
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
أَيُّهــا الحُــبُّ أنـتَ سـِرُّ بَلائِي
وهُمُـــومي وَرَوْعَــتي وعَنَــائي
ونُحُـــولي وأَدْمُعــي وعَــذَابي
وســـُقَامي وَلَوْعَــتي وشــَقَائي
أَيُّهـا الحُـبُّ أَنـتَ سـِرُّ وُجُـودي
وحَيَـــاتي وعِزَّتـــي وإبَــائي
وشـُعاعِي مـا بيـنَ دَيْجُورِ دَهْري
وأَليفـــي وقُرَّتـــي وَرَجَــائي
يـا سـُلافَ الفُـؤادِ يا سُمَّ نَفْسي
فـي حَيَـاتي يا شِدَّتي يا رَخَائي
أَلَهيـبٌ يثـورُ فـي روضَةِ النَّفْسِ
فَيَطْغـى أَمْ أَنـتَ نُـورُ السـَّماءِ
أَيُّهـا الحُـبُّ قَدْ جَرَعْتُ بِكَ الحُزْ
نَ كُؤُوسـاً وما اقْتَنَصْتُ ابْتِغَائي
فبِحَـقِّ الجَمَـال يـا أَيُّهـا الحُ
بُّ حَنَانَيْــكَ بــي وَهَــوِّن بَلائي
لَيْتَ شِعْرِي يا أَيُّها الحُبُّ قُلْ لي
مِــنْ ظَلامٍ خُلِقَـت أَمْ مـن ضـِياءِ
يَــا شــِعْرُ أَنْـتَ فَـمُ الشـُّعُورِ
وصـــَرْخَةُ الـــرُّوحِ الكَئيـــبْ
يَــا شــِعْرُ أَنْــتَ صـَدَى نحيـبِ
القَلْـــبِ والصـــَّبِّ الغَرِيـــبْ
يَـــا شـــِعْرُ أَنْـــتَ مَــدَامعٌ
عَلِقَـــتْ بأَهْـــدَابِ الحَيَـــاةْ
يَـــــا شـــــِعْرُ أَنْــــتَ دَمٌ
تَفَجَّــرَ مِــنْ كُلُـومِ الكائِنـاتِ
يَـــا شـــِعْرُ قَلْــبي مِثْلمــا
تـــــدري شـــــَقِيٌّ مُظْلَــــمُ
فِيــهِ الجِــراحُ النُّجْـلُ يَقْطُـرُ
مِــــنْ مَغَاوِرِهــــا الــــدَّمُ
جَمَـــــدَتْ علــــى شــــَفَتَيهِ
أَرْزاءُ الحَيــــاةِ العَابِســـهْ
فهــــوَ التَّعيــــسُ يُـــذيبُهُ
نَـــوْحُ القُلُـــوبِ البَائِســـَهْ
أبــــداً يَنــــوحُ بحُرْقَــــةٍ
بَيْـــنَ الأَمـــاني الهَـــاوِيهْ
كالبُلْبُــــلِ الغِرِّيـــدِ مـــا
بَيْـــنَ الزُّهـــورِ الـــذَّاوِيهْ
كــمْ قَــدْ نَضــَحْتُ لــهُ بــأنْ
يَســـــْلو وكَــــمْ عَزَّيْتُــــهُ
فـــأَبى ومـــا أصــغَى إلــى
قَــــوْلي فمــــا أجْــــديتُهُ
كَــمْ قلــتُ صــبراً يـا فُـؤادُ
أَلا تَكُــــفُّ عــــنِ النَّحِيـــبْ
فــــإذا تَجَلَّـــدَتِ الحِيـــاةُ
تبــــدَّدَتْ شــــُعَلُ اللَّهيـــبْ
يَـــا قَلْــبُ لا تجــزعْ أمــامَ
تَصــــَلُّبِ الـــدَّهرِ الهَصـــُورْ
فــــإذا صــــَرَخْتَ توجُّعــــاً
هَـــزَأَتْ بصـــَرْخَتِكَ الـــدُّهُورْ
يَـــا قَلْـــبُ لا تَســْخُطْ علــى
الأيَّـــامِ فـــالزَّهْرُ البَــديعْ
يُصـــْغي لضـــَجَّاتِ العَوَاصـــِفِ
قَبْــــلَ أَنغــــامِ الرَّبيـــعْ
