
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
رأى الحُزنُ مَا عِندِي مِنَ الحزنِ والكَربِ
فَـرُوِّعَ مِـن حَـالِي فَلـم يَسـتَطِع قُربِـي
وأظهَــرَ عَجــزاً عَــن مُقَاوَمَـة الأسـَى
وأيقــن أنَّ الخَطـبَ أعظَـمُ مِـن خَطـبي
وقــال التَمِـس غَيـرِي لِنَفسـِكَ صـَاحِبا
وَقُـل لِلـرَّدى حَسـبي بَلغت المَدى حسبي
فَقُلــتُ وَهَـل يَكفِينـيَ الوَجـدُ صـَاحِبا
وكَيـفَ وَمَـا بـي قَـد تَعَـدَّى إِلى صَحبي
فَلمّـا انتَهَـت بـي شـِدَّتي فـي مُصِيبَتي
وَبَــرَّحَ بِــي يَأسـي رَجَعـتُ إِلـى رَبِّـي
فاستَنشـــِقن رَوحَ الرِّضـــَى بِقضــَائِهِ
فَنَـادَيتُ يَـا بَـردَ النَّسـِيمِ عَلى قلبِي
إِلـى اللـه أشـكُو بِالرَّزَايَـا وَفِعلِها
فَقَـدُ كَـدَّرَت شـِربِي وقَـد رَوَّعَـت سـِربِي
سـَلِ اللَّيـلَ عَنِّـي هَل أمِنتُ إِلى الكَرَى
فَكَيـفَ وَأجفَـانِي مَـعَ النَّـومِ فـي حَربِ
وَقَــد رَقَّ لِــي حَتَّــى تَفَــرّى أديمُـهُ
وَأَقبَــلَ يَبكِينــي بــأنجُمِهِ الشــُّهبِ
لِحَــالِي أبــدَى الرَّعــدُ أنَّـةَ موجَـعٍ
ولـي البَرقُ شَعَّ في التَّرامي مَعَ السُّحب
وَلِــي لبــسَ الجــوُّ الحِـدَادَ بِدُجنَـةٍ
وَأسـبَلَ دَمـعَ القَطـرِ سـَكباً عَلـى سَكبِ
وَمِـن أجـلِ مَا بِي أبدَتِ الشَّمسُ بِالضُّحَى
شـُحُوب ضـَنًى قَبـلَ الجُنـوحِ إِلى الحَجبِ
عَلــى وَاحِــدٍ قَـد كَـانَ لـي فَفَقَـدتُهُ
عَلــى غِــرَّةٍ فَقــدَ الجَوانِـحِ لِلقَلـبِ
فَحُزنــي عَليــهِ جَــاوَزَ الحَـدَّ قَـدرُهُ
وَلاَ حُــزنَ يَعقُــوبٍ وَيوسـُف فـي الجُـبِّ
وَأكثَــــرُ إشــــفاقي لأمٍّ حَزِينَــــةٍ
مُقســَّمَةٍ بَيــنَ الأســَى فِيــهِ وَالحُـبُّ
وأذهلَهَــا عَــن حَالِهَـا فَـرطُ وَجـدِهَا
عَليــهِ وَقَـد يُستَسـهَلُ الصـَّعبُ لِلصـَّعبِ
بُنَــيَّ أجِبهَــا فَهــيَ تَــدعوكَ حَسـرَةً
وَأدمُعُهَــا تَنهَــلُّ غَربــاً عَلـى غَـربِ
بُنَــيَّ أحَقّــاً صـِرتَ رَهـنَ يَـدِ البِلـى
وَنَهـبَ الثَّـرَى أمسـيتَ يَـأ لك مِن نَهبِ
بُنَـــيَّ عَســـاهَا نَومَــةٌ فانتَباهَــةٌ
فَكَم ذا أنادي العَينَ طالَ الكَرى تَعبي
بُنَــيّ أعِرنــي مِــن مَنامِــكَ خِلســَةً
لعَلِّــي أن ألقــى مُنـايَ مِـنَ الغَيـبِ
بُنَـــيَّ أرِحنِـــي بالإِجابَــةِ مُخبِــراً
فَقَـد كُنـتَ ذا رَأيٍ فَمـا لـكَ لا تُنـبي
بُنَــيَّ وَفِـي طَـيِّ الحَشـَا كُنـتَ ثَاوِيـاً
فَكَيـفَ سـَخَت نَفسـِي بـدَفنِك فـي التُّربِ
فَلا غَـروَ أن أضـحى لـكَ الغَـربُ مَدفَناً
فَـإنَّ مَغِيـبَ الشـَّمسِ وَالبَدرِ فِي الغَربِ
لقَـد هَصـَرَت كَـفُّ المَنُـونِ إِلـى البِلى
قَضـيبَ شـَبابٍ كـانَ مِـن أنضـَرِ القُضـبِ
فَيَــا غُصــُناً حَقَّــت أزَاهِــرُ حُســنِهِ
تُحَلِّيــكَ أجفَــانِي بشـلُؤلُؤِهَا الرَّطـبِ
وَيَـا أحمَـدُ المَحمـودُ قَـد كُنتَ مُشبِهاً
بِطِيـبِ الخلالِ الحُلـوِ وَالبَـارِدِ العَذبِ
لآلِ جُبَيـــــرٍ فيــــكَ أيُّ فَجيعَــــةٍ
فَمَـا مِنهُـم مَـن يَسـتَفِيقُ مِـن الكَـربِ
وَقَـد كُنـتَ وُسـطى العِقـدِ فيهم فَرُبَّما
