةِ هازِئاً
بالســــُّحْبِ والأَمطـــارِ والأَنـــواءِ
لا أرْمـــقُ الظِّــلَّ الكئيــبَ ولا أرَى
مَــا فــي قَــرارِ الهُـوَّةِ السـَّوداءِ
وأَسـيرُ فـي دُنيـا المَشـَاعرِ حالِمـاً
غَـــرِداً وتلــكَ ســَعادةُ الشــعَراءِ
أُصــْغي لمُوســيقى الحَيـاةِ وَوَحْيِهـا
وأذيــبُ روحَ الكَــوْنِ فــي إنْشـَائي
وأُصـــيخُ للصـــَّوتِ الإِلهــيِّ الَّــذي
يُحْيـــي بقلـــبي مَيِّـــتَ الأَصــْداءِ
وأقــولُ للقَــدَرِ الَّــذي لا ينثنــي
عَـــنْ حَـــرْبِ آمـــالي بكـــلِّ بَلاءِ
لا يُطْفِــئُ اللَّهـبَ المؤجَّـجَ فـي دمـي
مــــوجُ الأســـى وعواصـــفُ الأَزراءِ
فاهــدمْ فـؤادي مـا اسـتطعتَ فـانَّهُ
ســـيكون مثــلَ الصــَّخرة الصــَّمَّاءِ
لا يعـرفُ الشـَّكوى الذليلَـة والبكـا
وضــــراعَة الأَطفـــالِ والضـــّعفاءِ
ويعيـــشُ جبَّـــاراً يحــدِّق دائمــاً
بــالفجر بـالفجرِ الجميـلِ النَّـائي
إِملأْ طريقـــي بالمخــاوفِ والــدُّجى
وزوابــــعِ الأَشـــواكِ والحصـــباءِ
وانْشــر عليـه الرُّعـب واثـر فـوقه
رُجُــمَ الــرَّدى وصــواعقَ البأســاءِ
ســَأَظلُّ أمشــي رغــمَ ذلــك عازفـاً
قيثــــارتي مترنِّمــــاً بغنـــائي
أَمشـــي بـــروحٍ حـــالمٍ متَوَهِّـــجٍ
فــــــي ظُلمــــــةِ الآلامِ والأَدواءِ
النُّــور فــي قلـبي وبيـنَ جـوانحي
فَعَلامَ أخشــى الســَّيرَ فـي الظلمـاءِ
إنِّــي أنـا النَّـايُ الَّـذي لا تنتهـي
أنغـــامُهُ مــا دام فــي الأَحيــاءِ
وأنــا الخِضـَمُّ الرحْـبُ ليـس تزيـدُهُ
إلاَّ حيـــــاةً ســــَطْوةُ الأَنــــواءِ
أمَّــا إِذا خمــدت حيــاتي وانقضـى
عُمُـــري وأخرســَتِ المنيَّــةُ نــائي
وخبـا لهيـبُ الكـون فـي قلبي الَّذي
قــد عــاش مِثْـلَ الشـُّعْلَةِ الحمـراءِ
فأنـــا الســَّعيد بــأنَّني مُتحــوِّلٌ
عـــن عـــالمِ الآثــامِ والبغضــاءِ
لأذوبَ فــي فجــر الجمـال السـرمديِّ
وأرتـــوي مـــن مَنْهَـــلِ الأَضــواءِ
وأَقــولُ للجَمْــعِ الَّــذين تجشــَّموا
هَـــدْمي وودُّوا لــو يخــرُّ بنــائي
ورأوْا علــى الأَشــواكِ ظلِّـيَ هامِـداً
فتخيَّلـــوا أَنِّـــي قضــيْتُ ذَمــائي
وغــدوْا يَشــُبُّون اللَّهيـبَ بكـلِّ مـا
وجـــدوا ليشــوُوا فــوقَهُ أشــلائي
ومضــَوْا يَمُــدُّونَ الخُـوَانَ ليـأكلوا
لحمــي ويرتشــفوا عليــه دِمــائي
إنِّــي أقــولُ لهــمْ ووجهــي مُشـرقٌ
وعلـــى شــفاهي بَســْمَةُ اســتهزاءِ
إنَّ المعـــاوِلَ لا تَهُـــدُّ منـــاكبي
والنَّــارَ لا تــأتي علــى أعضــائي
فارموا إلى النَّار الحشائشَ والعبوا
يــا مَعْشــَرَ الأَطفــالِ تحـتَ سـَمائي
وإذا تمـــرَّدتِ العَواصــفُ وانتشــى
بــالهولِ قلْــبُ القبَّــةِ الزَّرقــاءِ
ورأيتمــــوني طـــائراً مترنِّمـــاً
فـوقَ الزَّوابـعِ فـي الفَضـاءِ النَّائي
فـارموا علـى ظلِّي الحجارةَ واختفوا
خَــوْفَ الرِّيــاحِ الْهــوجِ والأَنــواءِ
وهنـاكَ فـي أمـنِ الـبيوتِ تطـارحوا
غَــــثَّ الحــــديثِ وميِّــــتَ الآراءِ
وترنَّمـــوا مــا شــئتمُ بِشــَتَائمي
وتجـــاهَروا مــا شــئتمُ بعِــدائي
أمَّــا أنــا فــأُجيبكمْ مِـنْ فـوقكمْ
والشــَّمسُ والشــَّفقُ الجميــل إزائي
مَــنْ جَــاشَ بـالوحي المقـدَّسِ قلبُـه
لـــم يحتفــل بحِجَــارةِ الفلتــاءِ
أبو القاسم بن محمد بن أبي القاسم الشابي. شاعر تونسي في شعره نفحات أندلسية، ولد في قرية الشابية من ضواحي توزر عاصمة الواحات التونسية في الجنوب. قرأ العربية بالمعهد الزيتوني بتونس وتخرج من مدرسة الحقوق التونسية وعلت شهرته. ومات شاباً بمرض الصدر ودفن في روضة الشابي بقريته. له (ديوان شعر -ط) و(كتاب الخيال الشعري عند العرب) و(آثار الشلبي -ط) و(مذكرات -ط).مولده 24 فبراير 1909 ووفاته 9 اكتوبر 1934 .