
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
سـلو البـارقَ النجـديِّ من عَلَمَيْ نجدِ
تبسـَّمِ فاسـتبكى جفـوني مـن الوجـدِ
أجـاد ربـوعي بـاللوى بـوركَ اللوى
وسـَحَّ بـه صـوبُ الغمـائم مـن بعـدِي
ويــا زاجـري الأظعـانِ وهـي ضـوامِرٌ
دعُوهـا تـردْ هيمـاً عطاشـاً على نَجْدِ
ولا تنشـقوا الأنفـاس منها مع الصَّبا
فـإن زفيـرَ الشـوق مـن مثلها يُعْدي
براهـا الهـوى بـريَ القِـداح وخَطَّها
حُرُوفـاً علـى صـفح مـن القفـر مُمْتَدُ
عجبــت لهـا أنِّـى تجـاذبني الهـوى
ومـا شـوقها شـوقي ولا وجـدها وجدي
لئن شــاقَها بيــن العُـذَيْب وبـارقٍ
ميـاه بفَيـء الظـلُ للبـان والرَّنـدِ
فمــا شــاقني إلا بــدورَ خــدُورِها
وقـد لُحْـنَ يـومَ النّفـر في قُضُبِ مُلْدِ
فكـم فـي قبـاب الحـيِّ مـن شَمْسِ كِلَّةٍ
وفــي فلــك الأزرار مـن قمـر سـعدِ
وكـم صـارم قـد سـُلَّ مـن لحـظِ أَحوَرٍ
وكَـمْ ذابـلٍ قـد هُـزَّ مـن ناعمِ القَدِّ
خـذوا الحـذر مـن سـُكان رامةَ إِنّها
ضــعيفات كـرِّ اللّحـظ تفتـك بالأسـْدِ
ســهام جفــونِ عــن قســِيِّ حــواجبٍ
يُصـاب بهـا قلـبُ الـبريء علـى عمدِ
وروض جمـــال ضــاع عَــرفُ نســيمه
ومـا ضـاع غير الورد في صفحة الخدِّ
ونرجــس لحـظ أرسـل الـدمع لؤلـؤاً
فـرشَّ بمـاءِ الـورد روضـاً من الوردِ
وكـم غُصـُنٍ قـد عـانق الغصـنَّ مثلـه
وكـلٌُّ علـى كـلٌّ مـن الشـوق يَسـْتَعدي
قبيـــح وداع قـــد جلا لعيوننـــا
محاســنَ مــن روض الجمــال بلا عَـدِّ
رعـى اللـه لَيْلَـى لـو علمت طريقها
فرَشــتُ لأخفــاف المطــيِّ بهـا خَـدِّي
ومـا شـاقني والطيـف يرهـب أدمعـي
ويسـبح فـي بحـر مـن الليـل مُرْبـدُ
وقــد ســُلَّ خفَــاق الـذوائب بـارق
كمـا سـُلَّ لمَّـاع الصـِّقال مـن الغمدِ
وهُـزَّتْ مُحلاَةً يـدُ الشـوق فـي الـدُّجى
فحُـلَّ الَّـذي أبرمـتُ للصـبر مـن عَقدِ
وأَقلـــق خفّــاق الجوانــح نســمة
تَنِــمُّ مــع الإصـباح خافقـة الـبردِ
وهـــبْ عليـــلٌ لــفَّ طــيَّ بُــرودِهِ
أحـاديثَ أهـداها إلى الغَور من نَجدِ
سوى صَادحٍ في الأيك لَمْ يَدْرِ ما الهوى
ولكـنْ دعـا منـي الشـجون علـى وعدِ
فهـل عنـد ليلـى نعـمَّ اللـهُ ليلَها
بــأنّ جفـوني مـا تمَـلُّ مـن السـُّهدِ
وليلـةًَ إِذْ وافـى الحجيـجُ علـى مِنىً
وَفَتْ لي المُنى منها بما شئتُ من قصدِ
تقضـَّيتُ منهـا فـوق مـا أحسب المنى
وبُـرد عفـافي صـانه اللـه مـن بُردِ
وليــس ســوى لحــظ خفــيِّ نُجيلُــه
وشـكوى كمـا ارفضَّ الجُمانُ من العِقْدِ
غفـرت لـدهري بعـدَها كـلَّ مـا جنـى
سـوى مـا جنـى فدُ المشيبِ على فَؤدِي
عرفــتُ بهـذا الشـَّيْب فضـلَ شـبيبتي
ومـا زال فضـلُ الضـّدِّ يُعـرفُ بالضـِّدِّ