يَـــا قَلْــبُ لا تَقْنَــعْ بشــَوْكِ
اليَــأْسِ مِــنْ بيــنِ الزُّهُــورْ
فَـــوَراءَ أَوْجـــاعِ الحَيـــاةِ
عُذُوبَــــةُ الأَمـــلِ الجَســـُورْ
يَــا قَلْــبُ لا تَســْكُبْ دُمُوعــكَ
بالفَضـــــــَاءِ فَتَنْـــــــدَمِ
فعَلَـــى ابتســاماتِ الفَضــَاءِ
قَســـــــَاوَةُ المُتَهَكِّـــــــمِ
لكِـــــنَّ قَلْـــــبي وهـــــوَ
مُخْضـــَلُّ الجــوانبِ بالــدُّمُوعْ
جَاشــــَتْ بـــهِ الأَحْـــزانُ إذْ
طَفَحَــتْ بِهــا تِلْــكَ الصــُّدوعْ
يَبْكــي علــى الحُلْـمِ البَعيـدِ
بلَوْعَـــــــةٍ لا تَنْجَلـــــــي
غَـــرِداً كَصـــَدَّاحِ الهَوَاتِـــفِ
فــــي الفَلا ويَقُــــول لـــي
طَهِّــــرْ كُلُومَـــكَ بالـــدُّمُوع
وخَلِّهـــــــا وســـــــَبِيلَهَا
إنَّ المَـــــدامِعَ لا تَضـــــِيعُ
حَقيرَهَـــــــا وجَليلَهَــــــا
فَمِــنَ المَــدَامِعِ مــا تَــدَفَّعَ
جارِفــــاً حَســــَكَ الحَيـــاهْ
يرْمِـــي لِهاوِيَـــةِ الوُجُـــودِ
بكـــلِّ مــا يبنــي الطُّغــاهْ
ومــنَ المَــدَامِعِ مــا تــأَلَّقَ
فـــي الغَيَـــاهِبِ كـــالنُّجُومْ
ومـــنَ المَـــدَامِعِ مــا أَراحَ
النَّفْــسَ مِــنْ عبــءِ الهُمُــومْ
فــــارْحَمْ تَعَاســــَتَهُ ونُـــحْ
مَعَـــــهُ علـــــى أَحْلامِــــهِ
فلَقَــدْ قَضــَى الحُلْـمُ البَـديعُ
عَلـــــى لَظَـــــى آلامِـــــهِ
يَــا شــِعْرُ يـا وحْـيَ الوُجـود
الحـــيِّ يــا لُغَــةَ المَلايِــكْ
غَــرِّدْ فأَيَّــامي أنــا تبْكِــي
عَلـــــى إيقَــــاعِ نايــــكْ
رَدِّدْ علــــى ســـَمْعِ الـــدُّجَى
أَنَّــــاتِ قَلْـــبي الـــواهِيَهْ
واســـْكُبْ بأَجْفـــانِ الزُّهــورِ
دُمُــــوعَ قلـــبي الـــدَّاميهْ
فلَعَـــــلَّ قَلْــــبَ اللَّيــــل
أَرْحَـــمُ بــالقُلُوبِ البَــاكيهْ
ولَعَـــــلَّ جَفْــــنَ الزهــــرِ
أَحْفَـــظُ للـــدُّمُوعِ الجَــاريهْ
كـــمْ حَرَّكَـــتْ كـــفُّ الأَســـى
أَوْتــــارَ ذَيَّـــاكَ الحَنيـــنْ
فَتَهَـــامَلَتْ أَحْـــزانُ قلـــبي
فــــي أَغاريــــدِ الأَنِيــــنْ
فَلَكَــــمْ أَرَقْــــتُ مَـــدَامِعِي
حتَّــــى تَقَرَّحَــــتِ الجُفُـــونْ
ثـــمَّ التَفَـــتُّ فَلَـــمْ أجــدْ
قلبـــاً يُقاســـِمُني الشــُّجُونْ
فَعَســَى يَكــونُ اللَّيــلُ أَرْحَـمُ
فهـــــوَ مِثْلِـــــي ينــــدُبُ
وعَســَى يَصــونُ الزَّهْــرُ دَمْعِـي
فهـــــوَ مِثْلِـــــي يَســــكُبُ
قـــدْ قَنَّعَـــتْ كَــفُّ المَســاءِ
