
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
أَيُّها الليلُ يا أبا البؤسِ والهَوْ
لِ يــا هيكــلَ الحَيـاةِ الرهيـبِ
فيـكَ تَجْثـو عـرائسُ الأمَـلِ العـذْ
بِ تُصـــَلِّي بِصـــَوتهِ المحبـــوبِ
فَيُــثيرُ النَّشــيدُ ذكــرى حيـاةٍ
حَجَبَتْهـــا غُيــومُ دَهْــرٍ كئيــبِ
وتَــرُفُّ الشـُّجونُ مـن حـول قلـبي
بســــُكونٍ وَهَيْبَــــةٍ وقُطــــوبُ
أَنْـتَ يـا ليـلُ أَنْتَ ذرّةٌ صَعَدَتْ لل
كـون مـن مَـوْطِئ الجحيـمِ الغَضوبِ
أَيُّهــا الليــلُ أَنْـتَ نَغْـمٌ شـَجيٌّ
فـي شـفاهِ الـدُّهورِ بَيْـنَ النَّحيبِ
إنَّ أُنشـودة السـُّكونِ الـتي ترتجّ
فــي صــَدْرِكَ الرَّكــودِ الرَّحيــبِ
تُسـْمِعُ النَّفْـسَ فـي هـدوء الأماني
رَنّــةَ الحَــقِّ والجمـال الخَلـوبِ
فَتَصـوغُ القلـوبُ منهـا أغاريـداً
تَهُـــزُّ الحيــاةَ هــزَّ الخُطــوبِ
تتلـوّى الحيـاةُ مـن ألَـم البـؤْ
س فتبكــــي بِلَوْعَـــةٍ ونَحيـــبِ
وعلــى مَســْمَعيكَ تَنْهــلُّ نوحــاً
وعــويلاً مُــرًّا شــجونُ القُلــوبِ
فــأرى بُرْقُعــاً شـفيفاً مـن الأو
جـاعِ يُلقـي عليـكَ شـجوَ الكَئيـبِ
وأرى فـي السـُّكونِ أجنحـة الجـبَّ
ار مُخْضــــَلّةً بِــــدَمعٍ حـــبيبِ
فَلَــكَ اللــه مــن فـؤادٍ رَحيـمٍ
ولــكَ اللــه مــن فـؤادٍ كئيـبِ
يَهْجَـعُ الكَـونُ فـي طمأنينةِ العُصْ
فـــورِ طِفْلاً بِصـــَدرِكَ الغِرِّيـــبِ
وبأحْضـانكَ الرَّحيمـةِ يسـتيقظُ في
نضــــرة الضــــَّحوكِ الطَّـــروبِ
شــادياً كـالطُّيوبِ بالأمـلِ العَـذْ
بِ جميلاً كَبَهْجَـــــةِ الشــــُّؤْبوبِ
يـا ظلامَ الحيـاةِ يـا رَوْعة الحُزْ
نِ ويــا مِعْـزَفَ التَّعيـسِ الغَريـبِ
وبقيثـــارةِ الســـَّكينةِ فــي ك
فَّيْـــكَ تَنْهَــلُّ رَنَّــةُ المَكْــروبِ
فيـكَ تنمـو زَنـابقُ الحُلُـمِ العذْ
بِ وتَــذوي لَــدى لَهيـبِ الخُطـوبِ
خَلْــفَ أعماقــكَ الكئيبـةِ تَنْسـا
بُ ظِلالُ الــــدُّهورِ ذاتَ قُطــــوبِ
وبِفَوْديــــكَ فــــي ضــــَفائِرِكَ
الســُّودِ تَــدُبُّ الأيَّـامُ أيَّ دَبيـبِ
صـاحِ إنَّ الحيـاةَ أنشـودةُ الحُـزْ
نِ فَرَتِّــلْ علــى الحيـاةِ نَحيـبي
إنّ كــأسَ الحيـاةِ مُتْرَعـةٌ بالـدَّ
مْـعِ فاسـكُبْ علـى الصـَّباحِ حَبيبي
إنّ وادي الظَّلامِ يَطْفَـــحُ بــالهَوْ
لِ فمــا أبْعَـدَ ابتسـامَ القُلـوبِ
لا يَغُرَّنَّـــكَ ابتســامُ بَنــي الأرْ
ضِ فَخَلْــفَ الشـُّعاعِ لَـذْعُ اللَّهيـبِ
أَنْــتَ تــدري أنَّ الحيــاةَ قُطـو
بٌ وخُطــوبٌ فمــا حيـاةُ القُطـوبِ
إنَّ فــي غيبــةِ الـدُّهورِ تِباعـاً
لِخَطيـــبٍ يَمُـــرُّ إثـــرَ خَطيــبِ
سـَدَّدَتْ فـي سـكينة الكـون للأعما
قِ نفســي لَحْظــاً بعيـدَ الرُّسـوبِ
نَظْــرةٌ مَزَّقَــتْ شــِعافَ اللَّيـالي
فَـــرأتْ مُهْجَــةَ الظَّلامِ الهَيــوبِ
