
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
هــي نفحــةٌ هبــت مــن الأنصـارِ
أهــدتك فتــحَ ممالــك الأمصــارِ
فـي بشـرها وبشـارة الـدنيا بها
مســـتمتع الأســـماع والأبصـــارِ
هبَــت علـى قطـر الجهـاد فروّضـت
أرجـــاءه بالنفحـــة المعطــارِ
وســرت وأمـر اللـه طـيَّ برودهـا
يهـدي البريـة صـنع لطـف الباري
مــرّت بـأرواح المنـابر فـانبرت
خطباؤهــــا مفتنّـــة الأطيـــارِ
حنّــت معارجهــا إلــى أعشـارها
لمــا ســمعن بهــا حنيـن عِشـارِ
لــو أنصــَفَتْكَ لكلَّلــت أدواحهـا
تلــك البشــائرُ يــانع الأزهـارِ
فتـح الفتـوح أتاك في حلل الرضى
بعجـــائب الأزمـــان والأعصـــارِ
فتـح الفتـوح جنيـت مـن أفنـانه
مــا شـئت مـن نصـر ومـن أنصـارِ
كـم آيـةٍ لـك فـي السـعود جليـةٍ
خلّــدتَ منهــا عــبرة استبصــارِ
كـم حكمـةٍ لـك فـي النفـوس خفيةٍ
خفيــت مــداركها عــن الأفكــارِ
كـم مـن أميـر أمَّ بابـكَ فـانثنى
يُــدعى الخليفــةَ دعـوة الإكبـارِ
أعطيــتَ أحمــد رايــةً منصــورةً
بركاتهــا تســري مــن الأنصــارِ
أركبتَــه فــي المنشــآت كأنمـا
جهزتـــه فـــي وجهـــة لمــزارِ
مــن كــل خافقـة الشـراع مصـفّقٍ
مهــا الجنــاحُ تطيـر كـل مطـارِ
ألقـت بأيـدي الريـح فضلَ عِنانها
فتكــاد تســبق لمحــة الأبصــارِ
مثــل الجيـاد تـدافعت وتسـابقت
مــن طافــح الأمـواج فـي مضـمارِ
للــهِ منهـا فـي المجـاز سـوابحٌ
وقفـت عليـك الفخـر وهـي جـواري
لمــا قصــدت لهـا مراسـِيَ سـبتةٍ
عطفــت علـى الأسـوار عطـف سـوارِ
لمــا رأت مــن صـبح عزمـك غُـرةً
محفوفــــة بأشــــعة الأنـــوارِ
ورأت جبينــاً دونـه شـمس الضـحى
لَبَّتْــــكَ بــــالإِجلال والإِكبـــارِ
فأقضـت فيهـا مـن نـداك مواهبـاً
حســنت مواقعهــا علـى التكـرارِ
وأريــتَ أهـل الغـرب عـزم مُغَـرَّب
قــد ســاعدته غــرائب الأقــدارِ
وخطبـت مـن فـاسَ الجديـدِ عقيلـةً
لَبَّتْـــكَ طـــوع تســـرّع وبــدارِ
مـا صـدّقوا مَتْـنَ الحـديث بفتحها
حـــتى رأوه فــي متــون شــِفارِ
وتســمّعوا الأخبــار باسـتفتاحها
والخُبْــرُ قـد أغنـى عـن الأخبـارِ
قولـوا لقـردِ فـي الـوزارة غـرَّهُ
حلــم مَنَنْــتَ بــه علــى مقـدارِ
أســكنتَه مــن فـاسَ جنَّـة ملكهـا
متنعمـــاً منهــا بــدار قــرارِ
حــتى إذا كفـر الصـَّنيعةَ وازدرى
بحقوقهـــا ألحقتـــه بالنـــارِ
جرَعــتَ نَجْــلَ الكـاس كأسـاً مُـرْةً
دَســَّتْ إليـه الحتـف فـي الإسـكارِ
كفــر الــذي أوليتـه مـن نعمـة
لا تـــأنْسُ النَّعمـــاء بالكفّــارِ
فطرحتَـه طـرح النـواة فلـم يَفُـزْ
مــن عــزِّ مغربِــهِ بغيــر فـرارِ
لــم يتفــق لخليفـة مثـلُ الـذي
أعطــى الإلــهُ خليفــةَ الأنصــارِ
لـــم أدرِ والأيــام ذات عجــائبِ
تردادهــا يحلــو علـى التـذكارِ
ألِــواءُ صــبحٍ فــي ثنيّـة مشـرق
أمْ رايـــةٌ فـــي جحفــل جــرَّارِ
وشـــهاب أفــق أم ســنانٌ لامــع
ينقــضُّ نجْمــاً فــي سـماء غبـارِ
ومنــاقب المــولى الإمـام محمـدٍ
قــد أشــرقت أمْ هـنَّ زُهـرُ درَاري
فـــاق الملــوك بهِمــة عُلويّــةٍ
مـن دونهـا نجـم السـماء الساري