نَقَضــتَ فَصــارَ العِقـدُ مُنتَثِـرَ الحَـبِّ
وَكَــم خالــةٍ أمســَت عَليــكَ بحالـةٍ
مِـنِ الحُـزنِ مـا تَنفَـكُّ ذاهِلـةَ اللُّـبِّ
وَأبنَـــاءِ خـــالاتٍ تُســقِّيِهِمُ الأســَى
كُؤُوسـاً وَهُـم حَتَّـى إِلى الآن فِي الشَّربِ
وَصــَاحِبَةٍ قَــد كُنــتَ صــَبًّا بِـذِكرِهَا
وَكُنــتَ لهَــا حِبّـاً وَنَاهِيـكَ مِـن حِـبٍّ
فَــأنَّت وَهـامَت فِيـكِ بِالوَجـدِ والأسـَى
وَحُــقَّ لهَــا فالصــَّبُّ يُفجَــعُ بالصـَّبِّ
وَرَاحَــت بــأثوَابِ الحِــدَادِ وَطَالمـا
لهـا كُنـتَ تَسـتَخفي الحَريرَ مَعَ العَصبِ
وَكَــم أجنَبِـيٍّ فِيـك قَـد بَـاتَ سـاهِراً
تُقَلِّبُــهُ الأفكَــارُ جَنبــاً إِلـى جَنـبِ
رُزِقــتَ قَبُــولاَ مــا ســَمِعتُ بِمِثلِــهِ
فَهــذَا عَلــى هَــذا بإشـفاقِه يُربـي
وكُنـــتَ وَصـــُولاً لِلقَرَابَــةِ جَارِيــاً
لِمَرضــَاتهِم بَـراً بَـرِيئاً مِـنَ العُجـبِ
مُجِـــداً إِذا كُلِّفـــتَ أمـــر مُلِمَّــةٍ
مَضـَيتَ مَضـَاءَ السـَّهمِ وَالصـَّارِمِ العَضبِ
حَريصــاً عَلــى نَيـلِ المَعـالي بِهِمَّـةٍ
كَسـَبتَ بِهـا مِـن ذُخرِهـا أفضـَلَ الكَسبِ
وَكَـــانَت لَــك الآدابُ رَوضــَةَ نُزهَــة
وَكُنــتَ مُحِبًّــا فِــي مُطالَعـةِ الكُتـبِ
تُفَتِّـقُ زَهـرَ النَّـثرِ فـي الطَّرسِ يَافِعاً
وَتَنظِــمُ دُرَّ الشــِّعرِ نَظمــاً بِلا تَعـبِ
وَمَـا زِلـتَ بالهـدِي الجَميـلِ وَبِالحجا
مُعِـزَّا لأهـلٍ فـي البِعَـادِ وفـي القُربِ
وَزَادَ علــى العِشــرينَ ســِنُّكَ أَربَعـاً
فَعَاجَلــكَ الحَيــنُ المُقَــدَّرُ بِالـذَّنبِ
شـــَهيداً بِطـــاعونٍ أصــابَك بَغتَــةً
كَمِثـلِ شـَهيدِ الطَّعـنِ فـي ساحَةِ الضَّربِ
وَكُنـــتَ غَرِيبــاً فاســتَزَدتَ شــَهَادةً
لأُخــرَى كَبُشـرَى سـَيِّدِ العُجـمِ وَالعُـربِ
أطلـــتَ مَغيبـــاً ثُــمَّ جِئتَ مُوَدِّعــاً
إِلــى سـَفَرٍ يَـدنُو مُـدِلاً عَلـى الرَّكـبِ
وَلَـم أشـفِ مِـن لُقيـاكَ قَلـبي فَليتَني
لِبَـرحِ اشـتِيَاقِي لـو قَضـَيتُ بِـهِ نَحبِي
وَعُقبَــاكَ بَعـدِي كُنـتُ أرجُـو بَقَاءَهَـا
زَمَانـاً لِيَبقـى مِـن بَنِيـكَ بِهَـا عَقبِي
رَضــِيتُ بِحُكمــش اللـهِ فينـا فَإِنَّمَـا
نُقِلــت لِحِـزبِ اللـهِ بُـورِكَ مِـن حِـزبِ
وَإنِّــي لـرَاضٍ عَنـكَ فَابشـِر وبالرِّضـَا
أَرَجِّــي لـكَ الزُّلفَـى وَمَغفِـرَةَ الـذَّنبِ
فَجَــادَت عَلــى مَثــواكَ مُزنَـة رَحمَـةٍ
وَبَـوَّاكَ الرَّحمـانُ فِـي المَنـزِلِ الرَّحبِ
محمد بن أحمد بن جبير الكناني الأندلسي أبو الحسين.رحالة أديب ولد في بلنسية ونزل بشاطبة وبرع في الأدب ونظم الشعر الرقيق وحذق الإقراء وأولع بالترحل والتنقل فزار المشرق ثلاث مرات إحداهما سنة 578-581هوهي التي ألف فيها كتاب (رحلة ابن جبير -ط).ومات بالإسكندرية في رحلته الثالثة.وقيل إنه لم يصنف كتاب رحلته وإنما قيد معاني ما تضمنته فتولى ترتيبها بعض الآخذين عنه.له (نظم الجمان في التشكي من إخوان الزمان)، (نتيجة وجد الجوانح في تأبين القرن الصالح)، يرثي به زوجته أم المجد.