ورأتْ فــي صـميمَها لَوْعَـةَ الحُـز
نِ وأصــْغَتْ إلــى صـُراخِ القُلـوبِ
لا تُحـاوِلْ أنْ تنكـرَ الشـَّجْوَ إنّـي
قَــدْ خَبِـرتُ الحيـاةَ خُبْـرَ لَـبيبِ
فتـــبرّمتُ بالســَّكينةِ والضــَّجَّةِ
بــل قَــدْ كَرِهْــتُ فيهـا نصـيبي
كُـنْ كَمـا شـاءتِ السـَّماءُ كَئيبـاً
أيُّ شـــيءٍ يَســُرُّ نفــسَ الأريــبِ
أنُفــوسُ تمــوتُ شاخِصــةً بـالهو
لِ فــي ظُلمــةِ القُنـوط العَصـيبِ
أمْ قُلـــوبٌ مُحِطَّــاتٌ علــى ســا
حــلِ لُــجِّ الأسـى بِمَـوجِ الخُطـوبِ
إنَّمـا النّـاسُ فـي الحيـاةِ طيورُ
قَـدْ رَماهـا القَضـا بِـوادٍ رَهيـبِ
يَعْصـُفُ الهـولُ فـي جـوانبه السو
دِ فَيَقْضــي علـى صـَدى العَنْـدَليبِ
قَـدْ سـألتُ الحياةَ عن نغمةِ الفَجْ
رِ وعــن وَجْمـة المسـاء القَطـوبِ
فَسـمِعْتُ الحيـاة فـي هيكل الأحزا
نِ تشـــدو بِلَحْنِهـــا المحبــوبِ
مــا ســُكوتُ الســَّماءِ إلاَّ وُجـومٌ
مــا نشـيدُ الصـَّباحِ غيـرُ نحيـبِ
ليــسَ فـي الـدَّهرِ طـائرٌ يتغنّـى
فــي ضـِفافِ الحيـاةِ غَيـرَ كَئيـبِ
خَضــَّبَ الاكــتئابُ أجنحَــة الأيّـا
مِ بالـــدَّمْعِ والــدَّم المَســْكوبِ
وعَجيـبٌ أن يفـرحَ النْـاسُ فـي كَهْ
فِ اللَّيــالي بِحُزْنِهــا المَشـْبوبِ
كنـتُ أرنـو إلـى الحيـاةِ بِلَحْـظٍ
باســـِمٍ والرَّجـــاءُ دون لُغــوبِ
ذاكَ عَهْـــدٌ حَســـِبْتُهُ بَســْمَةَ ال
فَجْــرِ ولكنّــهُ شــُعاعُ الغُــروبِ
ذاكَ عَهْــدٌ كــأنَّهُ رَنَّــةُ الأفـرا
حِ تَنْســابُ مــن فَــمِ العَنْـدَليبِ
خُفِّفَـتْ رَيْثَمـا أصـَخْتُ لهـا بالقَلْ
بِ حينــــاً وبُــــدِّلَتْ بِنَحيـــبِ
إنَّ خَمْــرَ الحيـاةِ وَرْدِيَّـةُ اللَّـو
نِ ولكنَّهـــا ســـِمامُ القُلـــوبِ
جَرَفــتْ مـن قَـرارةِ القَلْـبِ أحلا
مـي إلـى اللَّحْـدِ جائِراتُ الخُطوبِ
فَتلاشــَتْ علــى تُخــومِ الليـالي
وتَهــاوتْ إلـى الجَحيـمِ الغَضـوبِ
وثَــوى فــي دُجُنَّـةِ النَّفْـس وَمْـضٌ
لــم يَــزَل بَيْــنَ جيئَةٍ وذُهــوبِ
ذُكْريـاتٌ تَميـسُ فـي ظُلْمَـةِ النَّـفْ
سِ ضـــِئالاً كَرائعـــاتِ المَشــيبِ
يـا لِقَلْـبٍ تَجَـرّعَ اللَّوعـةَ المُـرَّ
ةَ مــن جــدولِ الزَّمـانِ الرَّهيـبِ
ومَضــَتْ فـي صـَميمِهِ شـُعْلَةُ الحُـزْ
نِ فَعَشــَّتْهُ مــن شــُعاعِ اللَّهيـبِ
أبو القاسم بن محمد بن أبي القاسم الشابي. شاعر تونسي في شعره نفحات أندلسية، ولد في قرية الشابية من ضواحي توزر عاصمة الواحات التونسية في الجنوب. قرأ العربية بالمعهد الزيتوني بتونس وتخرج من مدرسة الحقوق التونسية وعلت شهرته. ومات شاباً بمرض الصدر ودفن في روضة الشابي بقريته. له (ديوان شعر -ط) و(كتاب الخيال الشعري عند العرب) و(آثار الشلبي -ط) و(مذكرات -ط).مولده 24 فبراير 1909 ووفاته 9 اكتوبر 1934 .