ومـن نـام فـي ليـل الشـباب ضـلالةً
سـيوقظه صـبحُ المشـيب إلـى الرشـدِ
أمـا والهـوى ما حِدْتُ عن سَنَن الهوى
ولا جُـرْتُ فـي طُـرْق الصـَّبابَةِ عن قصدِ
تجـاوزت حـدَّ العاشـقين الألـى مضَوْا
وأصـبحت فـي ديـن الهـوى أمَّةً وحدي
نســيتُ ومــا أنسـى وفـائي وخلـتي
وأقفـر ربـعُ القلـب إِلاَّ مـن الوَجْـدِ
إليــك أبــا زيــدٍ شـكاةً رفعتُهـا
ومـا أنـت مـن عَمْـرِو لـديَّ ولا زيـد
بعيشــِك خبَّرنــي ومـا زلـتَ مُفُضـِلاً
أعنـدك مـن شـوقِ كمثـل الـذي عندي
فكــم ثــار بـي شـوق إليـك مُبَـرْحٌ
فظلَّـت يـدُ الأشـواق تقـدح مـن زندي
وصـفق حـتى الريـح فـي لِمَـمِ الرُّبى
وأشـفق حتّـى الطفـل فـي كبد المهدِ
يقــابلني منــك الصــباح بوجنــةٍ
حَكـى شـَفَقاً فيها الحَيَاءُ الَّذي تُبدِي
وتــوهمني الشــمسَ المنيــرة غُـرَّةٌ
بوجهــك صــان اللـهُ وجهـك عـن رَدِّ
محيّـاك أجلـى فـي العيون من الضحى
وذكـرك أحلـى فـي الشفاه من الشهدِ
ومـا أنْـت إِلاَّ الشـمسُ في علو أفقها
تفيــدُك مـن قـرب وتَلْحـظُ مـن بُعـدِ
وفـي غُمَّـةٍ مَـنْ لا تـرى الشـمسَ عينُهُ
وما نفعُ نور الشَّمسِ في الأعين الرُّمدِ
مـن القـوم صـانوا المجد صون عينُهُ
كمـا قـد أباحوا المال يُنهّبُ للرُفدِ
إذا ازدحمـوا يوماً على الماء أسوة
فمـا ازدحمـوا إلاَّ علـى مورد المجدِ
ومهمــا أغــاروا منجـدين صـريخَهُمُ
يشـبُّون نارَ الحرب في الغور والنَّجدِ
ولـم يقتنُـوْا بعـد الثنـاء ذخيـرةً
سوى الصّارم المصقول والصافن النَّهدِ
ومــا اقتســم الأنفــال إلا ممــدِّحٌ
ملاهــا بــأعراف المطهَّمــةِ الجُـرْدِ
أَتنســى ولا تنســى ليالِينَـا الـتي
خلسـنا بِهِـنَّ العيـش فـي جنَّة الخُلدِ
ركبنـا إلـى اللَّـذات في طَلَقِ الصِّبا
مطايـا الليـالي وَادعيـنَ إلـى حـدِّ
فـإن لـم نَـرِد فيهـا الكؤوس فإننا
وردنـا بهـا للأنـس مسـتعذبَ الـوردِ
لقيتُــك فــي غــرب وأنــت رئيسـه
وبابُـــك للأعلام مجتمـــعُ الوفـــدِ
فآنســت حــتى مــا شــكوتُ بغربـةٍ
وواليـتَ حتَّـى لَـمْ أَجـدْ مَضـَضَ الفقدِ
وعــدتُ لقُطــري شـاكراً مـا بلّـوتُهُ
مـن الخُلُـقِ المحمـودِ والحَسـَبِ العِدِّ
إلـى أن أجـزتَ البحر يا بحرُ نحونا
وزرت مـزارَ الغيـث فـي عَقِـب الجَهْدِ
ألـذْ مـن النُّعمـى علـى حـال فاقـةٍ
وأشـهى مـن الوصـل الهَنـيِّ علـى صدِّ
وإن سـاءني أَنْ قَوْضـَتْ رحلَـك النـوى
وعُوِّضــت منهــا بالـذَّميل وبالوَخْـدِ
لقـد سـرني أنْ لُحْـتَ فـي أُفُق العلا
على الطائر الميمون والطالع السعدِ
طلعــتَ بــأفق الشـرق نجـمَ هدايـةٍ
فجئت مــع الأنـوار فيـه علـى وعـدِ
يمينـاً بمـن تسـري المطـيُّ سـَوَاهماً