المـــوتَ بالصـــَّمْتِ الرَّهيــبْ
فَغَـــدا كأَعْمـــاقِ الكُهُـــوفِ
بِلا ضــــــَجيجٍ أَو وَجِيــــــبْ
يَـــأتي بأَجْنِحَـــةِ الســـُّكُونِ
كــــأنَّهُ اللَّيـــلُ البَهيـــمْ
لكـــنَّ طَيْـــفُ المــوتِ قــاسٍ
والــــدُّجى طَيــــفٌ رَحيــــمْ
مــــا للمَنِيَّــــةِ لا تَــــرِقُّ
علـــى الحَيـــاةِ النَّـــائِحَهْ
ســـــــــــــِيَّانِ أَفئدةٌ تَئِنُّ
أَوِ القُلُـــــوبُ الصـــــَّادِحَهْ
يَــا شــِعْرُ هـلْ خُلِـقَ المَنـونُ
بلا شــــــعورٍ كالجَمَــــــادْ
لا رَعْشــــَةٌ تَعْــــرُو يـــديْهِ
إِذا تملَّقَــــــهُ الفُـــــؤَادْ
أَرأَيْـــتَ أَزْهـــارَ الرَّبيـــعِ
وقــــــدْ ذَوَتْ أَوراقُهــــــا
فَهَــرَتْ إلــى صــَدْرِ التُّــرابِ
وقــــدْ قَضــــَتْ أَشــــْواقُهَا
أَرأَيْـــــتَ شـــــُحْرورَ الفَلا
مُتَرَنِّمــــاً بَيْـــنَ الغُصـــُونْ
جَمَــــدَ النَّشــــيدُ بصـــَدْرِهِ
لمَّـــا رأَى طَيْـــفَ المَنُـــونْ
فَقَضـــــَى وقـــــدْ غَاضــــَتْ
أَغاريــدُ الحَيــاةِ الطَّــاهِرَهْ
وهَـــــوَى مــــنَ الأَغْصــــانِ
مــا بَيْــنَ الزُّهـورِ البَاسـِرَهْ
أَرأَيْـــتَ أُمّ الطِّفْـــلِ تَبْكــي
ذلــــكَ الطِّفْــــلَ الوَحيـــدْ
لمَّــــا تَنَــــاوَلَهُ بعُنْــــفٍ
ســــاعِدُ المَـــوتِ الشـــَّديدْ
أَسـَمِعْتَ نَـوْحَ العاشـِقِ الوَلْهانِ
مَـــــا بَيْـــــنَ القُبُــــورْ
يَبْكــــي حَــــبيبَتَهُ فيــــا
لِمَصـــَارعِ المـــوتِ الجَســُورْ
طَفَحَـــتْ بأَعْمـــاقِ الوُجُـــودِ
ســـَكِينَةُ الصـــَّبْرِ الجَلِيـــدْ
لمَّـــا رأَى عَـــدْلَ الحَيـــاةِ
يَضــــُمُّهُ اللَّحْـــدُ الكَنُـــودْ
فَتَــــدَفَّقَتْ لَحْنـــاً يُـــرَدِّدُهُ
علـــــى ســــَمْعِ الــــدُّهُورْ
صــــَوتُ الحيــــاةِ بضــــَجَّةٍ
تَســْعَى علــى شــَفَةِ البُحُــورْ
يـــا شـــِعْرُ أَنْـــتَ نَشـــيدُ
أَمْـــواجِ الخِضـــَمِّ الســَّاحِرَهْ
النَّاصـــــِعاتِ الباســـــِماتِ
الرَّاقِصــــــاتِ الطَّـــــاهِرَهْ
الســـــَّافِراتِ الصـــــَّادِحاتِ
مـــعَ الحيــاةِ إلــى الأبــدْ
كَعَـــرائسِ الأَمَـــلِ الضـــَّحُوكِ
يَمِســـْنَ مـــا طـــالَ الأَمَــدْ
هـــا إنَّ أَزْهـــارَ الرَّبيـــعِ
تَبَســـــــَّمَتْ أَكمامُهـــــــا
تَرنُــو إلــى الشـَّفقِ البَعيـدِ
تغُرُّهــــــــا أَحْلامُهـــــــا
فـــــي صـــــَدْرِها أمـــــلٌ
يحــدِّقُ نحــوَ هاتيـك النُّجـومْ