لــو صـافح الكـفَّ الخضـيبَ بكفـه
فخـــرت بنهــر للمجــرة جــاري
والشـهب تطمـع فـي مطـالع أفقها
لــو أحــرزت منــه منيـع جـوارِ
سـلْ بالمشـارق صـبحَها عـن وجهـه
يفــتر منــه عــن جــبين نهـارِ
ســلْ بالغمـائم صـوبَها عـن كفـه
تُنْــبئْكَ عــن بحــر بهــا زخّـارِ
سـلْ بـالبروق صـفاحها عـن عزمـه
تُخْبِــرْكَ عــن أمضـى شـباً وغِـرارِ
قـد أحـرز الشـيمَ الخطيرةَ عندما
أمطــى العــزائم صـهوة الأخطـارِ
إن يلـق ذو الإجـرام صـفحة صـفحِهِ
فســح القبـول لـهُ خُطـا الأعمـارِ
يــا مـن إذا هبّـت نواسـمُ حمـده
أزرتْ بعَــرف الروضــة المِعْطــارِ
يـا مـن إذا افـترّت مباسـم بِشرهِ
وهـب النفـوس وعـاث فـي الإقتـارِ
يـا مـن إذا طلعـت شـموس سـعوده
تُعشــي أشــعتها قُــوى الإبصــارِ
قسـماً بوجهـك فـي الضـياء وإنـه
شـــمسٌ تمــدُّ الشــمس بــالأنوارِ
قسـماً بعزمـك فـي المضـاء فـإنه
ســـيفٌ تجـــرّده يـــدُ الأقــدارِ
لســماح كفــك كلمــا اسـتوهبتُه
يُــزري بغيــث الديمـة المـدرارِ
للــهِ حضــرتك العليّـة لـم تـزلْ
يُلقـي الغريـبُ بهـا عصا التسيارِ
كــم مـن طريـد نـازحٍ قـذفت بـه
أيـدي النـوى في القفر رَهُنَ سفارِ
بلّغتَــه مــا شــاء مــن آمـاله
فَســـَلا عــن الأوطــان بالأوطــارِ
صــــيَّرت بالإحســــانِ دارك دارَهُ
مُتّعــتَ بالحســنى وعُقـبى الـدارِ
والخَلْـقُ تعلـم أنـك الغـوث الذي
يُضــفي عليهــا وافــيَ الأســتارِ
كـم دعـوةٍ لـك فـي المُحول مُجابةٍ
أَغْــرَت جفــون المـزن باسـتعبارِ
جـاءت مجاري الدمع من قطر الندى
فرعـى الربيـع لهـا حقـوق الجارِ
فأعــاد وجـه الأرض طلقـاً مُشـرقاً
متضـــاحكاً بمباســـم النـــوّارِ
يــا مــن مــآثره وفضـل جهـاده
تُحـدي القطـار بهـا إلـى الأقطارِ
حُطــتَ البلاد ومـن حـوته ثغورهـا
وكفــى بســعدك حاميــاً لــذمارِ
فلــرب بكــر للفتــوح خطبتهــا
بالمشـــرفية والقنــا الخطّــارِ
وعقيلــة للكفــر لمــا رُعْتَهــا
أخرســت مــن ناقوسـها المهـذارِ
أذهبـت مـن صـفح الوجـود كيانَها
ومحوتَهـــا إِلاَّ مـــن التّـــذكارِ
عمــروا بهـا جنـاتِ عـدن زُخرفـت
ثــم انْثَنَـوْا عنهـا ديـار بَـوارِ
صـــبَّحْتَ منهــا روضــةً مطلولــةً
فأعــدتها للحيــن موقــدَ نــارِ
واسـودْ وجـه الكفـر مـن خزي متى
مــا احْمَـرَّ وجـه الأبيـض البتّـارِ
ولــــرُبَّ روضٍ للقنـــا متـــأوّدٍ
نــاب الصــهيل بـه عـن الأطيـارِ
مهمــا حكــت زُهـرُ الأسـنةِ زَهـرَهُ
حكــتِ الســيوف معــاطف الأنهـارِ
متوقِّـــدٌ لهــب الحديــد بجــوه
تصــلى بــه الأعــداء لفـح أوارِ
فبكـــلِّ ملتفـــت صــقالٌ مشــهرٌ
قـــدّاح زنـــدٍ للحفيظـــة واري
فــي كــف أوعَ فــوق نهـدٍ سـابح
متمــوّج الأَعطــاف فــي الإحضــارِ
مــن كــل منْحفــز بلمحـة بـارق
حمــل الســلاح بــه علــى طيـار
مــن أشــهب كالصـبح يطلـع غـرةً
فــي مســتهل العســكر الجــرّارِ
أو أدهـــمٍ كالليـــلِ إلاَّ أنـــه
لــم يـرضَ بـالجوزاء حلـي عِـذارِ
أو أحمــر كــالجمر يـذكي شـعلةً
وقــد ارتمــى مـن بأسـه بشـرار
أو أشــقرٍ حلَّــى الجمـالُ أديمَـهُ
وكســـاهُ مــن زهــو جلال نُضــارِ
