
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
لِكُــلِّ شـَيءٍ إِذا مـا تَـمّ نُقصـانُ
فَلا يُغَــرَّ بِطيــبِ العَيـشِ إِنسـانُ
وَهَـذِهِ الـدارُ لا تُبقـي عَلـى أَحَدٍ
وَلا يَــدُومُ عَلـى حـالٍ لَهـا شـانُ
يُمَـزِّقُ الـدَهرُ حَتمـاً كُـلَّ سـابِغَةٍ
إِذا نَبَـــت مَشــرَفِيّات وَخرصــانُ
وَيَنتَضـي كُـلَّ سـَيفٍ للفَنـاء وَلَـو
كـانَ ابـنَ ذي يَزَن وَالغِمد غمدانُ
أَينَ المُلوكُ ذَوي التيجانِ مِن يَمَنٍ
وَأَيــنَ مِنهُــم أَكالِيـلٌ وَتيجَـانُ
وَأَيـنَ مـا شـادَهُ شـَدّادُ فـي إِرَمٍ
وَأيـنَ مـا ساسَه في الفُرسِ ساسانُ
وَأَيـنَ مـا حـازَهُ قـارونُ من ذَهَبٍ
وَأَيــنَ عــادٌ وَشــدّادٌ وَقَحطــانُ
أَتـى عَلـى الكُـلِّ أَمـرٌ لا مَرَدّ لَهُ
حَتّـى قَضوا فَكَأنّ القَوم ما كانُوا
وَصـارَ مـا كـانَ مِن مُلكٍ وَمِن مَلكٍ
كَمـا حَكـى عَن خَيالِ الطَيفِ وَسنانُ
دارَ الزَمـانُ عَلـى دارا وَقـاتِلِهِ
وَأَمَّ كِســرى فَمــا آواهُ إِيــوانُ
كَأَنَّمـا الصـَعبُ لَـم يَسهُل لَهُ سببٌ
يَومـاً وَلا مَلَـكَ الـدُنيا سـُلَيمانُ
فَجــائِعُ الــدُهرِ أَنـواعٌ مُنَوَّعَـةٌ
وَلِلزَمـــانِ مَســـرّاتٌ وَأَحـــزانُ
وَلِلحَـــوادِثِ ســـلوانٌ يُهوّنُهــا
وَمــا لِمـا حَـلَّ بِالإِسـلامِ سـلوانُ
دهـى الجَزيـرَة أَمـرٌ لا عَـزاءَ لَهُ
هَــوَى لَــهُ أُحُــدٌ وَاِنهَــدَّ ثَهلانُ
أَصابَها العينُ في الإِسلامِ فاِرتزَأت
حَتّـى خَلَـت مِنـهُ أَقطـارٌ وَبُلـدانُ
فاِسـأل بَلَنسـِيةً مـا شـَأنُ مرسِيَةٍ
وَأَيــنَ شــاطِبة أَم أَيــنَ جيّـانُ
وَأَيـن قُرطُبـة دارُ العُلُـومِ فَكَـم
مِـن عـالِمٍ قَـد سَما فِيها لَهُ شانُ
وَأَيـنَ حمـص وَمـا تَحـويِهِ مِن نُزَهٍ
وَنَهرُهـــا العَــذبُ فَيّــاضٌ وَمَلآنُ
قَوَاعــد كُـنَّ أَركـانَ البِلادِ فَمـا
عَسـى البَقـاءُ إِذا لَم تَبقَ أَركانُ
تَبكِـي الحَنيفِيَّةُ البَيضَاءُ مِن أَسَفٍ
كَمـا بَكـى لِفِـراقِ الإِلـفِ هَيمَـانُ
عَلــى دِيـارٍ مـنَ الإِسـلامِ خالِيَـةٍ
قَـد أَقفَـرَت وَلَهـا بالكُفرِ عُمرانُ
حَيـثُ المَساجِدُ قَد صارَت كَنائِس ما
فيهِـــنَّ إِلّا نَـــواقِيسٌ وصــلبانُ
حَتّـى المَحـاريبُ تَبكي وَهيَ جامِدَةٌ
حَتّـى المَنـابِرُ تَبكـي وَهيَ عيدَانُ
يـا غـافِلاً وَلَـهُ في الدهرِ مَوعِظَةٌ
إِن كُنـتَ فـي سـنَةٍ فالدهرُ يَقظانُ