عليهـا سـامُ قـد رمـت هـدف القَصـدِ
إلــى بيتــه كيمـا تـزور معاهـداً
أبـان بهـا جبريـلُ عـن كـرم العهدِ
لأنـت الـذي مهمـا دجـا ليـلُ مشـكلٍ
قَــدَحْتَ بــه للنـور واريـة الزِّنـدِ
وحيــث اســتقلَّت فــي ركـاب لطيَّـةٍ
فـأنت نَجـيُّ النفس في القرب والبعدِ
وإنِّــي ببـاب الملـك حيـث عهـدتني
مديــدُ ظِلالِ الجـاه مستحصـَف العقـدِ
أُجهْـــزُ بالإنشـــاء كـــلَّ كتيبــةٍ
مـن الكُتْـبِ والكُتّابُ في عرضها جندي
نلــوذ مــن المـولى الإمـامِ محمّـدٍ
بظــلٍّ علــى نهــر المــبرَة مُمُتَـدِّ
إذا فــاض مـن يمنـاه بحـر سـماحة
وعَـمَّ بـه الطوفان في النجد والوَهْدِ
ركبنـا إلـى الإِحسـان في سُفُنِ الرّجا
بحــورَ عطــاءٍ ليـس تجـزُرُ عَـن مَـدِّ
فمــن مبلــغُ الأمْصـار عنِّـي ألوكـةً
مغلغلـةٌ فـي الصـدق منجـزةَ الوعـدِ
بآيــةِ مــا أعطــى الخليفـةَ ربُّـهُ
مفاتيـح فتـحٍ سـاقها سـائق السـعدِ
ودونَــك مــن روض المحامــدِ نفحـةٌ
تفـوقُ إذا اصـطفَّ النَّـديُّ عـن النَّـدِّ
ثنـاء يقـول المسـك إن ضـاع عَرْفُـهُ
أيـا لـك مـن نَـدِّ أمـا لـك مـن نِدِّ
ومـا المـاء فـي جـوِّ السحاب مُروْقاً
بـأطْهر ذاتـاً منـك فـي كنـف المهدِ
فكيـف وقـد حلّتـك أسـرابَها الحُلَـى
وبــاهت بـك الأعلام بـالعلم الفـردِ
ومـا الظـل فـي ثغر من الزهر باسمٍ
بأصـفى وأذكـى مـن ثنـائي ومن وُدِّي
ولا البــدر معصــوباً بتـاج تمـامِهِ
بــأبهر مـن وُدِّي وأسـْيَرَ مـن حَمْـدي
بقيــتَ ابــنَ خلـدونٍ إمـام هدايـةٍ
ولا زلـتَ مـن دنيـاك فـي جنَّة الخُلدِ
محمد بن يوسف بن محمد بن أحمد الصريحي، أبو عبد الله. المعروف بابن زمرك وزير من كبار الشعراء والكتاب في الأندلس، أصله من شرقيها، ومولده بروض البيازين (بغرناطة) تتلمذ للسان الدين ابن الخطيب وغيره. وترقى في الأعمال الكتابية إلى أن جعله صاحب غرناطة (الغني بالله) كاتم سره سنة 773هـ، ثم المتصرف برسالته وحجابته. ونكب مدة، وأعيد إلى مكانته، فأساء إلى بعض رجال الدولة، فختمت حياته بأن بعث إليه ولي أمره من قتله في داره وهو رافع يديه بالمصحف. وقتل من وجد معه من خدمه وبنيه، وكان قد سعى في أستاذه لسان الدين بن الخطيب حتى قتل خنقاً فلقي جزاء عمله. وقد جمع السلطان ابن الأحمر شعر ابن زمرك وموشحاته في مجلد ضخم سماه (البقية والمدرك من كلام ابن زمرك) رآه المقري في المغرب ونقل كثيراً منه في نفح الطيب وأزهار الرياض. قال ابن القاضي: كان حياً سنة 792 ذكرت الكوكب الوقاد فيمن دفن بسبتة من العلماء والزهاد.وكان صديقا لابن خلدون، وفي رحلة ابن خلدون حديث مطول عنه يقعفي زهاء عشر صفحاتأولها (صاحبنا الوزير الكبير العالم، كاتب سر السلطان ابن الأحمر صاحب غرناطة)