لكنَّــــه أمــــلٌ ســــَتُلْحِدُه
جَبَـــــــابرةُ الوُجُـــــــومْ
فَلَســــَوْفَ تُغْمِــــضُ جَفْنَهَـــا
عـــنْ كــلِّ أَضــواءِ الحيــاةْ
حيـــــــثُ الظَّلامُ مخَيِّــــــمٌ
فـــي جـــوِّ ذَيَّــاكَ الســُّبَاتْ
هـــــا إنَّهـــــا هَمَســـــَتْ
بِـــآذانِ الحيـــاةِ غَرِيــدَهَا
قَتَلَـــتْ عَصـــافيرُ الصـــَّبَاحِ
صـــــــُداحَهَا ونَشــــــِيدَهَا
يَـــا شـــِعْرُ أَنْـــتَ نَشـــِيدُ
هاتيـــكَ الزُّهُــورِ الباســِمَهْ
يــا لَيْتَنــي مِثْــلُ الزُّهُــورِ
بلا حَيـــــــاةٍ واجِمـــــــهْ
إنَّ الحَيــــــاةَ كئيبــــــةٌ
مَغْمـــــــورةٌ بِــــــدُمُوعِها
والشـــَّمسُ أضـــْجَرَها الأَســـى
فــــي صــــَحْوِها وهُجُوعِهَـــا
فَتَجَرَّعَــــتْ كَأســـاً دِهاقـــاً
مِــــنْ مُشَعْشــــَعَةِ الشــــَّفَقْ
فَتَمَــــايَلَتْ ســــَكْرَى إلـــى
كَهْـــفِ الحَيــاةِ ولَــمْ تُفِــقْ
يَـــا شـــِعْرُ أَنْــتَ نَحيبُهــا
لمَّــــا هَــــوَتْ لســــُباتِها
يَـــا شـــِعْرُ أَنْــتَ صــُدَاحُها
فــــي مَوْتِهــــا وحَيَاتِهـــا
انْظُــرْ إلــى شــَفَقِ الســَّماءِ
يَفيـــضُ عَــنْ تِلْــكَ الجِبَــالْ
بشــــُعَاعِهِ الخَلاّبِ يَغْمُرُهــــا
بِبَســـــــْماتِ الجَمَـــــــالْ
فَيُثِيــرُ فـي النَّفْـسِ الكَئيبـةِ
عَاصــــــــِفاً لا يَرْكُـــــــدُ
ويُؤَجِّـــجُ القلـــبَ المُعَـــذَّبَ
شــــــــُعْلَةً لا تَخْمُــــــــدُ
يَـــا شـــِعْرُ أنـــتَ جمـــالُ
أَضـــْواءِ الغُــرُوبِ الســَّاحِرَهْ
يــا هَمْــسَ أَمْــواجِ المَســَاءِ
البَاســــــِماتِ الحَـــــائرَهْ
يــا نَــايَ أَحْلامِــي الحَبيبـةِ
يـــــا رَفيــــقَ صــــَبَابَتِي
لـــــولاكَ مُــــتُّ بلَــــوْعَتِي
وبِشـــــــَقْوَتي وكَــــــآبَتِي
فيــكَ انْطَــوَتْ نَفْســي وفيــكَ
نَفَخْـــــتُ كــــلَّ مَشــــَاعِرِي
فاصــْدَحْ علــى قِمَــمِ الحَيـاةِ
بِلَوْعَــــتي يــــا طَــــائِرِي
أبو القاسم بن محمد بن أبي القاسم الشابي. شاعر تونسي في شعره نفحات أندلسية، ولد في قرية الشابية من ضواحي توزر عاصمة الواحات التونسية في الجنوب. قرأ العربية بالمعهد الزيتوني بتونس وتخرج من مدرسة الحقوق التونسية وعلت شهرته. ومات شاباً بمرض الصدر ودفن في روضة الشابي بقريته. له (ديوان شعر -ط) و(كتاب الخيال الشعري عند العرب) و(آثار الشلبي -ط) و(مذكرات -ط).مولده 24 فبراير 1909 ووفاته 9 اكتوبر 1934 .