وَماشــِياً مَرِحــاً يُلهِيـهِ مَـوطِنُهُ
أَبَعـدَ حِمـص تَغُـرُّ المَـرءَ أَوطـانُ
تِلـكَ المُصـِيبَةُ أَنسـَت ما تَقَدَّمَها
وَمـا لَهـا مِن طِوَالِ المَهرِ نِسيانُ
يـا أَيُّهـا المَلكُ البَيضاءُ رايَتُهُ
أَدرِك بِسـَيفِكَ أَهلَ الكُفرِ لا كانوا
يـا راكِـبينَ عِتـاق الخَيلِ ضامِرَةً
كَأَنَّهـا فـي مَجـالِ السـَبقِ عقبانُ
وَحــامِلينَ سـُيُوفَ الهِنـدِ مُرهَفَـةً
كَأَنَّهــا فـي ظَلامِ النَقـعِ نيـرَانُ
وَراتِعيـنَ وَراءَ البَحـرِ فـي دعـةٍ
لَهُــم بِأَوطــانِهِم عِــزٌّ وَسـلطانُ
أَعِنــدكُم نَبَـأ مِـن أَهـلِ أَنـدَلُسٍ
فَقَـد سـَرى بِحَـدِيثِ القَـومِ رُكبَانُ
كَـم يَستَغيثُ بِنا المُستَضعَفُونَ وَهُم
قَتلـى وَأَسـرى فَمـا يَهتَـزَّ إِنسانُ
مـاذا التَقـاطعُ في الإِسلامِ بَينَكُمُ
وَأَنتُـم يـا عِبَـادَ اللَـهِ إِخـوَانُ
أَلا نُفــوسٌ أَبيّــاتٌ لَهــا هِمَــمٌ
أَمـا عَلـى الخَيـرِ أَنصارٌ وَأَعوانُ
يـا مَـن لِذلَّـةِ قَـوم بَعـدَ عِزّتهِم
أَحــالَ حــالَهُم كفــرٌ وَطُغيــانُ
بِـالأَمسِ كانُوا مُلُوكاً فِي مَنازِلهِم
وَاليَـومَ هُم في بِلادِ الكُفرِ عُبدانُ
فَلَـو تَراهُـم حَيـارى لا دَلِيلَ لَهُم
عَلَيهِـم مـن ثيـابِ الـذُلِّ أَلـوانُ
وَلَـو رَأَيـت بُكـاهُم عِنـدَ بَيعهـمُ
لَهالَـكَ الأَمـرُ وَاِسـتَهوَتكَ أَحـزانُ
يــا رُبَّ أمٍّ وَطِفـلٍ حيـلَ بينهُمـا
كَمـــا تُفَـــرَّقُ أَرواحٌ وَأَبــدانُ
وَطفلَـة مِثـلَ حُسنِ الشَمسِ إِذ برزت
كَأَنَّمــا هــيَ يــاقُوتٌ وَمُرجــانُ
يَقُودُهـا العِلـجُ لِلمَكـروهِ مُكرَهَةً
وَالعَيـنُ باكِيَـةٌ وَالقَلـبُ حَيـرانُ
لِمثـلِ هَـذا يَـذوبُ القَلبُ مِن كَمَدٍ
إِن كـانَ فـي القَلبِ إِسلامٌ وَإِيمانُ
صالح بن يزيد بن صالح بن شريف الرندي، أبو البقاء.وتختلف كنيته بين أبي البقاء وأبي الطيب وهو مشهور في المشرق بأبي البقاء.وهو أديب شاعر ناقد قضى معظم أيامه في مدينة رندة واتصل ببلاط بني نصر (ابن الأحمر) في غرناطة.وكان يفد عليهم ويمدحهم وينال جوائزهم وكان يفيد من مجالس علمائها ومن الاختلاط بأدبائها كما كان ينشدهم من شعره أيضاً.وقال عنه عبد الملك المراكشي في الذيل والتكملة كان خاتمة الأدباء في الأندلس بارع التصرف في منظوم الكلام ونثره فقيهاً حافظاً فرضياً له مقامات بديعة في أغراض شتى وكلامه نظماً ونثراً مدون.