أو أشـــعلٍ راق العيــون كــأنه
غَلَـــسٌ يخـــالط ســُدفةً بنهــارِ
شــهبٌ وشـقرٌ فـي الطـراد كأنهـا
روض تفتـــح عــن شــقيق بهــارِ
عَوَّدْتَهَــا أنْ ليــس تقــربُ منهلاً
حــتى يُخــالَطَ بالــدم المــوْارِ
يــا أيّهـا الملـك الـذي أيـامُهُ
غُـــررٌ تلــوح بــأوجه الأعصــارِ
يهنــي لــواءك أنّ جَــدَّكَ زاحــف
بلــواء خيــر الخلــق للكفــارِ
لا غــروَ أنْ فُقْـتَ الملـوكَ سـيادةً
إِذْ كـــان جَــدُّكَ ســيِّدَ الأنصــارِ
الســابقون الأولـون إلـى الهـدى
والمصـــطَفَوْنَ لنصــرة المختــارِ
متهللــون إذا النزيــل عراهــم
ســفروا لــه عـن أوجـه الأقمـارِ
مـن كـل وضـاح الجبين إذا اجتبى
تلقــاه معصــوباً بتــاج فخــار
قــد لاث صـبحاً فـوق بـدر بعـدما
لبــس المكــارمَ وارتـدى بوقـارِ
فاسـألْ ببـدرٍ عـن مواقـف بأسـهم
فهـــم تَلافَـــوْا أمــره ببــدارِ
لهـم العـوالي عـن معـالي فخرها
نقــلَ الــرواةُ عــواليَ الأخبـارِ
وإذا كتــاب اللـهِ يتلـو حمـدهم
أودى القصـــور بمِنّــةِ الأشــعارِ
يـا ابـن الذين إذا تُذوكر فخرهم
فخــروا بطيــب أرومــة ونجــارِ
حقــاً لقــد أوضـحتَ مـن آثـارهم
لمــا أخــذت لــدينهم بالثــارِ
أصــبحت وارث مجــدهم وفخــارهم
ومشــــرْف الأعصـــار والأمصـــارِ
يا صادراً في الفتح عن وِردِ المنى
رِدْ ناجـــح الإيـــراد والإصــدارِ
واهنـأ بفتـح جـاء يشـتمل الرضى
جــذلان يرفـل فـي حلـى استبشـار
وإليكهــا ملــء العيـون وسـامةً
حَيَّتْــكَ بالأبكــار مــن أفكــاري
تُجـري حُـداةُ العيـس طيـبَ حديثها
يتعلَّلـــون بــه علــى الأكــوارِ
إن مســَّهم لفــح الهجيـر أبلّهـم
منــه نســيم ثنــائكَ المعطــارِ
وتُميــل مـن أصـغى لهـا فكـأنّني
عـــاطيته منهــا كــؤوس عُقــار
قـذفت بحـورُ الفكـر منهـا جوهراً
لمـــا وصـــفت أنــاملاً ببحــارِ
لا زلـــت للإســلام ســتراً كلمــا
أمّ الحجيــج الــبيت ذا الأسـتار
ويقيـت يـا بـدر الهدى تجري بما
شـــاءت علاك ســـَوابقُ الأقـــدار
محمد بن يوسف بن محمد بن أحمد الصريحي، أبو عبد الله. المعروف بابن زمرك وزير من كبار الشعراء والكتاب في الأندلس، أصله من شرقيها، ومولده بروض البيازين (بغرناطة) تتلمذ للسان الدين ابن الخطيب وغيره. وترقى في الأعمال الكتابية إلى أن جعله صاحب غرناطة (الغني بالله) كاتم سره سنة 773هـ، ثم المتصرف برسالته وحجابته. ونكب مدة، وأعيد إلى مكانته، فأساء إلى بعض رجال الدولة، فختمت حياته بأن بعث إليه ولي أمره من قتله في داره وهو رافع يديه بالمصحف. وقتل من وجد معه من خدمه وبنيه، وكان قد سعى في أستاذه لسان الدين بن الخطيب حتى قتل خنقاً فلقي جزاء عمله. وقد جمع السلطان ابن الأحمر شعر ابن زمرك وموشحاته في مجلد ضخم سماه (البقية والمدرك من كلام ابن زمرك) رآه المقري في المغرب ونقل كثيراً منه في نفح الطيب وأزهار الرياض. قال ابن القاضي: كان حياً سنة 792 ذكرت الكوكب الوقاد فيمن دفن بسبتة من العلماء والزهاد.وكان صديقا لابن خلدون، وفي رحلة ابن خلدون حديث مطول عنه يقعفي زهاء عشر صفحاتأولها (صاحبنا الوزير الكبير العالم، كاتب سر السلطان ابن الأحمر صاحب غرناطة)