
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
يـا لَيْتَ شِعْري هلْ لِلَيْلِ الن
نَفْـــسِ مِــنْ صــُبحٍ قَريــبْ
فَتَقُــــرَّ عاصــــِفَةُ الظَّلامِ
ويَهْجَــعَ الرَّعْــدُ الغَضــُوبْ
ويُرَتِّــلَ الإنْســانُ أُغْنِيَــةً
مــــع الـــدُّنيا طُـــرُوبْ
مــا للرِّيــاحِ تَهُــبُّ فــي
الـدُّنيا ويـدرِكُها اللُّغـوبْ
إلاَّ ريــاحي فهــيَ جامِحَــةٌ
تَمَرُّدُهَـــــــا عَصــــــيبْ
مــا لـي تُعَـذِّبني الحيـاةُ
كــــأنَّني خلْـــقٌ غَريـــبْ
وتَهُــدُّ مـن قلـبي الجميـلِ
فهــلْ لقلــبي مِــنْ ذُنـوبْ
وإذا ســَأَلْتُ لِــمَ الوجـودُ
وكُلُّــــهُ هــــمٌّ مُــــذيبْ
قـالتْ نـواميسُ السَّماءِ قَضَتْ
ومـــا لـــكَ مِــنْ هُــرُوبْ
آهٍ علـــــى قلــــبي وإنْ
شـــَقيتُ كَشـــَقْوَتِهِ قُلُــوبْ
أَنقـى مِـنَ المـوج الوضـيءِ
ومِـــنْ نَشــيد العَنــدليبْ
لــم تَقْتَـرفْ إِثـمَ الحيـاةِ
وكــان مأواهــا اللَّهيــبْ
يـا مُهْجَـةَ الغـابِ الجميـلِ
ألـــمْ يُصـــَدِّعْكِ النَّحيــبْ
يــا وجْنَـةَ الـوردِ الأنيـق
ألـــمْ تشـــوِّهْكِ النُّــدوبْ
يـا جـدوَلَ الـوادي الطَّروبَ
أَلـــمْ يُرَنِّقْـــكَ القُطُــوبْ
يــا غيمَـةَ الأُفـقِ الخضـيبِ
أَلـــمْ تُمَزِّقْـــكِ الخُطــوبْ
يـا كـوكبَ الشـَّفَقِ الضـَّحوكَ
أَمَــا ألــمَّ بــكَ الشـُّحُوبْ
هــا أَنْــتَ ذا فــي الأُفـقِ
تَضــْحَكُ لا تُهَــمُّ ولا تَخِيــبْ
تُلقــي علـى قُنَـنِ الجبـالِ
رِداءَ لأْلاءٍ قَشـــــــــــيبْ
لِتَنـامَ أورادُ الجبالِ الشُمِّ
فـــــي مهــــدٍ عَجيــــبْ
ولكــي تغنّيــكَ الجَــداولُ
لَحْنَهــا العَــذْبَ الحَــبيبْ
وتَــرَى جَمَالــكَ مِـنْ بنـاتِ
الغـــابِ مِعطـــارٌ لَعُــوبْ
معشـــوقةٌ فـــي فَرْعِهـــا
تــاجٌ مِـنَ الـوَرْدِ الخَضـيبْ
تَتْلُــو أناشــيدَ الرَّبيــعِ
كأنَّهـــا نَجْــوَى القُلُــوبْ
يـا كـوكبَ الشـَّفَقِ الضـَّحُوكِ
وأنـــتَ مبْتَهَــلُ الكَئِيــبْ
لُــحْ فــي الســَّماءِ وغــنِّ
أبنـاء الشـَّقاوَةِ والخُطـوب
أنشـــودةً تَهَــبُ العَــزاءَ
لِكــــلِّ مُبـــتئسٍ غَريـــبْ
فـالطَّير قـدْ أغفـتْ وأَسـْكَتَ
صــوتَها اللَّيــلُ الهَيُــوبْ
وابسـطْ جَناحَـكَ فـي الوُجودِ
فــــإنَّهُ عَــــذْبٌ خَلُـــوبْ
مُتَـــأَلِّقٌ بَيْـــنَ النُّجــومِ
كــــأنَّهُ حُلْــــمٌ طَـــرُوبْ
وانْشـــُرْ ضــِياءَكَ ســاطعاً
ليُنِيــرَ أعمــاقَ القُلُــوبْ
فعَلـى جَوانِبِهـا من الأحزانِ
دَيْجُـــــــورٌ رَهِيـــــــبْ
مَــا للمِيـاهِ نقيَّـةٌ حـوْلي
ويُنْبُــــــوعي مَشــــــُوبْ
مَـا للصـَّباحِ يَعـودُ للدُّنيا
وصــــــُبْحِي لا يَــــــؤُوبْ
مَـا لـي يَضـِيقُ بـي الوجودُ
وكــلُّ مَــا حَــولي رَحيــبْ
مَــا لــي وَجَمْـتُ وكـلُّ مَـا
فــي الغـابِ مُغْتَـرِدٌ طَـروبْ
مَــا لــي شـَقِيتُ وكـلُّ مَـا
فــي الكــونِ أَخَّـاذٌ عَجيـبْ
فــي الأَرضِ أقـدامُ الرَّبيـع
تُلامِـــسُ الســَّهْلَ الجَــديبْ
فــإذا بــه يحيـا ويُنْبِـتُ
رائقَ الزَّهــــرِ الرَّطيـــبْ
وهُنـاكَ أَنْـوارُ النَّهارِ تُطِلُّ
مِــــنْ خَلْــــفِ الغُـــروب
فَتُخَضــِّبَ الأمــواجَ والآفـاقَ
والجَبَــــــل الخَصـــــيبْ
إنَّ الوُجـــــودَ الرَّحْــــبَ
والغَابـاتِ والأُفـقَ الخَضـيبْ
لمْ يَخْبو أشواقُ الحياةْ بها
فَغَادَرَهـــــا القُطُـــــوبْ
أمَّـــا أنـــا فَفَقَـــدْتُها
واللَّيـــلُ مُرْبَـــدٌّ رَهيــبْ
والرِّيــحُ تَعْصــِفُ بـالورود
فعِشـــْتُ ســُخْرِيَةَ الخُطــوب
مهمــا تَضــَاحَكَتِ الحيــاةُ
فـــإنَّني أبـــداً كَئيـــبْ
أُصـــْغي لأَوجــاعِ الكآبَــةِ
والكآبَـــــةُ لا تُجيـــــبْ
فـي مهْجَـتي تَتَـأوَّهُ البَلْوى
ويَعْتَلِــــــجُ النَّحيـــــبْ
ويَضــــُجُّ جبَّـــارُ الأســـى
وتَجيــشُ أمــواجُ الكُــرُوبْ
إنِّــي أنــا الـرُّوحُ الَّـذي
ســيظَلُّ فـي الـدُّنيا غَريـبْ
ويَعيــشُ مُضــْطَلِعاً بـأحزانِ
الشـــــَّبيبَةِ والمَشــــِيبْ
أبو القاسم بن محمد بن أبي القاسم الشابي. شاعر تونسي في شعره نفحات أندلسية، ولد في قرية الشابية من ضواحي توزر عاصمة الواحات التونسية في الجنوب. قرأ العربية بالمعهد الزيتوني بتونس وتخرج من مدرسة الحقوق التونسية وعلت شهرته. ومات شاباً بمرض الصدر ودفن في روضة الشابي بقريته. له (ديوان شعر -ط) و(كتاب الخيال الشعري عند العرب) و(آثار الشلبي -ط) و(مذكرات -ط).مولده 24 فبراير 1909 ووفاته 9 اكتوبر 1934 .